خُطبة الاستسقاء الإثنين 24 محرم 1436هـ

بندر المقاطي
1436/01/23 - 2014/11/16 20:14PM

 خُطْبَةُ الاسْتِسْقَاء
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمين، الرَّحمَنِ الرَّحيم، مَالكِ يَومِ الدِّين، الحَمْدُ للهِ أبداً سرمداً، ولا نُشركُ معه أحداً، تباركَ لا إله إلا هو يفعل ما يريد، لم يتخذْ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكَ له ولا عَضُداً، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لا إلهَ لنا غَيرُهُ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ، ولا نعبدُ إلاَّ إياهُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وسلم تسليماً كثيراً. أَمَّا بَعْدُ:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
عِبَادَ الله:
إنَّ الذنوبَ لها شُؤمٌ عظيمٌ، وخَطبٌ جَسيمٌ، يقولُ رَبُّنَا سُبحانه: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
المعَاصِي وَالذَّنُوب، تُزِيْلُ النِّعَمَ وَتَجْلِبُ النِّقَمَ، لَيْسَ مِنْ شَرٍّ إِلا وَسَبَبُهُ المعَاصِي، وَلَيْسَ مِنَ بَلاءٍ إِلا وَمَنْشَؤُهُ مِنَ الذُّنُوب، بِكَثْرَةِ الخَطَايَا يَسْتَوْحِشُ القَلْبُ وَتُظْلِمُ البَصَيْرَة، وَبِمُقَارَفَةِ السَّيِّئَاتِ يَضِيْقُ الصَّدْرُ وَتَزْدَادُ الحَيْرَةُ.
حينَ يغفَلُ النّاسُ عن ربِّهم، وتظهرُ المنكراتُ، وتَعمُّ المحرماتُ، تَجْدُبُ الأَرْضُ وَتَشْكُو قَحْطَهَا، وَتُمسِكُ السَّمَاءُ وَتَشُحُّ في قَطْرَهَا، وتَنقُصُ الأرزاقُ والبَرَكات، ليعودَ النَّاسُ إلى ربِّهم، وليتذكَّروا حاجتَهم إليهِ، وقد أخبرَ سبحانَه، أنَّ ما يحلُّ بالبشرِ إنما هو من أنفسِهم، يقولُ سُبحانَه: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ، ويقولُ جلَّ في عُلاه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.
قال مجاهدٌ: إنَّ البهائمَ لتلعَنُ عصاةَ بَني آدمَ، إذا اشتدَّتِ السَّنةُ وأمسكَ المطرُ، وتقولُ: هذا بشؤمِ معصيةِ ابنِ آدمَ.
وفي الحديثِ عَن أبي هريرةَ  أنّه قالَ: (إنَّ الحبارَى لتموتُ في وكرِها من ظُلمِ الظالمِ).
ألا فاتّقوا اللهَ تعالى..
فإنَّ شؤمَ المعاصي وبيلٌ، فالشركُ مِن أعظمِ أبوابِ الفّقرِ واندثارِ الخيراتِ، ومحقِ البركاتِ، يليهِ سَفكُ الدَّمِ الحرامِ، وقد استعاذَ النبيُّ e باللهِ أن يدركَ أصحابَهُ، زمانَ ظهورِ الفاحشةِ، والإعلانِ بها، ونقصِ المكاييلِ والموازينِ، ومنعِ الزكواتِ والصدقات، عن عبدِاللهِ بنِ عمرَ  قالَ: أقبَلَ علينا رسولُ اللهِ e فقالَ: (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِى قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِى لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِى أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، ..).
فَيَا عِبَادَ الله:
أكثِروا من الاستغفارِ، فَبِهِ تُستَجلَبُ رحمةُ الله، فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا.
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلُوا مُجْرِمِيْنَ.
أيُّها المؤمنون:
فَإِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَقَدْ خَرَجْتُمْ إِلَى هُنا اقْتِدَاءً بِنَبِيِّكُمْ ، وَطَلَبَاً لِرَضَا رَبِّكُمْ، وَطَمَعَاً فِيمَا عِنْدَ مَوْلَاكُمْ، فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ اللهَ لا يُخِيِّبُ مَنْ رَجَاهُ، وَلا يَرْدُّ مَنْ وَالاهُ، فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزمَ والإصرارَ، على اجتنابِ المآثِمِ والأوزارِ، فاللهُ تعالى أمرَ بالدُّعاءِ، ووعَدَ بالإجابةِ، وهو غنيٌّ كريمٌ سبحانه، فاستغفِروا وادعوا، وتصدقوا وأحسنوا، وأكثروا من ذكر ربكم، وأبشِروا وأمِّلوا، وارفعوا أكفَّ الضّراعةِ إلى اللهِ مُبتَهلِينَ.
اللَّهُمَّ أنتَ اللهُ لا إله إلا أنتَ، أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ، أنزلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطينَ، اللهمّ أغِثْنا، اللهم أغِثْنا، اللهم أغثْنا، غيثا مُغيثاً، هنيئًا مَريئًا، سحًّا غَدَقًا، طبَقًا عامًّا مجلِّلاً، دائمًا نافعًا غيرَ ضارٍ، عاجلاً غيرَ آجلٍ، اللّهمّ تحيي به البلادَ، وتسقِي به العبادَ، وتجعلْه بلاغًا للحاضِرِ والبادِ.
اللَّهُمَّ اسقِ عبادَك وبهائمَك، وأحيِ بلدَك الميتَ، اللهمّ سقيا رحمةٍ، لا سقيا عذابٍ، ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ.
اللَّهُمَّ أنبِتْ لنا الزرعَ، وأدِرَّ لنا الضّرعَ، وأنزِلْ علينا من بركاتِكَ.
اللَّهُمَّ أنزلْ علينا الغيثَ، واجعلْ ما أنزلتَهُ قوّةً لنا على طاعتِكَ وبلاغًا إلى حين.
اللَّهُمَّ أسقِنا الغيثَ، واكشِفْ ما بالمسلمينَ من بلايا يا أرحمَ الراحمينَ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار .
رَبَّنَا تقبّلْ منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيم،
وصلِّ اللَّهُمَّ وسلِّم وزد وبارك على عبدِك ورسولك محمّد وعلى آلِه وصحبه أجمعين.
عبادَ اللهِ:
اقتَدوا بسنّةِ نَبيُّكُمْ e، فقد كان يقلِبُ رداءَهُ حين يستسقي، تفاؤلاً بقَلبِ حالِ الشّدّةِ إلى الرخاءِ، والقحطِ إلى الغيثِ، وادعوا اللهَ وأنتم مُوقنونَ بالإجابةِ.
سبحان ربِّك ربِّ العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.
المرفقات

خطبة استسقاء.doc

خطبة استسقاء.doc

المشاهدات 2449 | التعليقات 1

حفظك ربي شيخ بندر القباطي ونفع بك وأجاب دعوتك وأعطانا ما سألت وما نحب مما شرع وأباح إنه قريب مجيب الدعوات !