خطبة : ( الصلاة فلاح )

عبدالله البصري
1435/10/25 - 2014/08/21 21:55PM
الصلاة فلاح 26 / 10 / 1435
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، حِينَمَا ذَكَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ في أَوَائِلِ سُورَةِ البَقَرَةِ عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ ، وَأَثنى عَلَيهِم بِإِيمَانِهِم وَعَمَلِهِمُ الصَّالِحِ ، ثُمَّ وَصَفَهُم في النِّهَايَةِ بِالفَلاحِ فَقَالَ : " أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ " فَقَد كَانَت أَوَّلُ صِفَةٍ عَمَلِيَّةٍ مِن صِفَاتِهِم بَعدَ الإِيمَانِ بِالغَيبِ ، إِقَامَتَهُمُ الصَّلاةَ عَلَى الدَّوَامِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ "
وَحِينَمَا ذَكَرَ أُولَئِكَ المُفلِحِينَ في سُورَةِ لُقمَانَ وَوَصَفَهُم بِالإِحسَانِ ، فَقَد جَعَلَ إِقَامَةَ الصَّلاةِ هِيَ أَوَّلَ صِفَاتِهِم ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " تِلكَ آيَاتُ الكِتَابِ الحَكِيمِ . هُدًى وَرَحمَةً لِلمُحسِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ . أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ "
وَفي آيَةٍ أُخرَى مِنَ الآيَاتِ الَّتي ذُكِرَ فِيهَا الفَلاحُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ " فَذَكَرَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ اللَّذَينِ هُمَا مِن أَظهَرِ أَفعَالِ الصَّلاةِ .
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ في مَوضِعٍ آخَرَ وَاصِفًا المُفلِحِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ : " قَد أَفلَحَ المُؤمِنُونَ . الَّذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُم عَنِ اللَّغوِ مُعرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُم لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ . وَالَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزوَاجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ . وَالَّذِينَ هُم لأَمَانَاتِهِم وَعَهدِهِم رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُم عَلَى صَلَوَاتِهِم يُحَافِظُونَ " فَبَدَأَ صِفَاتَهُمُ الَّتي نَالُوا بها الفَلاحَ بِالخُشُوعِ في الصَّلاةِ وَخَتَمَهَا بِالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا ، ثم ذَكَرَ غَايَةَ الفَلاحِ وَأَعظَمَ الفَوزِ فَقَالَ : " أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى "
وَعَن أَبي هُرَيرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ صَلاتُهُ ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ ، وَإِن فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَرَأَيتُم ـ عِبَادَ اللهِ ـ كَيفَ يَكُونُ الفَلاحُ وَالنَّجَاحُ ؟!
وَمَا أَوَّلُ صِفَاتِ أَهلِهِ وَمَا آخِرُهَا ؟!
إِنَّهَا الصَّلاةُ ، نَعَم إِنَّهَا الصَّلاةُ ، وَمِن ثَمَّ فَلا عَجَبَ أَن يُنَادَى لِلصَّلاةِ بِالأَمرِ بِالسَّعيِ الحَثِيثِ إِلى الفَلاحِ ، فَيَقُولَ المُؤَذِّنُ في النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ : حَيَّ عَلَى الفَلاحِ ، وَلا عَجَبَ بَعدَ ذَلِكَ أَن تَكُونَ هِيَ أَوَّلَ مَا يَهتَمُّ بِهِ الحَبِيبُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ وَخَاتِمَةَ مَا أَوصى بِهِ ، فَعَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَومًا ، لم يَكُنْ يَغزُو بِنَا حَتى يُصبِحَ وَيَنظُرَ إِلَيهِم ، فَإِن سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنهُم ، وَإِن لم يَسمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيهِم . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَعَن عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : كَانَ آخِرُ كَلامِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " الصَّلاةَ الصَّلاةَ ، اِتَّقُوا اللهَ فِيمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَإِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ يُمكِنُ أَن نَستَوحِيَهَا مِمَّا سَبَقَ وَنَستَنتِجَهَا بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا تَقَدَّمَ ، لِنَعرِفَ أَيَّ صَلاةٍ هِيَ الصَّلاةُ الَّتي يُفلِحُ بها العَبدُ وَيَفُوزُ وَيُنجِحُ ؟! فَإِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حِينَمَا وَصَفَ عِبَادَهُ المُتَّقِينَ المُحسِنِينَ قَالَ : " وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ " وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " الَّذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَالَّذِينَ هُم عَلَى صَلَوَاتِهِم يُحَافِظُونَ "
وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى "
وَقَالَ الحَبِيبُ : " فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ "
وَالنِّدَاءُ لِلصَّلاةِ في الأَذَانِ جَاءَ بِلَفظِ : حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاحِ ...
وَفي مَجمُوعِ هَذَا تَوجِيهٌ لِلمُؤمِنِينَ إِلى أَنَّ الصَّلاةَ الَّتي يَكُونُ بها الفَلاحُ ، هِيَ الَّتي تُقَامُ سَمحَةً مُستَقِيمَةً لا عِوَجَ فِيهَا ، وَتُحيَا بِالخُشُوعِ وَكَثرَةِ ذِكرِ اللهِ فِيهَا بِقَرَاءَةِ القُرآنِ وَالتَّسبِيحِ وَالدُّعَاءِ ، وَيَحضُرُ مُؤَدُّوهَا إِلَيهَا سِرَاعًا غَيرَ مُتَبَاطِئِينَ وَلا مُتَكَاسِلِينَ ، بِكُلِّ هَذَا تَكُونُ الصَّلاةُ مُؤَدِّيَةً إِلى النَّجَاحِ وَالفَلاحِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَإِلاَّ فَلا فَوزَ وَلا فَلاحَ وَلا نَجَاحَ ، وَإِنَّمَا هُوَ الخَسَارُ وَالبَوَارُ ، ثُمَّ العَذَابُ في النَّارِ ، نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ إِقَامَةَ الصَّلاةَ كَمَا شَرَعَهَا اللهُ ، وَالخُشُوعَ فِيهَا وَكَثرَةَ الذِّكرِ في أَثنَائِهَا ، وَالإِسرَاعَ إِلى أَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ في بُيُوتِ اللهِ ، إِنَّ ذَلِكَ لَهُوَ الفَلاحُ وَالنَّجَاحُ ، وَأَمَّا إِضَاعَتُهَا وَإِمَاتَتُهَا وَعَدَمَ حِفظِ أَوقَاتِهَا ، وَالتَّبَاطُؤَ في السَّعيِ إِلَيهَا أَو التَّكَاسُلَ عَنهَا ، فَهُوَ عَينُ الخَسَارَةِ وَالخَيبَةِ ، وَلَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ عِظَمَ الأُجُورِ المُوعُودِ بها مَن حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَأَدَامَ إِدرَاكَ الجَمَاعَاتِ ، ثم نَظَرَ مَا يَضِيعُ مِنَ الأُجُورِ وَالفَضَائِلِ عَلَى مَن تَركَ الصَّلاةَ أَو هَجَرَ المَسَاجِدَ ، لَعَلِمَ حَقًّا قِيمَةَ الفَلاحِ الَّذِي يَفُوزُ بِهِ المُهتَمُّونَ بِصَلاتِهِم ، وَحَجمَ الخَسَارَةِ الَّتي يُمنَى بها المُتَهَاوِنُونَ بِأَمرِهَا الغَافِلُونَ عَنهَا ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ ـ تَعَالى ـ مَن أَحسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقتِهِنَّ ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ ، كَانَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ أَن يَغفِرَ لَهُ ، وَمَن لم يَفعَلْ فَلَيسَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ ، إِن شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِن شَاءَ عَذَّبَهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " صَلُّوا خَمسَكُم ، وَصُومُوا شَهرَكُم ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَموَالِكُم ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمرِكُم ، تَدخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُم " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن صَلَّى البَردَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَقَالَ : " مَن صَلَّى الصُّبحَ فَهُوَ في ذِمَّةِ اللهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ : " مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ ، فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصفَ اللَّيلِ ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ ، فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن صَلَّى في اليَومِ وَاللَّيلَةِ اثنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا ، بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الجَنَّةِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " مَن غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ ، وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ ، وَمَشَى وَلم يَركَبْ ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاستَمَعَ وَلم يَلغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " الصَّلَوَاتُ الخَمسُ ، وَالجُمُعَةُ إِلى الجُمُعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُنَّ مَا لم تُغشَ الكَبَائِرُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ عَنِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَومًا فَقَالَ : " مَن حَافَظَ عَلَيهَا كَانَت لَهُ نُورًا وَبُرهَانًا وَنَجَاةً يَومَ القِيَامَةِ ، وَمَن لم يُحَافِظٍ عَلَيهَا لم يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرهَانٌ وَلا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَومَ القِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرعَونَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " مَن تَرَكَ صَلاةَ العَصرِ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بها ، طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِن صَلاةِ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً " مُتَفَّقٌ عَلَيهِ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُدمِي القَلبَ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ أَسًى وَأَسَفًا ، أَن غَدَتِ الصَّلاةُ عِندَ فِئَامٍ مِنَ النَّاسِ في آخِرِ مَا يَهتَمُّونَ بِهِ ، فَمِن تَارِكٍ لها بِالكُلِّيَّةِ ، إِلى مُصَلٍّ في بَيتِهِ هَاجِرٍ لِلمَسَاجِدِ وَالجُمَعِ وَالجَمَاعَاتِ ، إِلى مُتَكَاسِلٍ في الحُضُورِ إِلَيهَا مُؤَخِّرٍ لها عَن وَقتِهَا ، وَبَينَ ذَلِكَ وَذَاكَ ، قَومٌ يُؤَدُّونَهَا شَارِدَةً أَذهَانُهُم ، غَائِبَةً عُقُولُهُم ، يَأتُونَ بها حَرَكَاتٍ شَكلِيَّةً وَهُم مُسرِعُونَ ، لا يَذكُرُونَ اللهَ فِيهَا وَلا يُسَبِّحُونَ ، وَلا يَدعُونَ وَلا يَتَبَتَّلُونَ ، لَقَد سَلَبَتِ الدُّنيَا مِنَ النُّفُوسِ زَكَاءَهَا ، وَحَالَت بَينَ القُلُوبِ وَنُورِهَا ، وَفَرَّطَ المُسلِمُونَ في سَبَبِ فَلاحِهِم وَخَطِئُوا طَرِيقَ نَجَاحِهِم ، فَلا استِنكَارَ بَعدَ هَذَا أَن فَسَدَت عَلَيهِم مَعَايِشُهُم مَعَ مَا هُم فِيهِ مِن غِنًى ، وَأَنِ ابتُلُوا بِالشَّقَاءِ وَالضِّيقِ مَعَ سِعَةِ المَنَازِلِ وَفَخَامَةِ المَسَاكِنِ ، وَلَو أَنَّهُم أَقَامُوا الصَّلاةَ كَمَا يَجِبُ ، وَأَدَّوهَا كَمَا يُرِيدُ رَبُّهُم وَيُحِبُّ ، لَوَجَدُوا السَّعَادَةَ وَلَذَاقُوا طَعمَ الرَّاحَةِ ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَالصَّلاةُ نُورٌ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاةَ في مَسجِدِهِ ، فَلْيَجعَلْ لِبَيتِهِ نَصِيبًا مِن صَلاتِهِ ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ في بَيتِهِ مِن صَلاتِهِ خَيرًا " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
المرفقات

الصلاة فلاح.doc

الصلاة فلاح.doc

الصلاة فلاح.pdf

الصلاة فلاح.pdf

المشاهدات 3237 | التعليقات 2

الكلام في موضوع الصلاة جدير بتعاهده بين الفينة والأخرى ، والتذكير بها والحث عليها...


جزاك الله خيرا