خطبة الأضحى 1436هـ
سطام بن محمد النجمي
1436/12/11 - 2015/09/24 18:15PM
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر...."7 مرات"، ولله الحمد الله أكبر لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ الله أكبر في ذاته وأسمائه وصفاته والله أكبر في سلطان ربوبيته وألوهيته، إليه المصير وهو على كل شيء قدير ما أراده كان ولو اجتمع لدفعه ومنعه الإنس والجان فالله أكبر، زينة مواسم الطاعات والأعياد والله أكبر، لرفع رايات الجهاد والاستشهاد والله أكبر، في الأذان والإقامة والركوع والسجود والله أكبر في أذن كل مولود والله أكبر يرددها في ساحات الوغى الجنود ويتهاوى أمامها أهل الغي والصدود والله أكبر عند ذبح الذبائح وإراقة الدماء والله أكبر ما ارتفع في المشاعر الدعاء , وإن تفاضلت الحقوق في كل شيء؛ فحق الله أكبر وإن طغى كل جبار وعلا واستكبر؛ فالله أكبر , الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، لله الحمد بهذا اليوم المبارك الأبهى، يوم عيد الأضحى، واحد من أعيادنا الإسلامية النقية الزكية، أعياد فرح وسعادة، وطاعة وعبادة، وأخوة وتواصل وتعاون وتكافل زينتها التكبير، والذكر والشكر الكثير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ملك فقهر، وتأذن بالزيادة لمن شكر، وتوعد بالعذاب من جحد وكفر، تفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده مقدر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، طاهر المظهر والمخبر، وأنصح من دعا إلى الله وبشّر وأنذر، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مديدًا وأكثر
أما بعد: فأوصيكم -عبادَ الله- بتقوى الله، فإنها سعادةُ الأبرار، وقوامُ حياةِ الأطهار، تمسَّكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها. إخوة الإيمان: العقيدة العقيدة، يا أهل العقيدة، فلا دين بلا عقيدة، من أجل العقيدة وترسيخها، بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) عباد الله: السموات رفعت، والأرض بسطت، وخلق الله الخلائق، ونصبت الموازين، والجنة أزلفت، وجهنم أحضرت، والآخرة أعدت، والدنيا كلها أقيمت، لأي شيء؟! لتوحيد الله وإفراده بالعبادة قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ) أي يوحدونه. ولـ"لا إله إلا الله" عقيدة يدين بها المؤمن للواحد الديان، فالخضوع الحقيقي هو عند بابه، واللائذ القوي من لاذ بجنابه، مكث محمد -صلى الله عليه وسلم- بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد، ثم هاجر إلى المدينة عشر سنوات يبدأ في التوحيد ويعيد، سكرات الموت تعالج روحه الشريفة وهو يصيح في التوحيد لا تجعلوا قبري وثناً يعبد ، فكيف بمن يقدم لغير الله النذور ويستغيث بالبشر لدفع الشرور أين لا إله إلا الله من هؤلاء !! أيها الناس: ومن آكد الأمور بعد التوحيد: إقام الصلاة، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال تعالى)وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ(، وقال سبحانه:
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، احذروا من التهاون بأمر الصلاة، أو التفريط فيها، أو تأخيرها عن وقتها المشروع، أو الاشتغال بالتوافه عنها فقد جاء الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد لمن فعل ذلك، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)، وقال عز من قائل): فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) وويل وغي واديان من أودية جهنم شديد حرها بعيد قعرها والعياذ بالله فربوا إخوة الإيمان أبناءكم على حب الصلاة وتعلق الروح بها فهم وديعة الله عندكم معشر المسلمين- في هذا المشهد الطيب المهيب، وقد خرجتم من دياركم، فرحين مستبشرين، مقبلين على رب العالمين مبتهلين، راجين أن ينجزكم وعده وفضله العظيم فهنيئا لكم البشرى من رب رحيم، ما دمتم على الإيمان والاستقامة ثابتين إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * فالله الله بصدق الاستقامة والثبات حتى الممات الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد أخي في الله يجب أن تفرح في العيد ، نعم يجب ، مهما ألمت بالأمة المآسي والأحزان ، الفرح في العيد فرض ، ويجب أن تلقي الفرح في قلوب من حولك ، من أولاد صغار ، وأم رؤوم و زوجة وفية قاسمتك الحياة حلوها ومرها ، هذا الذي يفتعل مشكلة في العيد بعيد عن الإسلام بعد الأرض عن السماء ، هذه أيام فرح وإخاء، وبسمة وصفاء , أيام تأسس لغدٍ جديد وعقد فريد من صلة الأرحام والرضا والوئام لتقربنا إلى الواحد الديان ليس العيد هو يوم يبتدئ بطلوع الشمس وينتهي بغروبها ، ولكنه يوم تعم فيه المسرات ، تلبى فيه الحاجات ، يرأب الصدع بين الأسر ، تكون العلاقة بين من حولك علاقة حسنة ، قال تعالى (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)
ولا يستوي في الحكم عبدان : واصلٌ * وعبد لأرحام القرابة قاطعُ
أخي الكريم أنت في العيد ماذا تقول كيف منطقك ؟ وقد قال الصادق في القول عليه الصلاة والسلام ( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً) كلمة ازدراء ، غيبة ، نميمة ، والسيدة عائشة وصفت أختها صفية رضي الله عنهما بأنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ) لا في غيبة ، ولا نميمة ، ولا بهتان ، ولا استعلاء ، ولا كبر ، ولا غطرسة ، كلما تواضع الإنسان علا عند الله ، كان النبي عليه الصلاة والسلام من رآه بديهة هابه ، ومن عامله أحبه ، ينبغي أن تكون أيها المسلم مصدر أمن لإخوانك ، مصدر خير لهم ، مصدر تطمين
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا * فيهتك الله ستراً عن مساويكا
واذكر محاسن مافيهم اذا ذُكروا * ولا تَعِب أحداً فيهم بما فيكا
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد أخي المسلم في العيد ينبغي أن نصحو من غفلتنا (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) أيام العيد كالواحة في الصحراء نسترجع بها بعض المعاني المقدسة أيها الأخوة الكرام ، بطولتنا أن نعزو ما نحن فيه إلى أخطائنا بدءاً (ما من عثرة ، ولا اختلاج عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر) ونهاية بالمحن الكبيرة التي يعانيها المسلمون ، من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، فلنراجع علاقتنا مع الخالق سبحانه ولنصحح الطريق إلى الله لنسعد في الدارين ونظفر بالحسنيين .
وعلّقت الرجاء على جواد فعدت و في يدي الكنز الثمين
فحبل الناس مهما كان رث وحبل الله والتقوى متين
الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد إخوة الإسلام إننا فهو هذا اليوم الأغر الفضيل ومن واجبنا أن دعم إخواننا المجاهدين المرابطين في الثغور، الذين يدفعون عن بيضة الإسلام، ويدرؤون الخطر الصفوي الحوثي عن بلادنا بالدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر، وأن نخلفهم في أهليهم بخير فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم
من جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا رواه الشيخان ونحن معهم بدعائنا وقلوبنا ضد هذه الفئة الضالة المضلة من الحوثيين ومن ناصرهم ومالئهم والتي تكشف عوارها وظهر خزيها لكل عاقل شريف في خبث ظاهرهم وباطنهم لبلادهم وللمسلمين ولقد كان للملكة العربية السعودية موقف بطولي لا ينسى وتاج عز وموقف عزم وحزم ضد هذه الشرذمة المجرمة التي تسعى للانتشار ونشر فكرها الأعوج تارة بالقوة والحرب وهجير أهل السنة وتارة بالإغراء بالمال واستغفال البسطاء، فلله الحمد والمنة بوقفه حكامنا الأبية وبنصرهم للحق ضد أذناب الباطل وورثة كل جيفة ردية نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرد كيد هذه الفئة ومن معهم ومن ورآءهم على أعقابهم خاسرين، وأن يجعلهم عبرة للمعتبرين.. نسأله تعالى أن ينصر جندنا عليهم، وأن يخلص اليمن والأمة من شرهم، وأن يضرب الذل والهوان عليهم أينما كانوا ونسأله جل شأنه أن يرحم شهدائنا ويرفع نزلهم في عليين إنه سميع مجيب الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد أقول قولي هذا واستغفر الله الرحمن من كل ذنب وعصيان استغفر الله استنغفر الله استغفر الله ..
خطبة 2
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر ما حنت قلوب الحجاج إلى بيت الله الحرام.
الله أكبر ما تجردوا من المخيط في أماكن الإحرام.
الله أكبر ما رفعوا أصواتهم بالتلبية إجابة للملك العلام.
الله أكبر ما طافوا وما سعوا ونعموا بزمزم والمقام.
الله أكبر ما اجتمع المسلمون في هذا اليوم وهو من أشرف الأيام.
الله أكبر ما صلوا وما نحروا وشكروا الله على نعمة الإسلام.
الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه (وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ) (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد :- عباد الله: هاهي ذي أيام العشر الأوائل الفاضلة تختتم وتتوج بأحب الأعمال إلى الله -تعالى- صلاة العيد ونحر الأضحية، منسكان تعبديان عظيمان، يقترنان في الفضل والثواب، فهنيئا لمن أقاموا الصلاة مخلصين، وهي عمود الدين، وتقربوا إلى الله بالأضحية صادقين محتسبين، وهي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين، ذلك برهان الإيمان والطاعة والانقياد، وشاهد الاستجابة والتسليم لرب العباد، تأسياً بسيرة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-، يوم جاءهما الابتلاء الشديد بما لا تطيقه نفس إنسان، حيث ُأمر الأب الشيخ الكريم، بوحي في المنام، أن يذبح وليده البر الحليم وكانت الاستجابة منهما معاً بمطلق الطاعة والتسليم لرب العالمين وحين لم يبق بعد العزم الأكيد إلا أن يراق الدم الزكي، جاء الجزاء والفداء من رب حليم كريم بذبح عظيم فاستمعوا وتدبروا الوصف القرآني المبين لهذا المشهد المثير، في قمة البيان والإقناع والتأثير
(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) فقربوا -معشر المؤمنين- أضحياتكم لله -تعالى- بهذه المعاني من التضحية والفداء، وعظموا فيها شعائر الله -جل وعلا-، فإنها منسك توحيد وطاعة، وشكر وعبادة، وما هي تقليد ولا فعل عادة واعلموا أن الله -تعالى- جميل يحب الجمال، طيب لا يقبل إلا طيبا، فانظروا ماذا تقربون إلى ربكم، وهو صاحب الفضل العظيم عليكم، واصدقوه مخلصين فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وكونوا من أهل الإحسان، فإن الله يحب المحسنين، والإسلام دين الإحسان والإتقان في كل شيء كما قال الله –تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا وكما أخبر رسوله الصادق الأمين إن الله -تعالى- كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته
ً وهكذا إذاً يخرج الدم الذي يضر الآكل أن يبقى في الذبيحة، هكذا إذاً يا عباد الله تفعل ولا تذبح واحدة بحضرة الأخرى، وهذا من الرفق بالحيوان الذي سبق به الإسلام نظم هذا الزمان، فإذا ذبحت يا عبد الله فلا تسلخ إلا بعدما تسكن، وتذهب حركتها، ثم تقطعها كذلك فاذبحوا أضحياتكم لربكم راضين مطمئنين، وكلوا منها حامدين شاكرين، وتصدقوا محتسبين، فإنما هي من الله -تعالى- نعمة وفضل واختبار، وهي إلى الله شاهد تقوى وشكر واعتذار (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) وإذا كنا في الفطر نأكل تمرات قبل أن نقدم المصلى فإننا في عيد الأضحى لا نأكل إلا من الأضحية بعد صلاة العيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكلوا هنيئاً مريئاً مباركاً ما أحله الله لكم في هذه الشريعة وفي هذا الدين ومن كان لا يستطيع على قيمة الأضحية فإن الرسول الرحيم قد ضحى عن نفسه وعن من لم يستطع من أمته بكبشين أقرنين أملحين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد اللهم اجعل بهجة الأعياد صدق يقين في قلوب العباد، اللهم اجمع في هذا العيد شملنا، ويسر أمرنا، وحقق وئامنا ووفاقنا، واجعلنا طائعين كما أمرتنا، متراحمين كما أوصيتنا.اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، اللهم أصلح لنا الأهل والبنين والبنات، وارحم لنا الآباء والأمهات، اللهم من كان منهم حيا فأحيه أسعد حياة، ومن كان منهم ميتا فتقبله بأوسع الرحمات، وأسكنه عندك فسيح الجنات، واجمعنا بهم في أسعد اللحظات. يا رفيع الدرجات، يا عظيم البركات، يا مجيب الدعوات..اللهم ارحم من كانوا معنا وبيننا فيما مضى من الأعياد ملء السمع والبصر , غادروا دنيانا إلى ضيق الحفر , فارقوا الأهل وكل حميم , وهم الآن بين يدي رحمتك وجوارك الكريم اللهم آنس وحشتهم واجمعنا بهم جنات ونهر في مقعد صدق عن مليك مقتدر اللهم إننا ندعوك أن تعيد علينا هذا العيد بالصحة في الجسد، وبالصلاح في الولد، وبالرخاء والطمأنينة في البلد. اللهم فرج كرب إخواننا في فلسطين وسوريا وبورما واليمن ، اللهم حقق بهجة الأعياد في بلادهم، اللهم أفرح اليتامى والثكالى في ديارهم. اللهم واحفظ بلدنا من كل المحن، وجنبه يا مولانا كل الفتن، اللهم وفق ولاة أمورنا لخير هذا الدين ، واجعلنا اللهم في بلدنا آمنين مطمئنين ، وجميع المسلمين، في كل مكان وفي كل حين أعاد الله علينا هذا العيد باليمن والخير والبركة، وكل عام والجميع بخير ثم اعلموا أيها الناس أن الله أمركم بالصلاة والسلام على صفوة الأنام فقال في محكم التنزيل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) اللهم صَلِّ على سيـّدنا مُحمـّد عدد ما ذكره الذّاكرون الأبرار و صَلِّ اللهم على سيـّدنا مـُحمـّد ما تعاقب اللـّيل و النـّهار و على آله و صحبه من المـُهاجرين و الأنصار و سلِـّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أما بعد: فأوصيكم -عبادَ الله- بتقوى الله، فإنها سعادةُ الأبرار، وقوامُ حياةِ الأطهار، تمسَّكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها. إخوة الإيمان: العقيدة العقيدة، يا أهل العقيدة، فلا دين بلا عقيدة، من أجل العقيدة وترسيخها، بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) عباد الله: السموات رفعت، والأرض بسطت، وخلق الله الخلائق، ونصبت الموازين، والجنة أزلفت، وجهنم أحضرت، والآخرة أعدت، والدنيا كلها أقيمت، لأي شيء؟! لتوحيد الله وإفراده بالعبادة قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ) أي يوحدونه. ولـ"لا إله إلا الله" عقيدة يدين بها المؤمن للواحد الديان، فالخضوع الحقيقي هو عند بابه، واللائذ القوي من لاذ بجنابه، مكث محمد -صلى الله عليه وسلم- بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد، ثم هاجر إلى المدينة عشر سنوات يبدأ في التوحيد ويعيد، سكرات الموت تعالج روحه الشريفة وهو يصيح في التوحيد لا تجعلوا قبري وثناً يعبد ، فكيف بمن يقدم لغير الله النذور ويستغيث بالبشر لدفع الشرور أين لا إله إلا الله من هؤلاء !! أيها الناس: ومن آكد الأمور بعد التوحيد: إقام الصلاة، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال تعالى)وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ(، وقال سبحانه:
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، احذروا من التهاون بأمر الصلاة، أو التفريط فيها، أو تأخيرها عن وقتها المشروع، أو الاشتغال بالتوافه عنها فقد جاء الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد لمن فعل ذلك، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)، وقال عز من قائل): فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) وويل وغي واديان من أودية جهنم شديد حرها بعيد قعرها والعياذ بالله فربوا إخوة الإيمان أبناءكم على حب الصلاة وتعلق الروح بها فهم وديعة الله عندكم معشر المسلمين- في هذا المشهد الطيب المهيب، وقد خرجتم من دياركم، فرحين مستبشرين، مقبلين على رب العالمين مبتهلين، راجين أن ينجزكم وعده وفضله العظيم فهنيئا لكم البشرى من رب رحيم، ما دمتم على الإيمان والاستقامة ثابتين إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * فالله الله بصدق الاستقامة والثبات حتى الممات الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد أخي في الله يجب أن تفرح في العيد ، نعم يجب ، مهما ألمت بالأمة المآسي والأحزان ، الفرح في العيد فرض ، ويجب أن تلقي الفرح في قلوب من حولك ، من أولاد صغار ، وأم رؤوم و زوجة وفية قاسمتك الحياة حلوها ومرها ، هذا الذي يفتعل مشكلة في العيد بعيد عن الإسلام بعد الأرض عن السماء ، هذه أيام فرح وإخاء، وبسمة وصفاء , أيام تأسس لغدٍ جديد وعقد فريد من صلة الأرحام والرضا والوئام لتقربنا إلى الواحد الديان ليس العيد هو يوم يبتدئ بطلوع الشمس وينتهي بغروبها ، ولكنه يوم تعم فيه المسرات ، تلبى فيه الحاجات ، يرأب الصدع بين الأسر ، تكون العلاقة بين من حولك علاقة حسنة ، قال تعالى (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)
ولا يستوي في الحكم عبدان : واصلٌ * وعبد لأرحام القرابة قاطعُ
أخي الكريم أنت في العيد ماذا تقول كيف منطقك ؟ وقد قال الصادق في القول عليه الصلاة والسلام ( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً) كلمة ازدراء ، غيبة ، نميمة ، والسيدة عائشة وصفت أختها صفية رضي الله عنهما بأنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام يا عائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته ) لا في غيبة ، ولا نميمة ، ولا بهتان ، ولا استعلاء ، ولا كبر ، ولا غطرسة ، كلما تواضع الإنسان علا عند الله ، كان النبي عليه الصلاة والسلام من رآه بديهة هابه ، ومن عامله أحبه ، ينبغي أن تكون أيها المسلم مصدر أمن لإخوانك ، مصدر خير لهم ، مصدر تطمين
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا * فيهتك الله ستراً عن مساويكا
واذكر محاسن مافيهم اذا ذُكروا * ولا تَعِب أحداً فيهم بما فيكا
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد أخي المسلم في العيد ينبغي أن نصحو من غفلتنا (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) أيام العيد كالواحة في الصحراء نسترجع بها بعض المعاني المقدسة أيها الأخوة الكرام ، بطولتنا أن نعزو ما نحن فيه إلى أخطائنا بدءاً (ما من عثرة ، ولا اختلاج عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر) ونهاية بالمحن الكبيرة التي يعانيها المسلمون ، من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ، فلنراجع علاقتنا مع الخالق سبحانه ولنصحح الطريق إلى الله لنسعد في الدارين ونظفر بالحسنيين .
وعلّقت الرجاء على جواد فعدت و في يدي الكنز الثمين
فحبل الناس مهما كان رث وحبل الله والتقوى متين
الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد إخوة الإسلام إننا فهو هذا اليوم الأغر الفضيل ومن واجبنا أن دعم إخواننا المجاهدين المرابطين في الثغور، الذين يدفعون عن بيضة الإسلام، ويدرؤون الخطر الصفوي الحوثي عن بلادنا بالدعاء لهم بالثبات والصبر والنصر، وأن نخلفهم في أهليهم بخير فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم
من جَهَّزَ غَازِيًا في سَبِيلِ الله فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا في سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا رواه الشيخان ونحن معهم بدعائنا وقلوبنا ضد هذه الفئة الضالة المضلة من الحوثيين ومن ناصرهم ومالئهم والتي تكشف عوارها وظهر خزيها لكل عاقل شريف في خبث ظاهرهم وباطنهم لبلادهم وللمسلمين ولقد كان للملكة العربية السعودية موقف بطولي لا ينسى وتاج عز وموقف عزم وحزم ضد هذه الشرذمة المجرمة التي تسعى للانتشار ونشر فكرها الأعوج تارة بالقوة والحرب وهجير أهل السنة وتارة بالإغراء بالمال واستغفال البسطاء، فلله الحمد والمنة بوقفه حكامنا الأبية وبنصرهم للحق ضد أذناب الباطل وورثة كل جيفة ردية نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرد كيد هذه الفئة ومن معهم ومن ورآءهم على أعقابهم خاسرين، وأن يجعلهم عبرة للمعتبرين.. نسأله تعالى أن ينصر جندنا عليهم، وأن يخلص اليمن والأمة من شرهم، وأن يضرب الذل والهوان عليهم أينما كانوا ونسأله جل شأنه أن يرحم شهدائنا ويرفع نزلهم في عليين إنه سميع مجيب الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد أقول قولي هذا واستغفر الله الرحمن من كل ذنب وعصيان استغفر الله استنغفر الله استغفر الله ..
خطبة 2
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر ما حنت قلوب الحجاج إلى بيت الله الحرام.
الله أكبر ما تجردوا من المخيط في أماكن الإحرام.
الله أكبر ما رفعوا أصواتهم بالتلبية إجابة للملك العلام.
الله أكبر ما طافوا وما سعوا ونعموا بزمزم والمقام.
الله أكبر ما اجتمع المسلمون في هذا اليوم وهو من أشرف الأيام.
الله أكبر ما صلوا وما نحروا وشكروا الله على نعمة الإسلام.
الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه (وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ) (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد :- عباد الله: هاهي ذي أيام العشر الأوائل الفاضلة تختتم وتتوج بأحب الأعمال إلى الله -تعالى- صلاة العيد ونحر الأضحية، منسكان تعبديان عظيمان، يقترنان في الفضل والثواب، فهنيئا لمن أقاموا الصلاة مخلصين، وهي عمود الدين، وتقربوا إلى الله بالأضحية صادقين محتسبين، وهي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين، ذلك برهان الإيمان والطاعة والانقياد، وشاهد الاستجابة والتسليم لرب العباد، تأسياً بسيرة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-، يوم جاءهما الابتلاء الشديد بما لا تطيقه نفس إنسان، حيث ُأمر الأب الشيخ الكريم، بوحي في المنام، أن يذبح وليده البر الحليم وكانت الاستجابة منهما معاً بمطلق الطاعة والتسليم لرب العالمين وحين لم يبق بعد العزم الأكيد إلا أن يراق الدم الزكي، جاء الجزاء والفداء من رب حليم كريم بذبح عظيم فاستمعوا وتدبروا الوصف القرآني المبين لهذا المشهد المثير، في قمة البيان والإقناع والتأثير
(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) فقربوا -معشر المؤمنين- أضحياتكم لله -تعالى- بهذه المعاني من التضحية والفداء، وعظموا فيها شعائر الله -جل وعلا-، فإنها منسك توحيد وطاعة، وشكر وعبادة، وما هي تقليد ولا فعل عادة واعلموا أن الله -تعالى- جميل يحب الجمال، طيب لا يقبل إلا طيبا، فانظروا ماذا تقربون إلى ربكم، وهو صاحب الفضل العظيم عليكم، واصدقوه مخلصين فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وكونوا من أهل الإحسان، فإن الله يحب المحسنين، والإسلام دين الإحسان والإتقان في كل شيء كما قال الله –تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا وكما أخبر رسوله الصادق الأمين إن الله -تعالى- كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته
ً وهكذا إذاً يخرج الدم الذي يضر الآكل أن يبقى في الذبيحة، هكذا إذاً يا عباد الله تفعل ولا تذبح واحدة بحضرة الأخرى، وهذا من الرفق بالحيوان الذي سبق به الإسلام نظم هذا الزمان، فإذا ذبحت يا عبد الله فلا تسلخ إلا بعدما تسكن، وتذهب حركتها، ثم تقطعها كذلك فاذبحوا أضحياتكم لربكم راضين مطمئنين، وكلوا منها حامدين شاكرين، وتصدقوا محتسبين، فإنما هي من الله -تعالى- نعمة وفضل واختبار، وهي إلى الله شاهد تقوى وشكر واعتذار (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) وإذا كنا في الفطر نأكل تمرات قبل أن نقدم المصلى فإننا في عيد الأضحى لا نأكل إلا من الأضحية بعد صلاة العيد كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكلوا هنيئاً مريئاً مباركاً ما أحله الله لكم في هذه الشريعة وفي هذا الدين ومن كان لا يستطيع على قيمة الأضحية فإن الرسول الرحيم قد ضحى عن نفسه وعن من لم يستطع من أمته بكبشين أقرنين أملحين الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولله الحمد اللهم اجعل بهجة الأعياد صدق يقين في قلوب العباد، اللهم اجمع في هذا العيد شملنا، ويسر أمرنا، وحقق وئامنا ووفاقنا، واجعلنا طائعين كما أمرتنا، متراحمين كما أوصيتنا.اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، اللهم أصلح لنا الأهل والبنين والبنات، وارحم لنا الآباء والأمهات، اللهم من كان منهم حيا فأحيه أسعد حياة، ومن كان منهم ميتا فتقبله بأوسع الرحمات، وأسكنه عندك فسيح الجنات، واجمعنا بهم في أسعد اللحظات. يا رفيع الدرجات، يا عظيم البركات، يا مجيب الدعوات..اللهم ارحم من كانوا معنا وبيننا فيما مضى من الأعياد ملء السمع والبصر , غادروا دنيانا إلى ضيق الحفر , فارقوا الأهل وكل حميم , وهم الآن بين يدي رحمتك وجوارك الكريم اللهم آنس وحشتهم واجمعنا بهم جنات ونهر في مقعد صدق عن مليك مقتدر اللهم إننا ندعوك أن تعيد علينا هذا العيد بالصحة في الجسد، وبالصلاح في الولد، وبالرخاء والطمأنينة في البلد. اللهم فرج كرب إخواننا في فلسطين وسوريا وبورما واليمن ، اللهم حقق بهجة الأعياد في بلادهم، اللهم أفرح اليتامى والثكالى في ديارهم. اللهم واحفظ بلدنا من كل المحن، وجنبه يا مولانا كل الفتن، اللهم وفق ولاة أمورنا لخير هذا الدين ، واجعلنا اللهم في بلدنا آمنين مطمئنين ، وجميع المسلمين، في كل مكان وفي كل حين أعاد الله علينا هذا العيد باليمن والخير والبركة، وكل عام والجميع بخير ثم اعلموا أيها الناس أن الله أمركم بالصلاة والسلام على صفوة الأنام فقال في محكم التنزيل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) اللهم صَلِّ على سيـّدنا مُحمـّد عدد ما ذكره الذّاكرون الأبرار و صَلِّ اللهم على سيـّدنا مـُحمـّد ما تعاقب اللـّيل و النـّهار و على آله و صحبه من المـُهاجرين و الأنصار و سلِـّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .