خُطْبَةُ الجُمعَةِ قَبْلَ عِيْدِ الأَضْحَى 3 ذِيْ الحِجَّةِ 1441هـ
محمد بن مبارك الشرافي
خُطْبَةُ الجُمعَةِ قَبْلَ عِيْدِ الأَضْحَى 3 ذِيْ الحِجَّةِ 1441هـ
الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ, اللَّطِيفِ الْمَنَّانِ, الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لَنَا سُبُلَ الهُدَى وَالرَّشَادِ, وَوَفَّقَنَا لِسُلَوكِ طَرِيقِ الحَقِّ وَالسَّدَادِ, أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ, وَلِذَنْبِي وَلِلْمُؤْمِنِينَ أَسْتَغْفِرُهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ وَلمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَزَوْجَاتِهِ وَأَوْلَادِهِ, وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ, وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاسْتَعِدُّوا لِلِقَائِهِ, وَتَزَوَّدُوا مِن دُنْيَاكُمْ لِأُخْرَاكُمْ, وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَيَّامَ وَالَّلَيَاليَ ظُرُوفٌ لِمَا أَوْدَعْتُم فِيهَا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: نحن في أَيَّامِ الْعَشْرِ الفَاضِلَةِ وَالَّتِي سَرَعَانَ مَا تَمُرُّ وَتَنْقَضِي كَما مَرَّ غَيْرُهَا, فَمَنْ كَانَ اجْتَهَدَ فِيهَا فَلْيَسْتَمِرَّ وَيَسْأَلْ رَبَّهُ الْإِعَانَةَ وَالْقَبُولَ, وَمَنْ كَانَ كَسِلَ وَسَوَّفَ فَلْيَبْدَأْ فَلا زَالَ الْوَقْتُ مُتَاحًا, فَمِنْ صِيَامٍ وَذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ لِلْقُرْآنِ, إِلَى صَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ وَإِحْسَانٍ إِلَى قَرِيبٍ وَجَارٍ وَفَقِيرٍ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}, وَالْمُسَارَعَةُ لِلْجَّنَةِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ فَاضِلٌ جِدًّا, حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ, وَقَدْ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى عَمَلَيْنِ فِيهِ (الْأَوَّلُ) الإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ [لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] طُوَالَ هَذَا الْيَوْمِ, سَوَاءٌ كَانَ الإِنْسَانُ حَاجًّا أَمْ لا, قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) رواهُ الترمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.
الْعَمَلُ (الثَّانِي) الصَّوْمُ لِغَيْرِ الْحُاجِّ, وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا الحَاجُّ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: وَأَمَّا يَومُ عِيدِ الأَضْحَى فِإنَّهُ يُشْرَعُ فِيهِ لِغَيْرِ الحَاجِّ عِبَادَتَانِ عَظِيمَتَانِ, الأُولَى: صَلَاةُ العِيدِ, وَالثَّانِيَةُ: ذَبْحُ الأَضَاحِي.
فَأَمَّا صَلَاةُ العِيدِ: فَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلامِ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مُرَدِّدِينَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ.
وَصَلاةُ العِيدِ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَي العُلَمَاءِ, وَهِيَ سُنَّةٌ في حَقِّ النِّسَاءِ, لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ اَلْعَوَاتِقَ, وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ, يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ اَلْمُسْلِمِينَ, وَيَعْتَزِلُ اَلْحُيَّضُ اَلْمُصَلَّى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَمَنْ تَرَكَ صَلاةَ العِيدِ مِنَ الرِّجَالِ البَالِغِينَ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ فَهُوَ آثِمٌ. وَالقَوْلُ بِوُجُوبِ صَلاةِ العِيدِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ ابْنِ بَازٍ وابْنِ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُمُ اللهُ أَجْمَعِينَ.
وَمِنْ سُنَنِ العِيدِ: التَّكْبِيرُ والاغْتِسَالُ وَلُبْسُ أَحْسِنِ الثِّيَابِ والتَّطَيِّبُ, وَالذَّهَابُ مِنْ طِرِيقٍ إِلَى الْمُصَلَّى وَالعَوْدَةُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ, واصْطِحَابُ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ حَتَّى الحُيَّضِ وَالْعَوَاتِقِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ, للاسْتِمَاعُ إِلَى خُطْبَةِ العِيدِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي بَرَكَةِ ذَلِكَ اليَوْمِ.
وَمِنَ السُّنَنِ الخَاصَّةِ بِعِيدِ الأَضْحَى أَنْ لَا يَأْكُلَ حَتَّى يَرْجِعَ مِنَ مُصَلَّاهُ, فَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ, وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ اَلْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ) رَوَاهُ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ والأَلْبَانِي.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ فَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمِنْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ, وَبَعْضُ العُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وقَالَ الأَلْبَانِيُّ : حَسَنٌ. وَمَعْنَى (سَعَةٌ) أَيْ اسْتِطَاعَةٌ, وَعَلَيْهِ فَمَنَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ دَخْلُهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجِةِ مَنْ يَعُولُ فَلا يُضَحِّي, لِأَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ وَسَدَادُ الدَيْنِ وَاجِبٌ, فَلْيُنْتَبَهُ لِهَذَا!
ثُمَّ إِنَّ الأُضْحِيَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ مُسْتَقِلٌ, سَوَاءً كَانَ مُنْعَزِلًا كَالْبَيْتِ الْمُسْتَقِلِّ أَمْ مُتَّحِدًا مَعَ غَيْرِهِ كَمَنْ يَسْكُنُونَ الشُّقَقَ! أَمَّا مَنْ كَانَ يَعِيشُ مَعَ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍ فَلَا يُطَالَبُ بِأُضْحِيةٍ! فَمَثَلًا لَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُتَزَوِجًا لَكِنْ يَعِيشُ مَعَ أَبِيهِ, وَمَأْكَلُهُمْ جَمِيعٌ وَمَكَانُ الطَّبْخِ مُتَّحِدٌ فَيَكْفِي أَنْ يُضَحِّيَ الأَبُ عَنِ الجَمِيعِ, أَمَّا لَوْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَطْبَخِهِ فَيُقَالُ لَهُ: ضَحِّ إِنْ كُنْتُ قَادِرًا.
واعْلَمُوا أَنَّ السُنَّةَ فِي الأُضْحِيَةِ: أَنْ تَكُونَ عَن الحَيِّ, فَيُضَحِّي الرَّجُلُ عَن نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الأَحْيَاءِ والأَمْوَاتِ فَيَشْمَلُهُم الأَجْرُ, وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ عَن المَيِّتِ فَلَهَا ثَلاثَةُ أَحْوَالٍ:
الحَالُ الأُولَى: أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً, بِمَعْنَى : أَنَّ الْمَيَّتَ تَرَكَ مَالًا وَقَالَ : ضَحُّوا عَنِّي مِن هَذَا الْمَالِ, فَهُنَا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَتِ الوَصِيَّةُ عَلَى يَدِهِ أَنْ يُنَفِّذَ الَوصِيَّةَ, حَتَّى تَنْفَدَ هَذِهِ الدَرَاهِمُ.
الحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْخُلَ الْمَيِّتُ تَبَعًا, بِمَعْنَى: أَنَّ الحَيَّ يَذْبَحُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُدْخِلُ المَيِّتَ مَعَهُ, فَيَذْبَحُ أُضْحِيَتَهُ وَيَنْوِي أَجْرَهَا لِنَفْسِهِ وَلأَهْلِ بَيْتِهِ وَلِمَنْ شَاءَ مِن الأَمْوَاتِ, فَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ وَهُوَ أَفْضَلُ مَا يُفْعَلُ, لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَـَّا ذَبَحَ أُضْحِيَتَهُ قَالَ (بِاسْم اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ). فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وَآلِ مُحَمَّدٍ] يَدْخُلُ فِيهِ آلُهُ الأَمْوَاتُ كَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَخَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
الحَالُ الثَالِثَةُ: أَنْ يُضَحَّيَ عَن الْمَيِّتِ اسْتِقْلَالًا, مِنْ دُونِ وَصِيَّةٍ, فَهَذِهِ خِلَافُ الأَفْضَلِ, لأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ بِهَا السُّنَّةُ, وَلِأَنَّ مِن أَهْلِ العِلْمِ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا لا تَصِحُّ, فَالأَحْوَطُ للإِنْسَانِ أَنْ لا يَفْعَلَ ذَلِكَ, لَكِنَّهُ لُوْ فَعَلَ فِإِنَّهَا تَصِحُّ إِنْ شَاءَ اللهُ !
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ, الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ, أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الأُضْحِيَةَ لا تَصِحُّ إِلا بِالشُّرُوطِ التَّالِيَةِ (الأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِي: الِإبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ. (الثَّانِي) أَنْ تَبْلُغَ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا وَهِيَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ للضَّأْنِ, وَسَنَةٌ للْمَعْزِ, وَسَنَتَانِ للْبَقَرِ, وَخَمْسُ سِنِينَ للإِبِلِ, فَلَا يُجْزِئُ مَا دُونَ ذَلِكَ. (الثَّالِثُ) أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِن العُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ, وَهِيَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فَقَالَ ( أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي اَلضَّحَايَا : اَلْعَوْرَاءُ اَلْبَيِّنُ عَوَرُهَا, وَالْمَرِيضَةُ اَلْبَيِّنُ مَرَضُهَا, وَالْعَرْجَاءُ اَلْبَيِّنُ ظَلَعُهَا وَالْعَجْفَاءُ اَلَّتِي لَا تُنْقِي) رَوَاهُ اَلْخَمْسَة ُوَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّان. (الشَّرْطُ الرَّابِعُ) أَنْ يُضَحِّىَ بِهَا فِي الوَقْتِ الْمَحْدَّدِ شَرْعًا, وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ فَرَاغِ صَلاةِ العِيدِ، أَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ لمْ تَصِحَّ أُضْحِيَتُهُ.
وَالذَّبْحُ يَوْمَ العِيدِ أَفْضَلُ لأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ التِي هِيَ أَفْضُلُ أَيَّامِ السَّنَةِ, وَلِمَا فِيهِ مِن الْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: اذْبَحُوا أَضَاِحيكُمْ طَيَّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ, رَاضِيَةً بِهَا قُلُوبُكُمْ, فَكُلُوا مِنْهَا وَتَصَدَّقُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ, وَأَهْدُوا لِمَنْ تُحِبُّونَ مِنَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ, واعْلَمُوا أَنَّكُمْ تَتَقَرَّبُونَ إِلى رِبِّكِمْ وَتَقْتَدُونَ بِنَبِيِّكُمْ مَحَمَّدٍ وَأَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَلَاةُ وَالسَّلَامُ.
أَسْأَلُ اللهَ عزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعِيدَ هَذِهِ الأَيَّامَ عَلَيْنَا أَعْوَامًا عَدِيدَةً وَأَعْمَارًا مَدِيدَةً وَنَحْنُ وَالْمُسْلِمُونَ بِأَحْسَنِ حَالٍ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا, اللّهُمَّ أعَزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ, وَأَذِلَّ الشِّرْكَ والْمُشْرِكِينَ, اللّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الحَقِّ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ, اللّهُمَّ احْفَظْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَوَفِّقْهُمْ لِرَضَاكَ وَاهْدِهُمْ بِهُدَاكَ, وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْحَقِّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ, سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ, وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات
خُطْبَةُ-الجُمعَةِ-قَبْلَ-عِيْدِ-الأ
خُطْبَةُ-الجُمعَةِ-قَبْلَ-عِيْدِ-الأ
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق