خطبة الجمعة أهمية العلم والتعليم
عبدالوهاب بن محمد المعبأ
1438/01/05 - 2016/10/06 19:04PM
خطبة الجمعة
أهمية العلم والتعليم
يلقيها عبدالوهاب المعبأ
بمسجد الامام الشافعي
الخطبة الاولى
الحمد لله (الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق:4-5]، نحمده على نعمه، ونشكره على آلائه ومننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عظيم في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الأنعام:103].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ نقل الله تعالى به هذه الأمة الخاتمة من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن دركات الشر إلى درجات الخير (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران:164]. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة:48].
أيها الناس: من حكمة الله تعالى في خلقه أنه سبحانه لما خلقهم علمهم ما ينفعهم وما يضرهم، فكل مخلوق منهم يجلب لنفسه النفع، ويدفع عنها الضر؛ رحمة من الله تعالى بهم، وهداية منه عز وجل لهم، ولما قال فرعون في مناظرته لموسى عليه السلام (فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه:50].
وفضل سبحانه وتعالى البشر على سائر الحيوان بما وهبهم من العقول التي فتحت لهم مغاليق العلوم، وسُخرت لهم بها كنوز الأرض ودوابها (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70].
والبشر ما كان لهم أن يعلموا شيئا لولا أن الله تعالى ركب فيهم الأسماع والأبصار والأفئدة التي هي وسائل تحصيل العلوم والمعارف (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل:78].
وأعظم علم ينفع الإنسان في عاجله وآجله هو العلم بالله تعالى وبما يرضيه، وذلك بتعلم كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والفقه فيهما؛ ليعبد ربه عز وجل على علم وبصيرة، ثم العلم بما يصلح للعبد دنياه؛ فإن الدنيا مطية الآخرة.
وأعظم الجهل وأشده وأشنعه الجهل بالله تعالى وبدينه الذي ارتضاه لعباده، ومن عطل عقله عن تحصيل ما ينفعه من العلوم الشرعية التي بها يقيم دينه، ويعبد ربه فهو من الجاهلين، ولو كان مبرزا في علوم الدنيا،
والأمة التي ليس لها من علوم الشريعة أي حظ هي أمة جاهلة هالكة ولو اكتشفت الذرة، وشيدت العمران والحضارة، وصعدت إلى الفضاء حتى بلغت القمر؛
إذ إن أضر شيء على العباد أن يجهلوا ما ينفعهم وما يضرهم، وما يقربهم من الله تعالى وهو الإيمان به وطاعته، واتباع رسله؛ ولذلك امتدح الله تعالى العلم والعلماء، وذم الجهل وأهله، وأخبر أن أهل العلم وأهل الجهل لا يستويان أبدا (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) [الزُّمر:9].
وكل حمد في القرآن والسنة للعلم والعلماء فإنه ينصرف إلى العلم الشرعي الذي يتوصل به إلى رضوان الله تعالى، وكل ذم في القرآن والسنة للجهل وأهله فهو منصرف إلى الجهل بدين الله تعالى.
أيها المسلمون، لا شك أن العلم من المصالح الضرورية والحاجات الملحّة التي عليها تقوم حياة الأمة أفرادًا وجماعات، وبها يستقيم حالها شعوبًا وحكومات، وبغيرها لا يصلح أمرها ولا يقوى شأنها، وحاجتها إليه لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب والملبس والمسكن والدواء، وإنما احتل الكفار بلاد المسلمين لأسباب كثيرة، كان من أهمها جهل المسلمين بأمور الدين والدنيا، وإنما انتشرت المذاهب الهدّامة والنِّحَل الباطلة لأنها وجدت قلوبًا جَوْفاء خالية من العلم، فتمكنت منها وتَغَلْغَلَت في سُوَيْدَائها، وهكذا فإن القلوب التي لا تتحصّن بالعلم والمعرفة تكون عُرْضَة للانخداع بالضلالات والوقوع في الانحرافات، وفريسة سهلة لذئاب الشر، ولقمة سائغة لكلاب الرذيلة.
أيها الأخوة في الله: للإنسان أعداءٌ كثيرون يسعون للقضاء عليه وتهميش دوره في هذا الكون، وأبرز تلكم الأعداء عدوٌ شرس فتك بالأمم وذهب بخيرات بلادها وجعلها فريسة للأعداء هذا العدو اللدود هو الذي جعل الإنسان ينسى خالقه ويعبد شهوته هذا العدو اسمه الجهل.
إنً الجهل -أيها الأخوة- ما وصف بشيء إلا شانه ولا أضيف إلى شيءٍ إلا أساء إليه.. ما غزيت العقول غزواً فكرياً، ولا تحول العاقل الرشيد إلى بوق يصفق للعدو ويهتف بشعاراته، ولا جهل الإنسان بما له وما عليه، ولا ضاعت حقوقه -إلا عبر قنوات الجهل والتخلف.
ومن أجل هذه المصائب وغيرها: أمر الخالق سبحانه عباده بالعلم وحث على التعلم وتوالت الرسالات السماوية تدعوا إلى العلم وترفع من شأنه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) [المجادلة: 11].
ولم يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم وذلك في قوله مخاطباً إياه: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طـه: 114]، وأقسم الله بالتعلم لما له من عظيم الأثر في محو الأمية ورفع مستوى الثقافة والمعرفة فقال تعالى -بسم الله الرحمن الرحيم-: (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [القلم:1]. وقد كرًمَ الله الإنسان على سائر المخلوقات بالعلم.
وبقدر ما يحمل الإنسان من العلم يكون فضله ومقداره؛ فالعلم من خصائص الإنسان فإذا تخلى عنه فقد تخلى عن إنسانيته ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان قدوةَ الداعين إلى التعلم بأقواله وأفعاله حتى جعل التعلم فريضة ً لازمة ً لكل فرد وذلك بقوله: "طلب العلم فريضة ٌ على كل مسلم
وحرر صلى الله عليه وسلم بعض أسرى بدر على أن يعلموا طائفة ًمن المسلمين القراءة والكتابة، وسار على هذا النهج السلف الصالح -رحمهم الله- كانوا يوجهون النشء إلى التعليم لينشيءوا صالحين لأنفسهم ولأمتهم يقول أحدهم لبنيه: "يا بنى تعلموا العلم فإن كنتم سادة ً فقتم وإن كنتم وسطاً سُدتم وإن كنتم سوقة ً عِشتم".
أيها المسلمون: إن التسابق اليوم بين قوى الأرض هو في مِضمار العلم، والأمة الجاهلة المتخلفة لا مكان لها بين الأمم؛ بل إنها الأمة الضعيفة المنهزمة دائماً العالة على غيرها حتى ولو كان عدوها,
ودول الغرب المتسلطة ما وصلت إلى ما وصلت إليه من علو شأنها وقوةِ اقتصادها ونفاذ أمرها إلا بسلاح العلم.
وتعلُّم العلوم المادية يحقق عمارَة الأرض عن طريق استخراج ثرواتها، واستثمار طاقاتها، وتذليل الصعوبات، وتوفير الحاجات تحقيقاً لقول الله: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
وتعلم العلوم المادية، والتفوق فيها قوة، يجب أن تكون في أيدي المسلمين، ليجابهوا أعداءهم، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).
لأن القوة في هذا العصر هي قوة العلم،
إن التعلم والتعليم قوام هذا الدين، ولا ازدهار لمستقبله إلا بهما، والناس العارفون هم أهل
الرفعة والسيادة اذا انتفعوا بعلمهم وعملو به
أيها الأخوة في الله: إن العلم والمعرفة والثقافة لا تولد مع الإنسان؛ بل لابد من اكتسابها من طرقها المتنوعة، وفي كلَِ عصر تتجدد وسائل طلب العلم.
ولن تنهض أمة الإسلام من جمودها ولن ترقى سلم العز والمجد ولن تحافظ على أعراضها ودمائها - إلا باعتمادها على ربها ثم اعتمادها على شبابها، والجميع مسئول عن ذلك.
فالشباب المسلم عليه الجد والاجتهاد والبعد عن إضاعة الأوقات منذ دخوله المدرسة حتى يتخرج من الثانوية بهمةٍ عالية وحصولٍ مرتفع وطموح لا نهاية له لنيل الشهادات العالية، والتخصص في علوم الحياة المتنوعة.
وولي أمره عليه متابعة ابنه منذ الصغر وعدم إشغاله وقت الدراسة، والسؤال عنه وتشجيعه على الدراسة وإبعاده عن قرناء السوء وكلَِ ما يشغله عن طاعة ربه وعن مستقبله.
والمجتمع المسلم مسئول عن أبناءه في فتح المدارس والجامعات لهم، واختيار النخب من المعلمين والمسئولين, وبتضافر الجهود والهمم تبني الأمة مجدها وتنتقل من مؤخرة الركب إلى قيادة القافلة، وتكون بحق خير أمةٍ أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
أيها المسلمون- لا بد من أن يكون المسلم عالماً، أو متعلماً، أو مستمعاً، أو محباً، ولا يكن الخامسة فيهلك.
والعلم الذي لا يصل تأثيره إلى نفوسنا، ومن ثم إلى سلوكنا، ما هو إلا وبال على صاحبة
والعلم الذي يسعى لتدمير الإنسان، والفتك به، ويسعى لصناعة المرض وأسلحة الدمار الشامل نوع من الجريمة.والفساد ولايحمد هذا العلم
والعلم الذي لا يتصل بما ينفعنا في ديننا، ودنيانا، نوع من الترف المذموم، وفي الدعاء النبوي الشريف: "اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن أذن لا تسمع، ومن عين لا تدمع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها".
اقول ماتسمعون ,,,,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. اما بعد
أيها المؤمنون: إن الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم، بهم تقر عيون الآباء والأمهات، وبهم يزدان الكون والحياة، وقد علمنا القرآن الكريم في الدعاء أن نقول: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) [الفرقان:74].
وكل يتمنى أن يكون ولده شاباً قوياً نافعاً، يحمل رسالة ويبني حضارة، فتعالوا نتعرف كيف يكون بناء هذا الإنسان؟!.
إنه حتى نربي جيلاً نافعا للمجتمع والامة
فإنه علينا أن نعتني بأولادنا منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم.
فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه.
ولا شك أنّ كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائماً يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يَعِده ويُمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعّده ويهدده إن رسب في دراسته، ولكن أي نجاح تريده لابنك؟!، وأي استمرار وبناء تريده من ولدك؟!.
المسألة -أيها الأب الحنون- ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاح أو رسوب في الحياة.
أيها الأخوة والأحبة: ما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبناءنا، وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبت على الحق، ويحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته.
كلنا يردد بأن الإسلام دين العلم، وقد جاء القرآن ثورة ضد الجهل والتخلف، ولكن الواقع يشير إلى أن المسلمين في قمة الجهل والتخلف؛ فهل العيب في المصدر أم في المتلقي؟
نعيب زماننا والعيب فينـا *** وما لزماننا عيب سوانـا
ونهجو ذا الزمانِ بغير ذنب *** ولو نطق الزمان بنا هجانا
هذا، وإن بداية أي إصلاح تبدأ من إصلاح التعليم وحسن التربية.
وليس المقصود بالتربية: الدينية والأخلاقية فقط، أو التربية الوطنية فحسب، بل يضاف إلى ذلك: التربية العقلية والنفسية، فهي التربية الكاملة الشاملة.
فمن ذا الذي يقوم بذلك؟ إنه أنت أيها الأب الكريم، يا من تهتم بولدك لتعده ليصبح شاباً، يا من تقدم لولدك من الطعام أطيبه، ومن الثياب أجملها، وتشتري له مالذ وطاب ، وتحاول أن تتعب وتكد من اجله - فهلا تأملت وتوقفت مع ذاتك: ماذا قدّمت له ليتعلم الحياة، ماذا أعطيته ليكون نافعاً في دنياه ناجحاً في آخرته؟!.
وبالتالي: فإن إعداد أولادك للحياة هو فريضة
تعليم ابنائك فريضة عين كا فريضة الصلاة، فلا تهملهم وتضيعهم
فكما تحرص على طعامهم وشرابهم وثيابهم ومسكنهم فاحرص على إعدادهم الإعداد الجيد المفروض عليك وتربيتهم التربية الأخلاقية وتنشئتهم التنشئة الإيمانية.
الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وعدة المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير حتى النملة في جحرها))؟!
فجملوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى
وفي المقابل نحدثكم بحديث رسوالله صلى الله عليه وسلم ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)).
اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائمًا نصب أعينكم قبل رقابة البشر عليكم،. تخلقوا بالخلق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه ومقالهم مستريح ومستراح منه. واعلموا أن الدارسين يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، فالقدوة الحقة في الفعال قبل الأقوال.
فالطالب الذي يرى مدرسه في حالة من الميوعة والتسيب كيف يتعلم الفضيلة؟
والطالب الذي يسمع من مدرسه كلمات السب والشتم كيف يتعلم حلاوة المنطق؟
والطالب الذي يرى مدرسه يشرب الدخان سيسهل عليه هذا الأمر.
والطالبة التي مدرستها تسير خلف ما يصدره لها الأعداء من أزياء فاضحة وأخلاق سافلة كيف تتعلم الفضيلة؟
فحينما ترى طالباً خلوقاً ملتزماً بآداب الإسلام تعلم أنه قد وفق بمن أحسن توجيهه، وتضافرت الجهود من المدرسة والبيت على ذلك.
وبالجملة فيجب على المدرس أن يكون معلماً مؤدباً لطلابه الأدب الإسلامي النبيل.
وهنا رسالة وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها:
إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، أهل الشرّ من الغرب والشرق أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!
إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي
إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا مثلا عن الصدق وبعد ذلك يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه.
وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
فيا عباد الله: هذه وصايا هذه توجيهات لتعملو بها
حتى تكونوا اوفياء لربكم ودينكم وامتكم ومجتمعاتكم
وفي الأخير أذكركم عبادالله بصيام يوم عاشوراء
فصيامه يكفر السنة الماضية: ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله عن صيام عاشوراء فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)).
وشهر الله المحرم له فضل الصيام فيه
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد صيام رمضان شهر الله المحرم))
والسنة في صوم هذا اليوم أن يصوم يوماً قبله أو بعده، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) [مسلم].
وقد ذكر بعض الفقهاء أن صيام عاشوراء ثلاث مراتب:
1ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.
2ـ صوم التاسع والعاشر.
3ـ صوم العاشر وحده. [فقه السنة:3/127]، [زاد المعاد:2/76]. ولا يكره ـ على الصحيح ـ إفراد اليوم العاشر بالصوم كما قاله ابن تيمية رحمه الله.
ويوم عاشوراء من هذا العام هو يوم .........
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. اللهم أغننا بالعلم، وزينا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اخوكم عبدالوهاب المعبأ
773027648
أهمية العلم والتعليم
يلقيها عبدالوهاب المعبأ
بمسجد الامام الشافعي
الخطبة الاولى
الحمد لله (الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق:4-5]، نحمده على نعمه، ونشكره على آلائه ومننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عظيم في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الأنعام:103].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ نقل الله تعالى به هذه الأمة الخاتمة من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن دركات الشر إلى درجات الخير (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران:164]. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) [البقرة:48].
أيها الناس: من حكمة الله تعالى في خلقه أنه سبحانه لما خلقهم علمهم ما ينفعهم وما يضرهم، فكل مخلوق منهم يجلب لنفسه النفع، ويدفع عنها الضر؛ رحمة من الله تعالى بهم، وهداية منه عز وجل لهم، ولما قال فرعون في مناظرته لموسى عليه السلام (فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه:50].
وفضل سبحانه وتعالى البشر على سائر الحيوان بما وهبهم من العقول التي فتحت لهم مغاليق العلوم، وسُخرت لهم بها كنوز الأرض ودوابها (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70].
والبشر ما كان لهم أن يعلموا شيئا لولا أن الله تعالى ركب فيهم الأسماع والأبصار والأفئدة التي هي وسائل تحصيل العلوم والمعارف (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل:78].
وأعظم علم ينفع الإنسان في عاجله وآجله هو العلم بالله تعالى وبما يرضيه، وذلك بتعلم كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والفقه فيهما؛ ليعبد ربه عز وجل على علم وبصيرة، ثم العلم بما يصلح للعبد دنياه؛ فإن الدنيا مطية الآخرة.
وأعظم الجهل وأشده وأشنعه الجهل بالله تعالى وبدينه الذي ارتضاه لعباده، ومن عطل عقله عن تحصيل ما ينفعه من العلوم الشرعية التي بها يقيم دينه، ويعبد ربه فهو من الجاهلين، ولو كان مبرزا في علوم الدنيا،
والأمة التي ليس لها من علوم الشريعة أي حظ هي أمة جاهلة هالكة ولو اكتشفت الذرة، وشيدت العمران والحضارة، وصعدت إلى الفضاء حتى بلغت القمر؛
إذ إن أضر شيء على العباد أن يجهلوا ما ينفعهم وما يضرهم، وما يقربهم من الله تعالى وهو الإيمان به وطاعته، واتباع رسله؛ ولذلك امتدح الله تعالى العلم والعلماء، وذم الجهل وأهله، وأخبر أن أهل العلم وأهل الجهل لا يستويان أبدا (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) [الزُّمر:9].
وكل حمد في القرآن والسنة للعلم والعلماء فإنه ينصرف إلى العلم الشرعي الذي يتوصل به إلى رضوان الله تعالى، وكل ذم في القرآن والسنة للجهل وأهله فهو منصرف إلى الجهل بدين الله تعالى.
أيها المسلمون، لا شك أن العلم من المصالح الضرورية والحاجات الملحّة التي عليها تقوم حياة الأمة أفرادًا وجماعات، وبها يستقيم حالها شعوبًا وحكومات، وبغيرها لا يصلح أمرها ولا يقوى شأنها، وحاجتها إليه لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب والملبس والمسكن والدواء، وإنما احتل الكفار بلاد المسلمين لأسباب كثيرة، كان من أهمها جهل المسلمين بأمور الدين والدنيا، وإنما انتشرت المذاهب الهدّامة والنِّحَل الباطلة لأنها وجدت قلوبًا جَوْفاء خالية من العلم، فتمكنت منها وتَغَلْغَلَت في سُوَيْدَائها، وهكذا فإن القلوب التي لا تتحصّن بالعلم والمعرفة تكون عُرْضَة للانخداع بالضلالات والوقوع في الانحرافات، وفريسة سهلة لذئاب الشر، ولقمة سائغة لكلاب الرذيلة.
أيها الأخوة في الله: للإنسان أعداءٌ كثيرون يسعون للقضاء عليه وتهميش دوره في هذا الكون، وأبرز تلكم الأعداء عدوٌ شرس فتك بالأمم وذهب بخيرات بلادها وجعلها فريسة للأعداء هذا العدو اللدود هو الذي جعل الإنسان ينسى خالقه ويعبد شهوته هذا العدو اسمه الجهل.
إنً الجهل -أيها الأخوة- ما وصف بشيء إلا شانه ولا أضيف إلى شيءٍ إلا أساء إليه.. ما غزيت العقول غزواً فكرياً، ولا تحول العاقل الرشيد إلى بوق يصفق للعدو ويهتف بشعاراته، ولا جهل الإنسان بما له وما عليه، ولا ضاعت حقوقه -إلا عبر قنوات الجهل والتخلف.
ومن أجل هذه المصائب وغيرها: أمر الخالق سبحانه عباده بالعلم وحث على التعلم وتوالت الرسالات السماوية تدعوا إلى العلم وترفع من شأنه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) [المجادلة: 11].
ولم يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم وذلك في قوله مخاطباً إياه: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طـه: 114]، وأقسم الله بالتعلم لما له من عظيم الأثر في محو الأمية ورفع مستوى الثقافة والمعرفة فقال تعالى -بسم الله الرحمن الرحيم-: (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [القلم:1]. وقد كرًمَ الله الإنسان على سائر المخلوقات بالعلم.
وبقدر ما يحمل الإنسان من العلم يكون فضله ومقداره؛ فالعلم من خصائص الإنسان فإذا تخلى عنه فقد تخلى عن إنسانيته ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان قدوةَ الداعين إلى التعلم بأقواله وأفعاله حتى جعل التعلم فريضة ً لازمة ً لكل فرد وذلك بقوله: "طلب العلم فريضة ٌ على كل مسلم
وحرر صلى الله عليه وسلم بعض أسرى بدر على أن يعلموا طائفة ًمن المسلمين القراءة والكتابة، وسار على هذا النهج السلف الصالح -رحمهم الله- كانوا يوجهون النشء إلى التعليم لينشيءوا صالحين لأنفسهم ولأمتهم يقول أحدهم لبنيه: "يا بنى تعلموا العلم فإن كنتم سادة ً فقتم وإن كنتم وسطاً سُدتم وإن كنتم سوقة ً عِشتم".
أيها المسلمون: إن التسابق اليوم بين قوى الأرض هو في مِضمار العلم، والأمة الجاهلة المتخلفة لا مكان لها بين الأمم؛ بل إنها الأمة الضعيفة المنهزمة دائماً العالة على غيرها حتى ولو كان عدوها,
ودول الغرب المتسلطة ما وصلت إلى ما وصلت إليه من علو شأنها وقوةِ اقتصادها ونفاذ أمرها إلا بسلاح العلم.
وتعلُّم العلوم المادية يحقق عمارَة الأرض عن طريق استخراج ثرواتها، واستثمار طاقاتها، وتذليل الصعوبات، وتوفير الحاجات تحقيقاً لقول الله: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
وتعلم العلوم المادية، والتفوق فيها قوة، يجب أن تكون في أيدي المسلمين، ليجابهوا أعداءهم، تحقيقاً لقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).
لأن القوة في هذا العصر هي قوة العلم،
إن التعلم والتعليم قوام هذا الدين، ولا ازدهار لمستقبله إلا بهما، والناس العارفون هم أهل
الرفعة والسيادة اذا انتفعوا بعلمهم وعملو به
أيها الأخوة في الله: إن العلم والمعرفة والثقافة لا تولد مع الإنسان؛ بل لابد من اكتسابها من طرقها المتنوعة، وفي كلَِ عصر تتجدد وسائل طلب العلم.
ولن تنهض أمة الإسلام من جمودها ولن ترقى سلم العز والمجد ولن تحافظ على أعراضها ودمائها - إلا باعتمادها على ربها ثم اعتمادها على شبابها، والجميع مسئول عن ذلك.
فالشباب المسلم عليه الجد والاجتهاد والبعد عن إضاعة الأوقات منذ دخوله المدرسة حتى يتخرج من الثانوية بهمةٍ عالية وحصولٍ مرتفع وطموح لا نهاية له لنيل الشهادات العالية، والتخصص في علوم الحياة المتنوعة.
وولي أمره عليه متابعة ابنه منذ الصغر وعدم إشغاله وقت الدراسة، والسؤال عنه وتشجيعه على الدراسة وإبعاده عن قرناء السوء وكلَِ ما يشغله عن طاعة ربه وعن مستقبله.
والمجتمع المسلم مسئول عن أبناءه في فتح المدارس والجامعات لهم، واختيار النخب من المعلمين والمسئولين, وبتضافر الجهود والهمم تبني الأمة مجدها وتنتقل من مؤخرة الركب إلى قيادة القافلة، وتكون بحق خير أمةٍ أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
أيها المسلمون- لا بد من أن يكون المسلم عالماً، أو متعلماً، أو مستمعاً، أو محباً، ولا يكن الخامسة فيهلك.
والعلم الذي لا يصل تأثيره إلى نفوسنا، ومن ثم إلى سلوكنا، ما هو إلا وبال على صاحبة
والعلم الذي يسعى لتدمير الإنسان، والفتك به، ويسعى لصناعة المرض وأسلحة الدمار الشامل نوع من الجريمة.والفساد ولايحمد هذا العلم
والعلم الذي لا يتصل بما ينفعنا في ديننا، ودنيانا، نوع من الترف المذموم، وفي الدعاء النبوي الشريف: "اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن أذن لا تسمع، ومن عين لا تدمع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها".
اقول ماتسمعون ,,,,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين. اما بعد
أيها المؤمنون: إن الأبناء هم حديث اليوم وحديث كل يوم، بهم تقر عيون الآباء والأمهات، وبهم يزدان الكون والحياة، وقد علمنا القرآن الكريم في الدعاء أن نقول: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) [الفرقان:74].
وكل يتمنى أن يكون ولده شاباً قوياً نافعاً، يحمل رسالة ويبني حضارة، فتعالوا نتعرف كيف يكون بناء هذا الإنسان؟!.
إنه حتى نربي جيلاً نافعا للمجتمع والامة
فإنه علينا أن نعتني بأولادنا منذ البداية، مع حسن التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم.
فمن واجبك تجاه ولدك أن ترعاه وتحسن إليه، وتكرمه وتعطف عليه.
ولا شك أنّ كل أب يتمنى لابنه النجاح في دراسته، فهو دائماً يدعو الله بتوفيقه وتسديده وتثبيته، يَعِده ويُمنّيه إن نجح في دراسته، ويتوعّده ويهدده إن رسب في دراسته، ولكن أي نجاح تريده لابنك؟!، وأي استمرار وبناء تريده من ولدك؟!.
المسألة -أيها الأب الحنون- ليست مسألة نجاح أو رسوب في الدراسة فحسب، بقدر ما هي مسألة نجاح أو رسوب في الحياة.
أيها الأخوة والأحبة: ما أحوجنا في هذا الزمن العصيب أن نربي أبناءنا، وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبت على الحق، ويحمل لواء الإسلام، ويدافع عنه بكل طاقته.
كلنا يردد بأن الإسلام دين العلم، وقد جاء القرآن ثورة ضد الجهل والتخلف، ولكن الواقع يشير إلى أن المسلمين في قمة الجهل والتخلف؛ فهل العيب في المصدر أم في المتلقي؟
نعيب زماننا والعيب فينـا *** وما لزماننا عيب سوانـا
ونهجو ذا الزمانِ بغير ذنب *** ولو نطق الزمان بنا هجانا
هذا، وإن بداية أي إصلاح تبدأ من إصلاح التعليم وحسن التربية.
وليس المقصود بالتربية: الدينية والأخلاقية فقط، أو التربية الوطنية فحسب، بل يضاف إلى ذلك: التربية العقلية والنفسية، فهي التربية الكاملة الشاملة.
فمن ذا الذي يقوم بذلك؟ إنه أنت أيها الأب الكريم، يا من تهتم بولدك لتعده ليصبح شاباً، يا من تقدم لولدك من الطعام أطيبه، ومن الثياب أجملها، وتشتري له مالذ وطاب ، وتحاول أن تتعب وتكد من اجله - فهلا تأملت وتوقفت مع ذاتك: ماذا قدّمت له ليتعلم الحياة، ماذا أعطيته ليكون نافعاً في دنياه ناجحاً في آخرته؟!.
وبالتالي: فإن إعداد أولادك للحياة هو فريضة
تعليم ابنائك فريضة عين كا فريضة الصلاة، فلا تهملهم وتضيعهم
فكما تحرص على طعامهم وشرابهم وثيابهم ومسكنهم فاحرص على إعدادهم الإعداد الجيد المفروض عليك وتربيتهم التربية الأخلاقية وتنشئتهم التنشئة الإيمانية.
الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وعدة المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير حتى النملة في جحرها))؟!
فجملوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى
وفي المقابل نحدثكم بحديث رسوالله صلى الله عليه وسلم ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)).
اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائمًا نصب أعينكم قبل رقابة البشر عليكم،. تخلقوا بالخلق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه ومقالهم مستريح ومستراح منه. واعلموا أن الدارسين يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، فالقدوة الحقة في الفعال قبل الأقوال.
فالطالب الذي يرى مدرسه في حالة من الميوعة والتسيب كيف يتعلم الفضيلة؟
والطالب الذي يسمع من مدرسه كلمات السب والشتم كيف يتعلم حلاوة المنطق؟
والطالب الذي يرى مدرسه يشرب الدخان سيسهل عليه هذا الأمر.
والطالبة التي مدرستها تسير خلف ما يصدره لها الأعداء من أزياء فاضحة وأخلاق سافلة كيف تتعلم الفضيلة؟
فحينما ترى طالباً خلوقاً ملتزماً بآداب الإسلام تعلم أنه قد وفق بمن أحسن توجيهه، وتضافرت الجهود من المدرسة والبيت على ذلك.
وبالجملة فيجب على المدرس أن يكون معلماً مؤدباً لطلابه الأدب الإسلامي النبيل.
وهنا رسالة وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها:
إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، أهل الشرّ من الغرب والشرق أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!
إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي
إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا مثلا عن الصدق وبعد ذلك يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه.
وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
فيا عباد الله: هذه وصايا هذه توجيهات لتعملو بها
حتى تكونوا اوفياء لربكم ودينكم وامتكم ومجتمعاتكم
وفي الأخير أذكركم عبادالله بصيام يوم عاشوراء
فصيامه يكفر السنة الماضية: ففي صحيح مسلم أن رجلا سأل رسول الله عن صيام عاشوراء فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)).
وشهر الله المحرم له فضل الصيام فيه
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد صيام رمضان شهر الله المحرم))
والسنة في صوم هذا اليوم أن يصوم يوماً قبله أو بعده، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) [مسلم].
وقد ذكر بعض الفقهاء أن صيام عاشوراء ثلاث مراتب:
1ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.
2ـ صوم التاسع والعاشر.
3ـ صوم العاشر وحده. [فقه السنة:3/127]، [زاد المعاد:2/76]. ولا يكره ـ على الصحيح ـ إفراد اليوم العاشر بالصوم كما قاله ابن تيمية رحمه الله.
ويوم عاشوراء من هذا العام هو يوم .........
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. اللهم أغننا بالعلم، وزينا بالحلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اخوكم عبدالوهاب المعبأ
773027648
المرفقات
1162.doc