خطبة بعنوان الإبتلاء
السدر السدر
1437/04/13 - 2016/01/23 10:22AM
الحمد لله .. الحمد لله الذي له الجلال والجمال والكمال ، له الأسماء الحسنى والصفات العلا وهو الكبير المتعال ، أنعم على خلقه بشرعه ، وجعل القلوب مخاطبات بوحيه ، فمنها ما اطمأنت ومنها التي ولت فولَّاها – سبحانه – ما تولت ، ومنها التي دلت ثم زلت فمنه – سبحانه - يُرجى الثباتُ في الحياة وعند النزع وفي القبر بعد الممات .
أحمده – سبحانه – وهو للحمد أهلٌ ، وأسأله العفو والصفح وهو ذو المنة والفضل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه – وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد .. فاتقوا الله – تعالى – حق التقوى ، وأخلصوا له في السر والنجوى .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
أيها المسلمون : لما خلق الله الأرض ودحاها ووضع فيها زينتها وقدَّر فيها أقواتها أسكنها خلقه من الجن والإنس.
وجعل الله حملةَ ميراث الأنبياء ومعتنقي شِرْعة السماء هم خيار أهل الأرض في الأرض ؛ فهم الذين خالط وحيُ الله شغافَ قلوبهم ، واستضاءوا بنور الله في دروبهم ، وهم الذين ذلت جوارحهم وانقادت نفوسهم لشرع الله .
عباد الله : ولما كان دينُ الله عزيزاً وشريعته غالية ، فإنه لا يستحق حملَها إلا خيارٌ من خيار ، فكانت الابتلاءاتُ والمحن تعرض للمؤمنين والأذيةُ والفتن تحيط بالمصدقين حتى لا يبقى على الدين إلا من يستحقه وليعلم الله الذين صدقوا ..
الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين .قال تعالى. الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال ، بل هو حقيقة ذات تكاليفَ وأمانةٌ ذات أعباء وجهادٌ يحتاج إلى صبر ، والله – تعالى– يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء ، ولكنَّ الابتلاءَ يكشف في عالم الواقع ما هو معلومٌ لله – تعالى – فيحاسب الناس على ما يقع من عملهم ؛ فهو فضل من الله وعدل وتربيةٌ للمؤمنين وصقل .
والفتن والابتلاءات أنواعٌ وصور : وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، فمنها السراء والضراء ، ومنها الفتنة بانتشار المنكرات وغلبة الأهواء ، وكثرة الدعاة على أبواب جهنم وكثرة الاختلاف ، وخلط الحق والباطل ، ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله ثم لا يملك النصر لنفسه ولا المنعة ، ومن الفتنة أن يعيش المؤمن بدينه كالغريب بين الناس. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : " بَدَأَ الإسْلامُ غرِيبًا ، وسَيَعُودُ غرِيباً كَمَا بَدَأ ؛ فَطُوْبَى لِلْغُربَاء " رواه مسلم .
أيها المسلمون : الحديث عن الثبات وقت المحن والصبر في البلاء والفتن حديثٌ موجه إلى عموم المؤمنين من الأخيار والصالحين والدعاة وطلبة العلم والمحتسبين حين يتسرب الوهن والإحباط إلى بعض المسلمين ، ويرون تسلط الأعداء والمرجفين ، ومن يُشعل فتيل الخلافات ويثير النزاعات ويطرحون الأفكار الغريبة المشتتة ..
أيها الأخيار والصالحون : لقد قص الله علينا في كتابه ، وروى لنا رسوله في سنته من سِيَر الأمم السابقة وأتباع الديانات السالفة ، وقوة اطمئنان القلب لما جاء عن المرسلين على كثرة الصوارف وشدة بأس المخالف ما يبين معه أن إيمانهم لو وُزِنَ بالجبال لرجح بها ، وفي كل زمان فتنٌ وابتلاءات ، ومع ذلك يبقى الدينُ ويبقى الخير ، وفي زماننا هذا - ويالزماننا !! زمنِ زلزلة المفاهيم وخلخلةِ الثوابت وتقلبِ الآراء وانتكاس المبادئ.. زمنِ السخرية من الدين وأهله وانتقاص الشريعة وحَملتِها ، حتى كثر المتساقطون على الطريق واستحكم اليأس في بعض النفوس .
أيها المؤمنون : المؤمن لا يهن ولا يحبط ولا يستكين ولا ييأس ولا يستوحش من الطريق لقلة السالكين.
لا يجوز أن يضعف صاحب الحق أو يهين ؛ فإن لهذا الدين إقبالا وإدبارا وامتداداً وانحسارا .. ضعفٌ وقوة وفرقة واجتماع وغربة وظهور وابتلاء وتمكين .
ففي الخبر المتفق عليه .. قال هرقل لأبي سفيان : " هل قاتلتموه ؟ قال : نعم ، قال : فكيف الحرب بينكم ؟ قال : سجال .. يُدال علينا مرةً ونُدَالُ عليهِ أخرى ، قال : كذلك الرسلُ تُبتَلَى ثم تكونُ لهمُ العاقِبة " .
حكمةٌ بالغة وسنةٌ ماضية : ... فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا .
إخوة الإسلام: وللدعاء أثرٌ عظيم في الثبات والنصر ، والاستعاذة من الفتن واردة في الصحيحين ، وفي الحديث المتفق عليه : "وأعُوذُ بِكَ مِنْ فتنةِ المحيَا والممَات " ..
وما انتصر النبي – صلى الله عليه وسلم – في بدر حتى سقط رداؤه من على منكبه دعاءً وتضرعا .
وجماع كل الوصايا ما وصى الله – تعالى – به رسوله محمداً – صلى الله عليه وسلم – حيث قال الله – سبحانه - : إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ.
فيؤمر بالتسبيح والحمد والعبادة والثبات حتى يأتيه الأجل
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بسنة سيد المرسلين.
أسوق لكم هذا القول وأستغفر الله - تعالى - لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب عظيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله .. الحمد أول كتابه وآخر دعوى أحبابه ساكني دار ثوابه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيداً وتقديساً لجنابه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه .
أما بعد أيها المسلمون : فإن الصبر وصية الله للرسل والأنبياء والصلحاء والأولياء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
الصبر رفيق الدرب حين تظلم الدنيا ، والصبر منحةٌ من الله للثبات على الحق: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ
الصبر هو الواحة الخضراء لمن فقد الظل في الصحراء ، وفي خطاب الله لرسوله الكريم : وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ
وبعد أن ذكر الله قصة نوحٍ – عليه السلام – والذي دعا قومه عشرة قرون حتى نصره الله قال الله – تعالى – لنبيه : ... فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
وإذا علم الله صدق النوايا وتميز الصابرون الصادقون وانقطعت العلائق بأسباب الأرض وتعلقت بالله القلوب تحققت سنة الله : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ..
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وارض اللهم عن الأئمة الخلفاء - أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وعن صحابة نبيك أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
إنتهت بتصرف من خطبة الشيخ صالح بن طالب إمام وخطيب المسجد الحرام
أحمده – سبحانه – وهو للحمد أهلٌ ، وأسأله العفو والصفح وهو ذو المنة والفضل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه – وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد .. فاتقوا الله – تعالى – حق التقوى ، وأخلصوا له في السر والنجوى .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
أيها المسلمون : لما خلق الله الأرض ودحاها ووضع فيها زينتها وقدَّر فيها أقواتها أسكنها خلقه من الجن والإنس.
وجعل الله حملةَ ميراث الأنبياء ومعتنقي شِرْعة السماء هم خيار أهل الأرض في الأرض ؛ فهم الذين خالط وحيُ الله شغافَ قلوبهم ، واستضاءوا بنور الله في دروبهم ، وهم الذين ذلت جوارحهم وانقادت نفوسهم لشرع الله .
عباد الله : ولما كان دينُ الله عزيزاً وشريعته غالية ، فإنه لا يستحق حملَها إلا خيارٌ من خيار ، فكانت الابتلاءاتُ والمحن تعرض للمؤمنين والأذيةُ والفتن تحيط بالمصدقين حتى لا يبقى على الدين إلا من يستحقه وليعلم الله الذين صدقوا ..
الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين .قال تعالى. الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال ، بل هو حقيقة ذات تكاليفَ وأمانةٌ ذات أعباء وجهادٌ يحتاج إلى صبر ، والله – تعالى– يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء ، ولكنَّ الابتلاءَ يكشف في عالم الواقع ما هو معلومٌ لله – تعالى – فيحاسب الناس على ما يقع من عملهم ؛ فهو فضل من الله وعدل وتربيةٌ للمؤمنين وصقل .
والفتن والابتلاءات أنواعٌ وصور : وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، فمنها السراء والضراء ، ومنها الفتنة بانتشار المنكرات وغلبة الأهواء ، وكثرة الدعاة على أبواب جهنم وكثرة الاختلاف ، وخلط الحق والباطل ، ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله ثم لا يملك النصر لنفسه ولا المنعة ، ومن الفتنة أن يعيش المؤمن بدينه كالغريب بين الناس. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : " بَدَأَ الإسْلامُ غرِيبًا ، وسَيَعُودُ غرِيباً كَمَا بَدَأ ؛ فَطُوْبَى لِلْغُربَاء " رواه مسلم .
أيها المسلمون : الحديث عن الثبات وقت المحن والصبر في البلاء والفتن حديثٌ موجه إلى عموم المؤمنين من الأخيار والصالحين والدعاة وطلبة العلم والمحتسبين حين يتسرب الوهن والإحباط إلى بعض المسلمين ، ويرون تسلط الأعداء والمرجفين ، ومن يُشعل فتيل الخلافات ويثير النزاعات ويطرحون الأفكار الغريبة المشتتة ..
أيها الأخيار والصالحون : لقد قص الله علينا في كتابه ، وروى لنا رسوله في سنته من سِيَر الأمم السابقة وأتباع الديانات السالفة ، وقوة اطمئنان القلب لما جاء عن المرسلين على كثرة الصوارف وشدة بأس المخالف ما يبين معه أن إيمانهم لو وُزِنَ بالجبال لرجح بها ، وفي كل زمان فتنٌ وابتلاءات ، ومع ذلك يبقى الدينُ ويبقى الخير ، وفي زماننا هذا - ويالزماننا !! زمنِ زلزلة المفاهيم وخلخلةِ الثوابت وتقلبِ الآراء وانتكاس المبادئ.. زمنِ السخرية من الدين وأهله وانتقاص الشريعة وحَملتِها ، حتى كثر المتساقطون على الطريق واستحكم اليأس في بعض النفوس .
أيها المؤمنون : المؤمن لا يهن ولا يحبط ولا يستكين ولا ييأس ولا يستوحش من الطريق لقلة السالكين.
لا يجوز أن يضعف صاحب الحق أو يهين ؛ فإن لهذا الدين إقبالا وإدبارا وامتداداً وانحسارا .. ضعفٌ وقوة وفرقة واجتماع وغربة وظهور وابتلاء وتمكين .
ففي الخبر المتفق عليه .. قال هرقل لأبي سفيان : " هل قاتلتموه ؟ قال : نعم ، قال : فكيف الحرب بينكم ؟ قال : سجال .. يُدال علينا مرةً ونُدَالُ عليهِ أخرى ، قال : كذلك الرسلُ تُبتَلَى ثم تكونُ لهمُ العاقِبة " .
حكمةٌ بالغة وسنةٌ ماضية : ... فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا .
إخوة الإسلام: وللدعاء أثرٌ عظيم في الثبات والنصر ، والاستعاذة من الفتن واردة في الصحيحين ، وفي الحديث المتفق عليه : "وأعُوذُ بِكَ مِنْ فتنةِ المحيَا والممَات " ..
وما انتصر النبي – صلى الله عليه وسلم – في بدر حتى سقط رداؤه من على منكبه دعاءً وتضرعا .
وجماع كل الوصايا ما وصى الله – تعالى – به رسوله محمداً – صلى الله عليه وسلم – حيث قال الله – سبحانه - : إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ.
فيؤمر بالتسبيح والحمد والعبادة والثبات حتى يأتيه الأجل
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بسنة سيد المرسلين.
أسوق لكم هذا القول وأستغفر الله - تعالى - لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب عظيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله .. الحمد أول كتابه وآخر دعوى أحبابه ساكني دار ثوابه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيداً وتقديساً لجنابه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه .
أما بعد أيها المسلمون : فإن الصبر وصية الله للرسل والأنبياء والصلحاء والأولياء : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
الصبر رفيق الدرب حين تظلم الدنيا ، والصبر منحةٌ من الله للثبات على الحق: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ، وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ
الصبر هو الواحة الخضراء لمن فقد الظل في الصحراء ، وفي خطاب الله لرسوله الكريم : وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ
وبعد أن ذكر الله قصة نوحٍ – عليه السلام – والذي دعا قومه عشرة قرون حتى نصره الله قال الله – تعالى – لنبيه : ... فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
وإذا علم الله صدق النوايا وتميز الصابرون الصادقون وانقطعت العلائق بأسباب الأرض وتعلقت بالله القلوب تحققت سنة الله : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ..
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وارض اللهم عن الأئمة الخلفاء - أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وعن صحابة نبيك أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
إنتهت بتصرف من خطبة الشيخ صالح بن طالب إمام وخطيب المسجد الحرام