خطبة الجمعة الموافق 27 جمادى الآخرة 1444هـ في التحذير من الغيبة والنميمة
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أما بعد (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) عباد الله اللسان جارحة تحتاج منا إلى صيانة وإلى تهذيب وإلى تدريب مستمر فهي إما تنطق بخير وتتكلم بما يرفعك في الدنيا والآخرة قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ) فاللسان الرطب بذكر الله يستخدمه صاحبه استخدامًا يعود عليه بالمكاسب هذا اللسان تجده إما تاليا للقرآن أو ذاكرا لله أو متحدثا بما يصلح شأنه وشأن من يعول أو ناصحًا أمينا لإخوانه أو داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإما تنطق وتتكلم بما يضرك في الدنيا والآخرة قال ﷺ ( وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) فاتقوا اللهَ عباد اللهِ واحفظوا ألسنتَكم عن كلِّ ما يغضبُ اللهَ
عباد الله ومن خطر اللسان الكذب والبهتان والغيبة والنميمة وفي حديث معاذ رضي الله عنه قال قال لي النبي ﷺ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ( قُلْتُ بَلَى يَا رسول اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ﷺ وقَالَ ) كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ( فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ﷺ )ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ )
أيها الإخوة إن الناظر في كثير من مجتمعات الناس اليوم يرى كثرة ما يتحدث به الإنسان ويتكلم به ومن ذلك ما ينشر عبر وسائل التواصل المختلفة من الفيس بك والواتس وعبر المواقع وغيرها دون تثبت أو روية فيعطي للسانه الحرية فيما يتكلم به ولقلمه أن يسطر ما يحلو له ويرسل عبر هذه الوسائل الغث والسمين وربما المحرم فاتقوا الله عباد الله واحفظوا ألسنتكم عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ( إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ اتَّقِ اللهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا ) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ))
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهدي سُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعلموا أن الغِيبةَ جُرمٌ كبيرٌ استهان به أكثرُ الناسِ جاء في الحديث قوله ﷺ وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه وجاء الوعيد الشديد قال رسول الله ﷺ ( لما عُرِج بي مررت بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يخمشون وجوهَهم وصدورَهم فقلت من هؤلاء يا جبريلُ فقال هؤلاء الذين يأكلون لحومَ الناسِ ويقَعُون في أعراضِهم )
فاحذروا مجالس الغيبة والتي تؤكلُ فيها لحومُ البشر والواجبُ على من جلس في هذه المجالسِ الإنكارُ على أهلِها والذَّبُّ عن أعراضِ المسلمين وفي ذلك عظيمُ الأجرِ وجزيلُ العطاءِ
ففي المسند قال ﷺ ( من ذبَّ عن عِرضِ أخيه بالغَيبةِ أي في غَيبتِه كان حقًّا على اللهِ أن يعتقَه من النار )
فاتقوا اللهَ عباد الله وذُبُّوا عن أعراضِ إخوانِكم وانصحوا المغتابَ فإن لم يقبل نصيحتكم فلا يجوز لكم البقاءُ معه وهو على هذه الحالِ من أكلِ لحومِ المسلمين فقوموا عنه حتى يخوضَ في حديثٍ غيره
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ قَولاً كَرِيمًا (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِ بَيْتِهِ الطَّيبِين الطَّاهِرِين وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَانْصُرِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ولِمَا فِيهِ خَيرٍ للِبِلَادِ والعِبَادِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ) عِبَادَ اللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات
1674167248_خطبة الجمعة الموافق 27 جمادى الآخرة لعام 1444هـ.pdf
1674167277_خطبة الجمعة الموافق 27 جمادى الآخرة 1444هـ.docx