خطبة الجمعة 24 جمادى الأولى 1445هـ النزاهة وحفظ المال العام موافقة للتعميم

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/05/23 - 2023/12/07 23:31PM


الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ والعاقبةُ للمتقينَ ولا عدوانَ إلا على الظالمينَ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه ﷺ وعلى آلِه وصحبِه أما بعدُ فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ (( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ))
أيُّها المؤمنونَ النَّزاهةُ خُلقٌ رفيعٌ وأدبٌ جمّ يعينُ صاحبَه على التخلُّقِ بالمروءةِ ومعالي الأمورِ والابتعادِ عن مظانِّ السوءِ وتجنُّبِ الشبهاتِ وتركِ الحرامِ والحرصِ على الحلالِ قالَ ﷺ ( إنَّ الحلال بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّن وبينَهما مشتبهاتٌ لا يعلمُهن كثيرٌ من النَّاسِ فمن اتَّقى الشبهاتِ استبرَأَ لدينِه وعِرضِه ومن وَقَعَ في الشبهاتِ وَقَعَ في الحرامِ كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمَى يُوشِكُ أن يَرْتَعَ فيه ) متفق عليه
إِنَّ النزاهةَ والعدلَ أصلُ كلِّ خيرٍ والفسادَ والظلمَ أصلُ كلِّ شرٍّ وللفسادِ الماليّ صُوَرٌ كثيرةٌ ومتعددةٌ اختلاسٌ ورشوةٌ وتزويرٌ وخيانةٌ فمَنِ انعَقَد قلبُه على الخيانة تلطَّخ بالصور الباقية فالرشوة من أعظم أبواب الفساد وهي من كبائر الذنوب والخطايا سواء سُمِّيَتْ إكرامية أو هدايا والراشي والمرتشي والرائش مطرودون من رحمة الله على لسان رسوله ﷺ أغضَبُوا ربَّهم وخانوا أمانتهم فخسروا دينهم ودنياهم
فإذا كانَ أحد في وظيفةٍ أو عملٍ فليتعفَّفَ عن كلِّ مالٍ فيه شبهة حرامٍ ويتجنَّبَ كلَّ مالٍ لا يحلُّ له ويقَنعَ بما رَزَقَه اللهُ
وكلَّما كانَ قلبُ المسلمِ سليمًا ممتلئًا بالإيمانِ واليقينِ والخوفِ من الجليلِ سبحانَه كانَ أثرُ ذلكَ واضحًا على تعاملاتِه وأخلاقِه

فيمنعُ نفسَه عن الاستشرافِ لما يضرُّه في دينِه ودنياهُ وآخرتِه
والمسلمُ عندما يكونُ في موقعِ المسؤوليَّة فهو أحفظُ الناس للحقَّ وعندما يكونُ في موقعِ العملِ فهو أصدقُ الناسِ في دينِه وأكثرهم أمانةً في عملِه وولاءً لمُجتمِعه وأحرصهم على مصلحةِ وطنِه ولا يرضى بالمُمارساتِ الخاطِئةِ التي تصدرُ من زملائِه بل ويجتهدُ في منعِ الفسادِ الذي يحصلُ ممَّنْ حولَه ويُبلِّغُ عنه
عبادَ اللهِ إنَّ الشخصَ الذي تَمتدُّ يدُه إلى الحرام من أجلِ إشباعِ شهواتِه أو زيادةِ رصيدِه وأموالِه توعدَّه النبيُّ ﷺ بالنار قال رسولُ اللهِ ﷺ (كلَّ جسدٍ نبَتَ من السُّحتِ فالنَّارُ أولى به)
بلْ نهَى النبيُّ ﷺ أشدَّ النَّهي عن التعاملِ بالرشوةِ وحذَّر منها لما لها من عواقبَ وآثارٍ سلبيةٍ خطيرةٍ على الفردِ والمجتمعِ فعن أبي حُميدٍ الساعديِّ رضي الله عنه قال استعْملَ رسولُ اللهِ ﷺ رجلاً على الصدقِةِ فلمَّا قَدِم قال هذا لكُم وهذا لي أُهدِي لي فقامَ رسولُ اللهِ ﷺ على المنبرِ فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثمَّ قالَ ﷺ ( ما بالُ العاملِ نبعثُه فيأتي فيقولُ هذا لكَ وهذا لي فهلَّا جلسَ في بيتِ أبيه وأمِّه فينظرَ أيُهدى لهُ أم لا والذي نفسي بيدِه لا يأتي بشيءٍ إلا جاءَ به يومَ القيامةِ يَحمِلُه على رقبتِه ) فَلْنتّقِ اللهَ عباد الله في مكاسبِنا وليعلمْ كلُّ واحد منّا أنّه مسؤول عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه قليلاً أو كثيرا اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمّن سواك باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعلموا أنَّ على الجميعِ مُحاربةَ الفسادِ ومُكافحتَه فهي ليستْ مسؤوليةَ شخصٍ محددٍ أو جهةٍ مُعيَّنةٍ أو فِئةٍ خاصَّةٍ بلْ هي مسؤوليَّةُ الجميعِ فعلى كلِّ فردٍ أن يؤديَ واجبَه الشرعيَّ والوطنيَّ وذلكَ بغرسِ القيمِ الأخلاقيةِ في النفوسِ بدءًا من الناشئةِ وأفرادِ الأسرةِ والمجتمعِ وتربيتهِم على حبِّ الأمانةِ وبغضِ الخيانةِ. كذلكَ على الجميعِ التِزامُ الصلاحِ والإصلاحِ والنزاهةِ والشفافيةِ وغرسُ الثِّقةِ في أجهزةِ الدولة وأنظمتِها والمساهمةُ في محاربةِ الفسادِ بجميعِ أشكالِه وصُورِه إداريًّا وماليًّا وأخلاقيًّا وإنَّا لَنحمدُ اللهَ تعالى أن أصبحت بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين مثالًا يُحتذى به في محارَبة الفساد بكل صوره وأشكاله فكونوا يدًا واحدةً مع وُلاة أَمركم (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))
رزقنا الله النزاهةَ والأمانة وأعاذنا من الخيانة وتضييع الأمانة وحفظَ علينَا نعمةَ الإيمانِ والصلاحِ وجنِّبنَا الفسادِ والإفسادِ وأخذَ بأيدينا إلى طريقِ الرشادِ والفلاح إن ربي سميع الدعاء


هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرضَى الْمُسْلِمِيْنَ وارْحمْ مَوتَانَا وَمَوتَى الْمُسْلِمِيْنَ وَخُصَّ مِنْهُم الآبَاءَ والأُمَّهَاتِ اللَّهُمَّ الْطُفْ بِحَالِ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِيْنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي فِلِسْطِينَ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))

المرفقات

1701981099_خطبة الجمعة الموافق 24 جمادى الأولى 1445هـ عن النزاهة وحفظ المال العام.pdf

1701981110_خطبة الجمعة الموافق 24 جمادى الأولى 1445هـ عن النزاهة وحفظ المال العام.docx

المشاهدات 1183 | التعليقات 0