خطبة بعنوان ( تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ) مختصرة

سعيد الشهراني
1445/11/07 - 2024/05/15 11:15AM

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ فَاطِرِ الأَرْضِ والسَّمَاوَاتِ، فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ الْحَجَّ فِي أَشْهُرٍ مَعْلُومَات، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عليْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أجمعين.

أمّا بعدُ: فَاتقوا الله أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَفِي تَقْوَاهُ النَّجَاةُ، قَالَ تَعَالَى: (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

عِبَادَ اللهِ: فَرَضَ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَام، وَجَعَلَ الْحَجَّ أَحَدَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَأَصْلًا من أُصُولِهِ الْعِظَامِ، وهَوُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ مُسْتَطِيعٍ؛ لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ وقَدْ رَغَّبَ اللهُ عِبَادَهُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)  ثُمَّ فَرَضَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا).

أَيُّهَا المؤمِنُونَ: وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْأَصْلَ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِقَوْلِهِ :( أيُّها النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ، فَحُجُّوا) رواه مسلم، وَحَجَّ نَبِيُّنَا ﷺ بالمسلمينَ حَجَّةَ الْوَدَاع وَعَلَّمَ أُمَّتَهُ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَشُرُوطَهِ وَوَاجِبَاتِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) أخرجه مسلم.

عِبَادَ اللهِ: والحَجُّ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ قَاطِبَةً، سُئِلَ النبيُّ ﷺ: أيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قالَ: (إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حَجٌّ مبرورٌ) رواه البخاري ومسلم، وَالْحَجُّ لِلْعَبْدِ مِيلادٌ جَدِيدٌ، يُنَقِّيهِ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَّا تُنَقِّي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَلِمَكَانَةِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ عَلَّمَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُور لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ، فَنِعْمَ الْعِبَادَة، وَنِعْمَ الْجَزَاء.

عِبَادَ اللهِ: هَا نحن في شهر ذِي الْقَعْدَة، وَرَبَتْ نَسَائِمُ الْحَجِّ مِنْ بَعِيدٍ، وَتَطَلَّعَتْ عُيُونُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، تَتَرَقَّبُ بِلَهْفَةٍ، وَتَنْتَظِرُ بِشَوْقٍ، وَهَا هِيَ جُمُوعُ الْحَجِيجِ جَاؤُوا يَقْطَعُونَ الْفَيَافِيَ وَالْقِفَار، آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا، قالَ تَعَالَى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَالْمُبَادَرَةُ بِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ، وَالتَّعْجِيل بِهَا، شرطُ الْإِسْلَامِ، وَدَلِيلُ الْإِيمَانِ قَالَ ﷺ: (تَعَجَّلُوا إلى الحَجِّ فَإِنَّ أحَدَكُمْ لا يَدرِي ما يَعرِضُ لَهُ) أخرجه أحمد.

كَمَا أَنَّ التَّقَاعُدَ عَنْهَا وَتَسْوِيفَهَا مِنْ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ، فَكَيْفَ تَطِيبُ نَفْسُ مُسْلِمٍ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالْمَالِ أَنْ يَتَكَاسَلَ عَنْ نِدَاءِ رَبِّهِ، فَيَنْتَكِسَ عَن الْفَرْضِ وَيَتَخَلَّفَ عَن الرَّكْبِ؟! أَلَا فَلْيَتَّقِ اللهَ مَنْ يَسَّرَ اللهُ لَهُ الْحَجَّ، وَأَنْ يُبَادِرَ بِأَدَاءِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ، فَقَدْ يَصْعُبُ الْيَسِيرُ، وَيَضِيقُ الْوَاسِعُ، وَيَقِلُّ الْكَثِيرُ.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرِّجِيمِ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ).

بَارَكَ اللهُ لنا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآَيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّ رَبِّي كَانَ غَفَّارًا.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:

الحمدُ للهِ المُتَفَرِّدِ بِالْكَمَالِ فِي الْأَفْعَالِ وَالصِّفَاتِ، وَجَامَعَ الحجيج عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ فِي عَرَفَاتٍ، وأشهدُ أن لّا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّينِ،

 أمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعْلَمُوا أنَّه يَجُوزُ لِمَنْ عَجَزَ عَن الْحَج لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَنْ يُنِيبَ مَنْ يَحُج عَنْهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ، أَدْرَكَتُ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثبُتَ عَلى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ) رواه البخاري، ومسلم.

أَيُّهَا المؤمِنُونَ: والواجبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يَتَحَرَّى الحَلالَ، قالَ ﷺ: (إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا) رواه مسلم ، وَأَنْ يُبَادِرَ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يُبْقِيَ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ وَمَنْ يَعُول، تَكْفِيهِم عَن السُّؤَالِ، وأَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يُشرَعُ لَهُ فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَيَتَفَقَّهَ فِي ذَلِكَ، وَيَسْأَلَ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَتَخَيَّرَ الصُّحْبَةَ الصَّالِحَةَ. وعلى كل من رغب بالحج أن يأخذ بتعليماتِ الجِهاتِ المَعنيةِ في تصَاريحِ الحَجِ وتَطْعِيمَاتِهِ وسائرِ إجراءاتِهِ، ففِي ذلكَ انتظامُ أمورِ الحُجَاجِ وسلامَتِهم، بلْ هَوَ ممَا يثابُ المَرءُ عَليهِ؛ لأنَّهُ تَعاونٌ عَلى البِرِ والتقوَى. نسأل الله أَنْ يَجْعَلَ حَجَّ هَذَا الْعَامِ مُبَارَكًا مَيْمُونًا، وَأَنْ يَحْفَظَ الْحَجِيجَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوه .

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد..

المرفقات

1715760936_خطبة بعنوان ( تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ) مختصرة.docx

المشاهدات 1676 | التعليقات 1

هذه الخطبة مستوحاة ومختصرة من خطبة الشيخ عبدالله الطيار جزاه الله خير