خطبة ( اليمن بعد الوفاق )
د مراد باخريصة
1433/02/09 - 2012/01/03 18:18PM
[font="]اليمن بعد الوفاق[/font]
[font="]لقد مر البلد بمرحلة خطيرة كادت أن تهلك الحرث والنسل[/font][font="] ومضت على الأزمة أشهر طويلة والأزمة لاتزال ولا يزال اللاعبون بخيوطها موجود في البلد ومتمسكون بخيوط اللعبة ولاتزال حالة من التناقض والتضليل تجري وتمشي ولايزال لباس الجوع والخوف والترقب هو المسيطر على واقع الناس ومعاشهم ولاتزال الآثار المدمرة والحروب المستعرة مشتعلة في بعض المحافظات والمناطق ولاتزال الأمور تتقدم وتتأخر وتتحسن وتسوء.[/font]
[font="]لقد تفاءل الكثيرون بتشكيل حكومة الوفاق[/font][font="] وبتأهب صالح لمغادرة البلد وانسحاب المظاهر المسلحة من بعض المناطق في صنعاء وتعز وعودة الحياة الطبيعية واستقرار الأوضاع نسبياً هناك إلا أن الأوضاع رغم تحسنها نوعاً ما إلا أنها لازالت هشة باعترافهم ولازال سفراء الغرب هم المهيمنون والآمرون والناهون حتى في الشئون الداخلية للبلد ولازال الفرس الروافض المجوس يلعبون ببعض الملفات الساخنة في الأزمة اليمنية ولايزال أمام الحكومة الجديدة عدد من الامتحانات والاختبارات الصعبة.[/font]
[font="]واليوم ونحن على أعتاب مرحلة جديدة لابد أن يدرك الجميع[/font][font="] سواء المتفائلون بهذه المرحلة أو المتشائمون منها أنه مادام شرع الله معطل وشريعته منحية فإن الأوضاع لن تتغير التغير المنشود ولن تستقيم الاستقامة المطلوبة حتى لو تحققت لنا بعض المطالب الدنيوية لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بأسرار خلقه والأعلم بما يصلحهم وقد أخبرنا أن الحياة لن تستقيم إلا بشرعه ولن تصلح إلا بحكمه يقول الله جل جلاله وعز كماله{ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ويقول {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ويقول {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[/font]
[font="] يقول ابن القيم رحمه الله [/font][font="]( وشريعته سبحانه مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل).[/font]
[font="]لماذا صار الشرع وراء ظهورنا ولماذا صار كل فريق منا يطالب [/font][font="]بأن يحكمنا نظام من الأنظمة البشرية فهذا يطالب بالدولة المدنية وآخر يريدها دولة اتحادية وثالث يريدها فدرالية وآخر ديمقراطية ولم نسمع من يطالب بالدولة الإسلامية وتحكيم الشرع في حياتنا الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحزبية بل صرنا نسمع من يقول أننا لانريد الشريعة وإذا وصلنا إلى كراسي الحكم فلن نحكّم الشرع يقولون هذا ومستعدون لتنفيذه من أجل إرضاء المجتمع الدولي وخوفاً من عقوبات أمريكا والغرب فأشبه قولهم هذا قول الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يامحمد {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} فرد الله عليهم فقال {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.[/font]
[font="]إنهم يريدون استبدال شرع الله بقوانين البشر ومن يستبدل أحكام الله[/font][font="] بأحكام البشر فقد ضل وكفر يقول الله سبحانه وتعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}.[/font]
[font="]إنهم يريدون استبدال العبير بالبعر والثريا بالثرى والرحيق بالحريق[/font][font="] ويظنون أنهم بهذا قد أوصلوا البلد إلى قارب النجاة وماعلموا أنهم بتنحيتهم للشريعة وتنكرهم لها ولهثهم وراء الشرق والغرب سيهلكون ويهلكون ويغرقون ويُغرقون ولاعودة للأمة إلى سيادتها وريادتها إلا بالعودة إلى أصل العز ومنبع الشرف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.[/font]
[font="]بعد تحكيم الشرع لابد للحكومة الجديدة إن أرادت النجاة والنجاح من إقامة العدل[/font][font="] ورد الحقوق ومنع الظلم والاعتداء والتعسف وإيقاف المجازر وإطلاق سراح المسجونين والمختطفين ظلماً وعدواناً والبحث عن المفقودين وردهم إلى أهلهم وتصحيح أوضاعهم وإصلاح أحوالهم ووصل من قطعت رواتبهم أو سرحوا من وظائفهم سواء قبل الأحداث أو بعدها وتعويض من تضررت منازلهم أو محلاتهم و ممتلكاتهم تعويضاً عادلاً ووجوب رعاية أسر الذين قدموا أرواحهم لرفع الظلم والاستبداد وإصلاح أوضاع البلاد ومعالجة الجرحى وتعويضهم.[/font]
[font="]لقد مورس الظلم في الحقوق والممتلكات والأراضي والوظائف [/font][font="]من قبل بعض الفاسدين والمتنفذين وخاصة في المحافظات الجنوبية ولابد من تصحيح هذه الأخطاء ورد هذه الحقوق وإعادة النظر في هذه المظالم وإزالة كل صور التمييز الحزبي والمناطقي وإزالة الفساد المالي والإداري والقضائي والتعليمي وتبني مشاريع جادة لتطهير أجهزة الدولة من الفساد وإصلاح القضاء وفق أحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق استقلاليته وجعله ملاذاً حقيقياً للمظلومين لأن سنة الله سبحانه وتعالى جرت بأنه لا استقرار يدوم مع الظلم وأن الظلم سبب لهلاك الأمم وسقوط الدول كما قال تعالى {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} ويقول {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ويقول {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ} يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنّمَا أَهْلَكَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشّرِيفُ تَرَكُوهُ . وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدّ . وأيْمُ الله ، لَوْ أنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).[/font]
[font="]الخطبة الثانية[/font]
[font="]لابد للدولة الجديدة إن أرادت الحياة والاستقرار بعد تحكيم الشرع وإقامة العدل [/font][font="]أن تحسن أوضاع الناس المعيشية وتتفقد أحوالهم الاقتصادية فقد أنهك الناس في هذه البلاد من جراء الغلاء وارتفاع الأسعار والجرع الجائرة والسياسات الاقتصادية الخاطئة فارتفعت معدلات الفقر والبطالة والجوع فلابد من زرع الأمل في قلوب الناس ورفع الجور عنهم وتحقيق المعيشة الكريمة لهم وإيقاف الفساد والمحسوبية والنهب لثرواتهم.[/font]
[font="]لقد ارتبط اسم اليمن بالتخلف والفقر وعدم الاستقرار والأمية[/font][font="] وانخفاض دخل الفرد وتفشي الفساد ونخره في جميع أجهزة الدولة وأصيب الشعب بثالوث الرعب (الجهل والفقر والمرض) في بلد غني بالثروات المتنوعة والمتعددة فوق أرضع وتحت أرضه وعلى سواحله ومع ذلك فاليمني هو الأقل دخلاً في البلاد العربية.[/font]
[font="]إن البلاد اليوم تحتاج إلى رئيس يبكي لبكاء الفقراء الذين لايجدون الطعام[/font][font="] ويتألم لآلم المرضى الذين لا يجدون قيمة الدواء كما جاء في سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه أنه طَافَ لَيْلَةً من الليالي ، فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ فِي جَوْفِ دَارٍ لَهَا ، وَحَوْلَهَا صِبْيَانٌ يَبْكُونَ ، وَإِذَا قِدْرٌ عَلَى النَّارِ قَدْ مَلَأَتْهَا مَاءً ، فَدَنَا عُمَرُ مِنَ الْبَابِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللهِ ! لأي شئ بُكَاءُ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ ؟ فَقَالَتْ : بُكَاؤُهُمْ مِنَ الْجُوعِ . قَالَ : فَمَا هَذِهِ الْقِدْرُ الَّتِي عَلَى النَّارِ ؟ فَقَالَتْ : قَدْ جَعَلْتُ فِيهَا مَاءً هُوَ ذَا أُعَلِّلُهُمْ بِهِ حَتَّى يَنَامُوا فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ثُمَّ جَاءَ إِلَى دَارِ الصَّدَقَةِ ، وَأَخَذَ غِرَارَةً ، وَجَعَلَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الدَقِيقٍ وَالسَمْنٍ وَالشَحْمٍ وَالتَمْرٍ وَالثِيَابٍ وَالدَرَاهِمَ حَتَّى مَلَأَ الْغِرَارَةَ ، ثُمَّ قَالَ لمولاه أَسْلَمُ ! احْمِلْ عَلَيَّ . فقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! أَنَا أَحْمِلُهُ عَنْكَ . فَقَالَ: لَا أُمَّ لَكَ يَا أَسْلَمُ ، أنت تحمل عني وزري يوم القيامة. قَالَ : فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ مَنْزِلَ الْمَرْأَةِ فأَخَذَ الْقِدْرَ فَجَعَلَ فِيهَا دَقِيقًا وَشَيْئًا مِنْ شَحْمٍ وتمر ، وجعل يحركه بيديه ، وَيَنْفُخُ تَحْتَ الْقِدْرِ حتى خرج الدُّخَانَ مِنْ خَلَلِ لِحْيَتِهِ ، حَتَّى طَبَخَ لَهُمْ ، ثُمَّ جَعَلَ يَغْرِفُ بِيَدِهِ وَيُطْعِمُهُمْ حَتَّى شَبِعُوا ، ثُمَّ خَرَجَ وجلس تحت البيت ولم ينصرف حتى سمع الصبية يضحكون ويلعبون وقَالَ : جئتهم وهم يَبْكُونَ ؛ فَكَرِهْتُ أَنْ أَذْهَبَ وَأَدَعَهُمْ حَتَّى أَرَاهُمْ يَضْحَكُونَ ، فَلَمَّا ضَحِكُوا ؛ طَابَتْ نَفْسِي".[/font]
[font="]لله درك ياعمر يامن طبقت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم[/font][font="](ما من إمام أو وال ، يغلق بابه دون ذوي الحاجة و الخلة و المسكنة ، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته و حاجته و مسكنته).[/font]