خطبة: النّزهةُ فوائدُ وآدابٌ وأحكام
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: النّزهةُ فوائدُ وآدابٌ وأحكام
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
إنّ نُزولَ الأمطارِ نعمةٌ عظيمة، وقد استبشرَ النّاسُ بحمدِ اللهِ بالحالةِ المطريّةِ التي تَمُرُّ بها البلاد، والتي ارتوتْ بها الأرضُ واهتزّتْ ورَبَتْ وأنبتتْ مِن كلِّ زوجٍ بهيج، وفي مثلِ هذه الأجواءِ يَخرجُ كثيرٌ من النّاسِ للنّزهةِ والاستمتاع، برؤيةِ الأوديةِ والفِياضِ والتّلاع، وهذا ممّا تَحتاجُ إليه النّفوسُ للتّرويحِ ودفعِ المللِ وتَخفيفِ ضغوطِ الحياة، مع ما يَحصلُ مِن الفرحِ والسّرورِ والألفةِ وتقويةِ العِلاقات، ولتلك النُّزْهاتِ فوائدُ وآدابٌ وأحكام، يَحسنُ التّذكيرُ بها في هذه الأيّام، ومنها التّحلِّي بحُسْنِ الخُلُقِ وسَعَةِ الصّدْرِ وخِفَّةِ النّفسِ والتّعاونِ واحتسابِ الأجر، والحرصُ على الأذكارِ المشروعةِ لمَا فيها مِن الخيرِ والبركةِ والحفظِ والتّوفيق، كدعاءِ الخروجِ مِن المنزلِ والرّكوبِ وأذكارِ الصّباحِ والمساءِ ودعاءِ نزولِ المكان، ويَحرصُ المسلمُ على البُعْدِ عن الجلوسِ في الأوديةِ والشِّعابِ أو قطعِها بالسّيارةِ عندَ جريانِها، لأنّ ذلك يُعَرِّضُ نفسَه وأهلَه ومالَه للهلاك، وفي طريقِه وعندَ وصولِه يَتَفَكَّرُ بما يراه من مخلوقاتٍ ونباتاتٍ وآيات (فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) ويَحرصُ هناك على رَفْعِ الأذانِ وأداءِ الصّلاةِ في وقتِها، واستغلالِ الوقتِ بما يَزيدُ أواصرَ التّقاربِ والمحبّةِ والمُتْعَةِ والفائدة، كاللّعبِ الجماعيِّ والقَصَصِ والمسابقاتِ، مع البعدِ عن الغيبةِ والجدالِ والخلافات، وأنْ يَحرصَ على المحافظةِ على الغطاءِ النّباتيّ، وأنْ لا يُؤذيَ إخوانَه المسلمينَ في الطّريق أو في مكانِ النّزهةِ بأيِّ نوعٍ من أنواعِ الأذى، وعندَ المغادرةِ يَحرصُ على نظافةِ المكان، فإنّ ذلك من الإيمان، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: لا يُؤمنُ أحدُكم حتّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وحافظوا على ما أنتم فيه من النِّعَمِ بشكرِها واستعمالِها فيما يُرضي اللهَ تعالى، مع التّقيُّدِ في مثلِ هذه الظّروفِ والأجواءِ والرّحلات، بالأنظمةِ والتّعليمات، الصّادرةِ من هيئةِ الأرصادِ ووَزارةِ البيئةِ والدّفاعِ المدنيّ، لتحقيقِ السّلامةِ والمصلحةِ العامّةِ للجميعِ بإذنِ اللهِ عزّ وجلّ.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأُصلي وأُسلّمُ على خاتمِ النّبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله
اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 20/ 6/ 1444هـ