خسوفُ القمر وتوالي الآياتِ والنذر
ماجد العتيبي
1433/01/14 - 2011/12/09 19:42PM
color="darkred"]خسوفُ القمر وتوالي الآياتِ والنذر[/color
جامع الأمير سلمان بن عبدالعزيز
14 /1/ 1433هـ
ماجد بن رفاع العتيبي
مدة الخطبة: 10 دقائق تقريبًا.
جامع الأمير سلمان بن عبدالعزيز
14 /1/ 1433هـ
ماجد بن رفاع العتيبي
مدة الخطبة: 10 دقائق تقريبًا.
[align=justify]
الحمد لله الذي سخر الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار عبرة لمن اعتبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله ربه نذيرًا للبشر، أنذر أمته وصبر، وجهاد وشكر، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم المحشر والمستقر، أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، فإنه رقيب عليكم، عليم بكم، لا يخفى عليه شيء من أمركم، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
أيها الأحبة، ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾، الليل والنهار والشمس والقمر، آياتٌ من آيات الله الدالة على ربوبيته وألوهيته، ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (*) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (*) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (*) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾.
هذا في حالتها الطبيعية، فكيف إذا تغير حال الشمس أو القمر، إنها آية أخرى من آياته سبحانه، فذهاب ضوء الشمس أو القمر، دليل على قدرة ربنا وعلى عظمته، فمن قدر على ذهاب هذا الضوء قادر على أن يغير حال غيرها مَنْ هُم أصغر منهما خلقًا وأضعف.
أيها الأحبة، نحن لسنا في نقص من العبر والآيات، فكم توالت علينا الآياتُ والنذر، وأحاطت بنا العبر، ولا ينقصنا إلا أخذُ الاعتبار والادكار، ولنحذر ممن قال الله فيهم: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾.
والناس في هذه الآيات على قسمين: قسمٌ يزداد بعدها إيمانًا فتجده يلتجئ إلى العبادة والقربة، وهذا حال عباد الله المؤمنين، إذا رأوا آية من آيات الله ازدادوا له تقربًا وخوفًا، فمن شاهد الخسوف فزع إلى الصلاة والذكر والصدقة.
وقسم آخر لا تزيده الآيات إلا إعراضًا وتكبرًا.
وقد وقع مثلُ هذا في فرعون وسحرتِه، لما رأى فرعونُ آياتِ الله ازداد طغيانا، ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى﴾، والآية الواحدة تَرْدَعُ؛ وهذا لم تردعه الآيات.
أما سحرة فرعون فلما رأوا عصا موسى تلقف ما يأفكون، وهي آية واحدة أُلقوا ساجدين مؤمنين برب العالمين.
لذا كان من نصيب فرعون الهلاكُ والغرق، ومن نصيب المؤمنين الفوز والنجاة.
أيها الأحبة، وهذا خسوف القمر إنما هو آية أخرى من آيات الله، الدالة على وحدانية الله وعظيم قدرته وتخويفِ العباد من بأس الله وسطوته، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ).
وما ذا إلا إبطال لما كان يُظن في الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو لحياته، فقال بعض الصحابة رضي الله عنهم يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم -وكان ذلك في السنة العاشرة- إنما كسفت الشمس لموته، فأبطل النبي صلى الله عليه ذلك الظن الجاهلي.
أيها الأحبة، إن تغير القمر هذه الليلة يجعل المسلم يشعر بالخوف والرهبة، ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم حدث كسوف الشمس في عهده؛ فقد خرج فزعًا خائفًا، فلبس درع بعض نسائه، فألحق بردائه، وأخذ يجره من الفزع، فصلى صلاة طويله، قدَّر ابنُ عباس رضي الله عنهما الركوعَ الأول قدر سورة البقرة. وتقول عائشة رضي الله عنها: «ما ركعت ركوعًا قط، ولا سجدت سجودًا قط كان أطول منه».
وهذا حال المؤمن الالتجاء إلى الله دائمًا، لذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته حال الكسوف إلى عدد من الطاعات، منها: الصلاة، الصدقة، الدعاء، ذكر الله، الاستغفار، التكبير، التعوذ بالله من عذاب القبر، والعتق.
أيها الأحبة، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاته خطبة بليغة، تضمنت التحذير من المعاصي التي تكون سببًا في سخط الله، ومن تلك المعاصي التي حذر منها:
– الشرك وهو أعظم الذنوب، حيث رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمرو بن لُحيّ والذي جلب الأصنام لجزيرة العرب فعُبدت، رآه في النار يجر أمعاءه.
– الظلم، والاعتداء على الآخرين، فقد رأى المرأةَ التي حبست هرة وعذبتها حتى ماتت، رآها في النار، فكيف بمن يظلم بني آدم، ويمنعهم من حقوقهم، ويعتدي عليهم بالقتل.
– أخذ حقوق الناس بغير حق بالسرقة أو النهب وغيرِها، فقد رأى صاحب المحجن الذي يأخذ أمتعة الناس في الحج بمحجنه، فإن فطنوا قال إنما تعلق بمحجني، وإن غُفل عنه ذهب به، رآه النبي صلى الله عليه وسلم في النار.
– الزنا، حيث أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حيث قال: (يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ). فإن غيرته سبحانه وكراهيته للزنا أشد من غيرتكم على زنا عبدكم أو أَمَتِكم.
أيها الأحبة، إن من طبيعة الإنسان الطغيان والكفران، خاصة مع الرخاء وازدياد النعم، قال تعالى: ﴿ كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (*) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾، وقال: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (*) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ أي جحود منوع للخير.
فيُقَدِّرُ الله جل وعلا عبرًا وآياتٍ لتكون رحمة بعباده المؤمنين، تقودهم إلى التوبة والإنابة، وقهرًا لهذا الطغيان والتمرد الذي جُبلت عليه النفس، ولولا هذه الآيات والنذر وما يصيبنا من مصائب الدنيا؛ لأصابنا الكبرُ والعجبُ والفرعنةُ وقسوةُ القلب.
أخيرًا أيها الأحبة، كما تغيَّر هذا القمرُ وذهب ضوءُه، فلنغير من أحوالنا إلى الأحسن والأجمل، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾.
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.
ربنا ظلما أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم إنا نعترف إليك بتقصيرنا وخطئنا، وظلمًا وجحودنا، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
[/align]
الحمد لله الذي سخر الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار عبرة لمن اعتبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله ربه نذيرًا للبشر، أنذر أمته وصبر، وجهاد وشكر، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم المحشر والمستقر، أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، فإنه رقيب عليكم، عليم بكم، لا يخفى عليه شيء من أمركم، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
أيها الأحبة، ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾، الليل والنهار والشمس والقمر، آياتٌ من آيات الله الدالة على ربوبيته وألوهيته، ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (*) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (*) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (*) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾.
هذا في حالتها الطبيعية، فكيف إذا تغير حال الشمس أو القمر، إنها آية أخرى من آياته سبحانه، فذهاب ضوء الشمس أو القمر، دليل على قدرة ربنا وعلى عظمته، فمن قدر على ذهاب هذا الضوء قادر على أن يغير حال غيرها مَنْ هُم أصغر منهما خلقًا وأضعف.
أيها الأحبة، نحن لسنا في نقص من العبر والآيات، فكم توالت علينا الآياتُ والنذر، وأحاطت بنا العبر، ولا ينقصنا إلا أخذُ الاعتبار والادكار، ولنحذر ممن قال الله فيهم: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾.
والناس في هذه الآيات على قسمين: قسمٌ يزداد بعدها إيمانًا فتجده يلتجئ إلى العبادة والقربة، وهذا حال عباد الله المؤمنين، إذا رأوا آية من آيات الله ازدادوا له تقربًا وخوفًا، فمن شاهد الخسوف فزع إلى الصلاة والذكر والصدقة.
وقسم آخر لا تزيده الآيات إلا إعراضًا وتكبرًا.
وقد وقع مثلُ هذا في فرعون وسحرتِه، لما رأى فرعونُ آياتِ الله ازداد طغيانا، ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى﴾، والآية الواحدة تَرْدَعُ؛ وهذا لم تردعه الآيات.
أما سحرة فرعون فلما رأوا عصا موسى تلقف ما يأفكون، وهي آية واحدة أُلقوا ساجدين مؤمنين برب العالمين.
لذا كان من نصيب فرعون الهلاكُ والغرق، ومن نصيب المؤمنين الفوز والنجاة.
أيها الأحبة، وهذا خسوف القمر إنما هو آية أخرى من آيات الله، الدالة على وحدانية الله وعظيم قدرته وتخويفِ العباد من بأس الله وسطوته، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ).
وما ذا إلا إبطال لما كان يُظن في الجاهلية أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو لحياته، فقال بعض الصحابة رضي الله عنهم يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم -وكان ذلك في السنة العاشرة- إنما كسفت الشمس لموته، فأبطل النبي صلى الله عليه ذلك الظن الجاهلي.
أيها الأحبة، إن تغير القمر هذه الليلة يجعل المسلم يشعر بالخوف والرهبة، ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا﴾ كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم حدث كسوف الشمس في عهده؛ فقد خرج فزعًا خائفًا، فلبس درع بعض نسائه، فألحق بردائه، وأخذ يجره من الفزع، فصلى صلاة طويله، قدَّر ابنُ عباس رضي الله عنهما الركوعَ الأول قدر سورة البقرة. وتقول عائشة رضي الله عنها: «ما ركعت ركوعًا قط، ولا سجدت سجودًا قط كان أطول منه».
وهذا حال المؤمن الالتجاء إلى الله دائمًا، لذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته حال الكسوف إلى عدد من الطاعات، منها: الصلاة، الصدقة، الدعاء، ذكر الله، الاستغفار، التكبير، التعوذ بالله من عذاب القبر، والعتق.
أيها الأحبة، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاته خطبة بليغة، تضمنت التحذير من المعاصي التي تكون سببًا في سخط الله، ومن تلك المعاصي التي حذر منها:
– الشرك وهو أعظم الذنوب، حيث رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمرو بن لُحيّ والذي جلب الأصنام لجزيرة العرب فعُبدت، رآه في النار يجر أمعاءه.
– الظلم، والاعتداء على الآخرين، فقد رأى المرأةَ التي حبست هرة وعذبتها حتى ماتت، رآها في النار، فكيف بمن يظلم بني آدم، ويمنعهم من حقوقهم، ويعتدي عليهم بالقتل.
– أخذ حقوق الناس بغير حق بالسرقة أو النهب وغيرِها، فقد رأى صاحب المحجن الذي يأخذ أمتعة الناس في الحج بمحجنه، فإن فطنوا قال إنما تعلق بمحجني، وإن غُفل عنه ذهب به، رآه النبي صلى الله عليه وسلم في النار.
– الزنا، حيث أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حيث قال: (يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ). فإن غيرته سبحانه وكراهيته للزنا أشد من غيرتكم على زنا عبدكم أو أَمَتِكم.
أيها الأحبة، إن من طبيعة الإنسان الطغيان والكفران، خاصة مع الرخاء وازدياد النعم، قال تعالى: ﴿ كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (*) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾، وقال: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (*) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ﴾ أي جحود منوع للخير.
فيُقَدِّرُ الله جل وعلا عبرًا وآياتٍ لتكون رحمة بعباده المؤمنين، تقودهم إلى التوبة والإنابة، وقهرًا لهذا الطغيان والتمرد الذي جُبلت عليه النفس، ولولا هذه الآيات والنذر وما يصيبنا من مصائب الدنيا؛ لأصابنا الكبرُ والعجبُ والفرعنةُ وقسوةُ القلب.
أخيرًا أيها الأحبة، كما تغيَّر هذا القمرُ وذهب ضوءُه، فلنغير من أحوالنا إلى الأحسن والأجمل، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾.
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.
ربنا ظلما أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم إنا نعترف إليك بتقصيرنا وخطئنا، وظلمًا وجحودنا، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
[/align]