خطبة الاستسقاء
فهد موفي الودعاني
1433/03/27 - 2012/02/19 11:00AM
خطبة الاستسقاء 28/3/1433هـ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ !
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ , لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ , اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَنِىُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ , أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنا مِدْرَارًا اَللَّهُمَّ أرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنا مِدْرَارًا , اَللَّهُمَّ أرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنا مِدْرَارًا ! اَللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلا تَجْعَلْنَا مِن الْقَانِطِينَ !
اللَّهُمَّ غَيْثَاً تَرْحَمُ بِهِ الْعِبَادَ , وَتُحْيِي بِهِ الْبِلادَ , وَتَسْقِي بِهِ السُّهُولَ الْوِهَادَ , وَتَجْعَلُهُ بَلاغَاً لِلْحَاضِرِ وَالْبَادِ , اللَّهُمَّ غَيْثَاً مُغِيثَاً هَنِيئَاً مَرِيئَاً سَحَّاً طَبَقَاً نَافِعَاً غَيْرَ ضَارّ , اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لا سُقْيَا عَذَابٍ وَلا هَدْمٍ وَلا غَرَق !
اَللَّهُمَّ جَلِّلْنَا سَحَابًا , كَثِيفًا , قَصِيفًا , دَلُوقًا , ضَحُوكًا , تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذًا , قِطْقِطًا , سَجْلًا , يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِن الْمُحْسِنِينَ , وَإِنَّ اللهَ لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي السَّمَوَاتَ وَلا فِي الأَرْضِين , إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا) قَالَ أَنَسٌ : وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ (2) قَالَ : فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ , فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ , فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا (3) ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ , فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا ! قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ , ثُمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : هَكَذَا يَفْعَل اللهُ بِعِبَادِهِ إِذَا دَعَوْهُ حَقَّاً وَافْتَقَرُوا لَهُ صِدْقَاً , وَرَفَعُوا إِلَيْهِ حَاجَاتِهِمْ بِقُلُوبِهمْ قَبْلَ أَيْدِيهِمْ , وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ادْعُوا الله وأنتم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أن الله لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً من قلب غَافِلٍ لاَهٍ)(3)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّهُ مَا نَزَلَ بَلاءٌ إِلَّا بِذْنَبٍ وَمَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبِة , وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ مَأْمُورٌ بٍالتَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالإنَابَةِ إِلَى اللهِ وَالافْتِقَارِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وَقَالَ عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) وَقَالَ عَنْ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلامُ (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الاسْتِغْفَارِ وَهُوَ الذِي قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سمعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
وعن الأَغَرِّ بنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ ، فإنِّي أتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ )) رُوَاهُ مُسْلِمٌ
فَاللَّهُمَّ (1) إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ لِذُنُوبِنَا فَاغْفِرْ لَنَا , اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا خَيْرَ مَا عِنْدَكَ بِشَرِّ مَا عِنْدَنَا , اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا خَطِيآتِنا, وَجَهْلنا, وَإِسْرَافَنا فِي أَمْرِنا , وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّا, اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لنا جِدَّنا, وَهَزْلَنا , وَخَطَئَنا , وَعَمْدَنا , وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنا , اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَنا مَا قَدَّمْنا, وَمَا أَخَّرْنا , وَمَا أَسْرَرْنا , وَمَا أَعْلَنَّا , وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّا , أَنْتَ اَلْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ, وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مَحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبْهِ أَجْمَعِينْ , وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ .
ــــــــــــــــــــــــــ
(2) أي ما كان يحول بيننا وبين الرؤية شيء , وهذا تأكيد أنه ليس في السماء سحاب قبل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم .
(3) وفي وراية : سبتا , أي : أسبوعا .
(4) رواه الترمذي وحسنه الالباني
المرفقات
خطبة استسقاء الاثنين 28 ربيع الأول 1433.doc
خطبة استسقاء الاثنين 28 ربيع الأول 1433.doc