خطبة: التّحذيرُ من الإسرافِ والهَدْرِ الغذائيّ.

وليد بن محمد العباد
1445/03/12 - 2023/09/27 22:49PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: التّحذيرُ من الإسرافِ والهَدْرِ الغذائيّ.

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد أَباحَ اللهُ تعالى لعبادِه الطّيباتِ مِن المآكلِ والمشارب، ولكنّه نهاهم عن الإسرافِ فيها وتَجَاوزِ حَدِّ التّوسّطِ والاعتدال؛ لمَا في ذلك مِن الضّرَرِ عليهم في أبدانِهم ودينِهم ودنياهم، قالَ تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وقالَ صلى اللهُ عليه وسلم: مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِن بَطْنٍ، بحَسْبِ ابنِ آدَمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلًا فثُلُثٌ لطَعامِه وثُلُثٌ لشَرابِه وثُلُثٌ لنَفَسِه. ولقد تَعَدَّدَتْ صورُ الإسرافِ في الطّعامِ في هذا الزّمان، ومِن تلك الصّورِ ما يَفعلُ كثيرٌ مِن النّاسِ مِن كثرةِ الأكلِ حتّى التُّخْمَةِ وإدخالِ الطّعامِ على الطّعام، وصُنْعِ ما يَزيدُ عن الحاجة، وعدمِ مُقابلتِه بالشّكرِ والتّقدير، وسوءِ التّصرّفِ فيما يَفْضُلُ منه وهو كثير، ومِن صورِ الإسرافِ ملاحقةُ المطاعمِ والمقاهي في جميعِ الأوقات، وطَلَبُ كلِّ ما يُعْلَنُ عنه مِن مَشْرُوبِ قهوةٍ أو وجبات، وإدمانُ ذلك في اليوم عِدَّةَ مَرَّات، ممّا يَسْتَنْزِفُ ميزانيّتَهم، ويُدَمِّرُ صحّتَهم، ومِن صورِ الإسرافِ في الطّعامِ ما يُشَاهَدُ بجوارِ حاوياتِ النّفاياتِ أكرمَكم الله، مِن رَمْيِ الأطعمةِ المنوّعةِ والوجباتِ الكاملة، بينما يَبِيتُ عددٌ مِن المسلمينَ في فقرٍ وجوعٍ لا يَجدونَ ما يَمْلأُ بطونَهم، فضلًا عمّا يَحْدُثُ في الولائمِ والمناسباتِ نَسألُ اللهَ العافيةَ والسّلامة. حتّى بَلَغَتْ نِسْبَةُ الهَدْرِ الغذائيِّ في المملكةِ ثلاثًا وثلاثينَ بالمئة، وبتكلفةٍ سنويّةٍ تُقَدَّرُ بأربعينَ مِليارِ ريال، ممّا يُحَتِّمُ على المجتمعِ أنْ يَتعاونَ للقضاءِ على تلك الظّاهرة، وذلك بشكرِ النّعَمِ وحسنِ استغلالِها وتَرشيدِ استهلاكِها، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واعرفوا قَدْرَ النّعمةِ التي أَنْعَمَ اللهُ بها عليكم، واشكروه عليها فبالشّكرِ تَدُومُ النِّعَم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 14/ 3/ 1445هـ

المشاهدات 3972 | التعليقات 0