خطبة الجمعة الموافق 12 رجب 1444هـ
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلِيهِ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أمَّا بعدُ فاتَّقوا الله ربَّكم واعبُدُوه واشكُرُوا له إليه ترجعون واعلَمُوا أنَّ الله تعالى طيِّب لا يَقبَل إلاَّ طيِّبًا ومن لُطفِ الله بعباده أنْ يسَّر الحلال وأرشَدَ إليه ورغَّب فيه وجعَل طلَبَه من صالح الأعمال ووعَد أهلَه بفضْله وكِفايته وحفظه ووقايته فاتَّقوا الله رحمكم الله وتحرَّوا طيب المكاسب وابتَغُوا الحلالَ من الرِّزق فنِعْم المال الصالح للرجل الصالح كما جاء عن النبي ﷺ ويقول ﷺ : ( لا حسَد إلاَّ في اثنتَيْن رجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويُعلِّمها ورجل آتاه الله مالاً فسلَّطَه على هلكته في الحق )
أي أنفَقَه في وجوه الخير مبتغيًا بذلك فضْل الله عزَّ وجلَّ فاتَّقوا الله وأجمِلُوا في الطلب واعلَمُوا أنَّ خير الرِّزق ما يَكفِي ويسلم صاحبه من الإثم وما قَلَّ وكفَى خيرٌ ممَّا كثر وألهى فليس الغنى عن كثْرة العرَض ولكن الغنى غنى النفس جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( قد أفلَحَ مَن أسلَمَ ورُزِق كفافًا وقنَّعَه الله بما آتاه )
أيُّها المسلمون وأعظم الزُّهد في الدنيا تَرْكُ الحرام والبعد عنه فاتَّقوا الحرام فإنَّه شرُّ الرزق وأخبث الكسب فما أشأَمَه على صاحبه وما أشقَى صاحبه به عليه غرمه ولغيره غنمه رُوِي أنَّ الشيطان أعاذَنا الله منه قال لن يَسلَم منِّي صاحِبُ المال من إحدى ثلاثٍ أغدو عليه بهنَّ وأَرُوحُ أخذه من غير حلِّه وإنفاقه في غير حقِّه وأحببه إليه فيمنعه من حقه ويقول ﷺ ( لا تغبطن جامِع المال من غير حلِّه أو قال من غير حقِّه فإنَّه إنْ تصدَّق به لم يُقبَل منه وما بَقِي كان زاده إلى النار) حبُّ الدُّنيا رأس كلِّ خطيئة والافتِتان بها سببٌ لكلِّ مصيبة ومُوجِبٌ للإفلاس والخسارة في الدُّنيا والآخِرة
ومن الناس مَن دفَعَه الشحُّ بالدنيا إلى منْع الحقوق عن أهلها فلا يُعطِي الناسَ حقوقهم مع غِناه وقدرته على الوَفاء
وفي الصحيح أنَّ النبيَّ ﷺ قال ( مَطْلُ الغنيِّ ظلم ) والمطل هو التسويف والتأخِير في أداء ما في الذمَّة للناس مع الغِنَى والقدرة فالمُماطَلةُ في أداء الحقِّ الواجب من أعظم أنواع الظُّلم فاتَّقوا الله عباد الله (( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعلَمُوا أنَّ الدنيا خضرة حلوة وأنَّ الله مستخلِفُكم فيها فينظُر كيف تعمَلون فاتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النِّساء واتَّقوا الظُّلم فإنَّ الظُّلم ظلمات يوم القيامة واتَّقوا الشحَّ فإنَّه أهلك مَن كان قبلكم حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ ويقول صلى الله عليه وسلم ( مَن كانت عنده مظلمةٌ لأخيه من عرضٍ أو من شيءٍ فليتحلَّله منها اليوم قبلَ ألاَّ يكون دينارٌ ولا درهم إنْ كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته وإنْ لم يكن له حسنات أُخِذ من سيِّئات صاحبه فحمل عليه )
فاتقوا الله عباد الله وأدوا الحقوق إلى أهلها واحذروا الظلم وأحسِنُوا كما أحسن الله إليكم ولا تبغوا الفساد في الأرض
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا )
اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ وَآلِه الطيبين الطاهرين وَارْضَ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَاْمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينَ وَاجْعَلْ بِلدَنَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ ولِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ( عِبَادَ اللهِ (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ((
فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
المرفقات
1675370516_خطبة الجمعة الموافق 12 رجب 1444هـ.pdf
1675370529_خطبة الجمعة الموافق 12 رجب 1444هـ.docx