خطبة الجمعة الثانية من شعبان ... ليلة النصف من شعبان .. مالها وماعليها
جابر السيد الحناوي
[FONT="]ليلة النصف من شعبان .. [/FONT]
مالها وماعليها
ومن المتفق عليه عند أهل العلم والفقه بالدين ، أن البدع النابتة تنسي الكثيرمن السنن، فما من بدعة ظهرت إلا أزاحت سـنة من سـنن الهدى ، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
ولقد كان من بين ما أحاطه الناس بالبدع والخرافات فى شهـر شـعبان ليلةَ النصف من شعبان ، ومما يورث الحسرة فى نفوس المصلحين أن الناس يعضُّـون على تلك البدع بالنواجذ، ويقفون موقفا غريبا ممن ينصحهم بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ويرون إعادتهم إلى الطريق المستقيم ، أى إلى كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم يرونه شيئا ثقيلا على النفوس ، وغير معقول ... ينطبق على حالهم قوله سبحانه وتعالي : " ... وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ "( [2] )
وبعد أيام تظلنا ليلة النصف من شعبان ، تلك الليلة التى يعتقد العامة وأشباهُهم أنها ليلةٌ ذات عبادات مخصوصة ، وقبل أن نسترسل فى بيان بعض البدع المتعلقة بليلة النصف من شعبان ، وعدم مشروعيتها ، نذكِّر أولا بأن شهر شعبان هو شهر فاضل ، كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ــ كما عرفنا فى الأسبوع الماضى ــ يكثر فيه من الصيام أكثر من أى شهر فى العام ، خلاف رمضان طبعا ، بل إنه فى بعض السنوات كان يصوم شعبان كله .
ومما يؤسف له ما أحدث فى هذه الليلة من البدع المنكرة :
أول هذه البدع :
ما يسمونه صلاة الرغائب فى ليلة النصف من شعبان ، واهتموا بها أكثر من الجمع والأعياد , رغم أنها لم يرد بها خبر ولا أثر إلا ضعيف أو موضوع ، قال الإمام النووى : صلاة رجب وشعبان بدعتان منكرتان قبيحتان ( [4] ) وقال العراقى : حديث صلاة النصف باطل ، وقد ذكر ابن الجوزى أكثر من صورة لصلاة النصف من شعبان ، وذكر الفتنى فى تذكرة الموضوعات قال : ولم يأت بها خبر ولا أثر إلا ضعيف أو موضوع 0 ولا يغتر بذكره لها جماعة من الفقهاء كصاحب الإحياء وغيره...( [5] )
وقال السيوطي مبينا بدعية هذه الصلاة : والصلاة الألفية التي تصلى ليلة النصف من شعبان لا أصل لها ولأشباهها. فالعجب من حرص الناس على الأمر المبتدع ... ، وتقصيرهم في الأمور المؤكدة الثابتة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم والله المستعان.
واعلم أن هذه الصلاة المبتدعة تناقض قواعد الشريعة من وجوه.
أحدهما أن النبي ( نهى عن قيام ليلة الجمعة على التخصيص، وهذا النهي بطريق النظر يشمل النهي عن صلاة الرغائب، فكان فعلها داخلاً تحت النهي.
الثاني: مخالفة سنة السكون في الصلاة بسبب عد التسبيحات، وعدّ سورة القدر، والإخلاص، في كل ركعة، ولا يتأتى ذلك إلا بتحريك الأصابع في الغالب. وقد ثبت في الصحيحين: أن النبي ( قال: " اسكنوا في الصلاة " .
الثالث: مخالفة سنة خشوع القلب وحضوره في الصلاة، وتعريفه الله تعالى، وملاحظة جلاله، والوقوف على معاني القرآن، وهو المطلوب الأعظم في الصلاة. وإذا لاحظ المصلي عد قراءة السورة والتسبيحات بقلبه كان مستلفتاً عن الله تعالى معرضاً عنه.
الرابع: مخالفة سنة النوافل من جهة أن فعلها في البيوت أولى من فعلها في المساجد، ومن جهة أن فعلها بالانفراد أولى من فعلها في الجماعة إلا ما استثناه الشرع.
الخامس: أن كمال هذه الصلاة عند واضعها المبتدع أن يفعلها مع صيام ذلك اليوم ولا يفطر حتى يصليها، وعند ذلك يلزم أمران أحدهما تعجيل الفطر، والثاني تفريغ القلب من الشواغل القلقه بسبب جوع الصائم وعطشه؛ ولهذا قال رسول الله) : " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " وهذه الصلاة يدخل فيها بعد الفراغ من صلاة المغرب، ولا يفرغ منها إلا عند دخول وقت العشاء الآخرة، فتوصل بصلاة العشاء، والقلق باق، ويتأخر الفطر إلى ما بعد ذلك.
السادس: أن سجدتي هذه الصلاة المفعولتين بعد الفراغ منها مكروهتان؛ فإنهما سجدتان ولا سبب لهما، والشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى بالسجود إلا في الصلاة أو بسبب خاص: من سهو أو قراءة سجدة، وفي سجدة الشكر خلاف، استحبها الشافعي وأحمد رحمهما الله، وكره ذلك النخعي ومالك وأبو حنيفة رحمهم الله. قال الفقيه أبو محمد: لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب لها، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان، لا تصح بدونها. ويكره إفراد رجب بالصوم. قال الشافعي رحمه الله
هذا بعض أقوال العلماء المشهود لهم عن صلاة الرغائب ، البدعة الأولى من بدع النصف من شعبان ، أما عن :
البدعة الثانية :
فهى تخصيص ليلة النصف بالقيام ونهارها بالصيام ، اعتمادا على حديث نسبوه زورا إلى علي بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ..."الخ هذا الحديث الموضوع . ([6] )
قال ابن تيمية : وصوم النصف من شعبان مفردا لا أصل له بل يكره ، وكذا اتخاذه موسما يصنع فيه الأطعمة والحلوى وتظهر فيه الزينة ، وهو من المواسم المبتدعة التى لا أصل لها.
أما البدعة الثالثة :
فهى دعاء النصف من شعبان الذى ينسبونه زورا إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ويتلقفه المبتدعون بعضُهم من بعض ، ويحفظونه على خلل فى التلقين ، وفساد فى المعنى ، هذا الدعاء قد استنكره الأئمة الثقات ، فنرى الشيخ أبو الوفاء درويش في كتابه " القبلة " ينكر نسبة هذا الدعاء إلى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مبرئا إياه من أن يقول قولا يناقض القرآن الكريم مناقضة صريحة ويصادم ما ورد في السنة الصحيحة مصادمة واضحة .( [7] )
ولقد ذكر المبتدعون ومن بعدهم المقلدون أحاديث كثيرة موضوعة أو ضعيفة فى فضائل ليلة النصف من شعبان ، والحقيقة أنه لا يصح في فضل ليلة النصف من شعبان سوى قوله صلي الله عليه وسلم : " يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه "( [8] ) وفي سنن ابن ماجه : " إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ" ( [9] )
مما سبق يتضح أن الذى صـح عن النبى صلي الله عليه وسلم وحفظت روايته عن أصحابه ، وتلقاه أهل العلم بالقبول فى فضل شهر شعبان ينحصر فى أمرين اثنين :
أولا – استحباب كثرة الصيام في شـهر شعبان :
الصيام فى جميع أيامه ، دون تفضيل يوم معين ، ولا تخصيص ليلة معينة بعبادة من العبادات. والإكثار من الصيام فيه وراءه حكم كثيرة كما بينا فى الخطبة الماضية .
ثانيا : الفضيلة الثانية بعد استحباب كثرة الصيام في هذا الشهر :
تتعلق بليلة النصف من شعبان ، وهى الفضيلة الوحيدة الثابتة لتلك الليلة ، وهى قوله صلي الله عليه وسلم :: " يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه "( [10] ) وفي سنن ابن ماجه : " إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ" ( [11] )
والمشرك : كل من أشرك مع الله شيئا في ذاته تعالى أو في صفاته أو في عبادته . والمشاحن : قال ابن الأثير : هو المعادي والشحناء : العداوة والتشاحن تفاعل منه وقال الأوزاعي : أراد بالمشاحن ها هنا صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة . ( [12] ) ) و في النهاية قال الطيبي : لعل المراد ذم البغضة التي تقع بين المسلمين من قبل النفس الأمارة بالسوء لا للدين ، فلا يأمن أحدهم أذى صاحبه من يده ولسانه .
فمعنى الحديث برواياته المختلفة أن الله ينظر إلى عباده فى تلك الليلة بعين الرحمة فيغفر لهم جميعا ما عدا المشركين والمشاحنين والمبتدعين والذين يعملون بالبدع ، والذين يقتلون الناس بغير الحق.
علينا إذن أن ننقى أعمالنا وعباداتنا من الشرك ما خفى منه وما ظهر، وأن نفتش فى داخلنا عما يمكن أن نكون قد ابتلينا به من شركيات ، وأن نتعلم التوحيد ، وكيفية النجاة من الشرك ؛ لأن التوحيد ليس متاعا يورث حتى نقول إننا موحدون أبناء موحدين .. بالبطاقة والهوية ، فإنه لا يأمن على نفسه من الوقوع في الشرك إلا من هو جاهل به ، وبما يخلصه منه ، ولهذا حذرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم من الوقوع فيه فقال : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " فَقَالَ لَهُ رجل : وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ صلي الله عليه وسلم : " قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا نَعْلَمُ "( [13] )
وإن من أبرز وأخطر مظاهر الشرك أن نعبد الله بما لم يأذن به الله ، كما هو حادث فى بدع النصف من شعبان ، ونتخذ الأحبار والرهبان والأهواء إلها من دون الله ، قال سبحانه وتعالي: " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"( [14] ) وقال سبحانه وتعالي : " أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً " ( [15] )
علينا أن نسارع إلى إزالة الشحناء والبغضاء من قلوبنا بعضنا على بعض ، فالشحناء والبغضاء والحقد تمنع المغفرة ، وعلينا أن يصطلح كل منا مع أخيه إن كان هناك موجب لذلك ؛ ليتراجعا إلى ما كانا فيه من الألفة واجتماع الكلمة على ما أذن الله وأمر به ، وليس على ما يملى به الهوى والضلال ، وعلينا أن نعيد الحقوق إلى أهلها حتى تزول أسباب العداوة بيننا ، ويسلم صدرُ كلِّ منا لأخيه ، فإن وفقنا إلى فعل ذلك ، ضمنا على الله أن نكون من المغفور لهم فى ليلة النصف من شعبان ، ونستقبلَ شهرَ رمضان بصدور سليمة ونفوس راضية ، يسود بينها المحبة والسلام ، فى وقت ذبح فيه السلام على يد طغمة من اللئام .
ولعل من نافلة القول ، أن نذكر أن هناك أمرا مهما ينسب وقوعه إلى ليلة النصف من شعبان ، هو الذى جعل الناس يعظمون تلك الليلة ، ولكن بغير ما أراد الله ، وأعنى بذلك حادث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام ( [16] )
وأيا ما كان الأمر فى تاريخ تحويل القبلة ، هل كان فى رجب أم فى شعبان ، فإن هذا الخلاف لا يهمنا بقدر ما يفعله الناس فى المواسم بما طغى على ما وقع فيها من أحداث هامة من أمر الإسلام.
إن بيت المقدس ــ القبلة الأولى للمسلمين ــ يا من تحتفلون بليلة النصف من شعبان على أنها الليلة التى حولت فيها القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام ، بيت المقدس هذا هو اليوم أسـير فى أيدى اليهود ، الذين هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا ، لقد اغتصبوا فلسطين ، واعتدوا على حرمات المسلمين فيها ، وشردوا أهلها ، ودنسوا مقدساتها ، ولن يقر لهم قرار حتى يقضوا على دين الإسلام ، وينهوا وجود المسلمين ، ويتسلطوا عليهم فى كل مكان . هكذا يظنون وخاب ظنهم وسيخيبون ؛ لأن الله سبحانه وتعالي : " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" ( [17] )
فهل وعى الأكالون المحتفلون بالنصف من شعبان ذلك ؟ كلا ثم كلا ... !! لأنهم بالحصان الحلاوة لن يحرروا الأرض المغتصبة ، ولا حتى بالمدفع الحلاوة ، والكسكسى والرقاق لن يرد جوع المشردين الذين يتعرضون للإرهاب الصهيونى والأمريكى صباح مساء.
إن فلسطين إســلامية ، وواجب المسلمين جميعا أن يهبوا لتخليصها من أيدى الصهاينة ، وإذا استمر موقف شعوب العالم الإسلامى وقادتهم متفرجين ، فإنه سوف يجىء الوقت الذى تدور فيه الدائرة عليهم ، وعندها لن يجدوا من يقف بجوارهم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )[/align][align=justify][/align]
[/align][align=justify][/align]
[FONT="][1]الكهف من الآية110[/FONT]
[FONT="][2]الأعراف من الآية 79[/FONT]
[FONT="][3] الأحزاب 21[/FONT]
[FONT="][4] انظر السنن والمبتدعات ص144-149 . والباعث على إنكار البدع والحوادث ص34-39 [/FONT]
[FONT="][5] أسنى المطالب ص 66 وذكر صاحب تحفة الأحوذي (ج 2 ص 277) ما قاله القاري في المرقاة عن هذه الصلاة قال : اعلم أن المذكور في اللآلئ أن مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات في كل ركعة مع طول فضله للديلمي وغيره موضوع , وفي بعض الرسائل قال علي بن إبراهيم : ومما أحدث في ليلة النصف من شعبان الصلاة الألفية مائة ركعة بالإخلاص عشرا عشرا بالجماعة , واهتموا بها أكثر من الجمع والأعياد , لم يأت بها خبر ولا أثر إلا ضعيف أو موضوع ولا تغتر بذكر صاحب القوت والإحياء وغيرهما , وكان للعوام بهذه الصلاة افتتان عظيم حتى التزم بسببها كثرة الوقيد وترتب عليه من الفسوق وانتهاك المحارم ما يغني عن وصفه حتى خشي الأولياء من الخسف وهربوا فيها إلى البراري . وأول حدوث لهذه الصلاة ببيت المقدس سنة ثمان وأربعين وأربعمائة , قال : وقد جعلها جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوهما شبكة لجمع العوام وطلبا لرياسة التقدم وتحصيل الحطام , ثم إنه أقام الله أئمة الهدى في سعي إبطالها فتلاشى أمرها وتكامل إبطالها في البلاد المصرية والشامية في أوائل سني المائة الثامنة . انتهى كلام القاري مختصرا.[/FONT]
[FONT="][6] الموضوعات 2/ 127-130[/FONT]
[FONT="][7] معللا ذلك بقوله : " تأمل هذه العبارة من الدعاء المشار إليه : اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علىّ فى الرزق فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي ، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا موفقا للخيرات فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل : " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ " ( الرعد 39 ) فكأن ابن مسعود لم يعلم أن ما كتبه الله على العباد هو ما علمه من الأسباب المفضية إلى مصائرهم وعوا قب أمورهم وخواتم شئونهم ، مما يجري على سنته [FONT="]I[/FONT] التي قال عنها : " سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً " ( الفتح 23) والتى قال عنها أيضا : " ... وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً " ( الإسراء من الآية 77)[/FONT]
[FONT="][8][FONT="] صحيح الترغيب والترهيب 3 /34[/FONT][/FONT]
[FONT="][9][FONT="] سنن ابن ماجه 4 /303[/FONT][/FONT]
[FONT="][10][FONT="] صحيح الترغيب والترهيب 3 /34[/FONT][/FONT]
[FONT="][11][FONT="] سنن ابن ماجه 4 /303[/FONT][/FONT]
[FONT="][12] السلسلة الصحيحة - مختصرة 4 /86[/FONT]
[FONT="][13] مسند أحمد 18781[/FONT]
[FONT="][14][FONT="] الشورى 21[/FONT][/FONT]
[FONT="][15] الفرقان 43 [/FONT]
[FONT="][16] إذ نقل عن أبى حاتم البستى : " صلى المسلمون إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام ؛ وذلك أن قدومه [FONT="]r[/FONT] المدينة كان يوم الإثنين لإثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول وأمره الله [FONT="]U[/FONT] باستقبال الكعبة يوم الثلاثاء للنصف الأول من شعبان " فذكر القرطبى أنه كان فى النصف الأول من شعبان ، ولكن ابن كثير يحكى فى " البداية والنهاية " أن تحويل القبلة كان فى رجب ــ وليس فى شعبان ــ وفى السنة الثانية من الهجرة على رأس سـتة عشر شهرا ، وهو القول الراجح عند العلماء.[/FONT]
[FONT="][17]التوبة33[/FONT]
المشاهدات 21828 | التعليقات 11
السؤال : هل ورد فضل خاص في ليلة النصف من شعبان ؟ وهل ورد لها عبادة خاصة بها ؟ نرجو الإفادة ببيان صحة ما ورد في ذلك .
أجاب عن السؤال الشيخ / الشريف حاتم بن عارف العوني (عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى)
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين .
أما بعد : فجواباً عن سؤالكم عن ليلة النصف من شعبان ، وعن مدى صحة ما ورد في فضلها ، أقول ( وبالله التوفيق ) :
لقد رُويت أحاديث متعددة في فضيلة ليلة النصف من شعبان ، وأحاديث في فضل تخصيصها بصلاة أو عبادة معينة .
أما الثاني : ( وهو ما ورد في تخصيصها بصلاة أو عبادة ) فلم يصحّ فيها شيء ، بل كلها أحاديث موضوعة وباطلة ، وحَكَمَ ببطلانها جمعٌ من أهل العلم ، منهم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ( 2/440 - 440-445 رقم 1010-1014) ، والبيهقي في الشعب ( رقم 3841) ، وأبو الخطاب ابن دحية في أداء ما وجب ( 79-80) ، وابن قيم الجوزية في المنار المنيف ( رقم 174-177) وأبو شامة الشافعي في الباعث على إنكار البدع والحوادث ( 124-137) والعراقي في تخريج إحياء علوم الدين ( رقم 582) ، حتى نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في اقتضاء الصراط المستقيم (28/138) .
وهذا أمرٌ لا يخفى على أحدٍ من أهل العلم : أن تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة لم يرد فيه حديثٌ صحيح ولا حسنٌ ولا ضعيف خفيفُ الضعف ، بل ما ورد فيه كله موضوع مكذوب على نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
أمّا ما ورد في فضلها مطلقاً ، فقد ورد فيه أحاديث اختلف فيها أهلُ العلم قديماً وحديثاً ، وجَمَع كثيرٌ من الحفاظ طُرُقها ، وخصها بعضهم بالتصنيف كأبي عبد الله ابن الدُّبَيْثي ( ت637هـ) .
فقد ورد فيها الحديث من حديث معاذ بن جبل ، وعائشة ، وأبي ثعلبة الخشني وعثمان بن أبي العاص ، وأبي موسى الأشعري ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عَمرو ، وعوف بن مالك ، وأُبيّ بن كعب ، وأبيّ أمامة ، وأبي بكر الصديق - رضي الله عنهم أجمعين - ، ومراسيل لغيرهم .
واستيعاب الكلام عن طرقها وعللها لا يُناسبُ هذا المقام ، وتَرْكُ ذلك بالكلية لا يُوضَّح الحق ولا يُقربُ إلى الصواب ، لذلك رأيت أن أكتفي بالكلام عن أشهر طرقها باختصار ، ثم يُقاسُ عليها ما هو أشد ضعفاً منها .
أولاً : حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،قال: " يطّلعُ اللهُ ليلة النصف من شعبان إلى خلقه ، فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن " . أخرجه ابــن حبان في صحيحه ( رقم 5665) ، وغيره فانظر تخريجه في حاشية تحقيقه ، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة ( رقم 1144) .
لكن الحديث وقع فيه اضطراب كثير في إسناده ، جعله من حديث أبي ثعلبة الخشني مَرّة (وانظر السلسة الصحيحة ) ، ومن حديث أبي إدريس الخولاني مرسلاً ،، وعن كثير بن مُرّة مرسلاً ، وعن مكحول مرسلاً .
وكلها مرجعها إلى إسناد واحد اضطُرب فيه هذا الاضطراب .
بيَّن ذلك ووضّحه غاية الوضوح الدارقطني في العلل ( 6/50-51 رقم 970)، وقال أثناء ذلك عن روايتيه من حديث معاذ بن جبل : " وكلاهما غير محفوظ " .
وقال عن الحديث بعد إيراده لطرقه السابقة :" والحديث غير ثابت " .
وخصَّ الدارقطني في موطن آخر من علله ( 6/323-324 رقم 1169) حديث أبي ثعلبة بالذكر ، ثم قال بعد عرْضِ طُرُقه : " والحديث مضطرب غير ثابت " .
بل لقد قال أبو حاتم الرازي - وحسبك به- عن حديث معاذ بن جبل : " هذا حديث منكر بهذا الإسناد " العلل لابن أبي حاتم ( رقم 2012).
وبذلك ظهر أن حديث معاذ وأبي ثعلبة حديثان شديدا الضعف ، لا ينفعان في باب الاعتبار ، أي لا يرتقيان بالمتابعات والشواهد .
ثانياً : حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لها حين افتقدته فوجدته في البقيع - في حديث - : " إن الله - عز وجل - ينـزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شَعْرِ غنم كَلْب " . أخرجه الإمام أحمـد (6/238) ، والترمذي ( رقم 739) ، وابن ماجة ( رقم 1389) من طريق الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير ، عن عروة ، عن عائشة ..به
ثم قال الترمذي عقبه : " حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج وسمعتُ محمداً ( يعني : البخاري ) يُضعّفُ هذا الحديث ، وقال : يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة ، والحجاج لم يسمع من يحيى " فهو إسنادٌ ضعيفٌ ، بل ظاهر كلام البخاري أنه يُضعّف الحديث من كل وجوهه ؛ لأنه ضعّف الحديث لا الإسناد وحده .
ولمّا عَرَضَ الدارقطني لعلل حديث عائشة هذا في العلل - المخطوط - ( 5/51/أ-ب) ، وبيّن الاضطراب فيه ، وأنه رُوي من وجه آخر عن حجاج بن أرطاة عن كثير بن مُرّة الحضرمي مرسلاً ، ثم قال : " وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت " .
لذلك فقد صرح أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بالصواب في هذا الحديث بقوله : " إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطاة عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً " شعب الإيمان للبيهقي ( رقم 3824،3825 ، 3830،3831) وللحديث عللٌ أخرى أبانها عَمرو عبد المنعم سليم في تحقيقه لكتاب ابن الدُّبَيْثي ( 54-66) .
بل لقد أشار الدارقطني إلى أن مرجع حديث عائشة إلى حديث مكحول الشامي السابق ذكره في حديث معاذ ، وهذا ما مال إليه البيهقي في الشعب ( 3/382،383 رقم 3383 ، 3835) وقد نقل ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2/561 رقم 921) عن الدارقطني أنه قال: " وقد رُوي من حديث معاذ ومن حديث عائشة ، وقيل إنه من قول مكحول ، والحديث غير ثابت " .
فعادت أحاديث معاذ وأبي ثعلبة وعائشة إلى أنها حديث واحد ، مآله إلى أنه كلام لمكحول الشامي !!! . وبذلك تعرفُ الخطأ الجسيم لمن اعتبر هذه الروايات روايات متعددة يَتَقَّوى بها الحديث.
ثالثاً : حديث عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-قال : " يطّلع الله عز وجل إلى خَلْقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لعباده إلا لاثنين : مشاحنٍ وقاتل نفس " أخرجه الإمام أحمد ( رقم 6642) ، قال : " حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا حُيَي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِيّ ، عن عبد الله بن عَمرو .. به .
ذكر هذا الإسناد الألباني - رحمه الله - في السلسة الصحيحة ( 3/136) ، وقال : " هذا إسنادٌ لا بأس به في المتابعات والشواهد " .
ولعل هذا من الألباني - رحمه الله - لاعتماده على أن الحافظ بن حجر قال عن حُيَيّ بن عبد الله : " صدوق ..... "
ومع أن حُييّ هذا ممن اختُلف فيه ، كما تجده في التهذيب ( 3/72) ، فالأهم من ذلك أن أحاديث ابن لهيعة عنه بالإسناد المذكور آنفاً مناكير ، كما بيّن ذلك ابنُ عدي في ترجمة حيي بن عبد الله في الكامل (2/450) ، حيث ذكر بضعة أحاديث لابن لهيعة عن حُيَيّ عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عَمرو ، ثم قال : " وبهذا الإسناد حدثناه الحسن عن يحيى عن ابن لهيعة بضعة عشر حديثاً عامتها مناكير " .
وابن عدي يُعلّق نكارة هذه الأحاديث بابن لهيعة ، لإحسانه الظن بحُيي بن عبد الله .
وقد ذكر الألباني لابن لهيعة متابعاً ، هو رشدين بن سعد ، فلو سلم الإسناد إليه ، فهو ضعيف ، ولا يحتمل ضَعْفُهُ مثل هذا الحديث ؛ هذا إن لم تكن نكارةُ الحديث من قِبَلِ شيخهما حُيي بن عبدالله ! ثم إن ابن لهيعة قد اضطرب في هذا الحديث ، فمرةً يرويه كما سبق ، ومَرّةً يرويه من حديث أبي موسى الأشعري ( سنن ابن ماجه رقم 1390 ، 1391) ومرّة يرويه عن عوف بن مالك ( مسند البزار 7/186 رقم 2754) وقد ذكر الألباني - رحمه الله - اضطراب ابن لهيعة هذا ، في السلسة الصحيحة ( رقم 1563) والغريب أن حديث ابن لهيعة المشار إليه أخيراً مرويٌّ من طريق كثير بن مُرّة الحضرمي ، وقد سبق بيانُ أنّ أحدَ طرق حديث مكحول ترجع إلى أنه من حديثه عن كثير بن مُرّة فهل نعود إلى أن حديث ابن لهيعة يعود إلى حديث مكحول أيضاً ؟! ( وانظر السلسلة الصحيحة 3/137-138) هذا مع ما في حديث أبي موسى وعوف بن مالك من العلـل الأخرى الإسنادية سوى اضطرابه المشار إليه .
وبهذا كله يتضح أنّ هذه الطرق شديدة الضعف غير صالحةٍ للتقوَّي .
رابعاً : حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ينـزل الله - عز وجل - ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء ، أو مشرك بالله " أخرجه البزار ( 1/157-158 ، 206-207 ورقم 80)، وابن خزيمة في التوحيد ( 1/325-327 رقم 200) ، من طريق ضعّفها جمعٌ من أهل العلم ، منهم البخاري ، وأبو حاتم الرازي ، والعقيلي ، وابن عدي ، والبزار ، وغيرهم - انظر التاريخ الكبير للبخاري ( 5/424-425) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/306-307) والضعفاء للعقيلي ( 3/788-789) ، والكامل لابن عدي ( 5/309).
ولا يظنّنّ أحدٌ أن ابن خزيمة قد صححه بإخراجه في ( التوحيد ) الذي اشترط فيه الصحة ، فإن ابن خزيمة قد أشار إلى ضعفه بتعليقه الإسناد أوّلاً ثم بتأخير ذكر إسناده عقب إيراده للمتن ، وهذا اصطلاحٌ له في كتابه الصحيح والتوحيد ذكره هو عن نفسه في التوحيد ( 2/637 ) ، ونص عليه الحافظ ابن حجر في مواضع من إتحاف المهرة (2/365 رقم 1905) ومن بين أحكام العلماء على هذا الإسناد حُكْمُ ابن عدي عليه بأنه منكر ، والمنكر من أقسام الحديث الشديد الضعف الذي لا يصلح للتَّقوَّي .
هذه أشهر أسانيد أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان الواردة في مشاهير كتب السنّة، ويبقى سواها أحاديث أخرى سبقت الإشارة إليها مقدمة هذا الجواب ، وبالإطلاع عليها لم أجد فيها ما ينفع للتقوَّي فضْلاً عن أن يوجد إسناد مقبول أو خفيف الضعف ، فهي بين إسناد منكر تفرد به ضعيف ، وإسناد شديد الضعف فيه متهم ، وحديث موضوع مختلق، لذلك فالراجح عندي أنه لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان حديث ، ولم يُصب - عندي - من صحّحه بمجموع الطرق ، فإن شرط التقوية ألا تكون الطرق أوهاماً أو مناكير أو بواطيل .
أما أحكام العلماء على أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان ،فقد سبق ذكر أحكامهم على أفرادِها ؛ ولكن سأذكر هنا مَنْ قَوَّى الحديث ومن ضعّفه على وجه العموم .
فممن قَوَّى الحديث : ابن حبان ، والمنذري في الترغيب والترهيب ، وللبيهقي كلامٌ ليس صريحاً في التصحيح ، ذكره أبو شامة في الباعث ( 132)، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلامٌ يدل على تصحيح أو قبول ما ورد في فضائلها ، وذكر أنه نصُّ الإمام أحمد وأكثر الحنابلة ( اقتضاء الصراط المستقيم 2/136-137 ، واختيارات البعلي 65) ولشيخ الإسلام كلامٌ آخر يدل على توقفه عن تصحيح حديثها ( مجموع الفتاوى 3/388).
وصحح الحديث أخيراً : العلامة الألباني - رحمه الله - كما سبق . أمّا الذين ضعفوا الحديث من جميع وجوهه ، فسبق منهم الدارقطني والعقيلي في الضعفاء ( ترجمة : عبدالملك بن عبدالملك 3/789) ، وابن الجوزي كما في العلل المتناهية ( رقم 915-924) ، وأبو الخطاب ابن دحية ( أداء ما وجب 80) ، وأبو بكر ابن العربي ( أحكام القرآن 4/1690) وأقره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ( 16/128) . بل قال أبو الخطاب ابن دحية : " قال أهل التعديل والتجريح : ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح " . ( الباعث لأبي شامة : 127) .
وقال ابن رجب : " وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة ، وقد اختُلف فيها ، فضعّفها الأكثرون ، وصحّح ابن حبان بعضها " . ( لطائف المعارف : 261) بل صحّ عن جمع من السلف إنكار فضلها .
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ( وهو من أتباع التابعين من أهل المدينة ) : " لم أدرك أحداً من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ، ولم ندرك أحداً منهم يذكر حديث مكحول ولا يرى لها فضلاً على سواها من الليالي " ، أخرجه ابن وضاح بإسناد صحيح في ما جاء في البدع ( رقم 119) ، وقال ابن أبي مُليكة ( وهو من جِلّة التابعين وفقهائهم بالمدينة ) ، وقيل له : إن زياداً النميري يقول : إن ليلة النصف من شعبان أجْرُها كأجر ليلة القدر ، فقال : لو سمعته يقول ذلك وفي يدي عصاً لضربته بها " أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( رقم 7928) ، وابن وضاح في ما جاء في البدع ( رقم 120) بإسناد صحيح .
ولما سئل عبد الله بن المبارك عن النـزول الإلهي ليلة النصف من شعبان قال للسائل : " يا ضعيف ! ليلة النصف ؟! ينـزل في كل ليلة " أخرجه أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أهل السنة ( رقم 92) .
وقال ابن رجب في لطائف المعارف ( 263) : " وليلةُ النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام ، كخالد بن معدان ، ومكحول ، ولقمان بن عامر وغيرهم يُعظّمونها ويجتهدون فيها في العبادة ، وعنهم يأخذ الناس فضلها وتعظيمها ، وقد قيل : إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية ، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك ، فمنهم من قبله منهم ووافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عُبّاد أهل البصرة وغيرهم ، وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة ، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة ، وهو قول مالك وغيرهم ، وقالوا : ذلك كلّه بدعة " .
وأما قول ابن رجب من أن مرجع تعظيم هذه الليلة إلى الإسرائليات فقد وجدُت ما يشهد له ، من أن مكحولاً الشامي ( وهو مرجع أكثر طرق الحديث كما سبق ) قد رُوي هذا الحديث عنه في بعض الوجوه عن كعب الأحبار !! كما تراه في كتاب النـزول للدارقطني ( 162-164 ، 168 رقم 88) ، وانظر لطائف المعارف أيضاً ( 264) .
ومما نقله ابن رجب في لطائف المعارف (264) ويخالف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو قول ابن رجب :" ولا يُعرف للإمام أحمد كلام في ليلة النصف من شعبان ".
وأما تعظيم أهل الشام لهذه الليلة ، فقد خالفهم في ذلك فقيه الشام الإمام الأوزاعي ، فيما ذكره السبكي ، ونقله عنه الزبيدي في تخريج إحياء علوم الدين ( 1/521) ، وفيما ذكره ابن رجب أيضاً في لطائف المعارف ( 263) .
وأخيراً ، فعلى فرَض صحة حديث فضل ليلة النصف من شعبان ، فإن الذي أخبرنا بفضلها وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يخصها بعبادة معينة ، فلو كان ذلك مشروعاً لكان هو - صلى الله عليه وسلم - أحرص على فعله وبيانه للناس ، بل لو قيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شرع ما يتقرب به تلك الليلة ( على فرض الصحة ) لكان هذا وجيهاً ، وهو أن تنام تلك الليلة خالصاً قلبك من الشرك والشحناء على المسلمين !! .
وفي كتاب الورع للمَرُّوذي ( رقم 545) : " قلت لأبي عبد الله [ يعني الإمام أحمد بن حنبل]: إن رجلاً من أهل الخير قد تركتُ كلامه ، لأنه قذف رجلاً بما ليس فيه ، ولي قرابة يشربون المسكر ويسكرون ؟ وكان هذا قبل ليلة النصف من شعبان فقال : اذهب إلى ذلك الرجل حتى تكلمه ، فتخوّف عليَّ من أمر قرابتي أن آثم ، وإنما تركت كلامهم أني غضبت لنفسي، قال: اذهب كلَّم ذلك الرجل ، ودع هؤلاء ، ثم قال : أليس يسكرون ؟ وكان الرجل قد ندم ؟ " وتنبه أن الإمام أحمد لم يكن هو الذي ذكر ليلة النصف من شعبان ، ولا ذكر المروذي أنه ذكرها له أيضاً ، وإنما هو خبر ذكره المروذي ، ومراعاة ذلك ( ولو لم يصح فيه شيء ) مما لا يرى فيه بعض العلماء بأساً فهو عمل مشروع في كل ليلة ، ولم يخصه المروذي بليلة النصف .
أما ما يفعله كثير من الناس من الاجتماع ليلة النصف من شعبان على صلوات معينة وعبادات خاصة في كل عام فهذا من البدع التي اتفق على إنكارها من عامة العلماء ، وذكر ذلك جماعة من أهل العلم . فانظر الحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي ( 266-267) ، والباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة (142) ، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ( 2/138، 256-257) ، ولطائف المعارف لابن رجب (263) ولم يخالف في تبديع هذا الفعل إلا قلة من أهل العلم ، منهم من ذكرهم ابن رجب من أهل الشام ، وإسحاق بن راهويه . أما الشافعي فاستحب إحياءَها ، كما في الأم (1/231) ، لكن لم يذكر أن ذلك يكون بالاجتماع لها ، ولم يذكر الشافعي دليل ذلك الاستحباب .
وما دامت المسألة متنازعاً فيها فالمرجع فيها إلى الكتاب والسنة ، كما قال -تعالى- : "فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا"[ النساء : 59] .
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ " أخرجه مسلم (1718) وليلة النصف من شعبان لم يثبت في فضلها حديث ، وكل ما ورد في فضل تخصيصها بعبادة باطلٌ موضوعٌ ، فليس في تعمُّد القيام فيها بعبادة ما ، على وجـه التعيين لها وتخصيصها بتلك العبادة إلا ابتداعاً في الدين ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:" كل بدعة ضلالة " أخرجه مسلم ( 867) .
فنسأل الله تعالى السلامة من كل بدعة ، وأن يُنْعِشَ قلوب العباد بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والله أعلم .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
المصدر : موقع المختار الإسلامي .
http://www.islamselect.com/mat/83
الأولى: صلاة الرغائب المشهور أنها ليست في شعبان، وإنما في أول جمعة من رجب، كما نص عليه -فيما أذكر إن لم تخني الذاكرة- من أحصوا بدع الشهور والأيام، وإنما الصلاة المبتدعة في شعبان فهي الألفية التي هي مئة ركعة يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات، فصارت ألف مرة فسميت الألفية بسبب ذلك، وأول من أحدثها بعض القراء في بيت المقدس لا يحضرني اسمه، ثم تبعه الناس في ذلك.
أما صلاة الرغائب فهي في أول جمعة من رجب بعد صيام الخميس الذي قبلها، وهي ثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعشاء يقرأ في كل ركعة سورة القدر ثلاث مرات وسورة الإخلاص عشر مرات، وفيها أدعية وتسبيحات بعدد سبعين مرة...الخ
ولست ألومك في هذا الخلط لأنه وقع فيه بعض من حكوا الصلاتين، وأظن من غير تأكيد أن الموسوعة الفقهية الكويتية نقلت عن مصادر لم تفرق بينهما..
الثانية: أنه لا يصح شيء في ليلة النصف من شعبان لا في الفضل ولا العمل، والمغفرة المذكورة في حديثي أبي موسى وعبد الله بن عمرو غير ثابتة لأن الحديثين ضعيفان، وقد أعلهما كبار الحفاظ المتقدمين كأبي حاتم والدارقطني، وتصحيح الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لهذا الحديث فيه نظر..
وفقني الله تعالى وإياك لكل خير..
وجزاكم الله خيرا علي مروركم المنير وتعقيبكم الكريم ،
وعلي كل فكل من الصلاتين بدعة ضلالة ،
وبالرجوع الي الحاشية رقم ( 5 )
يتضح أن الكلام ينصب علي بدعة الصلاة الألفية .
أما عن أحاديث النصف من شعبان
فإني أشاطركم الرأي في أنه لا يوجد حديث واحد
في فضل العمل في هذه الليلة يستحق الذكر ،
وهذا ما تدور عليه الخطبة من أولها إلي آخرها ،
وأعتقد أن هذا واضح تماما .
أما أحاديث النزول فأرجو الرجوع الي التعقيب
علي مداخلة الشيخ عبد الله البصري التالية
المشتركة في هذا الموضوع .
ودمتم للحق ذخرا .
[align=justify]
شكر الله لك يا شيخ عبد الله علي إيرادك جواب الشيخ / الشريف علي السؤال : هل ورد فضل خاص في ليلة النصف من شعبان ؟ وهل ورد لها عبادة خاصة بها ؟
والواقع أنها إجابة شافية كافية ، والحمد لله فإن الخطبة فيما ورد في شأن تخصيص تلك الليلة بصلاة أو عبادة معينة ، توافق كل ما جاء في جواب الشيخ / الشريف بالحرف الواحد ، كما سبق أن ذكرت في التعقيب علي مداخلة الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل عاليه ومن أنه لا يوجد حديث واحد في فضل العمل في هذه الليلة يستحق الاهتمام به .
أما الشطر الثاني الخاص بحديث النـزول الإلهي ليلة النصف من شعبان ، فقد ذكر الشيخ / الشريف في جوابه علي السؤال مَنْ قَوَّى الحديث ومن ضعّفه على وجه العموم، وإن كان الشيخ يميل إلي التضعيف فهذا من حقه فهو أعلم منا بهذا العلم وقد وفاه حقه .
والحقيقة أن كون بعض العلماء قد قوى حديث النزول الإلهي هذا برواياته المختلفة هو ما جعلني آخذ به :
" حيث حسنه البزار في البحر الزخار من رواية أبو بكر الصديق ، وأضاف وقد روى أهل العلم هذا الحديث ونقلوه واحتملوه
وصححه ابن خزيمة في التوحيد وأشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح
ومن رواية عائشة وأبو ثعلبة الخشني ذكر البيهقي في شعب الإيمان أنه مرسل جيد
وعن روايات معاذ بن جبل وعبد الله بن عمرو بن العاص وكثير بن مرة الحضرمي ذكر المنذري في الترغيب والترهيب : إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
ومن رواية معاذ بن جبل وصفه الهيثمي في مجمع الزوائد بأن رجاله ثقات
وحسنه ابن حجر العسقلاني في الأمالي المطلقة من رواية أبو بكر الصديق إن كان من رواية القاسم عن عمه
وصححه أحمد شاكر في مسند أحمد رواية عن عبد الله بن عمرو بن العاص
وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري، وفي صحيح الجامع عن أبي ثعلبة الخشني وفي صحيح الترغيب من رواية معاذ بن جبل
أما رواية كثير بن مرة الحضرمي في صحيح الترغيبللألباني فصحيح لغيره
وصححه الألباني أيضا برواية كل من أبي بكر الصديق، وأبي موسى الأشعري وأبي ثعلبة الخشني ومعاذ بن جبل في تخريج كتاب السنة ، ورواية معاذ بن جبل في إصلاح المساجد
وصححه الألباني أيضا في السلسلة الصحيحة من رواية معاذ بن جبل و أبو ثعلبة الخشني و عبد الله بن عمرو بن العاص و أبو موسى الأشعري و أبو هريرة و أبو بكر الصديق و عوف بن مالك و عائشة قائلا صحيح بمجموع طرقه "
ولكن كما قلت فإن القول الفصل في هذا الموضوع هو لأهل الاختصاص وأنا لست منهم ، وكما قال الشيخ / الشريف حاتم بن عارف العوني :
" فعلى فرَض صحة حديث فضل ليلة النصف من شعبان ، فإن الذي أخبرنا بفضلها وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخصها بعبادة معينة ، فلو كان ذلك مشروعاً لكان هو - صلى الله عليه وسلم - أحرص على فعله وبيانه للناس ، بل لو قيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شرع ما يتقرب به تلك الليلة ( على فرض الصحة ) لكان هذا وجيهاً ، وهو أن تنام تلك الليلة خالصاً قلبك من الشرك والشحناء على المسلمين !! ."
وأعتقد أن الجو العام للخطبة لا يخرج عن تلكم الفرضية ، فإن كنت أحسنت فالسداد والتوفيق من الله ، وإن كانت الأخري فمن نفسي ومن الشيطان ، ولا نقول إلا كما علمنا ربنا : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
[/align]
يا شيخ جابر رضي الله عنك ووفقك وسددك، لا تحتاج إلى كل هذا التسويغ المتكلف، فكلنا نقع في الأخطاء ولا عيب في ذلك، واعترف لك أمام الإخوة بأنني أخطأت في الخطبة مرات ومرات إما في نقل حديث ضعيف بسبب العجلة وعدم التحقق أو بسبب ظني أنه صحيح، وكم من مرة أوردت معلومة خاطئة بسبب النقل عمن أخطأ فيها دون التحقق منها...
قلت في خطبتك غفر الله تعالى لي ولك: ما يسمونه صلاة الرغائب فى ليلة النصف من شعبان ، واهتموا بها أكثر من الجمع والأعياد , رغم أنها لم يرد بها خبر ولا أثر إلا ضعيف أو موضوع.
ثم قلت:وقال السيوطي مبينا بدعية هذه الصلاة : والصلاة الألفية التي تصلى ليلة النصف من شعبان لا أصل لها ولأشباهها.
قلت: وهذان الاقتباسان من كلامك يدلان على أنك لم تفرق بينهما، وإما إحالتك لي على ما في حاشية (5) فلا يغني شيئا وأنت تخلط بين الصلاتين في صلب الخطبة..بل هو حجة عليك؛ فيقال: إذا كنت تعلم الفرق بينهما فلم جعلتهما في صلب الخطبة شيئا واحدا..
ثم إن من سيخطب بخطبتك سيقرأ على المصلين صلب الخطبة لا حاشيتها..أرأيت يا شيخ جابر لو خطب بها خطيب عند من يفعلون الصلاتين ثم احتج عليه بعضهم بأنك تحذر من شيء لا تعرفه بدليل أنك جعلت صلاة الرغائب في شعبان وهي في رجب، فكيف تحذر من شيء أنت لا تعرفه؟؟ لتورط الخطيب ولم يحر جوابا ولسقط قوله عند العامة...
وأما الفقرة الثانية وهي سياقتك لمن قوى الحديث فهو تكلف لا يجمل بمثلك، وقد أعله إماما العلل في وقتهما أبو حاتم والدارقطني، والبحث الذي ساقه الشيخ عبدالله البصري عن حاتم العوني قد أجاب عن تصحيحات المتأخرين..
وأقول لك: إن قول الشاميين كمكحول وابن معدان وغيرهما في إحيائها مع تصحيحهم لفضلها أكثر اتساقا من قول من صحح أحاديثها ثم منع من العمل الصالح فيها..فهو قول فيه من ضعف الفقه ما فيه؛ إذ كيف يقال للناس: هذه ليلة فاضلة معظمة عند الله تعالى قد خصها بخصائص منها مغفرة الذنوب لكن لا تعملوا فيها أي عمل..وأنت تعلم أن الأزمنة الفاضلة قد خصها الشارع بأعمال صالحة كرمضان والحج وعاشوراء وغير ذلك، فما بال هذه الليلة خالفت معهود الشرع ونظامه؟؟
" فضل الله تعالى على الناس في شعبان."
قد أخذ بوجهة النظر هذه ، ولم أجد منكم وجدا عليه كما هو علينا ، فلماذا هذا التعصب ؟؟؟؟
أحب أن أعلن للجميع أنني أنا شخصيا لا آخذ بالأحاديث الضعيفة أيا ما كانت ، ولا حتي في فضائل الأعمال ، ولكننا هنا أمام أحاديث قواها أئمة معتبرون في علم الحديث ، وضعف بعضها آخرون ، وقد طرحتها جانبا وتبنيت معكم وجهة النظر الأخري من باب الأحوط ، وغلقا لباب المراء ، فلم الإصرار منكم علي النقد اللاذع ، وفرض رأيكم علي الآخرين ؟؟ خاصة وأن المسألة لا يترتب عليها عبادة خاصة في تلك الليلة ؟؟؟
أما عن المسألة الأخري وهي صلاة النصف من شعبان ، وهل هي كذا أم كذا ؟؟ وأنكم لا تقرءون ما في الحواشى ، فهذا ليس عيبنا أنكم تهملون الحواشي ، وعلي كل حال فصلب الخطبة قد جاء فيها ذكرها علي أنها الصلاة الألفية ، حين أوردنا بيان الإمام السيوطي مبينا بدعية هذه الصلاة فقد جاء بالحرف الواحد في صلب الخطبة قول السيوطي : " والصلاة الألفية التي تصلى ليلة النصف منشعبان لا أصل لها ولأشباهها ... ، واعلم أن هذه الصلاة المبتدعة تناقض قواعدالشريعة من وجوه :
أحدهما أن النبي ( نهى عن قيام ليلة الجمعة علىالتخصيص، وهذا النهي بطريق النظر يشمل النهي عن صلاة الرغائب ، فكان فعلها داخلاً تحت النهي".
فسماها الإمام السيوطي مرة الصلاة الألفية التي تصلى ليلة النصف منشعبان ومرة صلاة الرغائب المهم أن الكلام ينصب علي الصلاة التي تصلى ليلة النصف من شعبان وهذا يكفي ؛ فإذا أضفنا إلي ذلك أن ابن الجوزى قد ذكرأكثر من صورة لصلاة النصف من شعبان ، كان الكلام عن بيان تفاصيلها وهي بدعة والتفريق بينها وبين غيرها من البدع يعمل علي تضخيمها وانتشارها بين من لا يعلمها ، وهو أمر غير مرغوب فيه ، ولا يستحق الأمر هذا النقد اللاذع ، حتي ولو كان من سعادة رئيس مجلس إدارة شبكة ملتقى الخطباء ، وهو الأمر الذي يحزنني أشد الحزن !!!!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
ياشيخ جابر غفر الله تعالى لي ولك..
أولا: اعلم أنه لا أثر في النقاش كوني رئيس مجلس إدارة الشبكة، ولا يمثل هذا عندي أدنى شيء..فلا تحتاج إلى تعييري به.. ولا إلى رميي بالتعصب لأن القضية ليست شخصية فأنا لا أعرفك ولا تعرفني إلا في هذه الشبكة المباركة..
ومع ذلك فإني وبكل مودة وأخوة أعتذر لك أمام الجميع، وأطبع على جبينك قبلة اعتذار ومحبة مما رأيته إساءة مني لك، ولا أجد أي غضاضة في ذلك.. وأقر بجهدك الكبير في إعداد الخطب وتميزها بالآثار والنقول، ولولا ذلك لما تعقبتك فيما رأيت أنه خلل لا بد أن تصلحه.
ثانيا: مسألتنا محل النقاش ذات شقين:
الشق الأول: ما يتعلق بصلاة الرغائب وصلاة الألفية هل ترى يا شيخ جابر أنهما شيء واحد؟ أم صلاتين مختلفتين؟ وأيهما لرجب وأيهما لشعبان حتى نصل لنتيجة في النقاش..
وقولك: إن التفصيل فيها و التفريق بين الصلاتين يعمل على تضخيمهما وانتشارها بين من لا يعمل بها محجوج بأمرين:
1- قد يقال لك مجرد ذكرها ينبه من لا يعمل بها للعمل بها فلم ذكرتها أصلا..ثم إن التفصيل في الصلاتين لم أذكره ابتداء لكن لما وقع الخلط بينهما في خطبتك كان لا بد أن أبين بعض التفصيل الذي يظهر الفرق بينهما..
2- أن هاتين الصلاتين تقامان في كثير من البلاد الإسلامية، فالصوفية والرافضة وغيرهم لهم معتقدات فيها، ويتأثر بهم كثير من عوام المسلمين، ولولا ذلك لما احتجت أنت وكوكبة الخطباء والعلماء إلى التحذير منها، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي لمن ينهى عن شيء أن يتصوره تصوراً صحيحا بناء على أن من شروط إنكار المنكر العلم بما ينكر..
وسبق أن قلت وأعيد: لو أن خطيبا خطب بخطبتك في مسجد فيه بعض الصوفية أو بعض من يعتقد في الصلاتين، ثم قام بعد الصلاة واحتج على الخطيب وشغب عليه عند العامة بأنه جعل صلاة الرغائب في شعبان وهي في رجب، والعوام الذين يفعلونها يعلمون أنها في رجب لسقطت خطبة الخطيب عندهم؛ لعلمهم بجهله فيما يتحدث به، ويؤدي ذلك إلى عدم الوثوق به، ولا الأخذ عنه..
واعلم يا أخي أني لا أقول هذا الكلام لمجرد الحجاج لولا أنه وقع من خطباء أعرفهم سقطوا عند جماعتهم بسبب إيراد معلومات خاطئة شغب بها عليهم بعض من يناوئهم، وما أدخلنا خطبنا في هذه الشبكة وغيرها إلا لنفيد القراء والخطباء بها، ولنستفيد من نقد إخواننا، ويجب أن نوطن نفوسنا على قبول ذلك لكي نستفيد..
الشق الثاني: فضل ليلة النصف من شعبان، فهل أنت ممن يقول بصحة أحاديثها؟ وهل كنت تعلم بعللها قبل إيرادها وتدين الله تعالى بأنك ما أوردتها إلا لثبوتها عندك واعتقادك فيها؟ فإذا كان جوابك بالسلب فلا بد أن تعيد النظر في ذلك، ولا تكابر لأني تعقبتك فيه، وإن كان جوابك بالإيجاب فإني أنهي النقاش معك فيها، ولا ألزمك بالرأي الراجح..
وفقني الله تعالى وإياك لكل خير، وأرانا الحق حقاً ورزقنا اتباعه، وأرانا الباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه...
[align=justify]
يا شيخ ابراهيم غفر الله تعالي لي ولك.. .
أولا : أصدقك القول أني كنت قد قررت ألا أكتب في هذه الشبكة بعد ما حدث ، إلا أن تصرفكم الدبلوماسي الحكيم جعلني لا أملك إلا أن أتجاوز وأنسي ما حدث .
ثانيا : بالنسبة لموضوع الصلاة البدعة التي تصلى ليلة النصف من شعبان ، أنا كخطيب لا يهمني بيان تفاصيلها ، بقدر ما يهمني إنكارها ، ولهذا كان الإنكار في صلب الخطبة إنكارا عاما دون تفاصيل ، أما التفاصيل أو بعضها ففي الحواشي لمعلومات الخطيب وليست للمستمعين ، وإذا سأل مشاغب عن تفاصيل هذه الصلاة لن أجاريه في ذلك وإنما أكتفي بأنها ليس لها أصل في الدين ، وأن ليلة النصف من شعبان ليس لها صلاة مخصوصة وكفي ، خاصة وأن ابن الجوزى قد ذكر أكثر من صورة لصلاة النصف من شعبان ، فإن أصر المشاغب علي شغبه طالبته بالدليل من الكتاب أو السنة ، وعندها لابد أن يبهت الذي شغب ، هذا ما أدين به فلستُ ملزما بالدخول مع هذا المشاغب أو غيره في تفاصيل أوقن أن مناقشتها علنا تساعد علي نشر البدعة بين من لا يعلمها ... المهم أن الكلام ينصب علي الصلاة التي تصلى ليلة النصف من شعبان وهذا يكفي للإنكار من علي المنبر .
ثالثا : أما عن أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان ، فلست ممن يقول بصحتها علي الإطلاق ، لأن كلامي ينصب علي شطر النزول الإلهي ، وحين ذكرت من ذكرت من العلماء الذين حسنوا أو صححوا ذلك لم أكن أتكلف التسويغ لخطأ وقعت فيه كما تعتقد ، إنما لأبين لك أن كوكبة من العلماء المشهود لهم في علم الحديث يأخذون به ، وعلي رأسهم ابن حجر ، وأحمد شاكر ، ممن لم يذكرهم الشيخ / الشريف العوني ، بل إن الألباني صحح بعض روايات الحديث وضعف بعضها ، ولهذا قلت بالحرف الواحد : " والحقيقة أن كون بعض العلماء قد قوى حديث النزول الإلهي هذا برواياته المختلفة هو ما جعلني آخذبه " وكل هذا كنت علي علم به حين اعتمدت النزول الالهي كمحور لجزء من الخطبة ، لأن الله جل وعلا ينـزل في كل ليلة ، وهذا النزول ثابت بأحاديث أخري صحيحة ، وأيضا فإن الشحناء ثابت أنها تحول دون المغفرة بأحاديث أخري صحيحة ، وهذا من أول الشروط للعمل بالأحاديث الضعيفة ، وهو أن يكون ما ذكر بها قد ورد في أحاديث أخري صحيحة ، فمن باب أولي إذا كان الحديث قد صححه علماء لهم منزلتهم في علم الحديث .
ورغم كل ذلك ، ولأن الأمر في الحالتين لن يترتب عليه عبادة أو عمل جديد ، رغم ذلك تبنيت معكم وجهة النظر الأخري من باب الأحوط ، وغلقا لباب المراء ، الذي أدي كما نري إلي ضياع وقت نحن في أشد الحاجة لإنفاقه فيما هو أهم .
ومرة ثانية ودائما وأبدا : " رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا "
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
[/align]
جزاك الله تعالى خيرا شيخ جابر ونفع بك، وأنا أنهي النقاش كما طلبت، وأسأل الله تعالى أن يستعملنا جميعا في طاعته...
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
شكر الله تعالى لك يا شيخ جابر ونفع بك الإسلام والمسلمين.. ما شاء الله جهد مبارك مشكور، تقبله الله تعالى بقبول حسن، ولي ملحوظتان إن أذنت لي:
الأولى: صلاة الرغائب المشهور أنها ليست في شعبان، وإنما في أول جمعة من رجب، كما نص عليه -فيما أذكر إن لم تخني الذاكرة- من أحصوا بدع الشهور والأيام، وإنما الصلاة المبتدعة في شعبان فهي الألفية التي هي مئة ركعة يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات، فصارت ألف مرة فسميت الألفية بسبب ذلك، وأول من أحدثها بعض القراء في بيت المقدس لا يحضرني اسمه، ثم تبعه الناس في ذلك.
أما صلاة الرغائب فهي في أول جمعة من رجب بعد صيام الخميس الذي قبلها، وهي ثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعشاء يقرأ في كل ركعة سورة القدر ثلاث مرات وسورة الإخلاص عشر مرات، وفيها أدعية وتسبيحات بعدد سبعين مرة...الخ
ولست ألومك في هذا الخلط لأنه وقع فيه بعض من حكوا الصلاتين، وأظن من غير تأكيد أن الموسوعة الفقهية الكويتية نقلت عن مصادر لم تفرق بينهما..
الثانية: أنه لا يصح شيء في ليلة النصف من شعبان لا في الفضل ولا العمل، والمغفرة المذكورة في حديثي أبي موسى وعبد الله بن عمرو غير ثابتة لأن الحديثين ضعيفان، وقد أعلهما كبار الحفاظ المتقدمين كأبي حاتم والدارقطني، وتصحيح الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لهذا الحديث فيه نظر..
وفقني الله تعالى وإياك لكل خير..
تعديل التعليق