خصائص أهل السنة والجماعة

إبراهيم بن سلطان العريفان
1437/12/01 - 2016/09/02 07:48AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وتركنا على محجة بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك.
وكان أعلم الناس بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأتبعهم له هم أصحابُه رضوان الله عليهم أجمعين، فهم أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، من اقتدى بهم اهتدى ومن خالفهم وتنكب سبيلهم ضل، وفي ذلك يقول تعالى ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) فجعل ما آمن به الصحابة معياراً يعرف به الهدى من الضلال.وقال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية من النار قال (مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي )
وقد اتبع سبيل الصحابة قوم فاهتدوا، وهم الذين اشتُهِروا وعُرِفوا بأهل السنة والجماعة وبأهل السنة، وأهل الأثر، وعُرِفوا بالسلفيين، فهذه الأسماء والألقاب أسماء شرعية تدل على معان صحيحة، فتسميتهم بأهل السنة لأنهم التزموا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتزموا بالعقيدة الصحيحة التي جاءت في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لزموا السنة واجتنبوا البدع والمحدثات في الدين.
وسموا بالجماعة لأنهم اجتمعوا على الحق على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهم تابعوا الجماعة التي لم تختلف ولم تتفرق في الدين وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، ولأنهم يوصون بالاجتماع على ولاة الأمور وترك مخالفتهم ومنازعتهم الأمر تمشياً مع النصوص الشرعية في الكتاب والسنة.
وسموا بأهل الأثر لأن مصدرهم في الاعتقاد كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع تفسير النصوص وبيان معانيها عن طريق تفسير الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فلا يأخذون عقيدتهم من علم الكلام ولا الفلسفة ولا الآراء البشرية المحضة.
وسموا بالسلفيين نسبة إلى مَن تقدمهم وسبقهم في الإيمان والعمل الصالح وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لهم بإحسان.
والعبرة فيمن تسمى أو سمي بشيء من هذه الأسماء والألقاب هي بمطابقة واقعه وحاله لهذه النسبة، لأنه قد يتسمى بها أو قد تطلق على من ليس من أهلها - بل على من هو عدو لها - فكثير من أهل البدع كالخوارج وغيرهم يتسمون بهذه الأسماء لتضليل الناس وخداعهم، ولتشويه الدين الحق وتشويه أهله وحملته بحق.
واعلموا – يا عباد الله - أن التسمي بهذه الأسماء الشرعية ليس من تفريق الأمة وتشتيت كلمتها، وإنما هو من باب التمييز بين أهل السنة حقاً وبين أهل الأهواء والبدع.
ولأهل السنة حقاً مميزات وخصائص تميزهم عن غيرهم ...
فَهُم يأخذون عقيدَتهم من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستمسكون بما عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى ( اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ). بخلاف غيرهم من أهل الأهواء والبدع الذين يجعلون الفلسفة وعلم الكلام مصدراً للاعتقاد، فوقعوا فيما وقعوا فيه من نفي صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه أو تحريفها وتأويلها عن معناها الصحيح.
وأهل السنة والجماعة .. يفردون الله بالعبادة، فلا يدعون مع الله تعالى نبياً ولا ملكاً ولا ولياً، ولا يتمسحون بالقبور ولا يتبركون بها، لقوله تعالى ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) أما غيرُهم من الغلاة في الأولياء والقبوريون والخرافيون من الصوفية والروافض وغيرهم ... فإنهم يصرفون لأوليائهم أنواعاً عديدة من العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من العبادات.
أهل السنة والجماعة .. يعتقدون أن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع، وليست مجالاً للهوى والاختراع والابتداع، لذا يذكرون الله تعالى ويصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في النصوص الثابتة الصحيحة، فلا يتقربون إلى الله بذكر الله تعالى على أنغام الطبول والدفوف والموسيقى والتصفيق والرقص كما يفعله أصحاب الطرق الصوفية.
أهل السنة والجماعة .. يتعاملون مع الحكام وولاة الأمور لما شرعه الله في كتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم في سنته وما كان عليه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان فيسمعون لهم ويطيعون في المعروف كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ويُفُون لهم ببيعتهم وعهدهم، ولا يخرجون عليهم ولا ينازعونهم حقهم في الحكم، ويتعاونون معهم على البر والتقوى وينصحون لهم، ويدعون لهم أبراراً كانوا أم فجاراً، بخلاف ما عليه غيرُهم من الفرق والجماعات الدعوية السياسية التي تقرر الخروج على ولاة الأمور، وتسعى لقلب أنظمة الحكم بغير دليل ولا برهان شرعي إنما بالهوى والآراء المضلة.
أهل السنة والجماعة .. لا يكفرون أصحاب الكبائر من المسلمين، ولا يكفرون إلا من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستحلون الدماء المعصومة إلا بحقها. بخلاف الخوارج والتنظيمات الإرهابية المعاصرة التي تقوم على تكفير المسلمين بغير وجق، وباستحلال دمائهم بغير وجه حق. فلقي منهم المسلمون بلاء عظيماً، لعلهم لم يروا مثله من قبل على يد يهودي ولا نصراني ولا وثني والعياذ بالله.
عباد الله .. أهل السنة والجماعة يرون الجهاد تحت راية ولاة الأمور، لا يشذون عنهم ولا يسبقونهم به، قال صلى الله عليه وسلم ( من أطاعَني فقد أطاعَ اللهَ، ومن عصانِي فقد عصَى اللهَ، ومن يُطِعِ الأميرَ فقد أطاعَني، ومن يَعْصِ الأميرَ فقد عصانِي، وإنما الإمامُ جُنَّةٌ ، يقاتلُ من ورائِه ويُتَّقَى به ، فإن أَمَرَ بتقوَى اللهِ وعدَلٍ فإن له بذلك أجرًا ، وإن قال بغيرِه فإن عليه منه ) هذا منهج أهل السنة والجماعة بخلاف التنظيمات الغالية الإرهابية المعاصرة التي تشعل الفتن باسم الجهاد، ثم تكون العواقب وخيمة أليمة يزداد المسلمون بها ضعفاً ويزداد العدو بها تسلطاً، ثم تنقلب إلى فتن داخلية تُخْلَع فيها البيعة ويُشَقّ فيها عصا الطاعة، ويُقْتَتَل فيها المسلمون فيما بينهم، حتى يقتل الرجل أباه وأمه وأخاه - والعياذ بالله - باسم الجهاد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين .. أهل السنة والجماعة .. يتولَّون كلَّ أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم وأزواجِه وأهلِ بيته من آمن منهم يحبونهم جميعاً ويترضون عنهم، ولا يحملون في قلوبهم بغضاً ولا غلاً ولا حقداً على أحد منهم . بعدما ذكر الله المهاجرين والأنصار قال ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) بخلاف الشيعة والرافضة والخوارج والنواصب الذي يتولون بعضاً منهم ويبغضون أكثرَهم .. يوالون بعضاً ويعادون بعضاً .. يشهدون بالإيمان لبعض ويحكمون بالكفر على بعض والعياذ بالله.
أهل السنة والجماعة – يا عباد الله - يقدمون قولَ الله وقولَ رسوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد، فلا يتعصبون للأقوال التي تخالف كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما كانت جلالة قائلها، فالله عز وجل أنما تعبدنا باتباع كتابه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقال ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) كما أن أهل السنة والجماعة يحاربون البدع والمحدثات كلها ويردونها ولا يحابون في ذلك أحداً، لأن نفي البدع من أعظم صور الجهاد التي تحفظ على الإسلام صفاءه ونقاءه.
عباد الله ... هذه بعض الصفات والمميزات التي يمتاز بها أهل السنة والجماعة، وبها يسهل تمييزهم ومعرفتهم، وبمخالفتها يسهل معرفة من ليس من أهل السنة والجماعة وإن تسمى باسمهم وحمل لقبهم. فتعلموا عقيدتكم وافهموها وتمسكوا بها ولا تلتفوا لمن يحاربها أو يشوش عليها.
وإن من التحدُّث بنعمة الله ومن باب الاعتراف بالفضل لأهله .. التنويه والتذكير بأن هذه الدولة السعودية المباركة دولة قائمة بحق وحقيقة على تبني عقيدة السلف الصالح واعتمادها في الحكم والتعليم والقضاء وغير ذلك. فنسأل الله أن يحفظ قادتها من كل سوء وأن يزيدهم قوة ومنعة وتأييداً وعزاً إنه سميع الدعاء. معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين.
المشاهدات 1304 | التعليقات 0