خطبة: الحثُّ للمبادرةِ لإخراجِ الزّكاة

وليد بن محمد العباد
1444/08/17 - 2023/03/09 21:56PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: الحثُّ للمبادرةِ لإخراجِ الزّكاة

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله                                                         

لقد أوجبَ اللهُ الزّكاةَ وفَرَضَها على عبادِه، وهي قَرينةُ الصّلاةِ في كتابِ الله، قالَ تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) وهي أحدُ أركانِ الإِسْلامِ، ومَبانيه العظام، مَن تَرَكَها جاحدًا لِوجوبِها فهو كافر، ومَن بَخِلَ بها مُحِقَتْ بركةُ مالِه، وكانَ مِن الظَّالمينَ المُستحقِّينَ لأشدِّ العذاب، يقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن آتاه اللهُ مالاً فلم يُؤدِّ زكاتَه، مُثّلَ له يومَ القيامةِ شُجاعًا أقرع ـ أي ثعبانًا كريهَ المنظر ـ له زبيبتانِ يُطوَّقُهُ يومَ القيامةِ ثمّ يَأخذُ بلِهْزِمَتَيْه ـ أي شِدقيْه ـ ثمّ يقولُ: أنا مالُك، أنا كنزُك، ثمّ تلا عليه الصّلاةُ والسّلام: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فاحذروا حفظَكم اللهُ مِن البُخْلِ بها (وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ) فما أشقى مَن بَخِلَ بها (يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) فبادروا لإخراجِ زكاتِكم وفّقَكم الله، وسُدُّوا حاجةَ إخوانِكم وأغنوهم أغناكم الله، فقد كانَ السّلفُ رحمَهم اللهُ يُخرجونَ زكاتَهم في شعبان، تقويةً للمساكينِ على استقبالِ وصيامِ شهرِ رمضان، وعلى المسلمِ أَنْ يَتَحرَّى بزكاتِه المُستحقّينَ، ويَبدأَ بأولي القُربَى مِن الفقراءِ والمساكين، وقد وفّرتِ الدّولةُ أيّدَها اللهُ عددًا مِن الجمعيّاتِ الخيريّةِ الرّسميّةِ ومَنصّةِ إحسان، والتي تَستقبلُ الزّكاةَ وتُوصلُها لمُستحقِّيها بإذنِ الله، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وأدّوا زَكاةَ أَموالِكم طَيّبةً بها نفوسُكم، فما أسعدَ مَن أخرجَها رِضًا بحُكمِ الله، واستجابةً لأمرِ الله، وثقةً بوعدِ الله، فإنَّ الزّكاةَ بَرَكةٌ في النّفسِ والمالِ وزيادةٌ وطهارةٌ، وغُنْمٌ لا غُرْمٌ ورِبْحٌ لا خَسَارَةٌ (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله                                                 

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ بلّغْنا رمضانَ ونحن بأحسنِ حالٍ من الدّنيا والدّين، واجعلْنا فيه من المقبولينَ ومن عتقائِك من النّار، ووالدِينا وأهلِينا والمسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين، اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين                         

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 18/ 8/ 1444هـ

المشاهدات 275 | التعليقات 0