خطبة إنما الأعمال بالنيات

أبو ناصر فرج الدوسري
1438/04/21 - 2017/01/19 13:44PM
[align=justify]الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، يعلم السر ومقاصد النيات، إليه يصعد الكلم الطيب وترفع إليه الطاعات،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سبحانه بقدرته يرانا، ويعلم سرنا ونجوانا، وبفضله يرعانا، ويذكرنا ولا ينسانا،
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، الهادي إلى صراط مستقيم،
فاللهم صل وسلم وبارك على قدوتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى في السر والعلن، قال الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

أيها المؤمنون: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنٍْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ:
( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)
ففي هذا الحديث يتبين لنا أن النية شرط لقبول العمل عند الله جل وعلا.
وقال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ)
والنية محلها القلب، ولايُنْطَقُ بها إطلاقاً.
وهنا قاعدة فقهية: الأمور بمقاصدها.

أي أن نتائج الأقوال والأفعال وأحكامها تختلف باختلاف المقاصد.

فالنتائج تختلف باختلاف النية

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنّ أَوّلَ النّاسِ يُقْضَىَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ،
وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلََكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ،
وَرَجُلٌ وَسّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلََكِنّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ، ثُمّ أُلْقِيَ فِي النّارِ». أخرجه مسلم.
فهؤلاء الأشقياء الثلاثة الأول قتل شهيد والآخر عالم حافظ لكتاب الله والثالث رجل غني كثير الصدقة
كلهم في النار لأنهم لم يخلصوا النية لله.

وكذلك من يصلي ونيته ليست لله فهو في النار والعياذ بالله يصلونها كعادة يومية
قال تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (
فعلينا أن نخلص النية لله وحده فقط
في كل أعمالك في صدقتك وفي علمك وفي نصحك لغيرك يجب أن تكون نيتك لله.
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾
واعلموا أن محل النية القلب، ونية المؤمن خير من عمله؛ لأن العمل بدون نية لا ثواب له، والنية لها ثواب ولو أعاق عائق عن إتمام عملها؛
لأن النية أصلها حب لله ورسوله وعزيمة على إتمام عمل يحبه الله ورسوله، وهذا محبوب عند الله سبحانه وتعالى وهو يجازي المحسنين الصادقين في نياتهم وأعمالهم ومقاصدهم المريدين بذلك وجه الله تعالى.







الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد فاعلموا أن النية شرط في جميع الأعمال
وهنا بعض الأمثلة على أهمية النية

مثل لو كان على الإنسان جنابة ثم انغمس في البحر للتبرد ثم صلى فلا يجزئه ذلك، لأنه لابد من النية، وهو لم ينو التعبّد وإنما نوى التبرّد.
وهنا تنبيه بخصوص غسل الجنابة إذا لم يصل الماء لجميع بدنك بما فيه داخل الفم والأنف فالغسل غير صحيح.
ومثال أهمية النية لو أن رجل دخل في صلاة العصر مثلاً ، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فهذا يجب عليه أن يقطع صلاته ثم يكبر بنية صلاة الظهر.
عباد الله:
عليكم بالنية الخالصة الطيبة والإخلاص في العمل،
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ﴾ [ الطلاق: ٢-٣].

أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المخلصين الصادقين إنه على كل شيء قدير.



واعلموا أن أحسن القول كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين،
اللهم انصر عبادك الموحدين،
اللهم واجعل نيتهم خالصة موحدة،
اللهم وحد بين قلوبهم،
اللهم انصر على من عاداهم يارب العالمين .
اللهم إغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات
عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُّمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: ٩٠،٩١].

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه وأخلصوا له وهو المستعان،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الخطبة منسقة على الرابط

https://docs.google.com/document/d/1HExYhmz7IX7TAt7Qom4mq420ApqEiog5eh05ERIe1sk/edit?usp=drivesdk[/align]
المشاهدات 8911 | التعليقات 0