(خطبة الاستسقاء) الحث على التوبة وملازمة محاسبة النفس
خالد الشايع
خطبة الاستسقاء ( الحث على التوبة ومحاسبة النفس) 26/5/1446
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]، والحمد لله مغيث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف الكرب عن المكروبين، ومسبغ النعمة على العباد أجمعين، ﴿ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾، ﴿ يَفعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾، ويحكم ما يريد.
﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]، فسبحانه من إله كريم، شَمِلَ بكرمه ورزقه وإحسانه القريب والبعيد.
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6].
﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21]، يعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الرسل، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم في هديهم الرشيد، وبارك وسلم تسليمًا.
عباد الله، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].
وقال سبحانه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28
وقال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30].
لا يأتي بالمطر إلا الله ، وهو الحكيم الخبير ، ينزل الغيث متى شاء وكيفما شاء ، فالخلق خلقه والأمر أمره ، والكل ملكه سبحانه وتعالى ، وقد يمنع الله المطر لحكم عظيمة نعلم بعضا منها ونجهل الكثير ، فمن الحكم أن يرجع العباد لربهم ويكثروا الاستغفار ويتوبوا لربهم ، فالذنوب تمنع الرزق ، والذنوب هذا الزمن عظمت وكثرت ، وعجت منها الأرض والسماء ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ومن الحكم أن يعلم العباد أنهم بحاجة لربهم ولا يستغنون عنه طرفة عين ، مهما بلغت علومهم وفهومهم ، ومنها الإلحاح في الدعاء ، فالله يحب أن يسمع دعاء عبده وإلحاحه في الدعاء ، ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ) وكان صلى الله عليه وسلم إذا دعا كرر الدعاء ثلاثا .
عباد الله : البعض يرغب في نزول المطر لتصفوا الأجواء ، ويخرج الربيع ، وتزين البراري للتنزه ، وهذا مطلب ولا شك ، ولكن المطلب الأساس هو حاجة الناس للمطر ، للشرب ولسقي البهائم ، ولري الزراعة ، فارغبوا لربكم وأنت موقنون بالإجابة ، بقلوب خاشعة ، تائبة ، عازمة على الاستقامة ، والأصل في صلاة الاستسقاء هو الدعاء ، فألحوا بطلب الغيث ، وأن يغيث الله القلوب والأرواح والبلاد والعباد ،
فيجب علينا أن ننظر في أعمالنا، هل هي ربيع بالقرآن والسنة أم مجدبة منهما؟
يجب علينا أن نصلح ما فسد، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد.
يجب علينا أداء الصلاة وإيتاء الزكاة، والقيام بإصلاح النفس والأهل والمجتمعات.
يجب علينا أن نتوب إلى الله من جميع الذنوب، وأن نُحسن الظن بالله تعالى عندما نتوب؛ فإن الله سبحانه يقول: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
وعلى العبد محاسبة نفسه باستمرار ، والاقلاع عن الذنوب ، وعدم الإصرار عليها ، فما أفلح عبد إلا بمحاسبة النفس والرجوع لله تعالى .
عباد الله، لقد خرجتم تستغيثون ربكم، فارفعوا أيديكم، واتجهوا بقلوبكم إلى ربكم داعين مؤمِّلين منه الفرجَ وإزالة الشدة.
واقتدوا بنبيِّكم محمد صلى الله عليه وسلم في قلب الرداء؛ فإن ذلك سنة، وفيه تفاؤل بقلب الأحوال إلى حال أخرى، وتبدل الجدب بالرخاء والخيرات .
اللهم لك الحمد كله ........
المرفقات
1732716815_صلاة الاستسقاء.docx