خطبة اغتنام العشر الأواخر وليلة القدر
عبدالرحمن السحيم
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليّ الأعلى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى. أما بعد،
فاتقوا الله عباد الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
واعْلَمُوا أنَّكُم غدًا أمامَ اللهِ مَوْقُوفون، ويومَ العَرْضِ عليه مُحَاسَبون، وبأعمَالِكُم مجزِيُّون، واعلَموا أنَّ للقُبورِ وَحْشَةٌ أُنْسُها الأعمَالُ الصالحة، وبها ظُلْمَةٌ يُبدِّدُها تَدارُكُ الموَاسِمِ السَّانِحة، فلا تغُرَّنَّكمُ الحياةُ الدُّنيا، ولا تُلهيَنَّكُمْ عن الآخِرة، وقدموا صالحًا تسعدون به في قبوركم ويوم لقاء ربكم.
عباد الله: هنيئًا لمَنْ أدركَ أيَّامَ هذا الشّهرِ العَظِيمِ، ولَيَالِيه؛ فعَمِلَ فيهِ ما يَسُرُّهُ يومَ القِيَامةِ أنْ يَرَاه، هنيئًا لمن عَمَرَ شَهْرَهُ بطَاعَةِ ربِّهِ، وشُكْرِ مَوْلَاه، وإصلاح قلبه، وبدء صفحة جديدة في علاقته مع الله، هنيئًا لمن منّ الله عليه ببلوغ عشره الأواخر، غرة الليالي وخيرها..
عباد الله: هذه عشركم، وهذا شهركم، وهذا وقتكم في عبادة ربكم، هذه فرصتكم وهذه غنيمتكم، وقد تفضل الله عليكم بها، فمن عرف قدر النعمة عَمِلَ لها، الذي يعرف قدر بلوغ هذه العشر سيهتم بها، والذي لا يعرف ستمر عليه كبقية الليالي والأيام.
نعم عباد الله: إن ربنا سبحانه يَتَفَضَّلُ عَلَى عِبَادِهِ بِنَفَحَاتِ الخَيْرَاتِ وَمَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ، فَيَغْتَنِمُ الصَّالِحُونَ نَفَائِسَهَا، وَيَتَدَارَكُ الأَوَّابُونَ أَوَاخِرَهَا، لَيَالٍ مُبَارَكَةٍ فِيْ شَهْرٍ كَرِيْمٍ، أَبْوَابُ الجِنَانِ فِيْه مُفَتَّحةٌ، وأَبْوَابُ النَّارِ فِيْهِ مُغَلَّقَةٌ، والشَّيَاطِيْنُ فِيْهِ مُصَفَّدَةٌ، فَهِيَ فُرْصَةٌ لِمنْ كَان في حَيَاتِه مُقصِّـرًا لِيَلْحَقَ، ولِمنْ اِسْتحَقَّ بِذَنْبِه النَّارَ لِيُعتَقَ، ولِمنْ كَان في طَاعَاتِه مُتَأخِّرًا لِيَكُوْنَ الأسْبَقَ. ونَحْنُ نَدْخُلُ العَشَـرَ الأخِيْرَ مِنْ شَهْرِنَا، إِلَّا أَنَّ مَرَاكِبَهُ لم يَزَلْ فِيها مُتَّسَعٌ لمُسْتَعْتِبٍ ومُسْتَغْفِرٍ، ورَاجٍ عَفْوَ رَبِّهِ ورَحْمَتِهِ، وطَامِعٍ لِلَّحَاقِ بِرِكَابِ المُقَرَّبِيْنَ، ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾، فَأرُوا اللهَ مِنْ أنْفُسِكُم خَيْرًا، وادِّخِرُوا مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ لِحيَاتِكمْ الأُخْرَى؛ فِإِنَّ الأيَّامَ تُطْوَى سِرَاعًا، ويُسَاقُ الأحَيَاءُ إِلى قُبُورِهِمْ تِبَاعًا، ويوشك أن يحين دورنا، وتطوى صحائفنا، ومَا ثَمَّةَ إلَّا العَمَلُ الصَّالِحُ ورَحْمَةُ أَرْحَمِ الرَّاحِميْنَ.
عِبَادَ اللهِ: مِنْ فَضْلِ اللهِ –سبْحَانَه- أَنْ جَعلَ في رمَضانَ مَواسِمَ؛ ففَضَّلَ العَـشْرَ الأخِيْرةَ مِنه عَلى سَائِرِ الشَّهرِ، وجَعَلَ لَيْلَةَ القَدْرِ أفْضَلَ ليْلَةٍ في الشَّهْرِ، وكَانَ النَّبيُ ﷺ يَخُصُّ العَشْـرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ بأَعْمالٍ لا يَعْمَلُها فِي بَقِيَّةِ الشُّهُورِ؛ فكَانَ إِذَا دَخَلَتْ العَشْـرُ أَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ، وشَدَّ المِئزَرَ، وجَدَّ واجْتَهَد في طَاعةِ اللهِ؛ يَتَحرَّى فيْها ليْلةً مُبارَكةً هِيَ تَاجُ اللَّيَالي، برَكَاتُها عَدِيْدةٌ، وسَاعَاتُها مَعْدُوْدَةٌ، نَوَّه سُبْحَانَه بِشَأْنِها، وأَظْهرَ عَظَمتَها، فَقَالَ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾. العَمَلُ القلِيلُ فيها كَثِيرٌ، والكثَيرُ مِنْها مُضَاعَفُ، العِبَادةُ فيْها أفْضَلُ مِنْ عِبَادةٍ في أَلْفِ شَهْرٍ، وأفْضَلُ الكُتُبِ نَزَلَ في لَيْلَتِها: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾. ليْلَةٌ عَظِيمةٌ، أَخْبرَ اللهُ أنَّه يُفْرَقُ فِيها كُلُّ أمْرٍ حَكِيمٍ؛ أيْ: يُفصَلُ مِنْ اللَّوحِ المحْفُوظِ إِلى الكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنةِ، ومَا يكُونُ فِيْها مِن الآَجَالِ والأَرْزَاقِ، والخَيْرِ والشَّـرِّ، وغَيْرُ ذَلِك. يَصِلُ فِيها الرَّبُّ ويَقْطع، يَخْفِضُ ويَرْفعُ، يُعْطِي ويَمْنَعُ. خَلْقٌ عَظِيْمٌ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ لِشُهُوْدِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾، فتَتَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ لِكثْرةِ خَيرِها وبَرَكتِها،والمَلَائِكَةُ تَتَنَزَّلُ مَعَ البَرَكَةِ والرَّحْمَةِ. لَيْلةٌ هِي سَلَامٌ مِن اللهِ، فكُلُّهَا خَيْرٌ لا شَرِّ فِيْها إلى مَطْلَعِ الفَجْرِ.
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) مَنْ حُرم خيرها فقد حرم، ولا يحرم خيرها إلا محروم، ولمّا علم ربنا –سبحانه- قِصَر أعمارنا بالنسبة إلى من قبلنا جعل لنا هذه الليلة -التي عبادتها أفضل من عبادة ثلاث وثمانين سنة خيرًا من ألف شهر، فأي نعمة أعظم من نعمة المضاعفة! وبلوغ وقتها، ونفحاتها.
وأُخْفِيَتْ لِيَجْتَهِدَ طُلَّابُها فِي ابْتِغَائِهَا، فتَزْدَادُ العِبَادَةُ فِي العَشْرِ جَمِيْعًا.
فِي هَذِه اللَّيَالي يُسْتَحبُّ الإِكْثارُ مِن الدُّعاءِ والصَّلَاةِ وفِعْلِ الخَيرِ، تَقولُ عَائشةُ –رَضْي اللهُ عَنْها-: قلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ ليْلَةٍ ليْلةُ القَدْرِ، مَا أقُوْلُ فِيها؟ قال: (قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي). والقَائِمُ في ليْلَتِها بالتَّعَبُّدِ مَغْفورٌ لَه ذَنْبُه، قَالَ -عَليْه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: (مَنْ قَامَ ليْلةَ القْدرِ إِيْمانًا واحْتِسابًا غُفِر له ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِه). وكَانَ-عَليْه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يَعْتَكِفُ فِي العَشْـرِ الأَوَاخِرِ يَتَحَرَّى ليْلةَ القْدرِ، تَقولُ عَائشةُ –رَضْي اللهُ عَنْها-: "كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْـرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ،حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ".قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: "فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الاعْتِكَافَ مِنْ السُّنَنِ المُؤَكَّدَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّﷺ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ الِاقْتِدَاءُ فِي ذَلِكَ بِنَبِيِّهِم". فَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهَا فَهُوَ خَيْرٌ عَظِيمٌ، وَلَوِ اعْتَكَفَ بَعْضَهَا؛ فإِنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِن الاعتكاف وَالْقَلِيلُ عند جمهور أهل العلم.
وهَذِه الأيَّامُ مَوْسِمٌ لِلْمُتَصدِّقيْنَ، يَتَنَافَسُونَ فِيْهَا بالبَذْلِ والإِنْفاقِ في أبْوَابِ الخَيْراتِ وصَنَائِع المعْرُوفِ، ومَدِّ يَدِ العَوْنِ والصَّدَقةِ إلى ذَوْيَ الفَاقَةِ والحَاجَةِ، فدَاوُوا مَرْضَاكُم بالصَّدقةِ؛فَإِنَّها تَدْفعُ الأمْرَاضَ، وابْتَغُوا الضُّعَفاءَ والمحَاوِيجَ، وارْزُقوهُم تُرْزَقوا، وارْحمُوهُم تُرْحَموا؛ فَمَا اشْتَكَى فَقِيرٌ إلَّا مِن تَقْصِيرِ غَنَيٍّ، والشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ لِلْإِنْسَانِ ويَأْمُرُهُ بِالإِمْسَاكِ، ويُلْقِيْ لَهُ المَعَاذِيْرَ؛ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾.
نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يِبَارِكَ لَنَا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي العَشْـرِ، وأَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْإِحْسَانِ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ، وأَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَفُوْزُ فِيْهَا بِجَزِيْلِ الثَّوَابِ وعَظِيْمِ الأَجْرِ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِيْ وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنْ اَلْآَيَاتِ وَاَلْذِّكْرِ اَلْحَكِيْمِ، أَقُوْلُ قَوْلِيْ هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اَلْلهَ اَلْعَظِيْمَ لِيْ وَلَكُمْ،فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُوْرُ اَلْرَّحِيْمُ.
الخطبة الثانية/
الحمدُ للهِ العَليِّ الأعلى، خَلَقَ فَسَوَّى، وقَدَّرَ فهَدَى، أحمدُ ربِّي وأشكرُه على نِعَمِهِ التي لا تُحْصَى، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا الله وحدَهُ لا شَرِيكَ له، وأشهَدُ أنَّ نبيِّنا محمدًا عَبْدُه ورَسُولُه، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.. أما بعد:
ألَا فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ الله حَقَّ التَّقوَى وراقبوه في السر والعلانية، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ، وَخُذُوا مِنْ حَيَاتِكُمْ لِمَوْتِكُمْ، وَمِنْ صِحَّتِكُمْ لِسَقَمِكُمْ، واستغلوا مواسم الخيرات بما يقربكم إلى مولاكم، وجِدُّوا فِيْ بَقِيَّةِ شَهْرِكُمْ هَذَا؛ فعَمَّا قَرِيْبٍ سَيُفَارِقُكم بِما اسْتَودَعْتُمْ فِيه مِنْ أعْمَالِكُم.
عباد الله: رمَضَانُ مَغْنَمٌ للتَّوْبَةِ والإِنَابةِ، يُقِيْلُ اللهُ فِيه العَثَرَاتِ، ويَمْحُو فِيه الخَطَايَا والسَّيِّئاتِ، فَأقْبِلْ على اللهِ بِالنَّدمِ عَلى التَّفْريْطِ، والعَزْمِ عَلى مُجانَبَةِ الآَثَامِ، وهُوَ–سُبْحَانَه-يُحِبُّ الآَيِبَ إِليْه، ويَفْرحُ بِتَوْبَةِ التَّائِبِ، فتَعَرَّضُوا–رحِمَكُم اللهُ- لِنَفحَاتِ ربِّكُم،واسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بالذِّكْرِ والاسْتِغْفارِ،والعَاقلُ مَنْ يَنْتَهِزُ بَقيَّةَ لحَظاتِ شَهْرِه، فيُشْغِلُها بالطَّاعَاتِ وعَظَيمِ القُرُباتِ، ويَسْتَبدِلُ السَّيئَاتِ بالحسَنَاتِ، وكُلَّمَا تَكَاسَلتَ عَنْ طَاعَةٍ فتَذَكَّرْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾. فَجِدُّوا واجْتَهِدُوا، وأَمِّلُوا وأبْشِـرُوا؛ فإِنَّ ربَّكُم غَفُورٌ رَحِيمٌ، غَنيٌّ كَرِيمٌ، يُعْطِي الكَثِيرَ عَلى القَلِيلِ، ويَغْفرُ الذَّنبَ العَظِيمَ، ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾.
وإن واجبك عبد الله نحو نفسك لا يقل عن واجبك نحو أهلك: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) ونبينا -صلى الله عليه وسلم- ما كان يترك أحدًا من أهله إلا أقامه في هذه العشر، فإذا جاءت اعتكف واجتهد، وشد المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله.
وبعد يا كرام: فإنّ من عرف الفضل بَذل وعَمِل، وصبر وتحمّل، من عرف الفضل جاهد وتحراها لينال خيرها.
فإذا وافقها بدعاء، أو تلاوة، أو صلاة، أو اعتكاف، أو توبة، ومناشدة لربه، أصابها، فيا حظَّ من أصابها!! أَلا فَاقتَدُوا بِنَبِيِّكُم وَحَبِيبِكُم صلى الله عليه وسلم، وَأَقبِلُوا عَلَى رَبِّكُم وَخَالِقِكُم، وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُم، واختموا شهركم بخير، فإن الأعمال بالخواتيم، واغتنموا لحظات هذه العشر
فإن اليَوْمَ عَمَلٌ ولا حِسَاب، وغدًا حِسَابٌ ولا عَمَل، (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
جعلنا الله وإياكم ووالدينا والمسلمين من المقبولين والمغفورين والعتقاء..
واعلموا عباد الله أنَّ اللهَ أمرَكُم بأَمرٍ بدأ فيه بنفسِه، فقال تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم انصر إخواننا في فلسطين وفي كل مكان، اللهم اشف مريضهم وداوي جريحهم وتقبل قتيلهم، وفك أسيرهم، وأمنّ خائفهم وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين ونفس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، واهد ضال المسلمين، وأصلح أحوالهم.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم تقبل منا الصيام والقيام والصالح من الأعمال..
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا،واجعل عملهم في رضاك.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار..
عباد الله! اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
1711655475_خطبة اغتنام العشر الأواخر من رمضان.pdf
1711655482_خطبة اغتنام العشر الأواخر من رمضان.docx