خطبة الجمعة 10/12/1433، من خطائص العيد

مِنْ خَصَائِصِ الْعِيدِ
10/12/1433

الْحَمْدُ للهِ الْغَفُورِ الشَّكُورِ؛ {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غَافِرٍ: 3]، نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالْأَنْسَاكِ، وَأَكْثِرُوا مِنَ التَّكْبِيرِ، وَأَظْهِرُوا الْفَرَحَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ الْعِيدُ الْكَبِيرُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرُ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَعْمَالِ الْحُجَّاجِ تَقَعُ فِيهِ؛ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَذَبْحِ الْهَدْيِ، وَحَلْقِ الشَّعْرِ، وَإِحْلَالِ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَانْتِقَالِ الْحَاجِّ مِنَ التَّلْبِيَةِ إِلَى التَّكْبِيرِ، وَهِيَ شَعَائِرُ عَظِيمَةٌ فِي يَوْمٍ عَظِيمٍ {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
أَيُّهَا النَّاسُ: لِلْعِيدِ فِي الْإِسْلَامِ خَصَائِصُ اخْتُصَّ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَفَارَقَ فِيهَا أَعْيَادَ الْمِلَلِ الْأُخْرَى؛ فَالْعِيدُ فِي الْإِسْلَامِ شَعِيرَةٌ مِنَ الشَّعَائِرِ، وَعِبَادَةٌ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَارْتَبَطَ بِعِبَادَاتٍ أُخْرَى كَانَ الْعِيدُ تَاجَهَا وَرَأْسَهَا؛ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، وَاخْتُصَّ عَنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ الْأُخْرَى بِفَضَائِلَ وَمَزَايَا كَثِيرَةٍ، وَكَانَ فِيهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتُهَا، وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْهُ. وَكَانَ عِيدُ الْفِطْرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ بَعْدَ خِتَامِ شَهْرِ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ، وَعِيدُ الْأَضْحَى كَانَ بَعْدَ أَدَاءِ الرُّكْنِ الْأَعْظَمِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ.
وَفِي كِلَا الْعِيدَيْنِ صَلَاةٌ وَخُطْبَةٌ، وَشَعَائِرُ عِدَّةٌ، وَإِنْ كَانَ عِيدُ الْأَضْحَى أَكْثَرَ عِبَادَاتٍ، وَأَظْهَرَ شَعَائِرَ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يَجْتَمِعُ فِي غَيْرِهِ؛ وَلِذَا كَانَ أَكْبَرَ الْعِيدَيْنِ، وَأَوْلَاهُمَا بِالتَّكْبِيرِ.
وَكَوْنُ الْأَعْيَادِ فِي الْإِسْلَامِ عِبَادَاتٍ، وَتُعَظَّمُ أَيَّامُهَا لِأَجْلِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ الْوَقْفَ فِيهَا عَلَى النَّصِّ؛ إِذِ الْعِبَادَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِنَصٍّ، وَإِلَّا كَانَتْ إِحْدَاثًا فِي الدِّينِ، فَلَا عِيدَ إِلَّا مَا جَعَلَهُ اللهُ -تَعَالَى- عِيدًا، وَلَا يُعَظَّمُ يَوْمٌ مَهْمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ أَحْدَاثٍ، وَلَا يُحْتَفَلُ بِهِ لِذَاتِهِ، أَوْ لِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ حَدَثٍ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ عِبَادَةً مُحْدَثَةً تُضَاهَى بِهَا الْأَعْيَادُ الشَّرْعِيَّةُ. وَهَذَا مِنْ نِعْمَةِ اللهِ -تَعَالَى- عَلَى عِبَادِهِ أَنِ اخْتَارَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَعْيَادَهَا وَأَنْسَاكَهَا، وَلَمْ يَكِلْهَا إِلَى النَّاسِ، فَمِنَ الشَّرَفِ الْأَسْنَى، وَالْمَجْدِ الْأَعْلَى أَنْ يَقْبَلَ النَّاسُ اخْتِيَارَ اللهِ -تَعَالَى- لَهُمْ فِي أَعْيَادِهِمْ، وَيَلْتَزِمُوا بِهَا، وَلَا يُحْدِثُوا غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مُوقِنٌ أَنَّ اخْتِيَارَ اللهِ -تَعَالَى- لِلنَّاسِ خَيْرٌ مِنِ اخْتِيَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَقَدْ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [الْمَائِدَةِ: 48]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الْحَجِّ: 67]، وَالْأَعْيَادُ مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْمَنَاسِكِ الْكَبِيرَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْأُمَمِ، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ كُلِّ أُمَّةٍ بِأَعْيَادِهَا، وَاخْتِصَاصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْأَعْيَادِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَا يُدْخَلُ فِيهَا سِوَاهَا، وَلَا تُسْتَنْسَخُ أَعْيَادٌ غَيْرُهَا. وعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَالْإِبْدَالُ يَقْتَضِي تَرْكَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَإِبْطَالَ كُلِّ عِيدٍ سِوَى الْأَعْيَادِ الشَّرْعِيَّةِ، وَعَدَمَ إِحْدَاثِ أَعْيَادٍ جَدِيدَةٍ، فَالْعِيدُ عِبَادَةٌ، وَشَعَائِرُهُ عِبَادَةٌ، وَكُلُّ عِيدٍ مُحْدَثٍ فَهُوَ عِبَادَةٌ مُحْدَثَةٌ مَرْدُودَةٌ.
وَمِنْ شَعَائِرِ الْعِيدِ: الْفَرَحُ بِهِ، وَاللَّهْوُ الْمُبَاحُ، وَمُبَاسَطَةُ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَإِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِمْ؛ لِيَجِدُوا فَرْحَةَ الْعِيدِ، وَيُحِسُّوا بِفَرْقِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ، فَيَكُونُ عِيدًا لِلصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ فَرَحٌ مَشْرُوعٌ يُتَعَبَّدُ للهِ -تَعَالَى- بِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- نَشِيدَ الْجَارِيَتَيْنِ عِنْدَ عَائِشَةَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَنَهَى أَبَا بَكْرٍ عَنْ مَنْعِهِمَا، وَأَقَرَّ الْأَحْبَاشَ الَّذِينَ لَعِبُوا فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ بِالْحِرَابِ، وَسَمَحَ لِعَائِشَةَ أَنْ تَتَفَرَّجَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ يُشَجِّعُهُمْ فِي لَعِبِهِمْ، وَيُغْرِي بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِلتَّنَافُسِ فَيَقُولُ:«دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِنْ خَصَائِصِ الْعِيدِ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ؛ لِيَفْرَحُوا بِالْعِيدِ مَعَ النَّاسِ؛ فَفِي عِيدِ الْفِطْرِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَفِي عِيدِ الْأَضْحَى التَّصَدُّقُ وَالْإِهْدَاءُ مِنْ لُحُومِ الْقَرَابِينِ، وَاللهُ -تَعَالَى- يَقُولُ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]؛ أَيْ: شَدِيدَ الْفَقْرِ. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]؛ أَيْ أَطْعِمُوا مِنْهَا السَّائِلَ وَغَيْرَ السَّائِلِ.
وَمِنْ تَمَامِ الْفَرَحِ بِالْعِيدِ: تَحْرِيمُ صَوْمِ يَوْمِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ فِي أَصْلِهِ عِبَادَةً مِنْ أَجَلِّ الْعِبَادَاتِ، بَلْ لَا يَصُومُهُ وَلَوْ نَذَرَ ذَلِكَ؛ فَلَا وَفَاءَ فِي مُحَرَّمٍ، وَلَا يَقْطَعُ الْفِطْرُ يَوْمَ الْعِيدِ تَتَابُعَ الصِّيَامِ لِمَنْ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَيُفْطِرُ الْعِيدَ وَيُكْمِلُ بَعْدَهُ؛ وَذَلِكَ لِيَفْرَحَ كُلُّ النَّاسِ، وَيَطْعَمَ كُلُّ النَّاسِ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ مَنْ يُفْسِدُ فَرْحَتَهُمْ بِصَوْمِهِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ طَعَامِهِمْ؛ فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا صَنَعُوا طَعَامًا أَوْ حَلْوَى أَحَبُّوا أَنْ يَطْعَمَ جَمِيعُ أَحْبَابِهِمْ مِنْهَا، وَبِذَلِكَ تَصْفُو النُّفُوسُ، وَتَأْتَلِفُ الْقُلُوبُ، وَيَسُودُ فِيهِمُ الْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ، فَلَا يَبْقَى عَمَلٌ لِلشَّيْطَانِ فِي الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ؛ وَلِذَا فَإِنَّ مَنْ لَا يَجْتَمِعُونَ فِي الْعِيدِ لِضَغِينَةٍ فَرَّقَتْهُمْ فَلَا يُرْتَجَى اجْتِمَاعُهُمْ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمُنَاسَبَاتِ.
وَتَحْرِيمُ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَقَالَ: "هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ" رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَجَاءَ مِثْلُهُ فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 67].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ..
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ –تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ عَلَى مَا شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَمَا سَخَّرَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَمَا رَزَقَكُمْ مِنْ أَثْمَانِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِي؛ {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج: 36].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَقَرَّبُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِضَحَايَاكُمْ، وَكُلُوا مِنْهَا وَأَهْدُوا وَتَصَدَّقُوا، وَبَرُّوا وَالِدِيْكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهْلِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، وَتَفَقَّدُوا الْفُقَرَاءَ، وَالضُّعَفَاءَ، وَالْأَرَامِلَ، وَالْيَتَامَى، وَالْمُعْوِزِينَ مِنْكُمْ، وَأَعِينُوا إِخْوَانَكُمُ الْمَنْكُوبِينَ وَاللَّاجِئِينَ وَالْمُشَرَّدِينَ.
وَإِيَّاكُمْ وَالْمَعَاصِيَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ الذِّكْرِ وَالشُّكْرِ، وَالْمَعْصِيَةُ فِيهَا كُفْرٌ لِنِعْمَتِهَا، وَانْتِهَاكٌ لِحُرْمَتِهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»؛ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ صَوْمِهَا.
وَمِنْ أَعْظَمِ الذِّكْرِ: التَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِنَوْعَيْهِ: الْمُطْلَقِ، وَهُوَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالْمُقَيَّدِ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَيَسْتَمِرُّ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَيَنْتَهِي التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ بِالتَّكْبِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ؛ {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: 37].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات

من خصائص العيد.doc

من خصائص العيد.doc

مِنْ خَصَائِصِ الْعِيدِ.doc

مِنْ خَصَائِصِ الْعِيدِ.doc

المشاهدات 3989 | التعليقات 3

بارك الله فيك وفي عملك وعلمك يا شيخ ابراهيم

أسأل الله أن لا يحرمك الأجر والمثوبة

وكل عام وأنت في خير وقبول ونعمة من الرحمن، آمين


جزاك الله خيرا ونفع بك وتقبل الله منا ومنكم ومن جميع المسلمين


الأخوان الكريمان عبد العزيز آل فريان، وشبيب القحطاني أشكر لكما مروركما وتعليقكما على الخطبة وأسأل الله تعالى أن ينفع بكما وأن يجزيكما عني خير الجزاء..