خطبة الجمعة يوم العيد
مبارك العشوان 1
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ، وَنَعُوْذُ بِهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أَيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
عِبَادَ اللهِ: يَومُ العِيْدِ، وَيَومُ الجُمُعَةُ، وَأَيَّامُ العَشْرِ، وَمَا نَسْتَقْبِلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ أَيَّامٌ عَظِيْمَةٌ فَاضِلَةٌ؛ فَخُذُوا مِنْهَا؛ بَلْ وَمِنْ أَيَّامِ العُمُرِ كُلِّهِ زَادًا لِآخِرَتِكُمْ؛ اُعْمُرُوهَا بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، اُعْمُرُوهَا بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ فَنِعْمَ الزَّادُ وَخَيْرُهُ تَقْوَى اللهِ: { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }البقرة 197
مَنْ وُفِّقَ فَاجْتَهَدَ وَأَحْسَنَ فِيْمَا مَضَى فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَلْيَسْتَمِرَّ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَغْتَرَّ بِعَمَلِهِ، أَوْ يَنْقَلِبَ عَلَى عَقِبِهِ.
وَمَنْ غَفَلَ وَفَرَّطَ، وَلَمْ يَأْبَهْ بِهَذِهِ العَشْرِ، وَلَمْ يُقِمْ لَهَا وَزْنًا؛ فَضَيَّعَهَا كَسَائِرِ أَيَّامِهِ؛ فَلْيَنْدَمْ عَلَى تَقْصِيْرِهِ؛ ولْيَتَدَارَكْ نَفْسَهُ؛ مَا دَامَ فِي العُمُرِ فُسْحَةٌ.
عِبَادَ اللهِ: اِفْرَحُوا بِعِيدِكُمْ، اِسْعَدُوا وَأَدْخِلُوا السَّعَادَةَ وَالسُّرُورَ عَلَى مَنْ حَوْلَكُمْ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطِيبُوا الكَلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، أَحْسِنُوا لِوَالِدَيْكُمْ وَأَهْلِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، ابْتَسِمُوا فِي وُجُوهِ إِخْوَانِكُمْ، أَكْرِمُوا جِيْرَانَكُمْ، تَفَقَّدُوا المُحْتَاجِينَ، أَحْسِنُوا فَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ، تَوَاضَعُوا فَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ، تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.
مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ عَلَى مُؤْمِنٍ غِلٌ؛ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَرِيْبٍ أَوْ بَعِيْدٍ شَحْنَاءٌ، مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ خُصُومَةٌ؛ فَالبِدَارَ البِدَارَ؛ اُعْفُوا وَاصْفَحُوا؛ فَاللهُ تَعَالَى عَفُوٌ يُحِبُّ العَفْوَ؛ وَيَأْمُرُ بِالعَفْوِ، وَيُعِزُّ أَهْلَ العَفْوِ؛ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، اُعْفُوا؛ { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } الشورى 40
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الْآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ) وَفِي رِوَايَةٍ: ( وَذِكْرٍ لِلَّهِ ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ الحَادِيَ عَشَرَ، وَالثَّانِيَ عَشَرَ، وَالثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ؛ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ؛ فَلَا يَجُوزُ صَومُهَا؛ وَفِي الحَدِيثِ: ( لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ ). وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَسْتَمِرُّ التَّكْبِيْرُ المُطْلَقُ وَكَذَا المُقَيَّدُ؛ وَكَذَا ذَبْحُ الأَضَاحِي؛ يَسْتَمِرُّ كُلُّ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ اليَومِ الثَّالِثَ عَشَرَ.
وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لِاغْتِنَامِ مَوَاسِمِ الخَيْرَاتِ، ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَاتَمِ الأنْبِيَاءِ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.