خطبة بعنوان (توجيهات تربوية للعام الدراسي الجديد) شاملة ومختصرة
سعيد الشهراني
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذي علَّم بالقلَم، علَّم الإنسانَ ما لم يعلَم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه معلماً وهاديا ومزكياً، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا مزيدًا، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : تنطلقُ بحمد الله الدراسةُ النِّظَامِيَّةِ فِي مَدَارِسِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ الأسبوع المقبل، فنَسْأَلُ اللهَ أَنْ تَكُونَ سَنَةَ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ عَلَى الْجَمِيعِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: إِنَّ النَّاظِرَ فِي التَّعْلِيمِ النِّظَامِيِّ وَمُخْرَجَاتِهِ يَنْدَهِشُ حِينَ يقَارِنُهُ بِتَعْلِيمِنَا السَّابِقِ يَوْمَ كَانَ الطُّلَّابُ يَجْلِسُونَ عَلَى الْأَرْضِ وَيَشْرَبُونَ الْمَاءَ مِنَ الْقِرْبَةِ وَيَكْتُبُونَ عَلَى أَلْوَاحٍ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمْ فَلَيْسَ هُنَاكَ سَبُّورَةٌ وَلَا دَفَاتِرُ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ مِنَ الْمَدَارِسِ وَإِلَيْهَا عَلَى أَرْجُلِهِمْ وَمَنْ كَانَ غَنِيَّاً رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ، وإِنَّ النَّاظِرَ فِي الْفَرْقِ يَجِدُهُ شَاسِعَاً، فَكَانَ الطَّالِبُ فِي الصَّفِّ الرَّابِعِ وَرُبَّمَا دُونَ ذَلِكَ يَسْتطِيعُ الْكِتَابَةَ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ خَالٍ مِنَ الْأَخْطَاءِ الْإِمْلَائِيَّةِ وَرُبَّمَا عَبَّرَ بِتَعْبِيرٍ يُبْهِرُ مَنْ قَرَأَهُ، بَيْنَمَا يَبْلُغُ بَعْضُ طُلَّابِ الْيَوْمَ الْمَرْحَلَةَ الثَّانَوِيَّةَ وَهُوَ يُخْطِئُ فِي كِتَابَةِ اسْمِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَيْسَ خَيَالاً بَلْ هُوَ وَاقِعٌ، بل إِنَّ بَعْضَهُمْ لا يُجِيدُ الْقِرَاءَةَ وَلا الْإِمْلَاءَ وَقَدْ بَلَغَ الْمَرَاحِلَ الْجَامِعِيَّةَ وَرُبَّمَا تَوَظَّفَ وُهُوَ بِهِذَا الْمُسْتَوى الْهَزِيلِ وَهَذَا أَمْرٌ يِقُضُ الْمَضْجَعَ وَيُؤْذِنُ بِانْهِيَارٍ لِلْمُجْتَمَعِ إِنْ لَمْ يَتَدَارَكَنَا اللهُ بِرَحْمَتِهِ .
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ : إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعَاً أَنْ نَتَعَاوَنَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُسْتَوَى التَّعْلِيمِ عِنْدَنَا وَنَتَكَاتَفَ لِرَفْعِ مُسْتَوَى أَوْلادِنَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ‘ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)
أَيُّهَا الْمُعَلِمُّ : إِنَّكَ الْمِحْوَرُ الْأَكْبَرُ فِي التَّعْلِيمِ وَالرُّكْنِ الْأَقْوَى فِي التَّدْرِيسِ، إِنَّ الْمُتَوَقَّعَ مِنْكَ -وَفَّقَكَ اللهُ- أَنْ تَحْتَسِبَ الْأَجْرَ فِي وَظِيفَتِكَ، فَأَنْتَ تُؤَدِّي رِسَالَةً عَظِيمَةً، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَأَنْتَ تَسْتَلِمُ رَاتِبَاً عَلَى هَذَا الْعَمَلِ فَإِنْ أَخْلَلْتَ بِهِ دَخَلَ عَلَيْكَ مِنَ الْحَرَامِ بِقَدْرِ مَا قَصَّرْتَ فِي عَمَلِكَ .
أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ : إِنَّ الْمُنْتَظَرَ مِنْكَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَعِدَّاً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فِي الدِّارَسَةِ وتَسْتَعِدَّ لِتُعْطِيَ الطُّلَّابِ مَعْلُومَاتٍ وَمَعَارِفَ صَحِيحَةً، فَالتَّحْضِيرُ الْمُسْبَقُ مِنَ الْمُدَرِّسِ يُعْطِيهِ قُوَّةً وَنَشَاطَاً فِي مَادَّتِهِ وَسَيْطَرَةٍ وَاضِحَةٍ عَلَى حِصَّتِه، ادْخُلْ فَصْلَكَ وَأَنْتَ فَرِحٌ مُسْتَبْشِرٌ، قَابِلِ الطُّلَّابَ وَابْدَأْهُمْ بِالسَّلَامِ، وَلْيَرَوُا مِنْكَ الْحِرْصَ فِي تَبْكِيرِكِ لِحِصَّتِكَ وَفِي تَحْضِيرِكَ وعُوُّدُهُمْ عَلَى الانْضِبَاطِ وَالْأَدَبِ وَلْيَسْمَعُوا مِنْكَ عِبَارَاتِ الثناء َفشَجِّعِ الْمُتَّفَوِّقَ وَارْفَعْ مَعْنَوِيَّاتِ مَنْ أَخْفَقَ.
وَأَنْتَ أَيُّهَا الْمُدِيرُ : كُنْ قُدْوَةً لِمُعَلِّمِيكَ فِي الانْضِبَاطِ وَالْجِدِّيَّةِ، فَكُنْ أَوَّلَ الْحَاضِرِينَ لِلْمَدْرَسَةِ وَآخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، قَابِلْ مُعَلِّمِيكَ بِالْبَشَاشَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ، وقَسِّمْ عَلَيْهِمُ الْمَهَامَ وَاقْبَلْ مِنْهُمُ الآرَاءَ وَحَقِّقْ لَهُمْ مَا يُرِيدُونَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ لِيَرَوْا مِنْكَ الْجِدَّ وَالتَّنْظِيمَ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ الدِّرَاسِيِّ، وَاتَّخِذْ مِنْهُمْ مُسَاعِدِينَ وَمُسْتَشَارِينَ، فَمَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ تَرَكَهُ النَّاسُ وَلَمْ يُعَاوِنُوهُ.وعليك أيها المدير أن تكون حَازِمَاً مِنْ غَيْرِ شِدَّةٍ وَلَيِّنَاً مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ مَعَ الطُّلَّابِ، وَكُنْ عَوْنَاً لِلْمُعَلِّمِينَ عَلَى انْضِبَاطِهِمْ، وَأَظْهِرْ لَهُمْ تَقْدِيرَكَ لِلْمُعَلِّمِ وَاحْتِرَامَكَ لَهُ، فَإِنَّ فِي هَذَا دَفْعَةً مَعْنَوِيَّةَ لِلْمُدَرِّسِينَ وَشَدَّاً لِأَزْرِهِمْ فَتَحَمَّلْ مَسْؤُولِيَّتَكَ أَيُّهَا الْمُدِيرُ وَكُنْ كَذَلِكَ أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ. سَدَّدَ اللهُ خُطَاكُمْ وَكَتَبَ لَكُمُ النَّجَاحَ وَالتَّوْفِيقَ فِي مُهَمَّتِكُمْ الْعَظِيمَةَ .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الطُّلَّابُ الْكِرَامُ، يَا فَلْذَاتِ أَكْبَادِنَا وَأَمَلَنَا بَعْدَ اللهِ فِي حَيَاتِنَا، كُونُوا قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِكُمْ وَأُمُّهَاتِكُمْ وَمُجْتَمَعِكُمْ، أَسْعِدُوهُمْ أَسْعَدَكُمُ اللهُ، بِرُّوا وَالِدِيكُمْ بِكُلِّ مَا تَسْتَطِيعُونَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ، إِنَّ الْتَعْلِيمَ كُلَّهُ بِجَمِيعِ إِمْكَانَاتِهِ وَأَطْرَافِهِ هُوَ لَكُمْ، فَالدَّوْلَةُ بَنَتِ الْمَدَارِسَ وَأَنْفَقَتِ الرَّوَاتِبَ عَلَى جَمِيعِ مَنْسُوبِي التَّعْلِيمِ مِنْ أَجْلِكُمْ أَنْتُمْ .
أَفِقْ ابْنِي الْكَرِيمَ مِنْ سُبَاتِ الْإِجَازَةِ فَكَفَانَا كَسَلَاً، فَهَذِهِ شُهُورٌ مَرَّتْ مَضَى أَكْثَرُهَا فِي النَّوْمِ وَاللَّعِبِ، فَبَادِرْ سَنَتَكَ وَجِدَّ فِي دِرَاسَتِكَ وَحَصِّلِ الْعِلْمَ وَالْأَدَبَ وَاسْتَعِدَّ لِخَوْضِ غِمَارِ الْحَيَاةِ بِتَحْصِيلِ الْمَعْلُومَاتِ الْمُفِيدَةِ، وأَسِّسْ نَفْسَكَ الْيَوْمَ لتَجْنِي الثِّمَارَ غَدَاً، واسْتَعِدَّ كُلَّ يَوْمٍ بِأَدَوَاتِكَ الْمَدْرِسِيَّةِ وُكُتُبِكَ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَاحْتَرِمْ مُعَلِّمِيكَ وَأَظْهِرْ لَهُمُ التَّقْدِيرَ، وَكُنْ قُدْوَةً لِزُمَلائِكَ وَصَاحِبْ مِنْهُمْ الْجَادَّ وَالنَّشِيطَ وَالنَّظِيفَ الْبَعِيدَ عَنِ الْكَسَلِ وَعَنِ التَّدْخِينَ والْمُخَدِّرَاتِ .
يَا وَلِيَّ الْأَمْر: كُنْ عَوْنَاً لِلْمَدْرَسَةِ وَالْمُعَلِّمِينَ، تَابِعْ ابْنَكَ فِي الْحُضُورِ وَالانْصِرَافِ، تَابِعْهُ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْأُخْرَى بِزِيَارَتِكَ لِلْمَدْرَسَةِ، وَجَهْهُ لِلْجَدِّ وَالْاجْتِهَادِ وَمُصَاحَبَةِ الْأَخْيَارِ وَالْحَذَرِ مِنَ الْأَشْرَار، حِثَّهُ عَلَى احْتَرَامِ الْمَدْرَسَةِ وَجَمِيعِ مَنْسُوبِيهَا لِيَعْلَمَ أَنَّكَ تَنْتَظِرُ تَفَوُّقَهُ وَانْضِبَاطَهُ وادْعُ لَهُ فِي صَلاتِكَ وَسُجُودِكَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُون: فَلْنَتَحَمَّلْ جَمِيعَاً الْمَسْؤُولِيَّةَ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسْبِهِ وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلَاً. فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد....
المرفقات
1723613023_خطبة بعنوان (توجيهات تربوية) شاملة ومختصرة.docx
المشاهدات 1769 | التعليقات 3
كتب الله أجرك فضيلة الشيخ
تنْطَلَقَ بِحَمْدِ اللهِ الدِّرَاسَةِ النِّظَامِيَّةِ
تنطلقُ بحمد الله الدراسةُ ...
حياك الله شيخنا أبو عبدالرحمن وشاكر لك على الملاحظة وتم التعديل.
سعيد الشهراني
هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ محمد مبارك الشرافي جزاه الله خير
تعديل التعليق