خطبة بعنوان( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/06/16 - 2024/12/18 02:47AM

الخطبة الأولى :

الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معشر المؤمنين الكرام: القرآن الكريم: هو حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِين، وَنُورُه المبِين، وصراطه المستقيم ؛ لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، ولا تُقلِعُ سحائِبُه، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ ؛ كلما ازدادت البصائر فيه تأمُّلاً وتفكُرا، زادها هدايةً وتبصُرا.

إنه القرآن الذي أبهرَ الحكماء، وأفحم الخطباء، وأزرى بالشعراء، وتحدّى الأدباء والبلغاء؛ متانةُ بُنيان، وإشراقةُ بيان، وروعةُ تبيان، وقوةُ برهان، وظهورُ سلطان: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} .

كتابٌ معجز: ومِنْ أَعْظَمِ وأعجبِ جوانب إعجازه, تأثيرُه البالغُ في نفوسِ السَامِعِين ؛ فالقرآن العظيم: له سلطانٌ بينٌ, وله تأثيرٌ لا يخفى, يضيءُ كما يضيءُ الفجر، ويذخَرُ كما يذخَرُ البحر؛ويستولى على القلب والمشاعر، وما من أحدٍ يسمعهُ بإنصاتٍ وانتباه, إلا خضعَ لتأثيره وسلطانه، وَذُهِلَ من قوته وروعةِ بيانه ..

كتابٌ عجيب: يخاطبُ القلبَ فيخشع، والنفْسَ فتخضع، والعقلَ فيقتنع، والعينَ فتدمع، ووالله لو نزلَ على جبلٍ أصمَّ, لانهارَ وتضعضع .

سمعه جُبَيْرُ بنُ مُطْعِم سيدٌ من سادات مكة، جاء إلى المدينة ليفاوض في أَسْرَى بدرٍ، ومنهم ولده، فوصلَها والنبيَّ ﷺ في صلاةَ المغرب، فسمعَه يقرأُ بِسُورةِ الطُّور، يقول: فلما بلغَ قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}، قال جُبير: "كاد قلبي أن يطير" .

وسمعه الوليد بن المغيرة، كبيرُ مكة وحكيمها المفوه، حين اختاروه ليفاوضَ النبي ﷺ، فما ملك نفسهُ أن قال: واللَّهِ إنَّ لقوله لحلاوةً، وإنَّ عليهِ لطلاوةً، وإن أعلاهُ لمثمرٌ، وإن أوسطهُ لمشرقُ، وإن أسفلهُ لمغدِقٌ، وإنهُ ليعلو ولا يُعلى عليه، وإنهُ ليحطِمُ ما تحتَهُ، ووالله ما هذا بكلام بشر .

حتى الجنَّ، حكىَ الله عنهم، أنهم حين سمعوا القرآنَ أذهلهُم وأدهشهم، وأثَّر فيهم وأبهرهم، فقالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} .إنه كتابٌ مجيد: أَنْزلَهُ اللهُ رواءً للقلوبِ العَطْشَى، وتذكرةً وعبرةً لمن يخشى، فمَنْ اتَّبع هُداهُ فلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى.

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .

أقول ماتسمعون واستغفر الله العلي العظيم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد الله الذي وعد من تلا كتابه بتجارة لن تبور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان خلقه القران صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ أما بعد:

أما بعد: فاتقوا عباد الله وكونوا مع الصادقين .. وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}

معشر المؤمنين الكرام: ليس غريباً أن المؤمنينَ الذين يحسنونَ التعاملَ مع آيات القرآن العظيم: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} يقول الامام ابن القيم: فإن أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع له قلبك، وايقظ عقلك، وأرهف سمعك، وفعِّل حواسك {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

وصدق الله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} .وصدق الله، فلَا شَيْءَ أَصْلَحُ لأحْوَالِ المسلمِ، ولا أعظمَ لهُ بركةً ونفَعَاً، مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ الكريمِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ؛ فمن تدَبَّرَ القُرآنَ دَلَّهً على كًلِّ خَيرٍ، وحَذَّرَهُ مِنْ كُلِّ شّرٍّ، وعَرَّفَهُ بأسمَاءِ رَبِّهِ الحُسْنَى، وصِفَاتِهِ العُلَى، وشَوَّقَهُ إلى ثَوابِهِ العَظِيمِ، وخَوَّفَهُ من عِقَابِهِ الألِيمِ.

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}، فيقْرؤُونَهُ قِراءَةً مُرَتَّلةً، مُتَأنِّيةً مُتَرَسِّلَةً، بحضُورِ قَلبٍ، وإعمَالِ عَقلٍ.

 {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} فَيتَدَارَسُونَ آيَاتِهِ، ويَسْتَلْهِمُونَ هِدَاياتِهِ، ويَسْتَشْفُونَ بعِلاجَاتِهِ، ويَتخَلَّقُون بإرشَاداتِهِ وتَوجِيهَاتِهِ، فَيُحَقِقوا مُرادِ اللهِ, وينَالُونَ مَرْضَاتِهِ ..فعودوا يا مسلمون لكتاب ربكم, ليعود إليكم في الدنيا عزكم ومجدكم، وتفوزوا في الآخرة برضا وجنة ربكم.فاللهم اجعلنا وذريتنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يارب العالمين.

هذا وصلّوا وسلِّموا على نبيّكم محمّد... 

المرفقات

1734480455_خطبة بعنوان( أفلا يتدبرون القران ) مختصرة.pdf

المشاهدات 1365 | التعليقات 0