خطبة الجمعة الموافق 25 شعبان 1444هـ استقبال رمضان والحث على الصدقة
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمّا بعدُ فأوصِيكُم أيّها النَّاسُ ونفسِي بتقوى اللهِ عزّ وجلَّ فإنها وصيته سبحانه للأولين والآخرين كما قال تعالى (( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ))
أيها المؤمنون جمعتكم هذه آخر جمعة من شعبان وبعد أيام نستقبل شهرًا كريما وموسمًا عظيما إنه شهر الصيام والقيام والصدقة والإحسان والذكر والدعاء وقراءة القرآن شهر رمضان فأحسنوا استقباله واعمروا أوقاته بالطاعة استقبلوا شهركم بتطهير القلوب من الغل والحقد والحسد وتطهير الأموال من الحرام حتى تقفوا بين يدي ربكم بقلوب خاشعة وأموال طاهرة واحذروا من أكل الحرام فإنه لا يستجاب معه الدعاء قال ﷺ : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به )
عباد الله استقبلوا رمضان بالصدقة فيا من أفاء الله عليه بالمال تذكر بأن الله يعطي ويمنع ويغني ويفقر وهو الذي استخلفك في هذا المال لينظر كيف تعمل فلا تنس إخوانكم الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان والمؤمن في ظل صدقته يوم القيامة (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ))
عباد الله استقبلوا رمضان بالفرحة والاستبشار وسؤال الله أن يبلغكم إياه وأن يعينكم فيه على الصيام والقيام والدعاء
وأكثروا في شهر رمضان من ذكر الله ومن التهليل والتسبيح والتحميد والاستغفار وتدارسوا فيه القرآن فقد كان نبيكم ﷺ يدارسه جبريل عليه السلام القرآن كل ليلة
وشهر رمضان سبب لتكفير الذنوب والسيئات قال صلى الله عليه وسلم ( الصلوات الخمس والجُمُعة إلى الجُمُعة ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات ما بينهما إذا اجتُنِبَت الكبائر )
وشهر رمضان شهر البركات والرحمات وشهر الإحسان والعتق من النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ونادى منادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة )
بلّغني اللهُ وإياكم شهرَ رمضان ورزقنا صيامَهُ وقيامَهُ إيماناً واحتساباً إنه سميع الدعاء
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وتَوَخَّوا بصدقاتِكم الفقراءَ والمساكينَ وأكثرَ الناسِ حاجة وأَشَدَّهم فاقة فإنّهم الأَهمُّ في باب الزكواتِ والصدقات ولذلك بدأ اللهُ بالفقراءِ قبلَ المساكين لأنّهم أشدُّ حاجةً ومِن أولى الناسِ بصدقاتِكم من أوقفوا في السجونِ بسببِ الديون فَهُم من أهل الزكاةِ المفروضة فضلاً عن الصدقةِ التطوعية وهم الغارمونَ المذكورونَ في أصنافِ الزكاةِ الثمانية فإنَّ السعيَ في قضاءِ ديونِهم وإخراجِهم من سجونِهم ليس تفريجاً عنهم فقط بل عنهم وعن كُلِّ متضررٍ بحبسهم من آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وذرياتِهم في الحديث قال ﷺ ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) رواه مسلم
وما أيسر الإسهام في تسديد الديون عنهم عبر منصة فُرِجَتْ ومنصة إحسان والتي أنشأتها الدولة وفقها الله لهذا الغرض السامي النبيل فلا تتبرعوا إلا عَن طريِقِها حفظاً لأموالكم وضماناً لوصولِ الصدقةِ لأهلِها ومستحقيها
هذا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم اللهُ عَلَى نَبِيِّكُم محمد ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
وَقَالَ ﷺ(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))