خطبة: بَشِّرُوا النَّاسَ.
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: بَشِّرُوا النّاس.
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله
معَ كثرةِ ضُغوطِ الحياة، وما يُواجهُ النّاسَ مِن فتنٍ وابتلاءات، نَجِدُ أنّنا بأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى رَفعِ رايةِ التّبشيرِ لا التّنفير، والتّفاؤلِ لا التّشاؤم، والتّطمينِ لا التّخويف، والتّحفيزِ لا التّثبيط، معَ الحذرِ مِن أولئك المُتشائمينَ والمُنفّرينَ والمُرجفين، الذين يُخوّفونَ النّاسَ بما يَزعمونَ في المستقبلِ مِن الفقرِ والأمراضِ والفسادِ وغَلَبَةِ الأعداء، وهذا مَنهجُ إبليسَ الذي ذَمَّه اللهُ في كتابِه الكريم (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) فما أحوجَنا أنْ نُبَشِّرَ النّاسَ بالخير، فإنّ التّبشيرَ بالخيرِ يَشرحُ الصّدورَ ويَستنهضُ الهِمَمَ ويَحُثُّ على العمل، ويَبعثُ على التّفاؤلِ والطّمأنينةِ والأمل، وهو مَنهجٌ ربّانيٌّ ونَهْجٌ نبويّ، قالَ اللهُ تعالى (فَبَشِّرْ عِبَادِ) (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: بَشِّروا وَلا تُنفِّروا. بل إنّ اللهَ تعالى أَنزلَ القرآنَ بالبُشرى (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ). فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وبَشِّروا النّاسَ ولا تُخوّفوهم ولا تُقنِّطوهم، بَشّروا النّاسَ بِسَعَةِ رحمةِ اللهِ جلَّ جلالُه، وبمحبّتِه للتّائبين، ومغفرتِه للمستغفرين، بَشّروا المذنبينَ بما بَشَّرَهم به أرحمُ الرّاحمين (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) بَشّروا المريضَ بالتّكفيرِ والتّطهيرِ وقُرْبِ الشّفاء، بَشّروا المُبتلى بالعافية، والفقيرَ بالغنى، بَشّروا المَدِينَ بقضاءِ دَيْنِه، والمَكروبَ بانكشافِ كَرْبِه، والمهمومَ بزوالِ هَمِّه، يا صاحبَ الهَمِّ إنَّ الهَمَّ مُنْفَرِجٌ* أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ. بَشّروا النّاسَ بالنّصرِ والعزّةِ للمؤمنين، والنّجاةِ للمستضعفين، وأنّ العاقبةَ للمتّقين، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: بَشِّرْ هذه الأُمَّةَ بالسَّناءِ والرِّفْعةِ والنّصْرِ والتّمْكينِ في الأرضِ. بَشّروا النّاسَ بأنّ الدِّينَ ظاهر، وأنّ اللهَ قاهر، وأنّ الكفرَ خاسر، وأنَّ المستقبلَ لهذا الدِّين (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) بَشّروا النّاسَ بالخير، وأَسعدوهم بالتّفاؤل، وأَدْخِلوا السّرورَ في قلوبِهم بالكلمةِ الطّيّبة، وافتحوا لهم أبوابَ الأمل، بأنّ القادمَ أفضل، والغَدَ أجمل، بَشّروا النّاسَ مِن أهلِ التّوحيدِ في الدّنيا بالسّعادة، وفي الآخرةِ بالحُسنى وزيادة (ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) فبَشّروا وأَبْشروا واستبشروا، ولا تَخافوا ولا تَحزنوا (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعد عبادَ الله
اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يا أيّها الذينَ آمنوا اتّقوا اللهَ حقَّ تقاتِهِ ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون)
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
دعاء الاستسقاء: اللهمّ أنت اللهُ لا إلهَ إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أَنزلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا مِن القانطين، اللهمّ أَغثْنا اللهمّ أَغثْنا اللهمّ أَغثْنا،،،
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 26/ 4/ 1445هـ