خطبة (الجمعة) يوم عيد الفطر 1 ــ 10 ــ 1444هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أيها المسلمون: صُمْتُمْ إذْ أُمِرْتُم، وأَفْطَرْتُم إِذَا أُمرْتُم. على عِلْمٍ بَدَأَتُم شَهرَكُم، وعلى عِلْمٍ تُتِمُّونَه. (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُم؛ فَصُوْمُوا ثَلاثِيْنَ يَوْمًا) رواه مسلم
إِنه ارْتِباطُ وَثِيْقُ بَينَ تاريِخِنا ودِيننا، تاريخٌ.. إِسلاميٌّ عَرَبِيٌّ هَجري. حِسابٌ قَمَرِيٌ، بِه قُرِنَتْ كثيرٌ من شعائر الدين. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}
فبالأهلةِ، قُرِنَتْ كثيرٌ من العِباداتِ العِظام.. فَرِيْضَةُ الصيامِ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) وَفَرِيضَةَ الحجِّ {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} وَصِيامُ الكفارات {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْن} شَهرَينِ قَمَرِيينِ لا شَمْسِيَّين.. ولو لم يَكْمُلِ الشَّهْرُ ثَلاثِيْنَ يَوْماً. وعِدَّةُ المُطَلَّقَةِ الآيِسِةِ مِن المحيضِ، وعِدَّةُ الصغيرةِ التي لم تَحضْ، ثلاثةُ أَشْهرٍ قَمَرِيةٍ {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} وَكَذَا المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، تَعتدُّ بالأَشْهُرِ القَمَرِيةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} فلا انْفِكاكَ للأُمةِ عن دِينها وما يَتصلُ به. حِسابُها قَمَريٌ، وتاريُخُها هِجريٌ، مُتأَصِلٌ في عُمقِ شَرِيْعَتِها. فاعتَزُوا بِقِيَمِكُم، واسْتَمْسِكُوا بِمبادِئِكُم وعَظِمُوا شعائِرِكُم. ولا تَسْتَبدلوا الذي هو أَدنى بالذي هو خَير.
عباد الله: ولئِن انْقَضَى شَهْرُ الصيامِ، فإِن عبادَةَ اللهَ لا تَتَوَقَّفْ. ولئِن تَرحَلَ مَوسِمُ المُضاعَفَةِ، فإِن في الحياةِ مُهلَةٌ لِمُسْتَعتِبٍ ومُسْتَزِيْد. العِبادَةُ دُونَ الأَجَلِ لا تَنْقَطِع. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}
أَثْبِتْ لَكَ عِبَادَةً في سَائِرِ أيامَك، لا تَبتَعِدُ عن النوافِلِ فَتَتَصَحَّرُ حياتُك، اجعَلَ لَكَ وِرْدٌ معلومٌ من نافِلَةِ الصلاةِ والصيامِ وقِراءَةِ القُرآن، سُئِلَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَن عَمَلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً) رواه البخاري ومسلم وقَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ" رواه مسلم
اللهم اعمر قلوبنا بذكرك.. أقول قولي هذا..
الحمدُ للهِ رب العالمين أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً بعده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فاتقوا الله معاشر المسلمين.. فإن من اتقى الله كفاه
عباد الله: مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضانَ.. فَلْيُبَادِرْ إِلى قَضَائِهِ ما اسْتَطَاع.. فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ المُسَارَعَةِ إِلى الخَيْرِ، وَمِنَ المبَادَرَةِ إِلى إبراءِ الذِّمَّةِ، والمُسْلِمُ لا يَدْرِيْ ما يَعْرِضُ له.
وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ.. فَلْيَتَذَكَّرْ أَن أَمامَهُ في هذا الشهرِ عَمَلٌ صالِحٌ، هُوَ مِنْ إِتْبَاعِ الحسَنَةِ بِأُخْتِها. وهوَ مَن السُّنةِ الثابِتَة، رَوى أَبو أَيوبَ الأَنصاريُّ رضيَ الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». رواه مسلم
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ..
المرفقات
1682016274_خطبة الجمعة يوم عيد الفطر 1444.pdf