خُذُوا زِينَتَكُمْ

خالد الكناني
1445/10/23 - 2024/05/02 19:42PM

خُذُوا زِينَتَكُمْ

الحمد لله ربّ العالمين نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ لهُ ، وأشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَمَ تسليما كثيرا

أمَّا بَعْدُ : أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى حق التقوى ، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون : لقد منَّ الله تعالى علينا بهذا الدين العظيم ، الكامل في جميع الأمور ، دين يعتني بكل جميل ، يأمور أتباعه بالطهارة والنظافة والتزين والجمال ، دين كامل في العقائد والمعاملات والعبادات والاخلاق والسلوكيات والجمال ، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

ومن هذه القيم والجماليات النظافة والطهارة عند اداء الصلاة

فالطهارة شرط من شروط الصلاة ، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» ،

وتحصل الطهارة بالوضوء من الأحدث الأصغر وبالغسل من الحدث الأكبر ، وفي حالة عدم وجود الماء أو هناك ضرر باستعماله شرع التيمم .

ومن هذه القيم الجميلة والسلوكيات الطيبة ، احترام بيوت الله وتوقيرها بالتجمل والتزين بالملابس الطيبة النظيفة مع التطيب والسواك .

قال تعالى : { يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }

قال ابن كثيررحمه الله في تفسيره  : ( يُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيدِ، وَالطِّيبُ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ وَالسِّوَاكُ لِأَنَّهُ مِنْ تمام ذلك )

قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره : ( أي: استروا عوراتكم عند الصلاة كلها، فرضها ونفلها، فإن سترها زينة للبدن، كما أن كشفها يدع البدن قبيحا مشوها.

ويحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن، ففي هذا الأمر بستر العورة في الصلاة، وباستعمال التجميل فيها ونظافة السترة من الأدناس والأنجاس )

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ ))

هكذا ينبغي أن نعتني بالنظافة واللباس الطيب الجميل المتوفر لدينا ، أولا أن يكون اللباس ساترا للعورة فسترها شرطا من شروط الصلاة ، وكذلك ليس من آداب الإسلام أن نأتي إلى مساجدنا ونقف أمام ربنا لأداء الصلوات في ملابس عارية أو ملابس النوم والرياضة أو التي تحمل صورا وأشكالا لا تليق ببيوت الله .

بل على المسلم أن يستعد لصلاته بالطيب والسواك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ»

ومن الآداب والسلوكيات الطيبة تجنب الروائح الكريهة والمؤذية للمصلين كالثوم والبصل ورائحة الدخان والشيشة وغيرها مما يؤذي المصلين

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ - وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ )

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أيها المسلمون : اعلموا أنكم في كل صلاة تناجون ربكم وأن الله جميل يحب الجمال ، لذا ينبغي علينا أن نأتي إلى مساجدنا عند اداء الصلوات في أحسن هيئة وبأجمل لباس وأطيب رائحة ، يقول ابن القيم رحمه الله : ( فإن ستر العورة من الأدب. والوضوء وغسل الجنابة من الأدب. والتطهر من الخبث من الأدب. حتى يقف بين يدي الله طاهرا. ولهذا كانوا يستحبون أن يتجمل الرجل في صلاته. للوقوف بين يدي ربه .... وكان لبعض السلف حلة بمبلغ عظيم من المال. وكان يلبسها وقت الصلاة. ويقول: ربي أحق من تجملت له في صلاتي ) ، ثم اعلموا عباد الله أن اعتياد المساجد عبادة وسعادة ومكاسب في الدنيا والآخرة ، ولنتأمل الثواب الجزيل المُعدّ لمن اعتاد الذهاب إلى المساجد  .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّمَا غَدَا، أَوْ رَاحَ» ... فتجملوا وتطهروا وتنظفوا وتأدبوا بآداب الاسلام في بيوت الله تعالى ، فإن ذلك من تقوى الله وتعظيم شعائره ، قال تعالى : { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }

 

 

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله تبارك وتعالى به ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

المشاهدات 859 | التعليقات 0