(خطبة ) استغلال الإجازة بالمفيد

خالد الشايع
1445/12/21 - 2024/06/27 18:34PM

الخطبة الأولى ( استغلال الإجازة في المفيد ) 22/12/1445

أما بعد فيا أيها الناس : نستقبل أياما ، هي أيام الراحة بالنسبة للطلاب ، بعد عناء ثلاثة فصول طويلة ، ولكن كيف سيقضي أولادنا هذه الإجازة ، هل ستضيع في النوم ، وأمام الأجهزة ، وفي الشوارع ، ومع قرناء السوء ، ووالله إن الفراغ نعمة ولكننا سنسأل عنه فيما قضيناه ، هل حفظناه أو ضيعناه .

أيها الآباء والمربون : غياب عنصر التخطيط عن حياتنا في جميع اتجاهاتها هو من أبرز عناصر الفشل فيها ، والبراءة من هذه العلة ليست عسيرة ، ولا تحتاج إلى طبيب ولا مهندس ، كل ما تحتاجه التفاتة إلى ما يجب أن نفعله ، أو حتى ما نود أن نفعله ، فنجلس له ، ونحدد الهدف منه بدقة ، ثم نخضع له كل قوانا من أجل التخطيط الذي قد يستغرق منا زمنا .. هو به جدير ولا شك .
الإجازة بالنسبة للطلاب تحرر من قيود لا حدود لها ، وهي بالنسبة لكثير من الآباء ( ورطة ) لا يعرفون التخلص منها .. !!
كانت الأنشطة اليومية مضبوطة بالأوقات ؛ النوم والمدرسة والأكل والصلاة واللعب والزيارات .. كل له موعده الدقيق .. بينما في الإجازة .. تتحطم جميع المواعيد بين هذه الأنشطة ، وتنشأ عند كثير من الناس أنشطة جديدة ، كثير منها في إطار اللهو واللعب والمرح والترفيه ، بحجة أن الإجازة لم تخصص إلا لذلك !!

وهنا يبرز دور  المربي الناصح ، الذي يراقب الله في تربية من تحت يده ، ممتثلا قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) فتجده يبحث لهم عما يملأ وقتهم بالمفيد النافع ، أنه يعلم أنه مسؤول عنهم ، ويخاف عليهم من آفات الفراغ ، وماتجره من الويلات ، وأما آفات الإجازات فهي كثيرة جدا .. ولا يجوز للآباء والأمهات أن يهربوا من مسؤولياتهم تجاهها!!
أولها : قعود الأولاد .. أيا كان الداعي للقعود ، فإن الطفل خاصة ، والإنسان بعامة في حاجة ماسة للحركة ، وإذا كان علماء النفس يرون أن الطفل في حاجة إلى الحركة بنسبة 75% من وقته ، فما الحال بالنسبة لأطفال سبيس تون ونتورك وبلاي ستيشن وغيرها؟ وهذا يجعلنا نبحث عن الألعاب الأكثر قدرة على الحركة ؛ كالكرة والدراجات وركوب الخيل ، والسباحة ، وسباق الجري ، وغير ذلك .
ثانيها : التلوث الفكري .. وهو ما نجده الآن في عدد كبير من الفضائيات المفتوحة ، والمواقع الإباحية ، التي هدمت بيوتا كانت آمنة مطمئنة ، وقذرت أعراضا كانت مصانة محفوظة ، وغيرت نفوسا كانت عزيزة منيعة ، ولا حل سوى تغييبها عن المنزل؛ لأن الفتنة لا تؤمن على أحد ، ولا سيما في سن التشكل .
ثالثها : الصداقات الرديئة ، والتي تتكاثر كالجراثيم في الجرح المفتوح ، فمن عرض نفسه لذلك فقد وقع أو أوقع من تحت ولايته في أتون الدمار ، ولا يقولن أحد إنه قادر على حماية نفسه ، والأمر لا يعدو مجرد صداقة بريئة ، نهايتها الضحك والمزاح ، بل إن النهايات التي شاهدناها لمثل ذلك: الفتنة ، وضياع المروءة ، وقلة الصلاة ، وتعاطي التدخين أو المخدرات والخمرة ، وسفر المعصية ، وضياع الهدف حتى من الحياة .. وفي النهاية عدم النجاح في أي شأن من شؤون الدنيا والآخرة .

أيها المربون : إنما هي شهران ، لابد من التخطيط لها وإلا ذهبت أدراج الرياح ، اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا أقول قولي هذا ......

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : كما ذكرنا سابقا ، لابد من اعداد الخطة الناجحة لقضاء هذه الإجازة بما يعود على أولادنا بالنفع والفائدة

وإن لدينا برامج وقنوات نستطيع من خلالها أن نملأ أوقات أولادنا بالمفيد ، ونمر على بعض منها ، فنحرص على المفيد الذي يكتسبون من خلاله مهارات جديدة مفيدة ، أو ترويح عن النفس مباح ، أو تعلم علم نافع .

فأفضل ما قضيت به الأوقات ، وأنفقت فيه الأعمار هو كتاب الله ، قراءة وحفظا وتعلما ، ودونكم الدورات المكثفة التي يعلن عنها في كل حي تقريبا ، ثم تعلم العلم النافع من قراءة كتاب ، أو حفظ متن ، أو حضور درس علمي ، ومن تلك البرامج الأندية الصيفية التي تقام نحنن مظلة رسمية ويقوم عليها شباب ثقاة ، ويجمعون في هذه الأندية بين المفيد والترويح عن النفس ، واجعل ابنك في هذه الإجازة يكتسب خبرة ، يتعلم لغة ، يتعلم لغة الحاسب ، يدخل دورة مفيدة ، المهم ملء وقته بالمفيد .

وإذا كان لا بد من السفر ، فليكن بعيدا عن البلدان التي يتخلع فيها الحياء ، ويبتذل فيها الإنسان ، وتنتحر في لياليها الفضيلة ، وأتوجه إلى بلدان أجد فيها متنفس روحي لأهذبها ، وميدان فكري وعقلي بالاطلاع على حضارتها ومعطياتها المدنية والعلمية ، وأحس فيها بطعم الراحة التي أحرقتها شمس بلدي الحبيب .. ولماذا البعد والجفاء .. ومكة والمدينة وأبها والطائف والباحة على مقربة منا ، في منتجعاتها أجد كل أهدافي النبيلة من إجازة تمتد لشهرين كاملين وزيادة .

أيها الناس : أخرج الترمذي في جامعه من حديث أ بي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي قال: قال رسول الله ﷺ: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟

فليس الأمور سبهللا ، ولم يخلق العبد عبثا ، بل هي أمور قدرة ، وشرائع مفروضة ، وحدود مضروبة ، والحساب غدا بين يدي الله تعالى .

اللهم أعذنا من شر أنفسنا ......

المرفقات

1719502488_استغلال الإجازة بالمفيد.docx

المشاهدات 680 | التعليقات 0