خطبة : ( اغتنام الأجر فيما بقي من العشر )

عبدالله البصري
1437/12/07 - 2016/09/08 18:22PM
اغتنام الأجر فيما بقي من العشر 7 / 12 / 1437
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَيسَ شَيءٌ في هَذِهِ الأَيَّامِ أَوجَبَ عَلَينَا مِن حَمدِ اللهِ – تَعَالى - وَشُكرِهِ عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَينَا وَوَفَّقَنَا إِلَيهِ مِن بُلُوغِ أَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ ، هِيَ أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَهُ ، وَالعَمَلُ فِيهَا مِن أَحَبِّ العَمَلِ إِلَيهِ ، وَالأَجرُ فِيهَا مِن أَتَمِّ الأَجرِ وَأَعظَمِهِ ، وَالحَسَنَاتُ فِيهَا مِن أَكمَلِ الحَسَنَاتِ وَأَفضَلِهَا وَأَزكَاهَا عِندَهُ ، عَرَفنَا ذَلِكَ وَتَأَكَّدَ لَنَا بِيَقِينٍ مِمَّا صَحَّ عَنِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ وَالنَّاصِحِ الأَمِينِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – حَيثُ قَالَ : " مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِن هَذِهِ الأَيَّامِ " يَعني أَيَّامَ العَشرِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ ؟ قَالَ : " وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ "
أَجَلْ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – إِنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ في هَذِهِ العَشرِ المُبَارَكَةِ ، لا يَعدِلُهُ عَمَلٌ في غَيرِهَا مِن أَيَّامِ السَّنَةِ الأُخرَى حَتى في العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ، وَإِذَا استَثنَينَا الصَّومَ الوَاجِبَ في عَشرِ رَمَضَانَ ، فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعمَلُهُ المُسلِمُ في عَشرِ ذِي الحِجَّةِ ، وَكُلَّ قُربَةٍ يَتَقَرَّبُ بها ، وَكُلَّ صَدَقَةٍ يَبذُلُهَا ، وَكُلَّ ذِكرٍ يَتَحَرَّكُ بِهِ لِسَانُهُ ، وَكُلَّ دُعَاءٍ يَرفَعُهُ إِلى رَبِّهِ وَخَالِقِهِ ، وَكُلَّ صِلَةِ رَحِمٍ يَحتَسِبُهَا ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ أَفضَلُ مِن مَثِيلِهِ في عَشرِ رَمَضَانَ الأَخِيرَةِ ، هَذَا هُوَ صَرِيحُ قَولِ نَبِيِّنَا – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – الَّذِي هُوَ أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ ، وَلَكِنَّنَا في الحَقِيقَةِ عَن هَذَا في غَفلَةٍ ، فَبَينَمَا يَنشَطُ أَحَدُنَا في عَشرِ رَمَضَانَ – وَهَذَا أَمرٌ مَحمُودٌ وَلا شَكَّ – نَجِدُهُ يُصَابُ بِالخُمُولِ في هَذِهِ العَشرِ الكَرِيمَةِ وَيُبتَلَى بِالكَسَلِ ، وَتَمُرُّ عَلَيهِ مُرُورَ الكِرَامِ دُونَ أَن يَنتَبِهَ لها ، وَرُبَّمَا خَرَجَت وَهُوَ لم يُقَدِّمْ فِيهَا شَيئًا يَحتَسِبُ أَجرَهُ عِندَ رَبِّهِ ، فَلا صِيَامَ وَلا قَيَامَ وَلا ذِكرَ وَلا دُعَاءَ ، وَلا قِرَاءَةَ قُرآنٍ وَلا صِلَة َرَحِمٍ وَلا صَدَقَةَ وَلا عَطَاءَ . وَمَهمَا يَكُنْ مِن أَمرٍ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَحَتَّى وَإِن مَضَى أَكثَرُ العَشرِ عَلَى بَعضِنَا وَهُوَ لم يُحدِثْ زِيَادَةً في التَّعَبُّدِ ، وَلم يُضَاعِفِ الجُهدَ وَالعَمَلَ ، فَإِنَّهُ لم يَزَلْ في الأَمرِ مُتَّسَعٌ لِمَن مَدَّ اللهُ في عُمُرِهِ وَأَيَّدَهُ بِتَوفِيقٍ مِنهُ ، وَلم تَزَلْ ثَمَّةَ بَقِيَّةٌ عَظِيمَةٌ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ وَأَيَّامٍ بَعدَهَا ، وَلَو لم يَكُنْ إِلاَّ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ العِيدِ لَكَفَى بِهِما فَضلاً وَشَرَفًا ، كَيفَ وَهُمَا أَمَامَنَا ، وَمِن وَرَائِهِمَا أَيَّامُ التَّشرِيقِ ؟! قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا أَهلَ الإِسلامِ ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ " أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَعظَمَ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فَهُوَ يَومُ عِيدٍ لِلحُجَّاجِ ، وَمَن ثَمَّ لم يَصُمْهُ النَّبيُّ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – وَأَمَّا يَومُ النَّحرِ فَهُوَ عِيدٌ لأَهلِ الأَمصَارِ مِمَّن لم يَحُجُّوا ، وَأَمَّا أَيَّامُ التَّشرِيقِ فَهِيَ أَيَّامُ عِيدٍ لِلجَمِيعِ . وَلأَنَّ هَذِهِ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ تَفَضَّلَ اللهُ بها عَلَى عِبَادِهِ ، كَانَ وَاجِبُ الشُّكرِ مِنهُم لِرَبِّهِم ، يَستَدعِي التَّقَرُّبَ إِليهِ فِيهَا بما يُحِبُّهُ وَيَرضَاهُ ، مِمَّا شَرَعَهُ مِن أَعمَالٍ وَأَقوَالٍ ، وَأَن يَكُونَ ذَلِكَ بِاحتِسَابٍ لِلأَجرِ وَتَعظِيمٍ لِلشَّعائِرِ ، وَطَلَبٍ لمَا عِندَهُ مِن جَزِيلِ الأَجرِ وَمُضَاعَفِ الثَّوَابِ ، لا أَن يَكُونُوا كَمِثلِ سَائِرِ الطَّغَامِ مِنَ الأَنَامِ ، الَّذِينَ لا يُفَرِّقُونَ بَينَ المَوَاسِمِ وَالأَيَّامِ ، وَإِنَّمَا هَمُّهُم فِيهَا تَنَاوُلُ الشَّرَابِ وَتَنوِيعُ الطَّعَامِ .
إِنَّ المُسلِمَ يَعلَمُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِغَيرِ الحَاجِّ صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ ، وَيَحسِبُ لِذَلِكَ حِسَابًا وَلا يُفَرِّطُ فِيهِ أَبَدًا ، لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِن أَجرٍ عَظِيمٍ وَفَضلٍ كَبِيرٍ ، يَحصُلُ بِصَبرِ سَاعَاتٍ مَعدُودَةٍ يَكُفُّ فِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، فَيَحصُلُ لَهُ بِفَضلِ اللهِ مَا صَحَّ عِندَ مُسلِمٍ عَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَن صَومِ يَومِ عَرَفَةَ ؟ قَالَ : " يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ "
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالشَّعَائِرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ صَلاةُ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ في يَومِ العِيدِ ، وَشُهُودُ الخَيرِ وَدَعوَةِ المُسلِمِينَ ، وَمُشَارَكَةُ إِخوَانِهِ فَرحَتَهُم في يَومِ اجتِمَاعِهِم وَفَرَحِهِم ، قَالَ - تَعَالى - : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ "
وَرَوَى الشَّيخَانِ عَن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَت : أُمِرنَا أَن نُخرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَينِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ ، فَيَشهَدنَ جَمَاعَةَ المُسلِمِينَ وَدَعوَتَهُم ، وَيَعتَزِلُ الحُيَّضُ عَن مُصَلَّاهُنَّ . قَالَتِ امرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِحدَانَا لَيسَ لَهَا جِلبَابٌ ! قَالَ : " لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلبَابِهَا " وَالأَمرُ بِإِخرَاجِ الحُيَّضِ وَهُنَّ لا تَجِبُ عَلَيهِنَّ الصَّلاةُ ، وَإِنَّمَا لِيَشهَدنَ الخَيرَ وَدُعَاءَ المُسلِمِينَ , فِيهِ أَنَّ القَصدَ إِظهَارُ شِعَارِ الإِسلامِ بِالمُبَالَغَةِ في الاجتِمَاعِ ، وَلِتَعُمَّ الجَمِيعَ البَرَكَةُ ، وَمِن ثَمَّ فَكَم هُوَ عَجِيبٌ أَن يُفَرِّطَ رِجَالٌ غَيرُ مَعذُورِينَ وَيَتَثَاقَلُوا وَيَتَكَاسَلُوا ، فَلا يَحضُرُوا صَلاةَ العِيدِ وَلا يَشهَدُوا الخَيرَ مَعَ المُسلِمِينَ ، وَيُحَقِّرُوا أَنفُسَهُم وَيُدَسُّوهَا ، إِذْ يَتَسَاهَلُونَ وَلا يُقِيمُونَ لِشَعَائِرِ اللهِ وَزنًا وَلا يَرفَعُونَ بها رَأسًا ، استِجَابَةً لِدَاعِي النَّومِ ، أَوِ اتِّبَاعًا لِشَهَوَاتِ النَّفسِ وَإِملاءَاتِ الشَّيطَانِ . فَالحَذَرَ الحَذَرَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – مِنَ التَّكَاسُلِ عَن حُضُورِ صَلاةِ العِيدِ مَعَ المُسلِمِينَ ، وَإِيَّاكُم وَمَا يَفعَلُهُ بَعضُ مَن يَحضُرُ مِنَ الاستِعجَالِ وَالخُرُوجِ مِنَ المُصَلَّى بَعدَ الصَّلاةِ وَقَبلَ انتِهَاءِ الخُطبَةِ ، الَّتي فِيهَا المَوعِظَةُ وَالدُّعَاءُ وَذِكرُ اللهِ ، وَكُلُّهَا مِنَ الخَيرِ المَندُوبِ لِلمُسلِمِ شُهُودُهُ .
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ وَيَحرِصُ عَلَيهِ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ ذَبحُ الأُضحِيَةِ في يَومِ العِيدِ وَفي أَيَّامِ التَّشرِيقِ بَعدَهُ ، وَالأُضحِيَةُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ وَسُنَّةٌ مَؤَكَّدَةٌ ، يُكرَهُ تَركُهَا مَعَ القُدرَةِ عَلَيهَا ، قَالَ – تَعَالى - : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ "
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَالبُدنَ جَعَلنَاهَا لَكُم مِن شَعَائِرِ اللهِ "
وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : خَطَبَنَا النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَومَ النَّحرِ قَالَ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبدَأُ بِهِ في يَومِنَا هَذَا أَن نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرجِعَ فَنَنحَرَ ، فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد أَصَابَ سُنَّتَنَا ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
وَعَن أَنسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : ضَحَّى النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِكَبشَينِ أَملَحَينِ أَقرَنَينِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ . رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَلا تَكُونُ الأُضحِيَةُ إِلاَّ مِن بِهِيمَةِ الأَنعَامِ ، بِشَرطِ أَن تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَةَ شَرعًا ، وَتَكُونَ سَالِمَةً مِنَ العُيُوبِ الَّتي تَمنَعُ الإِجزَاءَ ؛ لِقَولِ اللهِ – تَعَالى - : " لِيَذكُرُوا اسمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ "
وَلِقَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لا تَذبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً ، إِلاَّ أَن يَعسُرَ عَلَيكُم فَتَذبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأنِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَلِقَولِهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " أَربَعٌ لا يُجزِينَ في الأَضَاحِي : العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالعَرجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَالعَجفَاءُ الَّتي لا تُنقِي " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَوَقتُ الذَّبحِ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِ حَتَّى مَغِيبِ الشَّمسِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " كُلُّ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ذَبحٌ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَيُسَنُّ الأَكلُ مِنَ الأُضحِيَةِ ، والإِهدَاءُ لِلأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ ، وَالتَّصَدُّقُ مِنهَا عَلَى الفُقَرَاءِ ، قَالَ - تعالى - : " فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا القَانِعَ وَالمُعتَرَّ "
وَمِمَّا يَعلَمُهُ المُسلِمُ مِنَ الخَيرِ في هَذِهِ الأَيَّامِ وَيَحرِصُ عَلَى الإِكثَارِ مِنهُ لِسُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ التَّكبِيرُ ، مُطلَقًا كَانَ في سَائِرِ الأَوقَاتِ في أَيَّامِ العَشرِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ ، أَو مُقَيَّدًا في أَدبَارِ الصَّلَوَاتِ مِن فَجرِ يَومِ عَرَفَةَ إِلى عَصرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، قَالَ - تَعَالى - : " وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَاذكُرُوا اللهَ في أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللهِ وَلا أَحَبُّ إِلَيهِ العَمَلُ فِيهِنَّ مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ " أَخرَجَهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحمَدُ شَاكِر .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَاعمَلُوا صَالِحًا تُفلِحُوا " إِنَّ المُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَالقَانِتِينَ وَالقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالخَاشِعِينَ وَالخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَتَقَرَّبُوا إِلَيهِ بِما يُحِبُّ وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ ، فَإِنَّهُ – جَلَّ وَعَلا – قَرِيبٌ مُجِيبٌ يُحِبُّ المُتَقَرِّبِينَ وَيَجزِيهِم بِخَيرٍ مِمَّا عَمِلُوا ، يَقُولُ – تَعَالى – في الحَدِيثِ القُدسِي المُتَّفَقِ عَلَيهِ : " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني ، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي ، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً "
وَيَقُولُ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الآخَرِ : " وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا ، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
إِنَّهُ لَحَرِيٌّ بِالمُسلِمِ أَن يَستَثمِرَ مَوَاسِمَ الخَيرِ عَامَّةً بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ ، وَالإِقلاعِ عَن جَمِيعِ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ ، وَأَخذِ النَّفسِ بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ ، وَالحَذرِ مِنَ التَّكَاسُلِ وَالتَّسوِيفِ ، أَوِ الإِعرَاضِ عَن مَوَائِدِ الخَيرِ وَالزُّهدِ فِيهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ وَاصدُقُوهُ يَصدُقْكُم ، وَأَحسِنُوا يَكُنْ مَعَكُم ، فَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانَهُ - : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ "
إِنَّ الدُّنيَا أَيَّامٌ قَلائِلُ ، فَاصَبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاعمَلُوا ؛ لِيُقَالَ لَكُم غَدًا : " كُلُوا وَاشرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسلَفتُم في الأَيَّامِ الخَالِيَةِ "
المرفقات

اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.doc

اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.doc

اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.pdf

اغتنام الأجر فيما بقي من العشر.pdf

المشاهدات 1585 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا