خطبة بعنوان ( خذوا زينتكم عند كل مسجد) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/10/22 - 2024/05/01 14:33PM

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ فاطرِ الأرضِ والسماواتِ، شَرَعَ لعبادِهِ الجُمَعَ والجَمَاعَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الملكُ العلامُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قدوةُ الأنامِ، صَلَّى اللهُ عليْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ ومن تبعهمْ بإحسانٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ

أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

أيها المسلمون: إن ديننا الإسلام يحثنا على النظافة وحسن المظهر، ولقد اِمتَنَّ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى عِبَادِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ اللباس وَالرِّيَاشِ؛ فاللباس لستر العورات وهي السوءات، وَالرِّيَاشُ أَوَ الرِّيشُ: مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ ظَاهِرًا، فَالْأَوَّلُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، وَالرِّيشُ مِنَ الكماليات وَالزِّيَادَاتِ؛ فقال: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً)، وحث ديننا الإسلام على الظهور بالمظهر الطيب الجميل في الملبس والمسكن وغيرها أمام الآخرين؛ فقال -سبحانه-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، وقال ابن كثير: "وَلِهَذِهِ الْآيَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا مِنَ السُّنَّةِ، يُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيدِ، وَالطِّيبُ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، وَالسِّوَاكُ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ ذَلِكَ".

عباد الله: والأصل في اللباس الحِل إلا ما ورد من الشارع تحريمه، ومنها: تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال، فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: أَخَذَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي"رواه أبو داود، ويحرم تشبه المرأة بالرجل، والرجل بالمرأة؛ فَقَد "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ"رواه البخاري. و"لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ"رواه أحمد، ومن المحرم من اللباس كذلك لبس ثياب الشهرة والاختيال؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ"رواه ابن ماجة.

أيها المسلمون: وتمتد عناية الإسلام بالمسلم حتى في نظافته ونظافة ما يلبس حسنه وحسن رائحته، وأكد عليها في مواطن الاجتماع للصلوات والمناسبات وفي أوقات الجُمع والعيدين، فَعَنْ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ، أو قال: فِي ثَوْبٍ دُونٍ، وفي رواية: "فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْعَثَ أَغْبَرَ فِي هَيْئَةِ أَعْرَابِيٍّ" فَقَالُ: "هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟"، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "مِنْ أَيِّ مَالٍ؟" قُلْتُ: مِنْ كُلٍّ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ؛ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ، قَالَ: "إِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ"،

ومما يجب على كل مسلم التوسط والاعتدال في الزينة المباحة، فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ"رواه ابن ماجة .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ , وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ , وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ: اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن أجسادكم على النار لا تقوى .

أيها المسلمون: يقول الله تبارك وتعالى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ويظهر من هذا التوجيه الرباني مشروعيةُ الحفاظِ على نظافة الملابس، ويدخل في ذلك استحباب تخصيص بعضِ الملابس للصلاة وكذلك تخصيص بعضها للزيارة والمناسبات الاجتماعية العامة. وأن يهتم المسلم بنظافة ملابسه؛ فقد رَأَى َسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا عَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ فَقَالَ: "أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ"رواه أبو داود.

ومن السنة كذلك إصلاح وتجميل شعر اللحية والرأس؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَالَ: "أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ"رواه أبو داود .

عباد الله: ومما يجدر التنبيه عليه أن بعض الناس يغيب عنهم الإهتمام بالمظهر من اللباس وغيره وهذا مخالف لديننا وهدي رسولنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فنرى في مساجدنا وشوارعنا وأسواقنا مظاهر لا تليق، ومن ذلك تجد البعض لا يهتم برائحة جسده وملابسه فيأكل الثوم والبصل وغيرها مما له رائحة كريهة ويأتي للمسجد، وربما نسي تنظيف جسده وتغيير جواربه فأصبحت رائحته كريهة ولا يحتملُها أحدٌ من البشر، فكيف يأتي هذا الشخص إلى بيت الله المليء بالمسلمين والملائكة؟! ورَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَالَ: "مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ"رواه مسلم.

فاتقوا الله ربكم،واُشْكُرُوا اللهَ بِقُلُوبِكُمْ وبألسنتكم وبجوارحكم ؛ فَاعْتَقِدُوا أَنَّهُ المُنْعِمُ المَتَفَضِّلُ المُعْطِي جَلَّ وَعَلَا ، وأَحْسِنُوا الثَّنَاءَ عَلَيهِ، وَأَكْثِرُوا مِنْ حَمْدِهِ جَلَّ وَعَلَا، فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد ....

المرفقات

1714649202_خطبة بعنوان ( خذوا زينتكم عند كل مسجد).docx

المشاهدات 5074 | التعليقات 0