خطبة الجمعة 4 شعبان 1444هـ تحريم الغش وأكل المال بالباطل والتحذير من الاحتكار
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمّا بعدُ فاتقوا الله عباد الله (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (( واعلموا أنَّ أكل المال بالباطل ذنب عظيم وجرم خطير يهدد الفرد والمجتمع بأسره ولا أدل على ذلك من تحذير الله تعالى (( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) أي لا يأكل بعضكم مال بعض بسبب باطل فإنَّ ذلك من الأمور المحرمة التي لا تجوز شرعا بل إنَّ حرمة أكل مال المسلم بالباطل كحرمة سفك دمه وهتك عرضه ففي خطبة يوم النحر في حجة الوداع يقول النبي ﷺ : ( فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ )
فمن أكل مال أخيه بالحرام فقد تعرَّض لدعوة المظلوم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب قال الله عَزَّ وجَلَّ كما في الحديث القدسي الذي رواه الإمام احمد ( وعزتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين )
أيها الإخوة المؤمنون إن أكل المال بالباطل انتشر في المجتمع انتشار النار في الهشيم صارت أموال الناس تؤكل بالباطل عن طريق الكذب والمكر والاحتيال وعن طريق النصب والغصب والسرقة وعن طريق الغش والخديعة والتزوير صدق على بعضهم قول النبي ﷺ ( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ مِنْ حَلالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ )
أيها المؤمنون إن أكل مال الناس بالباطل صار هدفا منشودا وغاية مقصودة عند كثير من التجار إلا من رحم الله فالغاية عند هم تبرر الوسيلة ولا أدل على ذلك من احتكار بعض التجار للسلع واستغلال حاجة الناس فاتقوا الله عباد الله واحذروا وحذروا من الغش والسرقة والخديعة والاختلاس فكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ولما سئل النبي ﷺ عن أكثر ما يدخل الناس النار قال ﷺ ( الْفَمُ وَالْفَرْجُ )
فالفم إذا قال زورًا أو كتم حقاً أو أكل سحتاً
أسأل الله تعالى أن يمن علينا بفضله وأن يجعل رزقنا حلالا طيبا ويكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واحذروا أيها التُّجَّارَ من الْاِحْتِكَارِ فِي السِّلَعِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ فِي أَقْوَاتِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ فَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ حُبُّ الْمَالِ وَالطَّمَعُ فِيهِ وَحَاجَةُ النَّاسِ أَنْ تَطْلُبُوهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَإِنَّ فِي الْحَلَالِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا كِفَايَةٌ عَنِ الْحَرَامِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ) رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى ( رَوَاهُ البُخَارِيُّ
فَالْمَالُ الْحَلَالُ يُبَارِكُ اللهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَالْمَالُ الْحَرَامُ يَمْحَقُ اللهُ بَرَكَتَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَقَدْ يُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِ آفَةً تُتْلِفُهُ فَيَذْهَبُ غُنْمُهُ وَيَبْقَى عَلَى صَاحِبِهِ غُرْمُهُ فَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ ( البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا( مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
أيها الإخوة اِعْلَمُوا أَنَّنَا في شَهْرِ شَعْبَانَ الذي قَالَ عنه النبيﷺ ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ فَيَنْبَغِيْ اغتنام أَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهِ فِيْ طَاعَةِ الله
ألا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم اللهُ عَلَى نَبِيِّكُم محمد ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وَقَالَ ﷺ(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))