خطبة بعنوان ( فتبينوا + الدعاوى الكيدية ) تعميم وزاري

سعيد الشهراني
1445/07/06 - 2024/01/18 22:07PM

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾

 أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِمَّا يُعَانِي مِنْهُ مُجْتَمَعُنَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ مَا يُسَمَّى بِالدَّعَاوَى الْكَيْدِيَّةِ, وَالتَي لا أَسَاسَ لَهَا فِي الْوَاقِعِ, وَإِنَّمَا الْحَامِلُ عَلَيْهَا الْحِقْدُ وَالْكَرَاهِيَّةُ, وَرُبَّمَا الْحَسْدُ بِسَبَبِ نِعْمَةٍ أَنعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى الآخَرِينَ, وَهَذَا وَاللهِ خُلُقٌ ذَمِيمٌ وَتَصَرُّفٌ وَخِيمٌ, وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّءُ إِلَّا بِأَهْلَهِ.

عباد الله : إنَّ عَاقِبَةَ الظُّلمِ وَخِيمَةٌ فقد روى الإمامُ مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ( يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً، فَلَا تَظَالَمُوا ) وبَعْضُ ضِعَافِ النُّفُوسِ هَمُّه تَحْصِيلُ الْمَالِ بِأَيِّ طَرِيقٍ , وَلَو بِأُسْلُوبِ جَرْجَرَةِ النَّاسِ إلَى الْمَحَاكِم بِغَيْرِ وَجْهِ حَقّ , وَبَعْضُهُمْ لَا يُرِيدُ تَحْصِيلَ الْمَالِ وَإِنَّمَا التَّنْفِيسُ عَنْ حِقْدِه الدَّفِينِ تُجَاه هَذَا أَوْ ذَاكَ  حَتَّى أَصْبَحْت الْمُرَافَعَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَشْبَهَ بِالصَّنْعَةِ ، ومَنْ الظَّوَاهِرِ الَّتِي تَكثُرُ فِي أروقةِ الْمَحَاكِم والتِي لَا تَلِيقُ بِالْمُسْلِمِ ، وَلَا تَحِلُّ للِمُؤْمِنٍ أَنْ تَقَعَ مِنْهُ فيَستغلَ قَدرتَه فِي المطالَبةِ ، وقدرته فِي إجادةِ الِادِّعَاءِ فيدَّعِي الدَّعَاوَى الْكَاذِبَةَ ، الَّتِي لَا حقيقةَ لَهَا ، بَلْ هِيَ دَعَاوَى بِالْبَاطِل والزُّور ،وهي ظُلمٌ صَريحٌ مُحرمٌ قَالَ جَلَّ وَعَلَا : (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنِ ادَّعى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ منَّا ، وليتبَوَّأْ مقعدَه مِن النار ) رَوَاه مُسلمٌ .

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : ومن عَاقبةِ الدَّعَاوى الكَيديةِ ما رَوَى الإِمامُ مُسلِمٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما أنَّ سعِيدَ بنَ زَيْدِ بْنِ عمْرو بْنِ نُفَيْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَاصَمتْهُ أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إلى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم، وَادَّعَتْ أنَّهُ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا.

فَقَالَ سَعِيدٌ: أنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرْضِها شَيْئاً بعْدَ الذي سمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

قَالَ: مَاذا سمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقُولُ: «مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً، طُوِّقَهُ إلى سبْعِ أرضينَ».

فَقَالَ لَهُ مرْوَانٌ: لا أسْأَلُكَ بَيِّنَةً بعْد هذا.

فَقَال سعيدٌ: اللَّهُمَّ إنْ كانَتْ كاذبِةً، فَأَعْمِ بصرهَا، وَاقْتُلْهَا في أرْضِهَا.

قَالَ: فَمَا ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا، وبيْنَما هِي تمْشي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرةٍ فَمَاتتْ.

ويَقولُ أَبُو بَكر بنُ حَزْمٍ: فَكُنَّا وَنَحنُ غِلمَانٌ نَسمَعُ الإِنسَانَ يَقُولُ للإِنسَانِ: أَعمَاكَ اللهُ كَمَا أَعمَى الأَروَى. أهــ ، وَلا عَجَبَ في ذَلِكَ، لأنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». رواهُ الإمامُ البُخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. فاللهم إنا نعوذ بك من شر أهل الظلم وردهم إليك ردا جميلا .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه . وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تعظيمًا لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إلَى رِضْوَانِهِ ، صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَمَّا بَعْدُ ،

عبادَ اللَّه : اتقوا الله وَاحْذَرُوا مِنْ الْفُجُورِ فِي الْخُصُومَاتِ ، وراقبُوا اللَّهَ فِي أَعْمَالِكُمْ وأقوالِكم ، وَكُونُوا -عبادَ اللهِ- إخوانًا ، وتطلعُوا إلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَجْرِ وَثَوَابٍ ، لِمَنْ صَفَتْ قُلُوبُهُم ، وَحَسُنَتْ سَرِيرَتُهِم ، واستقامتْ نُفُوسُهُم ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْخُصُومَاتِ فِي الدُّنْيَا ستعرضُ مَرَّةً ثَانِيَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أمَامَ جَبَّارَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وسيطلبُ مِنْكَ أَنْ تُعِيدَ الكَلاَمَ نَفْسَه الَّذِي قُلْتُهُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنْ كَانَ حقًا نَجَوْتَ ، وَإِنْ كَانَ باطلًا خُصِمتَ ؛ عِنْدَهَا لَنْ تَجِدَ حَجَّه أَوْ عملًا تَدْفَعُ بِهِ غَضَبَ اللَّهِ وَسَخَطِهِ وَعِقَابِه ؛ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ : "لما نَزَلَ قَوْله تَعَالَى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) ، قَالَ الزُّبَيْرُ -رضي اللَّه عنه- : يَا رَسُولَ اللَّهِ أتكررُ عَلَيْنَا الْخُصُومَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بَعْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا فِي الدُّنْيَا ؟ قَال : نَعَم ، قَالَ : "إنَّ الْأَمْرَ إذًا لشديدٌ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ.فاللهمَّ إنَّا نعوذُ بكَ من الظُّلمِ، ونسألك ياربنا أن لا تجعلنا مع القومِ الظَّالمينَ.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد.

المرفقات

1705604830_خطبة بعنوان ( فتبينوا ) تعميم مختصرة.docx

المشاهدات 2056 | التعليقات 0