خطبة: أفضلُ كلمةٍ وأعظمُ مفتاحٍ وأغلى بطاقة: لا إلهَ إلا الله.

وليد بن محمد العباد
1445/02/22 - 2023/09/07 01:25AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: أفضلُ كلمةٍ وأعظمُ مفتاحٍ وأغلى بطاقة: لا إلهَ إلا الله.

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

أفضلُ الكلامِ بعدَ كلامِ اللهِ كلمةُ التّوحيدِ لا إلهَ إلا الله، فهي أَحبُّ الكلامِ إلى الله، وخيرُ ما قاله أنبياءُ الله، إنّها أعظمُ ما تَحرّكتْ به الشّفتان، وما نَطقَ به اللسان، لا إلهَ إلا اللهُ في الدّنيا مفتاحُ الدّخولِ في الإسلام، وفي الآخرةِ مفتاحُ الدّخولِ إلى دارِ السّلام، قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رحمَه الله: أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَك. وأسنانُه العملُ بشرائعِ الإسلام، وعبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له، واتّباعُ سنّةِ نبيِّه صلى اللهُ عليه وسلم، فلا إلهَ إلا اللهُ نُطقًا وصدقًا ومحبّةً وإخلاصًا واعتقادًا، لا إلهَ إلا اللهُ علمًا وعملًا ويقينًا وانقيادًا، فما أعظمَ كلمةَ لا إلهَ إلا الله، فلا معبودَ بحقٍّ إلا الله، ولا ذُلَّ ولا خضوعَ إلا لله، ولا خوفَ ولا رجاءَ إلا مِن الله، ولا دعاءَ ولا تَوكّلَ إلا على الله، إنّها لا إلهَ إلا اللهُ كلمةُ التّوحيد، هي العروةُ الوثقى والقولُ الثّابتُ وكلمةُ الإخلاصِ والتّقوى والقولُ السّديد، إنّها أعلى شعبِ الإيمانِ وأفضلُ الباقياتِ الصّالحات، وسببُ الشّفاعةِ ومغفرةِ الذّنوبِ ومضاعفةِ الحسنات، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ: إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِن قَلْبِهِ. وكلمةُ لا إلهَ إلا اللهُ سببٌ للحياةِ الطّيّبةِ ولتفريجِ الكرباتِ وتَيسيرِ الأمور، ولإزالةِ الهمومِ والغموم وانشراحِ الصّدور، ولنزولِ السّكينةِ والرّحمةِ والبركةِ واندفاعِ الشّرور، إنّها أعظمُ نعمةٍ أَنعمَ اللهُ بها على عبادِه؛ قالَ سُفيانُ بنُ عُيَيْنةَ رحمَهُ اللهُ: مَا أنعمَ اللهُ على العِبَادِ نعمةً أعظمَ مِنْ أنْ عرَّفَهمْ بلا إلهَ إلا اللهُ. فما أعجبَها وأزكاها مِن كلمةٍ لو وُزِنتْ بالسّمواتِ والأرضِ لرَجَحتْ بِهنَّ. قالَ موسى عليه السّلام: يا ربِّ عَلِّمْني شيئًا أَذْكُرُكَ به؟ قال: قلْ: لا إلهَ إلا اللهُ، فقالَ: يا ربِّ كُلُّ عبادِكَ يقولُ هذا، إنّما أُريدُ شيئًا تَخُصُّنِي به؟ قالَ: يا موسى لو أنّ السّمواتِ السَّبْعَ وعامِرَهُن غيري، والأرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعْنَ في كِفَّةٍ؛ ولا إلهَ إلا اللهُ في كِفَّةٍ، لَمَالَتْ بهنَّ لا إلهَ إلا اللهُ. وذَكَرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ رجلًا يُنشرُ له يومَ القيامةِ تسعةٌ وتسعونَ سِجلًّا مِن السّيئات، كلُّ سِجِلٍّ مدَّ البصرِ، حتى يَظُنَّ أنّه قد هلك، فيُقالُ له بَقِيَ لك عندَنا حسنة، فتُخرجُ له بطاقةٌ فيها: لا إلهَ إلَّا اللهُ. فيقولُ: يا ربِّ ما هذه البطاقةُ مع هذه السّجلّات؟ فيُقالُ: إنّك لا تُظلمُ، فوُضعتِ السّجلاتُ في كِفَّةٍ والبطاقةُ في كِفَّةٍ، فطاشتِ السّجلاتُ وثَقُلَتِ البطاقة، فلا يَثْقُلُ معَ اسمِ اللهِ شيء. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وأكثروا مِن قولِ لا إلهَ إلا الله، فبذلك يَرضى عنكم الرّحمن، ويَندحرُ عنكم الشّيطان، قالَ سفيانُ الثّوريّ رحمَه الله: ليس شيءٌ أقطعَ لظهرِ إبليسَ مِن لا إلهَ إلا الله. فاجعلوا ألسنتَكم رطبةً مِن قولِ لا إلهَ إلا الله، ولا تَفتُرْ ألسنتُكم مِن تَرديدِ لا إلهَ إلا الله، طَيِّبُوا بها حياتَكم، وعَطِّرُوا بها أنفاسَكم، فمَن عاشَ على شيءٍ ماتَ عليه، ومَن ماتَ على شيءٍ بُعثَ عليه، فطوبى لمَن كانَ آخرُ كلامِه مِن الدّنيا لا إلهَ إلا الله، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ. فاللهمّ ثبّتْنا على لا إلهَ إلا اللهُ في الحياةِ وعندَ المماتِ وحشرجةِ الصّدور، اللهمّ ثبّتْنا على لا إلهَ إلا اللهُ عندَ السّؤالِ في القبور، اللهمّ ثبّتْنا على لا إلهَ إلا اللهُ عندَ الحسابِ في يومِ النّشور، اللهمّ أَدخلْنا بلا إلهَ إلا اللهُ الجنّةَ دارَ النّعيم والحبور، ووالدِينا وأهلينا وذرّيّاتِنا يا رحيمُ يا غفور.

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعد عبادَ الله

فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وعظّموا كلمةَ التّوحيدِ لا إلهَ إلا الله، وذلك بكثرةِ تَرديدِها والعملِ بمقتضاها واجتنابِ ما يُناقضُها، وأَقيموا عليها جميعَ حياتِكم،  وازرعوها في أبنائِكم وبناتِكم (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ) قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: أَبشِروا وبَشِّروا النَّاسَ؛ مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، صادقًا بها دَخَلَ الجنَّةَ، وقولوا لا إلهَ إلا اللهُ تُفلحوا، فقولوا لا إلهَ إلا الله، في كلِّ آنٍ وعلى كلِّ حال، فإنّها كلمةٌ عظيمةٌ طيّبةٌ شريفةٌ مباركة، عليها قَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ، وَلأجلِها خُلِقَتْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى الرّسل، وَأَنْزَلَ الكتب، وَشَرَعَ شَرَائِعَ الدّين، وَلها نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى مُؤْمِنِينَ وَكُفَّار، وَأَبْرَارٍ وَفُجَّار، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، وَلِتَحقيقِها جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، فاللهمّ اجعلْنا مِن أهلِ لا إلهَ إلا الله، عليها نَحيا وعليها نَموتُ وعليها نَلقى الله، مسلمينَ مؤمنينَ موحّدين، غيرَ مبدّلينَ ولا مبتدعينَ ولا مشركين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين، سبحانَ ربِّك ربِّ العزّةِ عمّا يَصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.                                          

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين                                                                                                      

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 23/ 2/ 1445هـ

المشاهدات 1146 | التعليقات 0