خطبة بعنوان (عشرٌ كرامٌ في شهرٍ حرام) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/11/28 - 2024/06/05 09:18AM

الخطبة الأولى

الحمد لله الذِي فاضلَ بين الليالي والأيام، فجعلَ عشر ذي الحجة خيرَ الأيام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملِكُ العلاّم، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله سيّدُ الأنام، صلِّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ما تعاقبتِ الليالي والأيام.

 أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

عباد الله: لقدْ أهلّتْ علينا أيّامُ عشرِ ذي الحِجّة، عشرٌ كرامٌ في شهرٍ حرام، والعملُ الصالحُ فيها أفضلُ وأحبُّ إلى اللهِ تعالى من العملِ في سائرِ الأيّامِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قالَ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلَّا رجلًا خرجَ بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ).

عباد الله: ومما ينبغي على كل مسلم أن يستقبل عشر ذي الحجة بالفرحِ والتّوبةِ والاستغفار، والعزيمةِ على المسارعةِ للخيرات، فإنّها عشرٌ مباركات، فيها تُغفرُ الذّنوبُ وتُعتَقُ الرّقابُ وتُرفعُ الدّرجات، فوقتُها شريفٌ وساعاتُها ثمينةٌ ودقائقُها غاليةٌ وليلُها ونهارُها فاضلٌ، لوقوعِ يومِ عرفةَ ويومِ النّحرِ فيه، فاجتهدوا في عمارتِها بالقُرُبات، وعلى رأسِها المحافظةُ على الفرائض، كالصّلواتِ الخمسِ وحَجِّ بيتِ اللهِ الحرام.

 أيها المسلمون: ومما يُشرعُ للمسلمِ في هذه العشر الإكثارُ من النّوافلِ والطّاعات من تلاوة القرآنِ والصيام، فيُستحبُّ صيامُها عدا يومَ العيدِ، وآكدُه صيامُ يومِ عرفةَ، فصوموه وحثّوا أهليكم على صيامِه، فإنّ صيامَه يُكفِّرُ ذنوبَ سنتين، وتُستحبُّ في هذه العشر الأضحيةُ وهي سنّةٌ مؤكّدةٌ، وما تَقرَّبَ المسلمُ في يومِ العيدِ بأفضلَ منها، وعلى مَن يُريدُ الأضحيةَ أنْ يُمسكَ عن أخْذِ شيءٍ من شَعرِه وأظفارِه حتى يَذبحَ أضحيتَه يومَ العيد.

ويُستحبُّ الإكثارُ في هذه العشرِ من الدّعاءِ، فكم أُجيبتْ فيها من دعواتٍ، وفُرِجَتْ من كُرُباتٍ، وتَحَقّقتْ من أمنيات، ويُستحبُّ الجهرُ فيها بالتّكبيرِ، لقولِه عليه الصّلاةُ والسّلام: فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ. وصيغة التكبير: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ؛ فَعِنْدَمَا يكثر اَلْمُسْلِمُ من التكبير فَإِنَّهُ يُعْلِنُهَا اِعْتِقَادًا بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَكُلُّ مَا تَحْتَمِلُهُ هَذِهِ اَلْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنًى ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ اَلْمَعْبُودُ حَقًّا .

فاتّقوا اللهَ رحمكم الله، واشكروه على أنْ بلّغَكم هذه العشرَ المباركةَ، فإنّها نعمةٌ عظيمةٌ، فجاهدوا أنفسَكم فيها على العملِ الصّالحِ، وسابقوا وشمّروا، واجتهدوا أن لا تَخرجَ هذه العشرُ إلا وقد خرجتم من ذنوبِكم كيومِ ولدتْكم أمهاتُكم، وأبشروا وأمّلوا ما يَسرُّكم، وأحسنوا الظّنَّ بربِّكم، فإنّه غنيٌّ كريمٌ حليمٌ، غفورٌ شكورٌ رحيم (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرّحيم

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، يوالي على عبادِه مواسمَ الخيرِاتِ، ليكفّرَ عنهم السيئاتِ، ويرفعَ لهم الدرجاتِ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه،

أمّا بعدُ عبادَ الله: اتقوا اللهَ ما استطعتُم، وأطيعوه فما أسعدَكم إنْ أطعتُم (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

أَيُّهَا اَلْحَاجُّ اَلْمُبَارَكُ : مِمَّا نُوصِيكَ بِهِ بَعْدَ تَقْوَى اَللَّهِ تَعَالَى : اَلْعَلَمُ والعمل بِأَحْكَامِ اَلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ؛ والعمل بِإِرْشَادَاتِ اَلسَّلَامَةِ فِي اَلْحَجِّ ، وَالَّتِي أَوْصَتْ بِهَا وَزَارَةُ الصِّحَّةِ فِيِ هَذِهِ الْبِلَادِ مِنْ تَجَنُّبِ اَلزِّحَامِ ، وَعَدَمِ اَلتَّدَافُعِ، وَ تَجَنُّبِ تَسَلُّقِ اَلْمُرْتَفَعَاتِ .وكَذَلِكَ أَوْصَتْ بِكَثْرَةِ شُرْبِ اَلْمِيَاهِ ، وَحَمْلِ اَلْمَظَلَّةِ ، وَارْتِدَاءِ اَلْكِمَامَةِ فِي اَلزِّحَامِ اَلشَّدِيدِ ، وَكَذَلِكَ أَوْصَتْ بِاَلِاعْتِنَاءِ بِالنَّظَافَةِ اَلشَّخْصِيَّةِ كَنَظَافَةِ اَلْبَدَنِ وَالثِّيَابِ وَالْمَكَانِ ؛ جَعْلُ اَللَّهِ حَجَّكُمْ مَبْرُورًا ، وَسَعْيكُمْ مَشْكُورًا ، وَذَنْبَكُمْ مَغْفُورًا .

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد

المرفقات

1717568310_خطبة بعنوان (عشرٌ كرامٌ في شهرٍ حرام) مختصرة.docx

المشاهدات 2433 | التعليقات 1

هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخين وليد العباد ومحمد المهوس جزاهم الله خير