خطبة الجمعة الموافق 9 رمضان 1444هـ

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1444/09/08 - 2023/03/30 23:46PM
الحمد لله الذي جعل الصّيامَ جُنّة وسبيلاً موصلاً إلى الجنة أحمده سبحانه وأشكره على ما هدى ويسّر وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله صلّى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابِه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أَمَّا بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من أعظم مقاصد الصيام تحقيق التقوى كما قال الله تعالى
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) وفي الصحيح يقول النبي ﷺ ( والصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدِكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم )
إنه جُنَّة وحاجز بين العبد وبين معاصي الله كلما هَمَّ بخطيئةٍ ذكّر نفسه أنه صائم فدعاه ذلك إلى الإعراض عما حرم الله عليه فمن لم يحجزه الصوم عن الوقوع في الحرام وكذلك من لم يحُثُه صيامُه على المحافظة على الواجبات التي من أعظمها الصلاة مع الجماعة فليعلم أن صيامه ناقص وأنه على خطر لأن النبي ﷺ ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش فكم من صائم يمتنع عن المفطرات ولا يمتنع عن الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم أو أنه لا يتورع عن أكل الحرام أو الظلم أو أذية الخلق
عباد الله حافظوا على صيامكم وتأدبوا بآدابه ومن ذلك الحرص على أكلة السحور يقول النبي ﷺ ( تسحروا فإن في السحور بركة ) بركة من الله في ذات السحور يعينك أيها الصائم على صومك وبركة في ذلك الوقت الذي فيه التنزّل الإلهي تقوم من فراشك تذكر الله وتثني عليه وتصلي ما قُسِمَ لك وتتضرع بين يدي الله وتكثر من الدعاء فإن الدعاء مستجاب وبركةٌ لأن الله وملائكته يصلون على المتسحرين والسحور سنة ولو باليسير وأفضله أن يكون على تمر لقوله ﷺ ( نعمَ سحور المؤمن التمر )
فإن التمر أفضلُ ما يفطر به الصائم وأفضل ما يتسحر به فيا له من طعام مبارك ولبركته قال عليه الصلاة والسلام ( بيت لا تمر فيه أهله جياع )
ويستحب تعجيل الفطور بمجرد ما تغرب الشمس أو سماع المؤذن الثقة لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )
ويستحب الفطر على رطب فإن لم يكن رطب أفطر على تمرات فإن لم يكن فعلى ماء
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فاتقوا الله عباد الله يقول الله تعالى (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))
فمن رحمة الله بعباده أن رخص لأهل الأعذار بالفطر في نهار رمضان والقضاء بعد ذلك
فالمريض الذي يُرْجى برؤه يفطر ويقضى بعد رمضان وهكذا المسافر حتى ولو لم يشق عليه السفر لقوله تعالى
(( فَمَنْ كَانَ منكم مَرِيضاً أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامُ أُخَرَ ))
وهكذا الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيها أو على الجنين جاز لهما الفطر
وكذلك الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان لا يقدران على الصيام والمريض مرضا مزمنا لا يرجى برؤه فإنهم يُفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكينا لكل مسكين نصف صاع
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المشاهدات 2094 | التعليقات 0