خطبة : (التهاون بالعصيان سبب الخذلان)

عبدالله البصري
1435/10/11 - 2014/08/07 21:28PM
التهاون بالعصيان سبب الخذلان
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدِهِ خَيرًا بَصَّرَهُ بِتَقصِيرِهِ وَعُيُوبِهِ ، وَرَزَقَهُ الإِقرَارَ بِخَطَئِهِ وَالاعتِرَافَ بِذُنُوبِهِ ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ العَبدُ في غَيِّهِ يَعمَهُ ، ثم لا يَرَى نَفسَهُ عَلَى حَقِيقَتِهَا ، فَقَد مُكِرَ بِهِ حِينَئِذٍ وَأُملِيَ لَهُ ؛ لِيُؤخَذَ بَعدَ ذَلِكَ عَلَى غِرَّةٍ وَتُنتَزَعَ رُوحُهُ وَهُوَ في غَفلَةٍ .
وَإِنَّ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الَّتي تُبلَى بها الأُمَمُ أَفرَادًا وَمُجتَمَعَاتٍ ، عَدَمَ التَّوفِيقِ لِلطَّاعَاتِ ، وَالتَّقصِيرَ في الوَاجِبَاتِ ، وَالإِخلالَ بِالأَركَانِ وَالأُصُولِ الثَّابِتَاتِ ، وَعَدَمَ الأَسَفِ عَلَى مَا نَقَصَ مِنهَا أَو فَاتَ ، وَلا الشُّعُورِ بِالخَسَارَةِ عَلَى ما ضَاعَ مِن أَوقَاتٍ ...
قَد يَتَسَاهَلُ امرُؤٌ في بَعضِ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَيَتَنَاسَاهَا أَو يَنسَاهَا ، وَقَد يَغفَلُ أَحيَانًا عَن فَضلِ بَعضِ المُستَحَبَّاتِ وَالمَندُوبَاتِ فَلا يَأتِيهَا ، وَقَد يَقَعُ في الجَانِبِ الآخَرِ في شَيءٍ مِنَ المَكرُوهَاتِ فَيَغشَاهَا ، وَكُلُّ هَذَا وَلا شَكَّ إِنَّمَا هُوَ حِرمَانٌ مِنَ الخَيرِ ، سَبَبُهُ ذُنُوبٌ وَمُخَالَفَاتٌ وَقَعَ فِيهَا وَتَسَاهَلَ بِإِتيَانِهَا ، فَعُوقِبَ عَلَيهَا بِأَن لم يُوَفَّقَ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرِ ، وَثَقُلَ عَنِ اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " إِنَّ اللهَ لَا يَظلِمُ النَّاسَ شَيئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ " نَعَم ، إِنَّ تَضيِيعَ الأَوقَاتِ وَعَدَمَ التَّزَوُّدِ مِنَ الخَيرَاتِ ، وَلا الرَّغبَةِ في اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ ، إِنَّهُ لَمُصِيبَةٌ جَرَّتهَا الذُّنُوبُ السَّابِقَاتُ ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ الأَهَمَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ أَن يَسأَلَهُ نَفسَهُ وَيَقِفَ عِندَهُ طَوِيلاً وَلا يَتَجَاوَزَهُ : أَنَّهُ إِذَا كَانَ الحِرمَانُ مِن نَافِلَةٍ أَوِ الوُقُوعُ في مَكرُوهٍ سَبَبُهُ ذَنبٌ سَابِقٌ ، فَمَا الذَّنبُ الَّذِي سَبَّبَ حِرمَانَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ اليَومِ مِنَ الفَرَائِضِ وَمَنَعَهُم فِعلَ الوَاجِبَاتِ ؟!
كَثِيرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلقِيَامِ لِصَلاةِ الفَجرِ في أَكثَرِ أَيَّامِ العَامِ ، ثُمَّ هُم أَنفُسُهُم يَترُكُونَ صَلاةَ الظُّهرِ وَالعَصرِ في أَيَّامِ الإِجَازَاتِ ، وَآخَرُونَ لا يُوَفَّقُونَ لِلصَّلاةِ في جَمَاعَةِ المُسلِمِينَ وَلا شُهُودِهَا في بُيُوتِهِ الَّتِي أَذِنَ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ ، وَثَمَّةَ مَن لا يُوَفَّقُ لِبِرِّ وَالِدَيهِ ، وَهُنَاكَ مَن يَقطَعُ أَرحَامَهُ ، وَيُوجَدُ مَن عَادَ لا يَتَوَرَّعُ عَن أَكلِ الحَرَامِ بِجَمِيعِ أَنوَاعِهِ ، وَمَعَ هَذَا فَقَد لا يُحِسُّونَ وَلا يَشعُرُونَ ، أَنَّهُم يَتَقَلَّبُونَ في عُقُوبَاتٍ إِلَهِيَّةٍ عَظِيمَةٍ ، بَل وَتَسِيرُ حَيَاتُهُم وَكَأَنَّ شَيئًا لم يَكُنْ ، يَأكُلُونَ وَيَشرَبُونُ وَيَنكِحُونَ ، وَيَنَامُونُ وَيَغدُونَ وَيَرُوحُونَ ، وَيُسَافِرُونَ وَيَتَمَتَّعُونَ وَيَعُودُونَ ، وَيَضحَكُونَ وَهُمَ سَامِدُونَ غَافِلُونَ ، وَقَد يَنظُرُ بَعضُهُم إِلى مَن حَولَهُ مِن أُمَمِ الأَرضِ بَعِيدًا وَقَرِيبًا ، مِمَّن بُلُوا بِحَربٍ وَضَربٍ وَقَصفٍ وَتَدمِيرٍ ، أَو فَقرٍ وَأَمرَاضٍ وَأَوبِئَةٍ ، أَوِ اجتَاحَتهُم جَائِحَةٌ مِن زَلزَالٍ أَو أَعَاصِيرَ أَو غَيرِهَا ، فَيَظُنُّ أَنَّهُم هُمُ المُعَاقَبُونَ وَالمَغضُوبُ عَلَيهِم ، وَأَنَّهُ وَمَن عَلَى شَاكِلَتِهِ هُمُ المُرضِيُّ عَنهُمُ المُنعَمُ عَلَيهِم ، المُعَافَونَ مِن كُلِّ بَلاءٍ وَالسَّالِمُونَ مِنَ كُلِّ شَرٍّ ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ العُقُوبَةَ مَقصُورَةٌ عَلَى التَّلَفِ المَاليِّ وَالجَسَدِيِّ ، أَوِ الاختِلالِ الاجتِمَاعِيِّ وَالأَمنِيِّ وَالاقتِصَادِيِّ ، وَغَفَلَ أَو تَغَافَلَ وَنَسِيَ أَو تَنَاسَى ، أَنَّ الحِرمَانَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَزُهدَ النَّفسِ في الأَعمَالِ الصَّالِحَاتِ ، وَالوُقُوعَ الدَّائِمَ في المَعَاصِي وَاعتِيَادَ السَّيِّئَاتِ وَالمُخَالَفَاتِ ، وَخَاصَّةً الكَبَائِرَ وَالعَظَائِمَ وَالمُوبِقَاتِ ، أَنَّهُ لَونٌ مِن أَلوَانِ العُقُوبَةِ ، وَنَوعٌ مِن أَنوَاعِ الخِذلانِ ، بَل هُوَ أَشَدُّ أَنوَاعِ العُقُوبَةِ وَأَقسَاهَا وَأَمَرُّهَا ، وَلَكِنَّ المُشكِلَةَ هِيَ القَنَاعَةُ الَّتي يَعِيشُ بها بَعضُ المُسلِمِينَ ، إِذ يَرَونَ أَنَّ العُقُوبَةَ الإِلَهِيَّةَ ، لا تَكُونُ إِلاَّ بِنَقصِ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ، وَيَظُنُّونَ أَنَّ اللهَ إِذَا رَضِيَ عَن مُجتَمَعٍ فَإِنَّهُ يُسبِغُ عَلَيهِ النِّعَمَ وَيَرزُقُهُ الأَمنَ وَيُضفِي عَلَيهِ الاطمِئنَانَ ، وَإِن غَضِبَ عَلَى آخَرَ جَعَلَ عَيشَهُ نَكِدًا وَخَوفَهُ عَامًّا ، وَحَالَهُ مُتَقَلِّبَةً وَرِزقَهُ مَحدُودًا . وَهَذَا وَإِن كَانَ صَحِيحًا في العُمُومِ ، إِلَّا أَنَّ بَعضَ النِّعَمِ قَد يَكُونُ استِدرَاجًا ، وَبَعضَ النِّقَمِ قَد يَكُونُ رَحمَةً لِمَن أَصَابَهُ وَتَطهِيرًا لَهُ ، حَتَّى يُوَافِيَ رَبَّهُ يَومَ القِيَامَةِ مُمَحَّصًا مُخَلَّصًا ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ "
وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " أُمَّتي أُمَّةٌ مَرحُومَةٌ ، لَيسَ عَلَيهَا عَذَابٌ في الآخِرَةِ ، عَذَابُهَا في الدُّنيَا الفِتَنُ وَالزَّلازِلُ وَالقَتلُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ بَعضَ مَا قَد يُصِيبُ الأُمَّةَ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَذَابٌ ، فَإِنَّمَا هُوَ حَظُّهَا مِنَ العَذَابِ يُعَجَّلُ لها في الدُّنيَا ، ثم تَسلَمُ في الآخِرَةِ ، وَأَّمَا العَذَابُ المُهِينُ حَقًّا ، وَالَّذِي هُوَ مِن أَشَدِّ العُقُوبَاتِ الإِلَهِيَّةِ وَالمَقتِ الرَّبَّانيِّ لِلعَبدِ ، فَهُوَ أَن يُملَى لَهُ في دُنيَاهُ ، وَتُغدَقَ عَلَيهِ النِّعَمِ وَيُعَافى وَيُؤَمَّنَ ، وَمَعَ هَذَا يَرفَعُ اللهُ عَنهُ رَحمَتَهُ ، فَلا يُوَفَّقُ لِلطَّاعَاتِ ، وَلا تَكُونُ لَهُ رَغبَةٌ في نَيلِ الحَسَنَاتِ ، بَل وَيُوكَلُ إِلى نَفسِهِ الضَّعِيفَةِ الظَّلُومَةِ الجَهُولَةِ المَلُولَةِ ، فَيَكُونُ عَبدًا لِهَوَاهُ وَمَا تُملِيهِ عَلَيهِ نَزَوَاتُ نَفسِهِ ، فَمَا رَغِبَت فِيهِ أَتَاهُ وَإِن كَانَ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَشَرِّ المُوبِقَاتِ ، وَمَا رَغِبَت عَنهُ تَرَكَهُ وَإِن كَانَ مِن أَفضَلِ القُرُبَاتِ وَآكَدِ الطَّاعَاتِ ، وَهَذَا هُوَ عَينُ الضَّلالِ وَالخَسَارَةِ ، وَالَّذِي بِسَبَبِهِ يَكُونُ العَذَابُ الأُخرَوَيُّ الشَّدِيدُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ لِنَبِيِّهِ دَاوُدَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : " يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً في الأَرضِ فَاحكُمْ بَينَ النَّاسِ بِالحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُم عَذَابٌ شَدِيدٌ بما نَسُوا يَومَ الحِسَابِ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّهَا لَخَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ ، أَن يَكُونَ اللهُ قَد أَعَدَّ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ جَنَّةً عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ ، فِيهَا مَا لا عَينٌ رَأَت وَلا أُذُنٌ سَمِعَت وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ ، ثم لا يُوجَدَ لأَحَدِنَا مَكَانٌ فِيهَا ؛ لأَنَّهَا قَد أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ الصَّالِحِينَ ، وَهُوَ لَيسَ مِنهُم ، بَل حَيَاتُهُ كُلُّهَا غَفلَةٌ وَتَفرِيطٌ وَتَبَاطُؤٌ وَإِضَاعَةٌ ، وَكَسَلٌ عَنِ الطَّاعَاتِ وَإِصرَارٌ عَلَى المَعَاصِي ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأكُلُوا الرِّبَا أَضعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ . وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ . وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ . وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ . وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم وَجَنَّاتٌ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُ المُوَحِّدُ ، المُتَعَبِّدُ لِمَولاهُ الطَّالِبُ رِضَاهُ ، يَا عَبدَ اللهِ ، إِن لم يَكُنْ في بَرنَامَجِكَ اليَومِيِّ مُحَافَظَةٌ تَامَّةٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ في جَمَاعَةٍ ، وَقِيَامٌ بما أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيكَ مِنَ البِرِّ ، وَإِحسَانٌ إِلى الخَلقِ وَكَفٌّ لِلأَذَى عَنِ النَّاسِ ، وَتَوَرُّعٌ عَنِ الحَرَامِ وَأَكلٌ لِلطَّيِّبَاتِ ، وَتَوبَةٌ مِنَ الذُّنُوبِ وَسُرعَةٌ في الرُّجُوعِ إِلى اللهِ ، مَعَ مَا يُيَسِّرُهُ اللهُ لَكَ مِن نَوَافِلَ وَوِترٍ مِنَ اللَّيلِ ، وَقِرَاءَةِ قُرآنٍ وَصَدَقَةٍ وَكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ ، وَدَعوَةٍ إِلى اللهِ وَأَمرٍ بِمَعرُوفٍ وَنَهيٍ عَن مُنكَرٍ ، فَأَيُّ عَيشٍ تَعِيشُ إِذًا ؟!
وَمَا طَعمُ حَيَاتِكَ وَمَا قِيمَتُهَا ؟!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَاحذَرُوا الكَسَلَ عَن طَاعَةِ اللهِ وَخَاصَّةً الصَّلاةَ ، فَإِنَّهُ مِن شِرِّ حَبَائِلِ الشَّيطَانِ الَّتِي يَنصِبُهَا لِيَصطَادَ بها النَّاسَ وَيُوقِعَهُم في الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ ، وَيَصُدَّهُم عَن ذِكرِ اللهِ وَيَحرِمَهُمُ الخَيرَ ، وَأَكثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ في صَلاةِ الفَجرِ خَاصَّةً ، وَالَّتِي مَا تَكَاسَلَ امرُؤٌ عَن أَدَائِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ أَو تَرَكَهَا ، إِلاَّ خُذِلَ في عَامَّةِ يَومِهِ وَعَجَزَ عَمَّا يَنفَعُهُ ، وَما وُفِّقَ عَبدٌ لأَدَائِهَا في المَسجِدِ مَعَ المُسلِمِينَ ، إِلاَّ أَصبَحَ طَيِّبًا مُطَيَّبًا ، وَمُنِحَ بَرَكَةَ يَومِهِ وَسَعِدَ وَأُعِينَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ " وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَن قَومِ شُعَيبٍ : " قَالُوا يَا شُعَيبُ أَصَلَاتُكَ تَأمُرُكَ أَن نَترُكَ مَا يَعبُدُ آبَاؤُنَا أَو أَن نَفعَلَ في أَموَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " فَوَيلٌ لِلمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُم عَن صَلاتِهِم سَاهُون . الَّذِينَ هُم يُرَاؤُونَ وَيَمنَعُونَ المَاعُونَ "
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " يَعقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أَحَدِكُم إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ ، يَضرِبُ عَلَى كُلِّ عُقدَةٍ : عَلَيكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارقُدْ ، فَإِنِ استَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ ـ تَعَالى ـ انحَلَّت عُقدَةٌ ، فَإِن تَوَضَّأَ انحَلَّت عُقدَةٌ ، فَإِن صَلَّى انحَلَّت عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفسِ ، وَإِلاَّ أَصبَحَ خَبِيثَ النَّفسِ كَسلانَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
إِنَّهَا عِلاقَةٌ وَثِيقَةٌ لا تَكَادُ تَنفَكُّ وَلا تَزُولُ ، فَمَن حَافَظَ عَلَى صَلاتِهِ مَعَ الجَمَاعَةِ صَلَحَت حَالُهُ وَانتَظَمَ أَمرُهُ وَأَفلَحَ ، وَطَابَ نَفسًا وَخُلُقًا ، وَمَن تَكَاسَلَ عَنهَا وَتَبَاطَأَ إِلَيهَا ، كَانَ في سَائِرِ أُمُورِهِ مُفَرِّطًا ، وَلِمَا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ مُضَيِّعًا ، وَالفَلاحُ الحَقِيقِيُّ أَوِ الخَسَارَةُ الكُبرَى ، حِينَ يُحَاسَبُ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ فَيُنظَرُ أَوَّلَ مَا يُنظَرُ في صَلاتِهِ ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ ، وَإِن فَسَدَت خَابَ وَخَسِرَ .
المرفقات

التهاون بالعصيان سبب الخذلان.doc

التهاون بالعصيان سبب الخذلان.doc

التهاون بالعصيان سبب الخذلان.pdf

التهاون بالعصيان سبب الخذلان.pdf

المشاهدات 3396 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا