خطبة المسجد الأقصى 1 صفر 1442هـ
المساجد الثلاثة
1442/02/03 - 2020/09/20 17:02PM
خطبة المسجد الأقصى بعنوان (عمارة المسجد الأقصى) الشيخ: محمد سليم محمد علي
الخطبة الأولى:
الحمد لله جعل الأقصى قلبتنا الأولى، فاللهم أسلم علينا نعمة الرباط فيه ما حيينا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله، اللهم صلّ وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: حقنا في المسجد الأقصى: حق ديني عقائدي، وحق تعبدي، وحق تاريخي، وحق سياسي، وحق واقعي، فهو أرض الإسراء والمعراج، وهو أول القبلتين، أكد الله سبحانه هذا الحق بقوله: (سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلًا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ) [الإسراء: 1]، وإليه أمرنا النبي r بشد الرحال للصلاة والرباط فيه، فقال: "ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره".
أيها المؤمنون: والعرب اليبوسيون هم أول من سكنوا القدس وعمروها، والمسجد الأقصى بني فيها للمسلمين بعد المسجد الحرام، كما ثبت في الحديث الصحيح المشهور الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه وعليه، فدائرة أوقاف القدس الإسلامية هي صاحبة الحق الحصري في الولاية على المسجد، وإدارته ورعايته وإعماره، والمسلمون مرابطون في الأقصى منذ أن وجدوا وإلى يوم القيامة، تلك سنة الله لا تتبدل ولا تتغير، روى الصحابي الجليل ذو الأصابع t قال: قلت يا رسول الله، إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: "عليك ببيت المقدس؛ فلعله أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون".
يا عباد الله يا مؤمنون: والواجب يحتم على المسلمين أن يكون المسجد الأقصى معمورًا بخيارهم، وبرجالهم ونساءهم، وبكبارهم وصغارهم، وإذا كان الأقصى مقدسًا فإنه لا يقدس منافقًا ولا كافرًا، ولا مواليًا للكافرين؛ لأن الذي يقدِّس الرجل إيمانه بالإسلام، وعمله الصالح.
أيها المؤمنون، أيها المرابطون: وما تلاقونه من محنٍ وابتلاءات واجتماعٍ من الكفر والمنافقين عليكم كل ذلك سنة الله في خيار عباده، وأنتم -إن شاء الله- من خيار عباده، أسكنكم أرضه المقدسة، واختاركم للرباط فيها؛ ليبلوكم فيها أيكم أحسن عملًا، وأنتم أمة ظاهرة مهما حلّ بها وأصابها، وحسن العاقبة ستكون لكم وخير المنال سيحط رحاله فيكم، فالثبات فالثبات على دينكم، أجمعوا كلمتكم ووحدوا صفكم، فالخلاف كله شر والوحدة على الإسلام كلها خير، قال الله U: (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ) [الأنفال: 46]، فحياكم الله وبيّاكم وحفظكم ونصركم وأكرمكم وأدامكم يا أهل بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، فأنتم الظاهرون وأنتم الطاهرون وأنتم المرابطون وأنتم الصادقون، تلك بشارة رسول الله r حيث يقول: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله، أين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأبناء بيت المقدس".
اللهم اجعلنا من الطائفة الطاهرة المنصورة، واجعلنا من أهل طاعتك وأهل جنتك، وانصرنا بالإسلام وانصر الإسلام بنا يا خير الناصرين.
عباد الله استغفروا الله فإن الله غفور رحيم، وادعوه وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المؤمنون: اصبروا وصابروا ورابطو واتقوا الله كما أمركم الله بقوله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ) [آل عمران: 200]، فبالصبر تكون النتيجة أنكم على الحق ظاهرين، وبالمصابرة فالنتيجة أنكم لعدوكم ظاهرين، وأما الرباط فنتيجته أنكم لا يضركم ما أصابكم من لأواء، وأما تحققيكم للتقوى فنتيجتها أنكم لا يضركم خذلان من خذلكم من الأباعد أو الأقارب المنافقين المتخاذلين.
يا عباد الله: وأبواب الأقصى مفتوحة لكم، والغدو والرواحة إليه طاعة وعبادة، قوامها الصبر والمصابرة والرباط والتقوى، فاصبروا عليها، فالصابر منصور، وعدوه مقهور، قال r: "وإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرًا".
فاللهم انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم أعل كلمة الحق والدين، واخذل المنافقين والموالين للكافرين، اللهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الكائدين ومن عدوان المعتدين، اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا همًّا إلا فرجّته، ولا أسيرًا إلا بسراحه أطلقته، ولا مريضًا إلا شافيته، ولا مبتلى إلا عافيته، يا الله أنت رجاؤنا فأدخلنا في عبادك المؤمنين، وأحسن ختامنا، وتوفنا مسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وأنت يا مقيم الصلاة أقم الصلاة، (إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ) [العنكبوت: 45].
المرفقات
عمارة-المسجد-الأقصى-1
عمارة-المسجد-الأقصى-1
عمارة-المسجد-الأقصى-2
عمارة-المسجد-الأقصى-2