خطبة الجمعة 23 جمادى الآخرة 1445هـ المحافظة على البيئة وآداب التنزه

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1445/06/22 - 2024/01/04 21:06PM
الْحَمْدُ لِلَّهِ أنعمَ عَلَيْنَا بنعمٍ لَا تُعَدُ ولا تُحصَى وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ نبيَّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَالرَّسُولُ الْمُجْتَبَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللَّهَ رَحِمَكُم اللَّهُ اللهِ واذكرُوا نِعَمة اللهِ عليكُم واسأَلُوه أنْ يَعِينَكم على شُكْرِه أيها الإخوة حين تنزلُ الأمطار وتسيلُ الأودية وتَخْضَرُّ الأرض تنبعثُ رغبةُ كثيرٍ من الناس في الخروج إلى البَرّ والأودية والحدائقِ والمنتزهات للترويحِ عن النفس وإسْعَادِهَا ومِن فضلِ الله تعالى علينا أن جعلَ في ديننا فُسحة فرخّص في التنزهِ قال ابن رجب رحمه الله فأمّا الخروج إلى البادية أحيانا للتنزه ونحوهِ في أوقاتِ الربيع وما أشبهَه فقد وردَ فيه رُخصة فقد كان النبيُّ ﷺ يَخرج إلى ‌التِّلاع وهي مَصَابُّ المِيَاهِ ومَا يَنْحَدِرُ مِنَ الأرض ومما يـَحْسُنُ التنبيهُ عليه عندَ الخروجِ للتنزُّهِ الحِرصُ علَى عَدَمِ تَلْوِيثِ المُتَنَزَّهَاتِ بالمُهْمَلاتِ والمُخَلَّفَات واسْتِشْعَارُ مَا يَتَرَتَّبُ علَى تَرْكِهَا مِنْ إفْسَادٍ وإيذَاءٍ للنَّاس ومِنْ رَحْمَةِ اللهِ أنْ جَعَلَ إمَاطَةَ الأذَى عَنِ النَّاس مِنْ أسبَابِ دُخُولِ جَنَّتِهِ والفَوْزِ بِرِضَاه روى مسلم في صحيحه أنَّ النَّبِي ﷺ ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ طَرِيقٍ كانَتْ تُؤْذِي النَّاس ) فمَا أَيْسَرَ العَمَل وما أَسْمَى القِيمَة ومَا أكثرَ المُفَرِّطِين ومِنَ الآدَاب اخْتِيَارُ المَكَانِ المناسب والحَذَرُ مِنَ النزول في الأَوْدِيَةِ ومجَارِي السُّيُول لِمَا فِي ذلك مِنَ التَّعَرُّضِ للخَطَر
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ لقد وَضَعَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ ضَّوَابِطَ وآداب لِلْحِفَاظِ عَلى البيئة وَعَدَمِ الإِخْلاَلِ بِمُكَوِّنَاتِهَا أَوْ إِفْسَادِها قَالَ الله تَعَالَى (( وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )) جَاءَ فِي تَفْسِيرِ القُرْطُبِيِّ عَنِ الضَّحَاكِ أَنَّهُ قَالَ أَيْ لاَ تَقْطَعُوا الشَّجَرَ الْمُثْمِرَ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَإِنَّ إِتْلاَفَ الأَشْجَارِ أَوِ الأَزْهَارِ أَوْ صَيْدَ الْحَيَوَانَاتِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ
وَأَمَرَ الإِسْلاَمُ بِإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ حِرْصاً عَلَى نَظَافَةِ البِيئَةِ وَحِفَاظًا عَلَى جَمَالِهَا وَوَعَدَ فَاعِلَ ذَلِكَ بِالأَجْرِ الْكَرِيمِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ) وَقَالَ ﷺ ( عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا إِمَاطَةَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ) وَالأَذَى هُوَ كُلُّ مَا يُؤْذِي المارة مِنْ حَجَرٍ أَوْ قُمَامَةٍ أَوْ مُخَلَّفَاتٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِمَاطَتُهُ أَيْ إِبْعَادُهُ عَنِ طَّرِيقِ النَّاسِ
ومِمَّا يَنْبَغِي أيضًا عَدَمُ إشْعَالِ النَّارِ إلَّا في الأمَاكِنِ المَسْمُوحِ بها وإطْفَاؤهَا قبلَ النَّومِ وعِنْدَ مُغَادَرَةِ المَكَان حِفْاظًا على الأرْوَاح ومَنْعًا للحَرَائق ودَفْعًا للأذَى عَنِ النَّاسِ والبَهَائِمِ والشَّجَر ويَجِبُ مُرَاعَاةُ الأنْظِمَةِ التي أقَرَّتْهَا الجِهَاتُ المُخْتَصَّة
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهدي سُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أمَّا بَعْدُ فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ مِمَّا يُشْرَعُ حَالَ الخُرُوجِ لِلتَّنَزُّه ذِكْرُ دُعَاءِ نُزُولِ المَنْزِلِ كما في الحديث قال رسول الله ﷺ ( من نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَال أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَق لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِك ) عِبَادَ الله وإذَا نَزَلَ الغَيْث دَخَلَ علَى النَّاسِ السُّرُورُ فيَخْرُجُونَ للتَّنَزُّهِ فيَتَأَمَّلُ المُسْلِمُ كَمَالَ قُدْرَةِ الله وعَظِيمَ إتْقَانِه وبَدِيعَ صُنْعِه وحُسْنَ خَلْقِه فيَزْدَادُ القَلْبُ إيمَانا وتَمْتَلِئُ النَّفْسُ بَهْجَةً ويقينا ألَا فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمْ الله وقُومُوا بمَسْؤولِيَّاتِكُمْ تِجَاهَ بيئتكم حافظوا عليها واعْلَمُوا أنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأسْبَابِ الجَالِبَةِ لِلغَيْث والبركةِ فيه تقوَى الله والاسْتَقَامَةَ علَى أَمْرِه واسْتِغْفَارَهُ وصِدْقَ الرَّجُوعِ إليه فرَبُّكُمْ هُوَ الذي أنشَأَكُمْ مِنَ الأرضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إليه إنَّ ربِّي قَرِيبٌ مُجِيب
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وقَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات

1704391543_خطبة الجمعة 23 من جمادى الآخرة 1445هـ عن المحافظة على البيئة وآداب التنزه.pdf

1704391557_خطبة الجمعة 23 من جمادى الآخرة 1445هـ عن المحافظة على البيئة وآداب التنزه.docx

المشاهدات 1464 | التعليقات 0