خطبة الآداب العشر للأسواق في الإسلام
الشيخ السيد مراد سلامة
خطبة الآداب العشر للأسواق في الإسلام
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد: فالإسلام أيها الإخوة الكرم ليس بمنأى عن ميادين الحياة بل جاء الإسلام لينظم ويضبط الأمور الدنيوية بنظام الشرع الحكيم الذي يحفظ على الناس دينهم ودنياهم، معاشهم ومعادهم، ومن ذلك الأسواق، فقد أولى الإسلام الحياة الاقتصادية عناية كبيرة وسنن لها السنن وشرع لها الآداب واليوم نقف مع عشرة آداب لا على سبيل الحصر وإنما على سبيل التذكير وإلا فهناك آداب أخرى غير التي ذكرتها يجدها المسلم في مظانها فأعيروني القلوب و الأسماع
1
-ذكر الله تعا:
إخوة الإسلام أول هذه الآداب أن يكثر المسلم من ذكر الله تعالى وألا يلهه السوق عن ذكر ربه ومولاه فالأسواق مظنة الغفلة و الاشتغال عن ذكر الكبير المتعال ...................... وقد اثنى الله على عباده المؤمنين بذلك في محكم التنزيل فقال جل جلاله: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، وَذَمَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- آخَرِينَ بِقَوْلِهِ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 11]. قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ--فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ-: ((لَا تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَفِيهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ)).([1]) المعركةُ موضعُ القتال. لمعاركة الأبطال بعضهم بعضًا فيها، ومُصارعتهم. فشبَّه السوقَ وفعل الشيطان بأهله، ونيله منهم، بالمعركة لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل: كالغش والخداع والأيمان الخائنة والعقود الفاسدة والنجش والبيع على بيع أخيه والشراء على شرائه والسوم على سومه وبخس المكيال والميزان. والسوق تؤنث وتذكر. سميت بذلك لقيام و تأملوا عباد الله في فضل الذكر في الأسوق روى الترمذي في «جامعه»([2]) وأحمد في «مسنده»([3]) وغيرهما([4]) عن عمر بن الخطاب t أن رسول الله r قال: «من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورَفَعَ له ألفَ ألفِ درجة» .
2-طَلَبُ الرِّزْقِ الْحَلَالِ
من الآداب التي ينبغي عليك أن تحرص عليها أن تبتغي الرزق الحلال و أن تبتعد عما حرم الله من البيوع المحرمة و من الربا و غير ذلك قَالَ تَعَالَى: {قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 100]. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168]. واعلم بارك الله فيك أن رزقك مكتوب ولن تموت حتى تستكمل رزقك فلا يغرينك الشيطان فتطلبه بما حرام الله تعالى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- -وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ)) ([5]).
3-غضّ البصر عن الحرم، إخوة الإسلام: ا
لأسواق مظنة الاختلاط بين الرجال والنساء لذا ينبغي وعلى المسلم إذا دخل السوق وكذلك المسلمة أن يغضوا أبصارهم لأمر الله تعالى حيث قال وهو أصدق القائلين قال الله: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) [النور: 30]. يقول تعالى ذكره لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ)) بالله وبك يا محمد ((يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)) يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه، مما قد نهاهم الله عن النظر إليه ((وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)) أن يراها من لا يحلّ له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم ((ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)) يقول فإن غضها من النظر عما لا يحلّ النظر إليه، وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين؛ أطهر لهم عند الله وأفضل ((إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس فيما أمركم به من غض أبصاركم عما أمركم بالغضّ عنه، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له(6). والمرأة المسلمة، مأمورة بذلك أيضا، قال الله: ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)) [النور: 31]، عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبه))([6]).
4--عدم رفع الأصوات في الأسواق:
أحبابي الكرام :إن من أخلاقيات وآداب الأسواق أيضا أن يبتعد المسلم والمسلمة عن الصخب ورفع الأصوات في الأسواق و عن السب و القدح فليس ذلك من أخلاق المسلمين فمن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة أنه صلى الله عليه وسلم ليس بصخاب في الأسواق عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَقَدْ سُئِلَ عَنْ وَصْفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: ((أَجَلْ؛ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِصِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ -وَأَيْضًا بِالسِّينِ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ بَيْنَ السِّينِ وَالصَّادِ، وَهُمَا بِمَعْنًى- وَلَا سَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ؛ بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا)). ([7])
5-البعد عن الإضرار بأهل السوق من التجار:
أمة الحبيب الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم-: و من أخلاقيات و آداب الأسواق أن يبتعد المسلم عن الإضرار بغيره من التجار بألا يبيع بأرخص منهم بقصد الإضرار بهم وإحداث الكساد لتجارتهم، وقد و قد نهي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عن ذلك السلوك، فقد روي عن سعيد بن المسيب: «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر على حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وهو يبيع زبيبا له في السوق، فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا» ([8])، وما روي عن عمرو بن شعيب قال: «وجد عمر بن الخطاب حاطب بن أبي بلتعة يبيع الزبيب بالمدينة، فقال: كيف تبيع يا حاطب؟، فقال: مُدّين، فقال له عمر: تبتاعون بأبوابنا وأفنيتنا وأسواقنا، وتقطعون في رقابنا، ثم تبيعون كيف شئتم، بع صاعاً وإلا فلا تبع في سوقنا، وإلا فسيروا في الأرض واجلبوا ثم بيعوا كيف شئتم»([9])، وهكذا وضع عمر رضي الله عنه نظاما للبيع والشراء فإما أن يبيع كما يبيع التجار وإما أن يتجول في مكان أخر حتى لا يضر بغيره وبنظام السوق .....................
6-السماحة في البيع والشراء:
أمة الإسلام: لقد دعاكم الإسلام إلى السماحة في البيع والشراء في الأخذ والعطاء وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن اتصف بالسماحة بالرحمة. عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)).([10]) قال ابن بطال: (فيه الحضُّ على السَّمَاحَة، وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة والرقة في البيع، وذلك سبب إلى وجود البركة فيه؛ لأن النَّبي عليه السلام لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم، في الدنيا والآخرة) . .([11]) خرَّج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح كتابين بعد كتاب الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اشترى رجلٌ من رجل عقاراً، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جَرَّة فيها ذهب، فقال الذي اشترى العقار للبائع: خذ ذهبك، أنا اشتريت منك الأرض، ولم أشتر الذهب؛ وقال الذي باع له الأرض: إنما بعتُك الأرض وما فيها؛ فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدُهما: نعم؛ وقال الآخر: لي جارية - أي بنت؛ قال: أنكحا الغلام الجارية، وأنفقا على أنفسهما منه؛ فانصرفا". .([12]) يا لله العجب ممن نعجب عباد الله من ورع وتقوى المشتري أم من سماحة وكرم البائع عباد الله؟
-الصدق وعدم الحلف7
معاشر الموحدين: ومن آداب البيع و الشراء التي حثنا عليها إمام الأصفياء صلى الله عليه وسلم-الصدق في القول و عدم الحلف فَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم-: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).([13]). فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((الْحَلِفُ مُنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ)). وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: ((الْحَلِفُ الْكَاذِبُ..)). وَمَعْنَى: ((مَنْفَقَةٌ))؛ أَيْ: يَكْثُرُ الْمُشْتَرُونَ وَيَرْغَبُونَ فِي سِلْعَتِهِ بِسَبَبِ حَلِفِهِ، ((مَمْحَقَةٌ)): مِنَ الْمَحْقِ وَهُوَ النَّقْصُ وَالْإِعْطَالُ. وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))، قَالَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا.. مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ))([14]) أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد
8-عدم الغش في البيع والشراء:
من آداب البيع أيضا عدم الغش و إظهار ما في البيع من عيوب فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ مِنْ طَعَامٍ -مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم- عَلَى كَوْمَةٍ مِنْ طَعَامٍ-، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا, فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟!» قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم-: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟! مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي([15]). قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إِلَّا أَخْبَرَهُ)) ؛ أَيْ: إِلَّا أَخْبَرَ الْمُشْتَرِيَ
. 9-مِنْ آدَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: الْإِكْثَارُ مِنَ الصَّدَقَاتِ. لِمَاذَا؟!!
أحباب الحبيب صلى الله عليه وسلم-:ومن آداب البيع والشراء الصدقة لأن البيع يحضره الشيطان كما أخبرنا بذلك النبي العدنان صلى الله عليه وسلم فعن قَيْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم-وَنَحْنُ نُسَمِّي السَّمَاسِرَةَ، فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم-فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ، قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ! إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ؛ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ)). ([16])
10-العدل وعدم تطفيف الكيل والميزان:
إخوة الإسلام: ومن آداب البيع والشراء التي حثنا عليها رب الأرض و السماء العدل و إيفاء الكيل و الميزان فقد امرنا الله تعالى ألا نطغى في الميزان فقال الرحيم الرحمن {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7-9]. و أنزل الله تعالى سورة في القران الكريم في ذلك الشأن ألا وهي سورة المطففين فقال في مطلعها -: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 1-6]. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَمُرُّ بِالبَائِعِ فَيَقُولُ: «اتَّقِ اللهَ، وَأَوْفِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ، فَإِنَّ الْمُطَفِّفِينَ يُوقَفُونَ، حَتَّى إِنَّ الْعَرَقَ لَيُلْجِمُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ آذَانِهِمْ». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-لِأَصْحَابِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ: «إِنَّكُمْ قَدْ وُلِّيتُمْ أَمْرًا فِيهِ هَلَكَتِ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ قَبْلَكُمْ». قَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ: «وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ لِمَنْ يَبِيعُ بِحَبَّةٍ يُنْقِصُهَا جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ؛ وَيَشْتَرِي بِحَبَّةٍ يَزِيدُهَا وَادِيًا فِي جَهَنَّمَ يُذِيبُ جِبَالَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «وَلَمْ يُنْقِصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ المَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ». الدعاء ...........................
[1] - أخرجه مسلم (7/ 144) .
([2]) رقم (3428).
([3]) (1/47) رقم (327).
([4]) الدرامي (2692)، الحاكم (1/723) رقم (1976). الطبراني في «المعجم الكبير» (12/300) برقم (13175).
[5] - «سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط» (3/ 276): «وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (420)»
[6] - أخرجه أحمد (2/379، رقم 8919) ، والبخارى (6/2438، رقم 6238) ، ومسلم (4/2046، رقم 2657)
[7] -صحيح البخاري ، كتاب البيوع، باب كَرَاهِيَة السَّخَب في السُّوق، رقم (2125)، 3/ 66
[8] - أخرجه مالك (2/651، رقم 1328) ، وعبد الرزاق (8/207، رقم 14905) ، والبيهقى (6/29، رقم 10929)
[9] - «مصنف عبد الرزاق» (8/ 37 ط التأصيل الثانية)
[10] -رواه البخاري (2076).
[11] -((شرح صحيح البخاري)) (6/ 210).
[12] -أخرجه: البخاري 4/ 212 (3472)، ومسلم 5/ 133 (1721) (21).
[13] - أخرجه البخاري (2/11 ، 12 ، 12 ، 18 ، 19) ومسلم (5/10)
[14] - أخرجه البخاري (فتح 5/ 440 - 441 و 6/ 212 و 16/ 327 - 328)
[15] - أخرجه مسلم (1/69)
[16] - الترمذي رقم (1208) في البيوع، باب ما جاء في التجار، وأبو داود رقم (3326) و (3327) في البيوع، باب في التجارة يخالطها الحلف، والنسائي 7/15 في الأيمان، باب في اللغو والكذب، وإسناده صحيح.
المرفقات
1627892141_خطبة الآداب العشر للأسواق في الإسلام.pdf