خطبة استسقاء من القرن الثاني عشر -مختصرة ومشكولة-

محمد بن عبدالله التميمي
1446/05/25 - 2024/11/27 18:19PM

خطبة استسقاء

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ، سُبْحَانُهُ مِنْ إلَهٍ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، دَبَّرَ بِحِكْمَتِهِ الْمُلْكَ وَالزَّمَانَ، أَحْمَدُهُ وَهُوَ الْمَحْمُودُ بِكُلِّ لِسَانٍ، وَأَشْكُرُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي زِيَادَةِ الْإِحْسَانِ، وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّضْوَانَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ تَّحْقِيقٍ وَإِيقَان، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدُ بِالْقُرْآنِ، لَمْ يَزَلْ ﷺ يُنَبِّهُ الْغَافِلِينَ وَيُحَذِّرُ الْعَاصِينَ وَيَنْصُرُ دَعَوْته بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ، حَتَّى تَرَكَهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً فَاتَّضَحَ الْحَقُّ بِإِيضَاحِهِ وَاسْتَبَانَ، اللَّهُمَّ فَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ مَا انْفَلَقَ صُبْحٌ وَبَانَ.

أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ (تِسْعَ مَرَّاتٍ)

 أَيُّهَا النَّاسُ.. اتَّقُوا اللَّهَ الْمَلِكَ الدَّيَّانَ، وَتُوبُوا إلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ، وَلَا تَقُولُوا لِشَيْءٍ كَانَ لَيْتَهُ لَا كَانَ، فَإِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ أُذُنَ الشَّيْطَانِ، فَانْظُرُوا وَتَبَصَّرُوا وَتَفَكَّرُوا وَتَدَبَّرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ فِي تَصَارِيفِ هَذَا الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْعَبْدَ فَسَبَبُهَا ذُنُوبُهُ وَغَفَلْتُه عَنْ طَاعَةِ مَوْلَاهُ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أَيْ: مِنْ الذُّنُوبِ وَالطُّغْيَانِ.

فَبالعِصْيَانِ سَلَّطَ مَنْ لَا يَرْحَمُ، وَأَنْزَلَ الْقَحْطَ وَالْغَلَاءَ وَالْوَبَاءَ فِي الْأَبْدَانِ، وَسَلَّطَ أَهْلَ الْظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ، وَصَارَتْ القُلُوبُ مِنْ الْهَمِّ مُظْلِمَةً، وَالدُّنْيَا مُغَبَّرَةً مُقْتِمَةً، رُفِعَتْ عَنْ كَثِيْرٍ الْبَرَكَاتُ، وَغُلِّيَتْ عَلَيْكُمْ الْأَقْوَاتُ، وَسُلِّطَتْ عَلَيْكُمْ الْآفَاتُ وَالْعَاهَاتُ. قَدْ قَلَّتْ الْأَمَانَاتُ، وَكَثُرَتْ الْخِيَانَاتُ.

فَكَيْفَ بِكُمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ إذَا وَقَفْتُمْ هُنَالِكَ وَأَيُّ شَيْءٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ تِلْكَ الْمَهَالِكِ إذَا اشْتَدَّ غَضَبُ الْجَبَّارِ وَحَمَى النَّارَ مَالِكٌ وَطَارَ شَرَرُهَا وَالدُّخَانُ وَسَأَلَكُمْ مَوْلَاكُمْ وَقَالَ عِبَادِي مَاذَا فَعَلْتُمْ؟ وَمَاذَا جَنَيْتُمْ؟ وَمَاذَا أَخَذْتُمْ؟ وَمَاذَا صَنَعْتُمْ؟ فَتَنْطِقُ الْجَوَارِحُ وَيَخْرَسُ اللِّسَانُ.

فَاَللَّهَ اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إلَيْهِ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ وَاسْأَلُوهُ التَّوْبَةَ وَالْغُفْرَانَ وَلْيَتُبْ كُلٌّ مِنْكُمْ مِنْ ذَنْبِهِ وَيَسْتَغْفِرْ رَبَّهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مُرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا سَحًّا طِبْقًا دَائِمًا. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّكَ كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا. اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ الْجُهْدِ وَالْجُوعِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوا إلَّا إلَيْك، فاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي تُزِيلُ النِّعَمَ وَنَسْتَغْفِرُك مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي بِهَا تَحِلُّ النِّقَمُ وتَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[وقد كان من سُنَّة نبيِّكم ﷺ بعدما يستغيث ربه أن يقلب رداءه، فاقلبوا أرديتكم اقتداءً بسنة نبيكم ﷺ، وتفاؤلًا أن يقلب الله حالكم من الشدة إلى الرخاء، ومن القحط إلى الغيث. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدِينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم لا تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين، ولا من رحمتك محرومين].

***

·     الخطبة نقلها سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري- المعروف بالجمل- (المتوفى 1204هـ) في كتابه: فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب (٢/‏١٢١) حيث قال: (وَقَدْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ هَذِهِ خُطْبَةُ اسْتِسْقَاءٍ بَلِيغَةٌ مُبَارَكَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى). وقد اختصرتها.

المرفقات

1732720792_خطبة استسقاء من القرن الثاني عشر.docx

1732720792_خطبة استسقاء من القرن الثاني عشر.pdf

المشاهدات 457 | التعليقات 0