خطبة: الأُسْرَةُ مِيثَاقٌ وَوِفَاق. "تعميم وزاري"

وليد بن محمد العباد
1445/05/09 - 2023/11/23 07:44AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: الأُسْرَةُ مِيثَاقٌ وَوِفَاق

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأَشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد حَثَّ الإسلامُ على بناءِ الأُسْرَةِ ورَغَّبَ في الزّواج، لمَا يُحقّقُه مِن مصالحَ خاصّةٍ وعامّة، ومنها الإعفافُ والإشباعُ للرّغبةِ الفطريّةِ لكلا الطّرفينِ بالحلال، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. ومنها أنّه بابٌ للأجرِ والرّزْقِ والغِنَى ، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يُريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يُريدُ العفاف. قالَ تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ومنها ما يَحصُلُ بينَ الزّوجينِ مِن السّكنِ والمودّةِ والرّحمة، قالَ تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) ومنها بقاءُ النّسلِ وتَكثيرُ الأمّة، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ولهذا فقد اعتنى الإسلامُ بالأسرةِ منذُ بدايةِ تكوينِها وفي جميعِ مراحلِها، ووَضَعَ لها الآدابَ وبَيَّنَ الحقوق، لتكونَ أسرةً صالحةً فبصلاحِها يَصلُحُ المجتمع، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ للرّجل: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. وقالَ للمرأةِ ووَليِّها: إذا أتَاكم مَن تَرضونَ دينَه وخُلُقَه فزَوّجُوه. فإذا قامتِ الأسرةُ على هذا الأساس، رَفْرَفَتْ عليها أطيارُ السّعادةِ، وأَدَّى أفرادُها ما عليهم مِن حقوقٍ وواجباتٍ ومسؤوليّات، برغبةٍ وحُبٍّ واحتساب، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: كلُّكم راعٍ وكلُّكم مَسؤولٌ عن رعيّتِهِ. مع التّحلّي بالصّبرِ والتّغاضي عن الهفواتِ والمشكلات، وحِفْظِ العهدِ وعدمِ نسيانِ الفَضْل والتّضحيات، فإذا جاءَ الأبناءُ والبنات، نشأُوا في بيئةٍ سليمةٍ متوازنة، يَجدونَ فيها الاستقرارَ النّفسيّ، والإشباعَ العاطفيّ، فيَنعكسُ أثرُ ذلك عليهم بالرّضا والقناعةِ وحُسْنِ الخُلُقِ والعطاء، وعلى المجتمعِ بالصّلاحِ والنّماءِ والبناء، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وأَعِيدُوا للأسرةِ جمالَها واجتماعَها وهيبتَها وقوّتَها، فالأسرةُ زينةُ الحياة، هي الحِصْنُ الوافي، والحِضْنُ الدّافي، والملاذُ الآمن، الأسرةُ سَكَن، الأسرةُ وَطَن، الأسرةُ هي المأوى والعُدّة، في الرّخاءِ والشّدّة، الأسرةُ توجيهُ مُحِبّ، ونصيحةُ مُجَرّب، الأسرةُ مشروعٌ ناجح، واستثمارٌ رابح، الأسرةُ ميثاقٌ ووِفَاق، ووفاءٌ وأخلاق، الأسرةُ اجتماعٌ وأُلفةٌ وتلاحم، وتفاهمٌ وتعاونٌ وتراحم، الأسرةُ لذّةٌ وسعادة، وتربيةٌ وعبادة، الأسرةُ مودّةٌ ورحمة، الأسرةُ نعمةٌ وما أعظمَها مِن نعمة، فاللهمّ وَفّقْ جميعَ أبناءِ وبناتِ المسلمينَ للزّواج، وأَعِنْهم على بناءِ أُسَرِهم على تقوى مِن اللهِ ورضوان، اللهمّ أَقِرَّ أعينَ كلِّ أبٍ وأمٍّ بزواجِ أبنائِهم وبناتِهم، ورؤيةِ أُسرِهم في صحّةٍ وعافيةٍ وصلاحٍ وغِنًى وسعادة، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:

اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

دعاء الاستسقاء،،،

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 10/ 5/ 1445هـ

المشاهدات 1954 | التعليقات 0