(خطبة) المحافظة على البيئة ، وآداب التنزه

خالد الشايع
1444/05/28 - 2022/12/22 19:32PM

الخطبة الأولى (المحافظة على البيئة وآداب التنزه) 29/5/1444

 أما بعد فيا أيها الناس : لقد خلق الله الأرض ، وأسكن عليها الخلق ، ويسر لهم سبل العيش الكريم فيها ، وسخر بعضهم لبعض لتدوم الحياة بينهم ، فالناس كلهم يسكنون الأرض ، ويتجاورون فيها ، وجعل سبحانه حقوقا للجار ، وشدد في حق الجار ، وجعل أماكن في الأرض مشاعة بين الناس ليست ملكا لأحد ، وتكون ملكا للدولة ، وتجعلها للجميع ، كالشوارع ، والمتنزهات في البراري وغيرها ، وفرض سبحانه حقوقا على الناس في هذه الأماكن المشاعة حتى لا يؤذي بعضهم بعضا ، وسن حقوقا للطرق ، وجعل إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان ، كل هذا ليشعر الإنسان أنه لا يعيش في الأرض لوحده ، بل معه شركاء يجب عليه أن يحافظ على شعورهم وكرامتهم .

عباد الله : لقد أمر الشرع العباد بالمحافظة على الأماكن العامة التي يرتادها ويستفيد منها الجميع ، فلا يجوز لك أن تلوث المكان الذي تجلس فيه في البرية ، وتقوم منه وقد حولته إلى مجمع زبالة ، حتى يتقزز الناس من الجلوس بعدك فيه ، بل إنك لتجد الأطعمة قد أهينت ورميت وهي بحالة جيدة يتمناها الغني قبل الفقير ، إن هذا الخلق إذا كان من تصرفاتك أمام أولادك ، إنه غرس له في نفوسهم وهم على نهجك يسيرون ، فما يضرك لو حملت معك كيسا للنفايات ، ثم جمعت كل نفاياتك فيه إذا انتهيت من التنزه ، ثم حملته معك لأقرب برميل للزبالة ، وتكون بذلك قدوة حسنة للجميع ، وتنل بذلك أجرا عظيما ، وتسلم من إثم عظيم ، ودعوات الناس عليك .

ثم قد جاء الشرع بالنهي عن التبول في أماكن جلوس الناس وفي ظلهم ، أو في مياههم الراكدة ، كل ذلك حفظا لمشاعرهم وكرامتهم ، ونشرا للخلق الحسن بينهم .

بل جاء الشرع بإماطة الأذى عن الطريق ، ورتب عليه أجرا ، بل دخل بسببه رجل الجنة ، أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك في الطريق، فأخَّره، فشكر الله له فغفر له))

كما أمرنا بغرس الأشجار ذات الظل و الأشجار ذات الثمر ليستفيد منها الإنسان والحيوان ، بل وبحفر الآبار وشق الطرق ، وجعل ذلك من الأوقاف التي يجري أجرها على صاحبها بعد موته .

عباد الله : إن ديننا عظيم ، قد أمر بكل حسن مفيد ونهى عن كل قبيح مضر ، وإنك لتعجب ممن يفتن بحضار الغرب ، وببعض ماعند بعضهم من ترتيب وتنظيم وخلق ، وما درى المسكين أنهم أخذوا هذا عن ديننا ، ولكنه يجهل دينه .

معاشر المسلمين : تعلموا الدين وأخلاقه ، وعلموه لأولادكم ، وانشروه بين الناس ، فإن تلك الأخلاق أول ما تكون ، تكون ثقافات ، ثم تكون اعتقادات ، ثم ينتشر الوعي بين الجميع.

اللهم جملنا باتباع السنة والتخلق بها يارب العالمين .

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس :

كثيرة هي العادات السيئة التي يقع فيها البعض ، من ناحية البيئة والمحافظة عليها ، و تكون مخالفة لآداب التنزه ، فمن ذلك رمي المخلفات في الطرقات ، كالمناديل ، أو قطوف الدخان ، أو علب المشروبات ، أو ربما التنخم في الطرقات ، ويزداد الأمر سوءا إذا رأيت من يركب سيارته عند بيته أو عند المسجد ثم يقوم بتنظيفها ورمي كل مخلفاتها بجوار السيارة ثم ينصرف ، وكأنه يقول أنا ومن بعدي الطوفان ، فكم في هذه الحركة من أذية ، وأنانية ، وسوء خلق ، ينم على قلة للتربية .

ومن ذلك رمي كيس الزبالة بجوار باب البيت أو بجوار الحاوية وعدم وضعها داخل الصندوق ، ثم تعبث بها الحيوانات ، ويتسخ الطريق ، ويؤذي المارة والسكان .

ومن ذلك وضع بقية الأرز والخبز للطيور ، مما يسبب أذية للجيران ، بحيث يبقى الحمام ونحوه على أسوار البيوت وفي السطوح وعلى المساجد وعدم ذهابه ، وهذه أذية عظيمة يغفل عنها البعض ويظن أنه يكسب أجرا في إطعامه للحمام ، وما علم هذا أنه غير قوانين حياة الحمام التي تصبح وتغدو وتطلب الرزق من بعيد ثم تعود لعشها ، ومع هذا آذى جيرانه ، حتى خرجت مؤسسات متخصصة في طرد الحمام عن البيوت والأسوار ، ولا يعرف هذا إلا من عاناه وتعب منه .

ومنن أمثلة تلويث البيئة ، ما يصنعه بعض من يقوم بالحفر للبناء ، حيث يقوم بنقل مخلفاته إلى أرض جاره ، أو أراض مجهولة المالك ، وقد وضعت البلديات أماكن مخصصة لكب المخلفات البيئية ، فلم المخالفة ؟

وعلى ذلك فقس ، فكل عمل يسبب الأذية للناس فتجنبه ، حتى لا تكون من أهل هذه الآية ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و إثما مبينا )

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ....

 

المشاهدات 2751 | التعليقات 0