خطبة الجمعة ما بعد رمضان 1446هـ

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/10/06 - 2025/04/04 00:05AM
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ مالكِ يومِ الدينِ والعاقبةُ للمتقينَ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه ﷺ وآلِه وصحبِه أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْتَبَرُوا بِسُرْعَةِ مُرُورِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَالشُّهُورِ فَبِمُرُورِهَا تَنْتَهِي آجَالُكُمْ وَتُطْوَى صَحَائِفُ أَعْمَالِكُمْ إِنْ خَيرًا فَخَيرٌ وَإِنْ شَرًا فَشَرٌ (( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا )) وقد جاء فِي الحّدِيثِ القُدْسِي كما في صحيح مسلم الَّذِي يَرْوِيهِ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ رَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ سُبْحَانَهُ ( يَا عِبَادِي إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا فمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلكَ فَلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ ) اِنْقَضَى رَمَضَانُ وَطُوِيتْ صَحِيفَتُهُ فَمَنْ كَانَ مُحْسِنًا فَلَيَحْمَدْ للهَ وَلَيَسْأَلْهُ سُبْحَانَهُ الْقَبُولَ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحَسُنَ عَمَلَاً وَمَنْ كَانَ مُقَصِّرًا وَكُلُنَا ذَاكَ فَلَيَتُبْ إِلَى اللهِ فَاللهَ يُحِبُّ التَّوَّابَيْنَ لِقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ حِينَمَا يَنْتَهِي رَمَضَانُ يُصِيبُهُمِ الْهَمُّ وَلِسَانُ حَالِهِمْ لِسَانُ الْوَجِلِ الْخَائِفِ أَنْ يُرَدَّ هَلْ تُقُبِّلَ مِنَّا فَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمِ اللهُ تَعَالَى بُقولِهِ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِهِ صِفَاتِ عِبَادِهِ ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) سَألتْ عَائِشَةُ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ أَهُمُ الَّذينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيسْرِقونَ قَالَ لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهمُ الَّذينَ يَصُومُونَ وَيصَلُّونَ وَيتصدَّقُونَ وَيَخَافُونَ أنْ لا تُقبَلَ مِنهُم
عِبَادَ اللهِ لئن انتهى مَوْسِمُ رَمَضَانَ وانقضى مَوْسِمُ الصِّيَامِ والقيام فبَين أيدِينا موسمٌ يتكرَّرٌ في اليومِ واللَّيلةِ خمسَ مرَّات إنها الصلواتُ الخمس فلنحافظ عليها كما أمرنا الله تعالى بها (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )) يقول عمر رضي الله عنه لا حظَّ في الإسلام لِمَن تَرَك الصلاة ولئن انتهى قيامُ رمضان فإنَّ القيام بحمد لله لا ينتهي فهناك الوتر وقيام الليل قال تعالى (( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا )) ويقول عليه الصلاة والسلام ( أفضلُ الصلاة بعدَ الفريضة صلاةُ اللَّيْل ) رواه مسلم.. ولئن انتهى صيامُ رمضان فإنَّ الصيام بحمد الله لا ينتهي فبين أيدِينا صيامُ الأيام البيضِ والاثنينِ والخميس وأوصى النَّبِيُّ ﷺ أبا هريرة رضي الله عنه بصيام ثلاثةِ أيَّام مِن كلِّ شهر وقال ﷺ ( صَومُ ثلاثةِ أيَّام من كلِّ شهر صومُ الدهر كلِّه ) متفق عليه وإنَّ مِنْ متابعةِ الإحسانِ بعدَ رمضان صيامَ السِّتِّ من شوال ندبَنا إليها رسولُنا ﷺ كما في صحيحِ مسلمٍ عَنْ أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسولُ الله ﷺ ( مَنْ صامَ رمضانَ وأتبعهُ ستًّا مِنْ شوالَ كانَ كصيامِ الدَّهرِ كُلِّهِ ) ووجهُ ذلك أَنَّ الله يَجزي على الحسنةِ بعشرِ أمثالِهَا فصيامُ رمضانَ مضاعفًا بعشرةِ شهورٍ وصيامُ الستِّ بستينَ يومًا فحصلَ بِذَلِكَ أجرُ صِيَامُ سَنَةٍ كَامِلَةٍ بَارَكَ اللهُ لَنَا فِي الكِتَابِ وَالٍسُّنَّةِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِي غَفُورٌ رَّحِيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ وَأشهدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثيِرًا أَمّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الصِّيَامَ وَالقِيَامَ وَالصَّدَقَةَ وَالإِحْسَانَ وَالذِّكْرَ وَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةَ القُرْآنِ خَاصَّةٌ بِرَمَضَانَ بل هِي عِبَادَاتٌ مشروعة للعبد في كل وقت وزمان وإذا حصل من العبد تقصير في الاستقامة ونقص في الطاعة فعليه بالاستغفار قال تعالى (( فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ )) فيُجْبَرُ التقصيرُ بالاستغفار ويُكَمَّل النقص في الفرائض بالنوافل أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أن يرزقنا الاستقامة على الطاعة بعد رمضان وأن يتقبل منا رمضان وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا وأن يتجاوز عن سيئاتنا وأن يعفو عن تقصيرنا إنه عفو غفور هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ بَقِيَةِ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا وَبِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات

1743714297_خطبة الجمعة الأولى بعد رمضان لهذا العام 1446هـ.pdf

1743714308_خطبة الجمعة الأولى بعد رمضان لهذا العام 1446هـ.docx

المشاهدات 5378 | التعليقات 0