خطبة : ( أبناؤنا في العطلة هموم أم همم )
عبدالله البصري
أبناؤنا في العطلة هموم أم همم 23/ 10/ 1422
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم – أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ " وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، تَأَمَّلُوا في أَنفُسِكُم وَفِيمَن حَولَكُم ، تَجِدُوا النَّاسَ مُتَسَاوِينَ في مُدَّةِ حَملِ أُمَّهاتِهِم بِهِم ، مُتَمَاثِلِينَ في طَرِيقَةِ خُرُوجِهِم إِلى هَذِهِ الدُّنيَا ، مُتَشَابِهِينَ في خَلقِ أَجسَادِهِم وَتَكوِينِ أَعضَائِهِم ، وَغَالِبًا مَا يَأكُلُونَ الأَكلَ نَفسَهُ وَيَشرَبُونَ مَا يَشرَبُهُ غَيرُهُم ، وَيَسكُنُونَ في بُيُوتٍ مُتَشَابِهَةٍ وَيَستَعمِلُونَ مَرَاكِبَ مُتَقَارِبَةٍ ، وَالآلاتُ وَالأَدوَاتُ الَّتي مَعَ أَحَدِهِم هِيَ نَفسُهَا الَّتي مَعَ الآخَرُ ، وَدِراسَةُ هَذَا هِيَ دِرَاسَةُ ذَاكَ ، وَرُبَّما كَانَ اثنَانِ زَمِيلَينِ في فَصلٍ وَاحِدٍ حتى يَتَخَرَّجَا بَعدَ سَنَوَاتٍ ، وَيَعِيشَانِ في دُنيَاهُمَا وَتَمضِي الأَيَّامُ ، وَتَتَوَالى السَّنَوَاتُ وَتَتَصَرَّمُ الأَعوَامُ ، ويَكبُرُ الصَّغيرُ وَيَشِبُّ الطِّفلُ ويَتَرَعرَعُ الفَتى ، وَتَكتَمِلُ قُوَّةُ الشَّابِّ وَيَنضَجُ وَيَبلُغُ مَبلَغَ الرِّجالِ ، وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ في دُرُوبِ الحَيَاةِ ، فَتَرَى هَذَا في شَأنٍ وَذَاكَ في شَأنٍ ، ثم يَكُونُ لِهَذَا مَنزِلَةٌ وَمَكَانَةٌ ، وَيَبقَى ذَاكَ في ضَعفٍ وَمَهَانَةٍ ، وَرُبَّما رَأَيتَ شَقيقَينِ أَوِ ابني عَمٍّ أَو جَارَينِ أَو زَمِيلَينِ ، هَذَا كَبِيرٌ في قَومِهِ وَرَأسٌ في أُسرَتِهِ ، لَهُ رَأيُهُ الرَّصِينُ وَقَولُهُ المَتِينُ ، وَذَاكَ وَاحِدٌ مِن عَامَّةِ النَّاسِ لا يُؤبَهُ لَهُ وَلا يَهتَمُّ أَحَدٌ بِهِ ، وَرُبَّما تَسَاءَلَتَ : مَا الَّذِي جَعَلَ هَذَا رَفِيعًا وَذَاكَ وَضِيعًا ؟ وَكَيفَ نَجَحَ هَذَا وَأَخفَقَ الآخَرُ ؟ وَيُقالُ : لا شَكَّ أَنَّ كُلَّ الأُمُورِ بِقَدَرٍ مِنَ اللهِ وَقَضَاءٍ ، وَقَد كَتَبَ – سُبحَانَهُ - المَقَادِيرَ قَبلَ أَن يَخلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِخَمسِينَ أَلفَ سَنَةٍ ، وَلَكِنَّ مِن عَدلِهِ - سُبحَانَهُ - أَنْ جَعَلَ لِكُلِّ عَمَلٍ نَتِيجَةً ، وَلِكُلِّ عَامِلٍ جَزَاءً ، وَلَكُلِّ بَذرٍ ثَمرٌ ، وَمَن جَدَّ وَجَدَ ، وَمَن زَرَعَ حَصَدَ " وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ . وَمَن يَعمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " وَهِيَ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ في الكَونِ ، وَالأُمورُ لا تَمضِي جُزافًا ، وَالحَيَاةُ لا تَجرِي عَبَثًا ، بَل هُنَاكَ نَوَامِيسُ ثَابِتَةٌ تَتَحَقَّقُ ، وَسُنَنٌ لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَحَوَّلُ " فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً ولن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَحويلاً " وَقَد أَخبَرَ اللهُ عِبَادَهُ بَذَلِكَ لِكَي يَفهَمُوا مَا يَجرِي حَولَهُم ، وَلِئَلاَّ يَنظُرُوا إِلى الأَحدَاثِ نَظرَةً عَورَاءَ غَيرَ مُكتَمِلَةٍ ، أَو يَحصُرُوا تَفكِيرَهُم في فَترَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ الزَّمانِ أَو حَيِّزٍ مَحدُودٍ مِنَ المَكَانِ ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ مَا وَقَعَ لِلأَجيَالِ قَبلَهُم سَيَقَعُ لَهُم .
وَالمَقصُودُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَن نَفهَمَ السَّبَبَ الَّذِي اختَلَفَ بِهِ النَّاسُ في حَيَاتِهِم وفي مَكَانَتِهِم ، وَوَقَعَ بِهِ الفَرقُ بَينَهُم ، فَهَذَا سَعِيدٌ وَذَاكَ شَقِيُّ ، وَهَذَا فَقِيرٌ وَأَخُوهُ غَنيُّ ، وَزَيدٌ عَالمٌ وَعَمرٌو جَاهِلٌ ، وَفُلانٌ رَفِيعٌ وَعَلاَّنٌ وَضِيعٌ .
إِنَّ السَّبَبَ بَعدَ تَقدِيرِ اللهِ هُوَ اختِلافُ الأَهدَافِ والغَايَاتِ ، وَتَفَرُّقُ المَقَاصِدِ وَالنَّوَايَا ، وَتَنَوُّعُ المَطَالِبِ وَالمَآرِبِ ، وَالَّتي بِنَاءً عَلَيهَا يَكُونُ اهتِمامُ الفَردِ بما يَعمَلُهُ في يَومِهِ وَلَيلَتِهِ ، وَنَظَرُهُ فِيمَا يَقضِي بِهِ حَيَاتَهُ وَيَشغَلُ بِهِ وَقتَهُ ، وَيَجمَعُ عَلَيهِ كُلَّ هَمِّهِ وَهِمَّتِهِ ، وَتَفَكُّرُهُ في الأَمرِ الَّذي يَستَحِقُّ أَن يَجعلَهُ نُصبَ عَينَيهِ وَمَحَلَّ عِنَايَتِهِ ، يَستَوِي في ذَلِكَ طُلاَّبُ الدُّنيَا وَطُلاَّبُ الآخِرَةِ ، وَمُرِيدُو العَاجِلَةِ وَطَالِبُو الآجِلَةِ ، فَكُلٌّ سَيُؤتِيهِ اللهُ عَلَى قَدرِ مَا قَصَدَ وَأَرَادَ ، وَسَيَجِدُ نَتِيجَةَ مَا بَذَلَهُ مِن عَمَلٍ وَاجتِهَادٍ ، قَالَ -سُبحانَهُ - : " وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنيَا نُؤتِهِ مِنهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤتِهِ مِنهَا وَسَنَجزِي الشَّاكِرِينَ " وَقَالَ - جَلَّ وعلا - : " مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاهَا مَذمُومًا مَدحُورًا . وَمَن أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعيَهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعيُهُم مَشكُورًا . كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِن عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحظُورًا " أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ رَبَّنَا حَكَمٌ عَدلٌ ، لا يَظلِمُ مِثقَالَ ذَرَّةٍ ، وَلا يُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ ، فَمَن جَدَّ مِن عِبادِهِ وَاجتَهَدَ وَبَذَلَ الأَسبَابَ وَبَذَرَ البُذُورَ وَسَقَاهَا ، وَكَانَ ذَا هِمَّةٍ عَالِيَةٍ وَعَزِيمَةٍ صَادِقَةٍ ، أَعطَاهُ الكَريمُ – سُبحَانَهُ - بُغيَتَهُ وَحَقَّقَ لَهُ مَطلُوبَهُ ، وَمَتَّعَهُ بِثَمَرَةِ الشَّجرَةِ الَّتي غَرَسَهَا وَسَقَاهَا ، وَمَن قَعَدَ وَنَامَ وَتَكَاسَلَ وَغَفَلَ ، وَكَانَ كَثِيرَ التَّلَفُّتِ وَالنَّظَرِ إِلى الخَلفِ وَالاشتِغالِ بما لا يَعنِيهِ وَلا نَفعَ لَهُ فِيهِ ، دَائِمَ التَّأجِيلِ لأَعمَالِهِ وَالتَّسوِيفِ في إِنجازِ مَا يُطلَبُ مِنهُ ، وَجَدَ نَتِيجَتَهُ مُسَاوِيَةً لِبَذلِهِ ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا أَنتَ لم تَزرَعْ وَأَدرَكتَ حَاصِدًا...
نَدِمتَ عَلَى التَّقصِيرِ في زَمَنِ البَذرِ
وَكَمَا قَالَ الآخَرُ :
وَمَن زَرَعَ البُذُورَ وَمَا سَقَاهَا...
تَأَوَّهَ نَادِمًا يَومَ الحَصَادِ
يُقَالُ هَذَا الكَلامُ - أَيُّهَا الإِخوةُ - وَأَبنَاؤُنا في عُطلَةٍ مِنَ الدِّرَاسَةِ ، وَحَالُ بَعضِهِم كَمَا تَرَونَ لا تُرضِي أَبًا وَلا تَسُرُّ مُحِبًّا ، وَلا تُسعِدُ أُمًّا وَلا تُبهِجُ صَدِيقًا ، سَهَرٌ في اللَّيلِ إِمَّا في الحَدَائِقِ وَالمُتَنَزَّهَاتِ أَوِ في الاستِرَاحَاتِ ، وَإِمَّا عَلَى الأَرصِفَةِ أَو في المَطَاعِمِ وَالمَقَاهِي ، وَإِمَّا عَلَى الجَوَّالِ أَو غَيرِهِ مِن وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ ، يُتَابِعُونَ مَقَاطِعَ تُسَمِّمُ الأَفئِدَةَ ، أَو يَتَأَمَّلُونَ صُوَرًا تَطعَنُ القُلُوبَ ، أَو يُشاهِدُونَ مُبَارَيَاتٍ لا فَائِدَةَ فِيهَا ، أَو يَتَنَافَسُونَ في لُعبَةٍ تُضِيعُ نَفِيسَ أَوقَاتِهِم وَتَذهَبُ بِمَاءِ أَعيُنِهِم ، أَو لِيَتَحَادَثُوا بطَرائِفَ مُكَرَّرةٍ وَيَتَنَاقَلُوا أَخبارًا هَزِيلَةً ، فَإِذَا طَلَعَ النَّهَارُ وَجَاءَ وَقتُ طَلَبِ العِلمِ ، وَحَانَ مَوعِدُ السَّعيِ في مَنَاكِبِ الأَرضِ لِلبَحثِ عَنِ الرِّزقِ ، نَامَ أَحَدُهُم نَومًا عَمِيقًا طَوِيلاً ، وَغَفَلَ عَمَّا يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ حَتى الصَّلاةِ ، أَلا فَمَا أَحرَانَا وَأَحرَاهُم ، وَأَجَدَرَهُ بِنَا وَبِهِم ، أَن نَنتَبِهَ وَيَنتَبِهُوا ، وَأَن نَعلَمَ وَيَعلَمُوا ، أَنَّنَا خُلِقنَا لأَمرٍ عَظِيمٍ ، وَوُجِدنَا عَلَى هَذِهِ الأَرضِ لِشَأنٍ جَلِيلٍ ، قَالَ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى - : " إِنَّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلْنَهَا وَأَشفَقنَ مِنهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً . لِيُعَذِّبَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشرِكِينَ وَالمُشرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا " وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - : " وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ . إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ " فَالمَرَدُّ إِلى اللهِ ، وَالأَصلُ هُوَ عِبَادَتُهُ ، وَالأَهَمُّ هُوَ العَمَلُ لِلآخِرَةِ ، وَلَكِنَّ السَّائِرَ في هَذِهِ الدُّنيَا لا بُدَّ لَهُ مِن زَادٍ يَتَبَلَّغُ بِهِ ، قَالَ - سُبحَانَهُ - : " وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ " فَالبِدَارَ البِدَارَ وَالعَمَلَ العَمَلَ ، وَلْنَحذَرِ الخُمُولَ وَالتَّوَاكُلَ وَالكَسَلَ ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعمَالُنَا ، وَمَن وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحمَدِ اللهَ ، وَمَن وَجَدَ غَيرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ ،،،، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ ، وَاكفِنَا بِحَلالِكَ عَن حَرَامِكَ ، وَأَغنِنَا بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ فَاستَغفِرُوهُ .
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تُنسَوهُ وَتَكفُرُوهُ ، وَيَا مَعشَرَ الفِتيَانِ وَالشَّبَابِ ، إِذَا رَأَيتُم أَحَدَ آبَائِكُم أَو أَعمَامِكُم أَو إِخوَانِكُمُ الكِبَارِ كَبِيرًا في قَومِهِ ، أَو مَغبُوطًا في مَنصِبِهِ ، أَو يُشَارُ إِلَيهِ بِالبَنَانِ في عِلمِهِ ، أَو يَتَمَنَّى الآخَرُونَ أَن يَملِكُوا مِثلَ مَا يَملِكُ مِن مَالٍ ، فَاعلَمُوا أَنَّهُ صاحِبُ نَفسٍ كَبيرةٍ وَهِمَّةٍ عَالِيَةٍ ، وَأَنَّهُ قَد أَتعَبَ نَفسَهُ قَبلَ هَذِهِ الرَّاحَةِ وَجَاهَدَ ، وَبَذَلَ كَثِيرًا مِن وَقتِهِ وَعَمِلَ وَكَابَدَ ، وَفَكَّرَ وَخَطَّطَ وَحَاوَلَ وَنَاضَلَ وَصَاوَلَ ، وَإِذَا وَجَدتُم في المَقَابِلِ حَقِيرًا فَقِيرًا ، فَاعلَمُوا أَنَّهُ في الغَالِبِ كَانَ في صِغَرِهِ وَفُتُوَّتِهِ وَشَبَابِهِ قَرِيبَ الأَهدَافِ دَنِيءَ الغَايَاتِ ، مُشَتَّتَ الفِكرِ مَحدُودَ التَّفكيرِ ، رَاضِيًا بِالدُّونِ مُقَلِّدًا لِلمُخفِقِين وَالقَاعِدِينَ ، كَثِيرَ النَّومِ وَالكَسَلِ ، مُؤْثِرًا لِلرَّاحَةِ مُفَضِّلاً لِلنَّعِيمِ في صِغَرِهِ ، وَلِهَذَا حُرِمَ مِنهُ في كِبَرِهِ . فَخُذُوهَا مِنَّا وَمِنَ الوَاقِعِ الَّذِي تَرَونَهُ لَعَلَّكُم تَرشُدُونَ وَتَنتَبِهُونَ ، قَبلَ أَن تَندَمُوا وَتَأسَفُوا عَلَى مَا فَاتَ في وَقتٍ لا يَنفَعُ فِيهِ نَدَمٌ وَلا أَسَفٌ : إِنَّ الوَقتَ يَمضِي ، وَالأَيَّامَ تَجرِي ، وَالزَّمَانُ في مَسيرِهِ لا يَقِفُ لأَحَدٍ ، وَلا يَنتَظِرُ نَائِمًا حتى يَصحُوَ ، وَلا غَافِلاً حتى يَنتَبِهَ ، وَلا هَازِلاً حتى يَجِدَّ ، وَلا خَامِلاً حتى يَستَعِدَّ ، أَلا فَانتَبِهُوا وَاستَيقِظُوا ، وَانبُذُوا النَّومَ وَالكَسَلَ ، وَمَن أَرَادَ النَّجَاحَ والفلاحَ ، فَلْيَجعَلِ النَّاجِحِينَ نُصبَ عَينَيكَ ، وَلْيَقرَأْ في أَخبَارِهِم ، وَلْيَتَأَمَّلْ سِيَرَهُم ، وَلْيَتَفَكَّرْ في صَبرِهِم وَجَلَدِهِم ، وَهِمَّتِهِم وَنَشَاطِهِم ، وَمَجِيئِهِم دَائِمًا في المُقَدمةِ ، وَعَدَمِ تَأَخُّرِهِم عَمَّا فيهِ مَصلَحَةٌ لَهُم أَو لأُمَّتِهِم ، وَعَلَيكُم بِصُحبَةِ ذَوِي الهِمَمِ العَالِيَةِ ، وَاحذَرُوا الخَامِلِينَ وَالكُسَالى ، فَإِنَّما المَرءُ صُورةٌ مِمَّن يُصَاحِبُهُ وَيُماشِيهِ ...
أَنتَ في النَّاسِ تُقَاسُ...
بِالَّذِي اختَرتَ خَلِيلا
فَاصحَبِ الأَخيَارَ تَعلُ
وَتَنَلْ ذِكرًا جَمِيلا
صُحبَةُ الخَامِلِ تَكسُو
مَن يُؤَاخِيهِ خُمُولا
اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لِمَا وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ .
المرفقات
1622722183_أبناؤنا في العطلة هموم أم همم.doc
1622722196_أبناؤنا في العطلة هموم أم همم.pdf
المشاهدات 1986 | التعليقات 2
جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه خطبة رصينة زادكم ربي توفيقاً وسدادا
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق