خطبة: العشر الأواخر وليلة القدر

أبو ناصر فرج الدوسري
1439/09/16 - 2018/05/31 05:02AM

اما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله وطاعته، واغتنام شهر التقوى بتحصيل أعلى درجاتها ونيل أسمى مراتبها فإنها خير زاد وأرجى ذخر، قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قال ﷺ: (من قامَ رَمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر لَه ما تقدَّم مِن ذَنبِه) متّفق عليه.

فشهر رمضان كله رَحْمَةٌ ومَغْفِرَةٌ، قال ﷺ: (إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة)، أي: في رمضان، وهذا حديث صحيح.

فماهي إلا أيام وتدخل أيامٌ هي خَيرِ أيام رَمَضَانَ وَيَا للهِ كَم فيهَا مِن عَتِيقٍ مِنَ النِّيرَانِ! وَكَم فِيهَا مِن خَسَرَانَ! وَالمُوَفَّقُ مَن وَفَّقَهُ اللهُ وَأَعَانَهُ، وَالمَخذُولُ مَن وُكِلَ إِلى نَفسِهِ فَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَشَيطَانَهُ.

أَلا وَإِنَّ ممَّا اعتَادَهُ بَعضُ النَّاسِ لِقِلَّةِ الفِقهِ وَسُوءِ الفَهمِ، أَن يَنشَطُوا في أَوَّلِ الشَّهرِ، وَمَا إِن تَأتي العَشرُ الأَوَاخِر المُبَارَكَةُ، عَشرُ الرَّحمَةِ والخَيرَاتِ وَالحَسَنَاتِ المُضَاعَفَاتِ، اعتَرَاهُمُ المَلَلُ، وَغَلَبَ عَليهِمُ الكَسَلُ، أَمَا عَلِمُوا أنَّها أفضل أيام رمضان.
ولهذا كان النبي ﷺ يعتكف ليلها ونهارها بل إنه رأى في منامه أنه يسجد في صبيحة ليلة القدر في ماء وطين فكانت ليلة إحدى وعشرين ومع ذلك أتم اعتكافه إلى آخر الشهر مع أن ليلة القدر قد مضت ؛ فدل على مشروعية الاجتهاد في العبادة ليلها ونهارها ، ودل على ذلك أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ. رواه مسلم.

وقَالَت: كَانَ إِذَا دَخَلَ العَشرُ شَدَّ مِئزَرَهُ وَأَحيَا لَيلَهُ وَأَيقَظَ أَهلَهُ.

فالرابح فيها من وفقه الله للطاعة وتقبل منه، والخاسر فيها من انشغل عنها وفاتته بركاتها. ، فمن كان يتصدق في بداية رمضان ويقرأ القرآن فالآن وقت الصدقات وقراءة القرآن والقيام فهي أفضل أيام رمضان،

ونبينا ﷺ قَد أَرشَدَ أُمَّتَهُ إِلى تَحَرِّي لَيلَة القَدرِ وَحثنا على التِمَاسِهَا وَطَلَبِ مُوَافَقَتِهَا، لأنها أفضل ليلة في العام كله، وهذه الليلة لَيْلَةٌ عَظِيمَةُ الشَّأْنِ لاَ تَكُونُ إِلاَّ فِي شَهْرِ رَمَضانَ، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالعِشْرِينَ مِنْهُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَيَّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيالِي رَمَضانَ، لَكِنْ لاَ تَخْرُجُ عَنْ رَمَضانَ وَالغالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي العَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ رَمَضانَ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ"

أَلا فَلْنَجتَهِدْ في هَذِهِ العَشرِ طَلَبًا لِلَيلَةِ القَدرِ كَمَا كَانَ نَبِيُّنَا ﷺ يَفعَلُ، وَلْنُضَاعِفِ العَمَلَ وَلْنَستَكثِرْ مِنَ الخَيرِ، وَلْنَتَقَرَّبْ إِلى الله وَلْنُكثِرْ مِنَ دُّعَائِهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيهِ،

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ (إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدرِ * وَمَا أَدرَاكَ مَا لَيلَةُ القَدرِ * لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ * تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ).

وفقنا الله جميعا لاغتنام هذه الليالي المباركة، وجعلنا الله ممن وُفقوا لقيامها، وممن فازوا فيها بالأجر العظيم.

اللهم وفقنا للجد والاجتهاد في هذه العشر؛ وارزقنا الإخلاص والقبول، اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا. اللهم اجعلنا في هذه العشر من الفائزين.
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا صالح أعمالنا، وتجاوز عن سيئاتنا وتقصيرنا.

----------

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.

أما بعد فاتقوا الله ياعباد الله واعلموا أنّ أعظم مايقصد من العبادات في ليالي العشر هو قيام الليل لقوله ﷺ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).

ولايمكن الجزم بقيام ليلة القدر إلا بقيام العشر كلها.

وكلما كان زمن صلاة القيام أطول كان أعظم ثوابًا وأجرا ، ولهذا فالمسلمون في هذه العشر يقومون أول الليل وآخره ، ومن استطاع أن يصلي بعد انصرافه من قيام أول الليل فليفعل وله أن يجلس على كرسي وأن يقرأ من المصحف إذا لم يكن حافظاً.

ولهذا لو سَئل سائلٌ ماهي أفضل عبادة يفعلها المسلم بين قيام أول الليل وآخره في هذه العشر

فالجواب: هي الصلاة؛ فيصلي ويقرأ من القرآن ويسأل عند آيات الرحمة ويستعيذ عند آيات الوعيد والعذاب فيكون جمع بين الصلاة وقراءة القرآن والدعاء.

وينبغي أن يكثر من الدعاء الذي علمه النبي ﷺ عائشة رضي الله عنها حين قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيتَ إِن وَافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ مَا أَقُولُ؟ قَالَ ﷺ: " قُولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي ".

فَمَنْ أَرَادَ إِحْياءَ لَيْلَةِ القَدْرِ فَلْيَتَهَيَّأْ بِالطَّاعَةِ عَلى النَّحْوِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ تَعالى، يُحْيِيها بِذِكْرِ اللهِ، يُحْيِيهَا بِالاِسْتِغْفارِ، يُحْيِيهَا بِصَلاةِ التَّطَوُّعِ، يُحْيِيها بِتِلاوَةِ القُرآنِ الكَرِيمِ، يُحْيِيهَا بالدعاء.

هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على إمام الصائمين وقدوة القائمين، كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ وقال ﷺ: (مَن صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أنصر إخواننا المستضعفين في كل مكان

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين

اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وجميع بلاد المسلمين اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين،

اللهم أصلح ولي أمرنا وجميع ولاة المسلمين اللهم واحفظهم بحفظك وأيدهم بتأييدك واجعل عملهم في رضاك وأعز بهم الإسلام وأهله.

اللهم انصر جنودنا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر.

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

http://khutb.blogspot.com/2018/05/blog-post_29.htm
























المشاهدات 3412 | التعليقات 1

يرفع للفائدة