خطبة : ( الله مولانا ولا مولى لكم )

عبدالله البصري
1433/03/24 - 2012/02/16 10:28AM
الله مولانا ولا مولى لكم 25 / 3 / 1433


الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " قُلْ لا يَستَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولي الأَلبَابِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ ، أَشرَفَ أَبُو سُفيَانَ عَلَى المُسلِمِينَ فَقَالَ : أَفي القَومِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " ثُمَّ قَالَ : أَفي القَومِ ابنُ أَبي قُحافَةَ ـ ثَلاثًا ـ قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " ثُمَّ قَالَ : أَفي القَومِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا تُجِيبُوهُ " فَالتَفَتَ إِلى أَصحَابِهِ فَقَالَ : أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَد قُتِلُوا ، لَو كَانُوا أَحيَاءً لأَجَابُوا ، فَلَم يَملِكْ عُمَرُ نَفسَهُ أَنْ قَالَ : كَذَبتَ يَا عَدُوَّ اللهِ ، قَد أَبقَى اللهُ لَكَ مَا يُخزِيكَ ، فَقَالَ : اُعْلُ هُبَلٌ ! اُعْلُ هُبَلٌ ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ :" أَجِيبُوهُ " فَقَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ :" قُولُوا : اللهُ أَعلَى وَأَجَلُّ " فَقَالَ أَبُو سُفيَانَ : أَلا لَنَا العُزَّى وَلا عُزَّى لَكُم . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " أَجِيبُوهُ " قَالُوا : مَا نَقُولُ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللهُ مَولانَا وَلا مَولى لَكُم " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ ، وفي رِوَايَةٍ لابنِ إِسحَاقَ وَصَحَّحَهَا الأَلبَانيُّ أَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ لأَبي سُفيَانَ : لا سَوَاءٌ ، قَتلانَا في الجَنَّةِ وَقَتلاكُم في النَّارِ .

عِبَادَ اللهِ ، إِنَّ عَالَمَ الكُفرِ وَالإِلحَادِ اليَومَ ، الَّذِي انتَفَشَ وَمَا زَالَ يَتبَختَرُ بَعدَ أَن أَوقَعَ بِالمُسلِمِينَ في عَدَدٍ مِن بِلادِهِم في عُقُودٍ مَضَت ، إِنَّهُ بما بَلَغَهُ مِن تَقَدُّمٍ مَادِيٍّ وَعُلُوٍّ دُنيَوِيٍّ ، وَبما وَصَلَ إِلَيهِ مِن تَفَوُّقٍ عَسكَرِيٍّ في هَذِهِ الفَترَةِ العَصِيبَةِ ، يَظُنُّ أَنَّهُ قَد قَضَى عَلَى كُلِّ غَيرَةٍ وَعِزَّةٍ وَحَمِيَّةٍ في المُسلِمِينَ ، وَأَنَّ الجَوَّ قَد خَلا لَهُ لِيَئِدَ مَا تَبَقَّى في قُلُوبِهِم وَيُغَيِّرَ دِينَهُم وَيُسقِطَ قِيَمَهُم وَيُفسِدَ أَخلاقَهُم ، لَكِنَّ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَنظُرُونَ بِنُورِ اللهِ وَهُم مِنهُ عَلَى ثِقَةٍ ، يَنظُرُونَ لِلأُمُورِ بِمِنظَارِ مُختَلِفٍ وَيَزِنُونَهَا بِمِيزَانٍ مُغَايِرٍ ، إِذْ يَعلَمُونَ عِلمَ يَقِينٍ لا مِريَةَ فِيهِ أَنَّ نِهَايَةَ الظُّلمِ مُؤَكَّدَةٌ ، وَأَنَّ هَلاكَ الظَّالِمِينَ حَاصِلٌ لا شَكَّ فِيهِ ، وَأَنَّ نَصرَ اللهِ لأَولِيَائِهِ كَائِنٌ لا مَحَالَةَ ، وَأَنَّ جَزَاءَ المُجَاهِدِينَ في سَبِيلِهِ مَحفُوظٌ لَدَيهِ ، وَلَكِنَّهَا حِكَمٌ إِلَهِيَّةٌ بَالِغَةٌ ، وَأَقدَارٌ رَبَّانِيَّةٌ مُحكَمَةٌ ، وَسُنَنٌ كَونِيَّةٌ جَارِيَةٌ ، لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ . وَلَو كَانَتِ الدُّنيَا هِيَ النِّهَايَةَ وَخَاتِمَةَ الأَمرِ ، لَكَانَ مَا وَقَعَ وَيَقَعُ لِلمُسلِمِينَ مِنِ اضطِهَادٍ مِنَ الأَعدَاءِ وَاستِضعَافٍ غَايَةً في تَخَلِّي اللهِ عَن أَولِيَائِهِ ، وَلَكِنَّهَا ابتِلاءَاتٌ لِمَا في الصُّدُورِ وَاختِبَارٌ لِلإِيمَانٍ ، وَتَمحِيصٌ لِمَا في القُلُوبِ وَتَميِيزٌ لِلخَبِيثِ مِنَ الطَّيِّبِ ، لِيَتَمَحَّضَ لِلجَنَّةِ عِبَادٌ مَحَضُوا اللهَ قُلُوبَهُم ، وَلِيَتَخَلَّصَ مِن أَوضَارِ الدُّنيَا قَومٌ أَخلَصُوا لَهُ في قَصدِهِم ، وَلِيُصطَفَى لِلشَّهَادَةِ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيهِ ، وَلِيَبرُزَ لِلعَارِ وَالنَّارِ وَبِئسَ القَرَارُ قَومٌ عَلِمَ اللهُ مِنهُم سُوءَ النِّيَّةِ وَخُبثَ الطَّوِيَّةِ ، فَأَرَادَ العَزِيزُ الحَكِيمُ لهم أَن يُخرِجُوا كُلَّ أَضغَانِهِم وَيُمسِكُوا جَمِيعَ إِحسَانِهِم ، وَأَن يُفتَضَحُوا حَتى لا يَلتَبِسَ عَلَى أَحَدٍ أَمرُهُم ، وَحتى لا يُشَكَّ في عَدَاوَتِهِم وَفَسَادِ مَا هُم عَلَيهِ .

عِبَادَ اللهِ ، قَبلَ ثَلاثِينَ عَامًا ، وَفي أَرضِ الشَّامِ ، وَتَحدِيدًا في مَدِينَةِ حَمَاةٍ في سُورِيَّةَ ، عَانى المُسلِمُونَ الأَمَرَّينِ عَلَى يَدِ الجَيشِ النُّصَيرِيِّ الظَّالمِ الغَاشِمِ ، وَقُتِلَ في تِلكَ المَدِينَةِ وَحدَهَا أَكثَرُ مِن ثَلاثِينَ أَلفًا مِن أَهلِ السُّنَّةِ ، لم يَعلَم بهم آنَذَاكَ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنَ المُطَّلِعِينَ وَالمُهتَمِّينَ بِأَمرِ إِخوَانِهِمُ المُسلِمِينَ ، لم يُدعَ لهم حِينَهَا في قُنُوتٍ ، وَلم يُتَرَحَّمْ عَلَيهِم عَلَى مِنبَرٍ ، وَلم يَدعُ لِنَصرِهِم إِلاَّ قَلِيلٌ مِنَ الغَيُورِينَ بِأَصوَاتٍ ضَعِيفَةٍ خَافِتَةٍ ، لم تَكُنْ لِتُسمَعَ أَو تُؤَثِّرَ ، وَأَمَّا أَكثَرُ الأُمَّةِ عَلَى مُستَوَى حُكُومَاتِهَا وَشُعُوبِهَا ، فَقَد كَانُوا في ذَلِكَ الوَقتِ في سُبَاتٍ عَمِيقٍ ، تُغَيَّبُ عَنهُمُ الحَقَائِقُ وَتُطمَسُ ، وَيُحَالُ بَينَهُم وَبَينَ مَا يَجرِي ، وَأَمَّا اليَومَ فَإِنَّهُ لَمَّا حَاوَلَ الابنُ الظَّالمُ أَن يُعِيدَ سِيرَةَ وَالِدِهِ الغَاشِمِ في تِلكَ البِلادِ ، أَبى اللهُ ـ تَعَالى ـ إِلاَّ أَن يَفضَحَهُمَا جَمِيعًا ، وَأَن يُبَيِّنَ خِزيَ السَّابِقِ بِجُرمِ اللاَّحِقِ ، فَتَنَاقَلَ المُسلِمُونَ في مُختَلِفِ بِلادِهِم وَعَبرَ هَذِهِ الوَسَائِلِ الَّتي فَتَحَهَا اللهُ ، تَنَاقَلُوا مَا جَرَى وَيَجرِي لإِخوَانِهِم ، وَشَاهَدَ العَالَمُ كُلُّهُ أَلوَانًا مِنَ الظُّلمِ وَالطُّغيَانِ الرَّافِضِيِّ النَّصُيرِيِّ المُجرِمِ ، الَّذِي لم يَرحَمْ شَيخًا لِكِبَرِ سِنِّهِ ، وَلا عُجُوزًا لِضَعفِهَا ، وَلا شَابًّا أَعزَلَ مُعرِضًا ، وَلا بِكرًا غَيرَ ذَاتِ قُوَّةٍ وَلا أَطفَالاً بُرَآءَ ، نَعَم ، لَقَد شَاهَدَ العَالَمُ حِقدًا دَفِينًا تَفَجَّرَت نِيرَانُهُ وَفَارَ بُركَانُهُ يَمنَةً وَيَسرَةً في مُدُنِ أَهلِ السُّنَّةِ وَأَحيَائِهِم ، فَقُتِلَ النَّاسُ وَعُذِّبُوا ، وَمُثِّلَ بهم وَأُهِينُوا ، وَحِيلَ بَينَ الأَحيَاءِ وَبَينَ جُثَثِ مَوتَاهُم ، وَقُصِفَتِ المَسَاجِدُ وَمُزِّقَت المَصَاحِفُ ، وَضُيِّقَ عَلَى النَّاسِ حَتى لم يَجِدُوا لُقمَةً وَلم يَهتَنُوا بِشَربَةٍ ، وَالأَدهَى مِن ذَلِكَ وَالأَمَرُّ أَن تَرَى أُمَمُ العَالَمِ هَذَا الظُّلمِ البَشِعِ وَتَشهَدَ تِلكَ الإِبَادَةَ المَقصُودَةَ ، فَتُصِرَّ عَلَى أَن تُصَوِّتَ ضِدَّ المُسلِمِينَ المُستَضعَفِينَ في مَجلِسِ أُمَمِهَا ، وَتَسمَحَ لِدُوَلٍ وَأَحزَابٍ بَاطِنِيَّةٍ كَإِيرَانَ وَحِزبِ الشَّيطَانِ في لِبنَانَ ، أَن يُفَرِّغُوا شَيئًا مِن حِقدِهِم في صُدُورِ أَهلِ السُّنَّةِ وَظُهُورِهِم في البِلادِ السُّورِيَّةِ ، ثم تَحُولَ في المُقَابِلِ بَينَ إِخوَانِهِم مِن أَهلِ السُّنَّةِ أَن يَتَدَخَّلُوا لِنَصرِهِم ، في تَحَدٍّ سَافِرٍ لِشُعُورِهِم ، وَتَعَمُّدٍ لِلإِضرَارِ بهم ، وَإِصرَارٍ عَلَى إِعَانَةِ الظَّالِمِ عَلَى ظُلمِهِ ، لِيَظهَرَ لِلمُسلِمِينَ أَنَّ الأَعدَاءَ وَإِنْ أَظهَرُوا حُبَّ السَّلامِ أَو تَظَاهَرُوا بِهِ أَوِ ادَّعُوا حِمَايَتَهُ ، فَهُم في الكُفرِ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ ، لا يَرقُبُونَ في مُؤمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً ، وَلا يُرِيدُونَ أَن تَقُومَ لِلإِسلامِ النَّقِيِّ قَائِمَةٌ ، بَل هُم في حَربِ المُتَمَسِّكِينَ بِهِ سَاعُونَ ، وَعَلَى ذَلِكَ مُتَظَاهِرُونَ ، وَلا يُهِمُّهُم بَعدَ ذَلِكَ لَو أُزهِقَت أَروَاحُ شَعبٍ بِأَكمَلِهِ ، أَو أُضِيعَت فِيهِ الحُقُوقُ كُلُّهَا وَمُنِعَ مِن أَيسَرِ حُقُوقِ الإِنسَانِ .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ وَلْنَرجِعْ إِلى اللهِ رُجُوعَ الصَّادِقِينَ ، وَلْنَتَمَسَّكْ بما نَحنُ عَلَيهِ ، وَلْنَحذَرْ مِمَّا يُرَادُ بِنَا مِنِ انسِلاخٍ مِن دِينِنَا وَتَخَلٍّ عن قِيَمِنَا ، وَلْنَنصُرِ اللهَ بِتَحكِيمِ شَرعِهِ لِيَنصُرَنَا ، فَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم وَيُثَبِّتْ أَقدَامَكُم " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ "



الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوا أَمرَهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ مَهمَا انتَفَشَ العَدُوُّ الكَافِرُ أَو تَبَختَرَ ، وَمَهمَا أَبرَزَ أَعوَانُهُ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالبَاطِنِيِّينَ رِيشَهُم وَمَدُّوا أَجنِحَتَهُم ، فَإِنَّ في الأُمَّةِ مَن بَاعُوا الأَروَاحَ للهِ وَصَدَقُوهُ مَا عَاهَدُوهُ عَلَيهِ ، وَهُم مَاضُونَ في الجِهَادِ في سَبِيلِهِ بِأَلسِنَتِهِم وَأَموَالِهِم وَأَنفُسِهِم ، وَمَهمَا انخَذَلَ أَيُّ مُجتَمَعٍ مِن مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ أَوِ انشَغَلَ بِشَهَوَاتِهِ أَو عَبَثَت بِهِ الأَهوَاءُ ، فَإِنَّ البَدِيلَ مَوجُودٌ إِلى قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَمَا زَالَ في الأُمَّةِ هُنَا وَهُنَاكَ خَيرٌ ، وَنَحنُ نَرَى المُسلِمِينَ ـ وَللهِ الحَمدُ ـ عَلَى مُختَلِفِ مُستَوَيَاتِهِم يُسَاهِمُونَ في نُصرَةِ إِخوَانِهِم ، بِالتَّصرِيحَاتِ الَّتي تَشفِي الصُّدُورَ مِن بَعضِ أَولِيَاءِ الأُمُورِ ، وَبِالقُنُوتِ في الصَّلَوَاتِ ، وَبِالدُّعَاءِ وَاللُّجُوءِ إِلى اللهِ في الخَلَوَاتِ وَالجَلَوَاتِ ، وَبِالتَّبَرُّعِ لهم بِالمَالِ ، وَبِمُقَاطَعَةِ مَصنُوعَاتِ الدُّوَلِ المُعَادِيَةِ ، كَالصِّينِ وَالرُّوسِ وَإِيرَانَ ، وَكُلُّ تِلكَ أَنوَاعٌ مِن نُصرَةِ المُسلِمِينَ لإِخوَانِهِم . فَعَسَى اللهُ أَن يُبَارِكَ في الجُهُودِ وَإِن قَلَّت ، وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " كَم مِن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دِينِهِ فَسَوفَ يَأتي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَومَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم حَتى يَأتيَ أَمرُ اللهِ وَهُم كَذَلِكَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَإِنَّمَا يُملَى لهم وَالنَّارُ مَثوًى لهم " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَموَالَهُم لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحشَرُونَ . لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجعَلَ الخَبِيثَ بَعضَهُ عَلَى بَعضٍ فَيَركُمَهُ جَمِيعًا فَيَجعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ " وَ" إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ "
المشاهدات 6036 | التعليقات 9

هنا ملف الخطبة ( وورد )

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/الله%20مولانا%20ولا%20مولى%20لكم.doc

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/0/الله%20مولانا%20ولا%20مولى%20لكم.doc


(( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)
(( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)).
(( وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))
((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))
(( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))
(( وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
(( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27)
عباد الله: ومن الرجوع إلى الله والفرار إليه التوبةُ النصوح وكثرةُ التضرّع والاستغفار, والقيامُ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وعدمُ شهود الزور, وهذا من أعظم أسباب النجاة والسّلامة .
(( قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)) .
وقال جلّ وعلا: (( وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) .
إخوة الإسلام : وفي البأساء والضّراء يثبُت على الحق الصابرُون الصادقون أهلُ البرِّ والتقوى , وقد مدحهم الله بقوله: (( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)).
في البأساء والضّراء يثبُت على الحق الرّاجون رحمة الله, الطامعون في دخول جنّةٍ عرضها السموات والأرض, قال تعالى :(( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )).


غفر الله لك

وبارك فيك وفي عمرك ومالك وولدك وعملك


جزيت خيرًا ـ أخي أبا البراء ـ على إضافتك المباركة ، وقد شُغِلتُ هذا اليوم ولم أتمكن من الرجوع إلى الخطبة إلا في هذه اللحظة ، ولا أظن لدي من الجهد ما يمكنني من إضافة ما أوردت ـ وفقك الله ـ والبركة في الإخوة ، فليتصرفوا وليضيفوا ما شاؤوا ، وأسأل الله لي وللجميع مزيدًا من التوفيق والتسديد .


الليث;9968 wrote:
غفر الله لك

وبارك فيك وفي عمرك ومالك وولدك وعملك

وجعل الله لك بمثل ما دعوت به لأخيك وأمثاله وأضعافه ، وسددك ونفع بك .


بارك الله فيك ونفع الله بك الإسلام والمسلمين وجعلك الله سهما في صدور أعداء الدين


جزاك الله خير الجزاء خطبة في الصميم


بارك الله فيك ونفع الله بك وجعلها في ميزان حسناتك


جزاك الله خيرا ونقع بك
ونصر الله إخواننا في سوريا ومكن لهم