خطبة (المساجد+ أسبوع الإجازة) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/05/04 - 2024/11/06 11:01AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَسَاجِدَ مَكَانًا لِعِبَادَتِهِ، وَرَغَّبَ فِي عِمَارَتِهَا وَصِيَانَتِهَا وَالْعِنَايَةِ بِهَا طَلَبًا لِمَرْضَاتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أما بعد: أوصيكم بتقوى الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَجَعَلَ لهم أَمَاكِنَ يَفِدُونَ عَلَيْهَا لأَجْلِ الْعِبَادَاتِ فِيهَا، وَرَتَّبَ لِمُرْتَادِي هَذِهِ الأَمَاكِنِ الأُجُورَ الْعَظِيمَةَ، فَقَالَ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

إِنَّهَا الْمَسَاجِدُ، بُيُوتُ الأَتْقِيَاءِ، وَمَوْطِنُ الأَنْقِيَاءِ، وَمُسْتَرَاحُ الصَّالِحِينَ، وَمَوْضِعُ طُمَأْنِينَةِ الْمُخْلَصِينَ الَّتِي حَرَصَ الإِسْلاَمُ عَلَى بِنَائِهَا وَرِعَايَتِهَا؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾. وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أوْ أَصْغَرَ؛ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» صححه الألباني.

وَمِنُ حُقُوقِ بُيُوتِ اللهِ: الْقِيَامُ بِصِيَانَتِهَا وَتَطْهِيرِهَا وَتَطْيِيبِهَا؛ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- : أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: «أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟ » قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلاتِي عَلَيْهِمْ».

وَمِنُ حُقُوقِ بُيُوتِ اللهِ: صِيَانَتُهَا مِنَ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَمِنْهَا: رَائِحَةُ الثُّومِ وَالْبَصَلِ؛ فَإِنَّهُمَا أَذِيَّةٌ لِلْمُصَلِّي وَالْملاَئِكَةِ؛ قَالَ ‏- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يتأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» رواه مسلم. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا كُلُّ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ الَّتِي تُؤْذِي الْمُصَلِّينَ.

وَمِنُ حُقُوقِ بُيُوتِ اللهِ: التَّجَمُّلُ لَهَا بِلُبْسِ الْمَلاَبِسِ النَّظِيفَةِ، وَالتَّطَيُّبُ، وَاسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.

وَمِنُ حُقُوقِ بُيُوتِ اللهِ:عدم إِحْدَاثَ الضَّرَرِ بِالْمَسَاجِدِ،أَوِالتَّعَدِّيَ عَلَيْهَا بِأَيِّ حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ؛ لأَنَّ أَرَاضِيَهَا تُعْتَبَرُ أَوْقَافًا، وَلاَ يَجُوزُ شَرْعًا اسْتِخْدَامُهَا فِي غَيْرِ مَا خُصِّصَتْ لَهُ.

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَحَافِظُوا عَلَى بُيُوتِ اللهِ، وَتَعَاوَنُوا مَعَ الإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ بِكُلِّ مَا يَخْدُمُ بُيُوتَ اللهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ فاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْمُرُ بُيُوتَ اللهِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، اللَّهُمَّ عَلَّقْ قُلُوبَنَا بِهَا ، وَارْزُقْنَا الثَّبَاتَ عَلَى الدِّينِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَسْتَقْبِلُ مِنْ أَيَّامِنَا إِجَازَةً قَصِيرَةً لأَبْنَائِنَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا فَتْرَةٌ قَصِيرَةٌ، وَاسْتِرَاحَةٌ يَسِيرَةٌ بَعْدَ ضَغْطِ الاِمْتِحَانَاتِ، وَكَثْرَةِ الاِنْشِغَالاَتِ؛ وَقَدْ  يَكْثُرُ فِيهَا الْفَرَاغُ؛ وَرُبَّمَا ضَاعَتِ الأَوْقَاتُ لَدَى كَثِيرٍ مِنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى الْفَرَاغِ عَلَى أَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى يَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِغْلاَلُهَا بِمَا يُقَرِّبُنَا إِلَى اللهِ وَالدَّارِ الآخِرَةِ؛ وَأَبْوَابُ الْخَيْرِ مَفْتُوحَةٌ مُشْرَعَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اسْتِغْلاَلَهَا بِالْخَيْرِ، فَمَا أَجْمَلَ اصْطِحَابَ الأَبْنَاءِ لِلصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الأَوْقَاتِ، وَتَخْصِيصَ وَقْتٍ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَمُرَاجَعَتِهِ وَمُدَارَسَتِهِ مَعَ الأَبْنَاءِ، أَوِ السَّفَرِ بِهِمْ فِي رِحْلَةٍ لأَدَاءِ عُمْرَةٍ، أَوْ زِيَارَةِ أَقَارِبَ، أَوْ تَعَلُّمِ عُلُومٍ نَافِعَةٍ، وَبَرَامِجَ مَاتِعَةٍ! وَالْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ قَضَاءِ هَذِهِ الإِجَازَةِ وَغَيْرِهَا فِي الإِنْتَرْنِتْ وَبَرَامِجِهِ وَتَطْبِيقَاتِهِ الْهَابِطَةِ، وَأَلْعَابِهِ الْمُضِرَّةِ السَّاقِطَةِ ؛ فَنَحْنُ فِي زَمَنِ تِقَنِيَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ مُخِيفَةٍ؛ لاَ بُدَّ مِنْ مُضَاعَفَةِ الْجُهْدِ وَاحْتِسَابِ الأَجْرِ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالتَّوْجِيهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ .

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم محمد ...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1730967741_خطبة (المساجد أسبوع الإجازة) مختصرة.docx

1730967746_خطبة (المساجد أسبوع الإجازة) مختصرة.pdf

المشاهدات 2057 | التعليقات 1

هذه الخطبة مختصرة ومستوحاة من خطب بعض المشائخ جزاهم الله خيرا.