خِتَامٌ لِشِهْرِ الصِّيامِ , واجتِمَاعٌ لِلقَادَةِ والحُكَّامِ 26/9/1440هـ

خالد محمد القرعاوي
1440/09/23 - 2019/05/28 04:34AM

خِتَامٌ لِشِهْرِ الصِّيامِ , واجتِمَاعٌ لِلقَادَةِ والحُكَّامِ 26/9/1440هـ
الحمدُ للهِ على جَزِيلِ عَطائِهِ, نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ نَرجو بِها النَّجاةَ يومَ لقائِهِ, ونَشهدُ أنَّ محمَّدا عبدُ اللهِ ورَسُولُهُ الدَّاعي إلى جَنَّتِهِ ومَرضَاتِهِ, صلَّى الله وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه وأَتبَاعِهِ وَأعْوَنِهِ, أمَّا بعد. فاتَّقوا الله عبادَ الله: فإنَّ تقوَاهُ أَفضَلُ مُكتسَبٍ، وطاعتُه أعلى نَسَبٍ. صَدَقَ اللهُ حينَ قَالَ: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ 
بِالأَمسِ أَقبَلَ مُشرقَ المِيلادِ شَهْرُ التُّقاةِ ومَوسِمُ العُبَّادِ
واليومَ شدَّ إلى الرَّحيلِ مَتَاعَهُ قد زوَّد الدُّنيا بخيرِ الزَّادِ.
أَيُّها الصَّائِمُونَ: ها هو رَمَضَانُنَا دَنا رَحِيلُهُ وأَزِفَ تَحويلُهُ؛ فَهنيئًا لِمَن زَكت فيه نفسُه، وَرَقَّ قلبُهُ، وتهذَّبت أخلاقُه، وعظُمَت لِلخيرِ رَغبتُهُ، هنيئًا لمن عَفَا عنه الكَرِيمُ، وأعتَقَ رَقَبَتَهُ مِن العَذَابِ الأَلِيمِ.
أيُّها الصَّائِمُونَ: تَودِيعُ رَمَضَانَ فُرصَةٌ للتَّأمُّل! فلقد عِشْنا معَ القُرآنِ الكريمِ تِلاوةً وتَدَبُّراً! فآمنَّا وأَيقنَّا أنَّهُ الحَبْلُ وَالحَيَاةُ, والنُّورُ والنَّجاةُ, حَقَّاً: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .فَلا تَتَّخِذُوهُ يَا مُسْلِمُونَ بَعْدَ مَا عَلِمْتُمْ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيَّاً!
أُمَّةَ الصِّيامِ والقُرآنِ: وفي تَودِيعِ رمضانَ فرصةٌ لِأَنْ نُصلحَ الخَللَ, فَمَا أجدَرَ أُمَّتَنَا الإسلامِيَّةَ وهي تُودِّعُ مَوسِمَها الأَغَرَّ، أن تودِّع أوضاعَها المَأسَاوِيَّةَ، وَنِزَاعَاتِهَا وَخِلافَاتِهَا غَيْرَ المَرْضِيَّةِ, تَشَرْذُمَاتٌ قَاتِلَةٌ, وَاصْطِفَافَاتٌ مُدمِّرِةٌ . وَاجِبٌ عَليها أنْ تُوقِفَ نَزيفَ الدَّمِ على ثَرَى فِلَسطِينَ المُجاهِدَةَ، وَسُوريا الجَرِيحَةِ، وأَرضِ اليَمَنِ الحَزِينِ, فهل عَجَزَ المسلمونَ أن يتَّخِذوا حَلاًّ عادلاً يَحقِنُ دماءَ إخوانِهم، ويُعيدُوا لهم حَقَّهم وشَرعِيَّتَهم وأمنَهُم ؟ فمن لم يتَّعظ بالوقائِع فهو غَافِلٌ، وَمَنْ لَمْ تَقْرَعْهُ الحَوادِثُ فَهُوَ خَامِلٌ. أَمَا لَنا في العِراقِ من عِبرٍ وأَحزَانٍ! أما لَنا في تَحَرُّكاتِ الرَّوافضِ والحَوثِيِّنَ وإيرَانَ وحُرُوبِهم من مُدَّكر؟!واللهِ إنَّهُ لا صلاحَ للأحوالِ ولا استقرارَ لِلشُعوبِ إلاَّ بالتَّمسُّكِ بالعقيدةِ الإسلامِيَّةِ واتخاذِ القرآنِ الكريمِ مَنهَجا, وجَعْلِ العَدْلِ مَسلَكاً, كَمَا قَالَ رَبُّناَ جَلَّ وَعَلا: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). هذا هو الأَمَلُ، وعلينا الصِّدقُ والعملُ, وَقَى اللهُ المُسلِمِينَ الفِتَنَ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ! أَيُّها القَادَةُ والمَسْؤولونَ: تَمَثَّلُوا قَولَ اللهِ تعَالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
مَعَاشِرَ المُسلِمِينَ: أُمَّتُنَا على مُفْتَرَقِ طُرُقٍ، فَهِيَ بَينَ كَمَّاشَةِ يَهُودٍ وَصَلِيبِيِّنَ حَاقِدِينَ ,وَبَينَ مَدٍّ صَفَويٍ وَحَوثِيٍّ خَائِنينَ ! وَقُلُوبُنَا تَخْفِقُ بِمَنْ يُدَاوي جِرَاحَهَا وَيَرْفَعُ مآسِيَها، وَيَدْحَرُ عَدُوَّهَا ؟ وَإنَّهُ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى أَمَامَ هذهِ الظُّرُوفِ العَصِيبَةِ تَأْتَي حُكُومَةُ خَادِمِ الحَرَمَينِ الشَّرِفَينِ, فِي رَغْبةٍ صَادِقَةٍ، وَسِيَاسَةٍ حَكِيمَةٍ لَعَقْدِ قِمَّةٍ إسْلامِيَّةٍ وَعَرَبِيَّةٍ؛ مِن أَجْلِ التَّضَامُنِ وَالوِحْدَةِ والاعْتِصَامِ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ. فَهَا هُو خَادِمُ الحَرَمَينِ وَفَّقَهُ اللهُ وَسَدَّدَهُ قَدْ دَعا إخْوَانَهُ وَأَشِقَّائَهُ, لِعَقْدِ مُؤتمرٍ استثنائيٍّ اجْتَمَعَ فِيهِ فَضْلُ الزَّمَانِ، وَشَرفُ المَكَانِ، بِجِوارِ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ وَزَمْزَمَ وَالحَطِيمِ. والمُؤَمَّلُ أنْ يَسْتَشْعِرَ القَادَةُ عِظَمَ مَسْؤُولِيَّتِهِمْ أَمَامَ رَبِّهِمْ، ثُمَّ أَمَامَ شُعُوبِهِم. فَقَدْ قَالَ الرَّبُّ جَلَّ وَعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ). وَنَبَيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ». وإنَّ هذا الحُضُورَ وَالتَّجَاوُبَ المَشْكُورَ دَلِيلٌ إنْ شَاءَ اللهُ لِلتَّغِييرِ نَحوَ الأَفْضَلِ، وَعَزْمًا صَادِقًا عَلى الإصْلاحِ المَنْشُودِ، فَحَذَارِ حَذَارِ أَنْ تَقِفَ المَطَامِعُ وَالمَصَالِحُ الخَاصَّةُ الضَّيِّقَةُ أَمَامَ المَصَالِحِ الكُبْرِى . فَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى وِحْدَةٍ كُبْرَى، وِحْدَةٍ تُنقِذُنَا من التَّشَرْذُمِ وَالتَّقْطِيعِ. فَإنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وإنَّ العَدْلَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الظُّلْمَ بَيِّنٌ. فَتَمَثَّلُوا قَولَ اللهِ تَعَالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).فَجَزى خَادِمَ الحَرَمَينِ خَيرَاً على مَسْعَاهُ وَبَارَكَ في عُمُرِهِ وَعَمَلِهِ.
أيُّها الصَّائِمون: لقد بَاتَتْ مَساجدُنَا بِحمدِ اللهِ في رَمَضَانَ مَلئَ بِصَلاةٍ ودُعَاءٍ, وقِرَاءةٍ وذِكرٍ, فَرِحْنَا بإخوانٍ لنا كانوا يَتَخلَّفونَ عن جَمَاعَتِنا بِتْنَا نَرَاهم معنا رُكَّعاً سُجَّدا! فيا أيُّها الصَّائِمُ: ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا
أيُّها الصَّائِمُونَ: تَودِيعُ رَمَضَانَ: يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ حَازِمَاً لِكَافَّةِ فِئَاتِ شَبَابِنَا وَنِسَائِنَا أنْ يَنتَهُوا عَنْ كُلِّ أنواعِ الفِسقِ والَّلهْوِ والتَّرَفِ والمُجُونِ والتَّهَاوُنِ في شَرْعِ اللهِ تَعالى وأنْ يَأخُذُوا أَمْرَ رَبِّهِم بِجِدٍّ وَتَقْوى ألم يَقُلِ الرَّبُّ الكَرِيمُ : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ(.
كَمَا يَنبَغِي أنْ يَكُونَ تَودِيعُ رَمَضَانَ حَازِمَاً وَحَاسِمَاً لِكُلِّ فِكْرٍ مُتَطَرِّفٍ ضَالٍّ مَشِينٍ: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
أيُّها الصَّائِمُونَ: من اجتهدَ بالطَّاعاتِ فَليحمَدِ اللهِ على ذلكَ وَلْيزْدَدْ مِنْها وَلْيَسْأَلْ رَبَّهُ القَبُولَ فإنِّما: يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَمَنْ قَصَّرَ وَتَرَاخَى , فَلنَعلَمْ أنَّ لَيلَتَنا هَذِهِ لَيلةٌ عَظِيمَةُ القَدْرِ, شَرِيفَةُ الفَضْلِ, هِي أَرْجَى لَيَالِ العَشْرِ عَلى الإِطلاقِ! كَان أُبيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه يُقسمُ على أنَّ ليلةَ القَدْرِ هي لَيلةُ سَبْعٍ وَعِشرِينَ ! وَنَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ قَالَ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) .رواهُ البخاريُّ. وَقَد سَأَلَتْ أُمُّنا عائشةُ رضي الله عنها رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ بِأَيِّ شَيءٍ أَدْعوا لَيلَةَ القَدْرِ؟ قَالَ: تَقُولِينَ: ( اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.) فَيَا أخي الصَّائِمُ: تَضَرَّعْ لِربِّكَ وَتَقَرَّبْ مِنْهُ فَرَبُّنا قَرِيبٌ مُجِيبٌ يَقْبَلُ التَّوبَةَ وَيِعفُوا عَنْ السَّيئَاتِ. ابْحَثُوا عَنْ رِضَا الرَّبِّ في لَيلةِ القدْرِ في رِضَا أَبٍّ وَأُمٍّ ,وَصِلَةِ رَحِمٍ وَإطْعَامِ مِسْكِينٍ , وَتَأْمِينِ خَائِفٍ, وَرَفْعِ مَظْلَمَةٍ, وَمُسَاعَدَةِ مَرِيضٍ, وَإقْلاعٍ عَنْ ذَنْبٍّ, فَصَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعِ السُّوءِ. لا تَبْحَثُوا عَنْ لَيلةِ القدْرِ بَينَ أَعْمِدَةِ المَسَاجِدِ فَحَسْبٌ. فَالَّلهُمَّ تَقَبْلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ, وَتُب عَلينَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ. اجعَلنا مِمَّنْ يَقُومُ لَيلَةَ القَدْرِ إيمَانَاً واحتِسَابَاً. وَأستَغْفِرُ اللهَ, فَاستَغْفِرُوهُ إنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله الذي بنعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتِ, نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ واسِعُ العَطَايا وجَزِيلُ الهِبَاتِ, ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ الله ورسولُه نبيُّ الفضائلِ والمَكرمَاتِ, صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ المَمَاتِ, أمَّا بعد: فاتَّقوا اللهَ وأَطِيعُوهُ ورَاقِبُوا ربَّكم ولا تَعصوهُ. أيُّها الصَّائِمُونَ: لَيَالِينَا البَاقِيةُ عَظِيمَةُ القَدْرِ, شَرِيفَةُ الفَضْلِ, وإنَّما الأَعْمَالُ بِالخَواتِيمِ.
أيُّها الصَّائمُ: إنْ أَحْسَنتَ فَزِدْ, وإنْ أَبعَدتَّ فَعُدْ, وإنْ كُنتَ غَفَلْتَ فَتَذَكَّرْ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ. قَالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحمهُ اللهُ: "مَنْ اجتهدَ أوَّلَ رمَضانَ وَفَتَرَ آخِرَه، كانَ كَمَن بَذَرَ حَبَّةً وَسَقَاهَا وَرَعَاهَا؛ حتى إذا أَوْشكَ زَمَنَ الحَصَادِ رَاحَ وَتَركَها!"
أيُّها الصَّائِمُ: مِن أَعْظَمِ مَا تُودِّعُ به شَهْرَكَ وتَختِمُ به صيامَكَ، الإكثارُ من كلمة التَّوحيدِ ومن الاستغفارِ، فقد جَمَعَ اللهُ بَينَهُمَا بِقَولِهِ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.
وَبَعْدَ شُكْرِ اللهِ بِإتْمَامِ الصِّيامِ يَقُولُ رَبُّنَا: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. فَشَرعَ لنا ربُّنا زكاةَ الفِطْرِ على الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ والذَّكرِ والأُنْثَى والحُرِّ والعبدِ صَاعَا من تَمْرٍ أو صَاعًا من شَعِيرٍ وأفضلُ وقتٍ لإخراجها صباحُ العيدِ وتجوزُ قَبْلَهُ بِيومٍ أو يَومينِ وجزى اللهُ القائمينَ على الجَمْعِيَّاتِ والمستودعاتِ الخيريةِ فهم يستقبلونَ زكاة الفطر ويقومون بإيصالها لمستحقها فَطِيبُوا بِها نَفْسًا فَهِيَ طُهرةٌ للصائم من الَّلغو والرَّفث وإخرَاجُها شُكرٌ للهِ على ما أنعمَ وأتمَّ من الصيامِ, وهي إحسانٌ للفقراء والمساكين,
يا صائمونَ: عِيدُنا شُكْرٌ للهِ وَفَرَحٌ بِفَضْلهِ فَيُسَنُّ لَكَ أَنْ تَفْرَحَ بِهِ وَتُوَسِّعَ على أَهلِكَ, وَأَنْ تَتَجَمَّل بِأَحْسنَ لِباسِكَ بَلْ سُنَّ لكَ الاغتسالُ والتَّطيُّبُ وأكلُ تمراتٍ وتِراً قبل خروجِك للصلاة شكراً لله وامتثالاً لأمره, في يوم العيد: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) واحذروا من أذيةِ العبادِ والبلادِ في أحيائِهم وطرقِاتِهم سواءٌ بالسياراتِ أو الْمُفرقَعَاتِ. واحْضُرُوا صلاةَ العيدِ رجالا ونساءً حتى النِّساءَ الحُيَّض أَمَرَهُنَّ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ بِالخُرُوجِ لِلصَّلاةِ لِيَشْهَدْنَ الخَيرَ وَدَعْوَةَ المُسلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى, وأَكْثِرُوا مِن التَّكْبِيرِ لَيلةَ العِيدِ وَصَبَاحَهُ تَعْظِيمًا للهِ وَشُكرًا لَهُ على هِدَايتِهِ وَتَوفِيقِه، قَالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: "حقٌّ على المُسْلِمِينَ إذَا رَأَوا هِلالَ شَوَالٍ أَنْ يُكبِّروا". وَاجْهَرُوا بِهِ فِي مَسَاجِدِكُمْ وَأَسْوَاقِكُمْ وَمَنَازلِكُمْ وَطُرَقَاتِكُمْ، ولتكبِّرَ النِّسَاءُ سِرًّا، وَلْيَقْصُرْ أَهْلُ الغَفْلَةِ والَّلهْوِ والفِسْقِ عن آلاتِ الطَّربِ والأَغَانِي السَّاذِجَةِ، ولا يُكدِّروا أَوقَاتَنَا الشَّريفَةَ بِمَزامِر الشَّيَاطِينِ وَكَلامِ الفَاسِقِينَ. وَلَقَدْ تقرَّر إقامةُ صلاة العيدِ هنا بإذنِ اللهِ مع عددٍ من المُصليات والجوامعِ وستكون الصلاةُ في الخَامِسَةِ وَثَلاثينَ دَقيقةً.
أيُّها الصَّائِمونَ: بُشراكم رَحمةٌ ورِضوانٌ, وَعِتْقٌ وغُفرانٌ؛ فربُّنَا رَحِيمٌ رَحْمَانٌ، لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، فَأَحْسِنُوا بِاللهِ الظَّنَّ، وَسَلُوهُ القَبُولَ, وَاسْتَقِيمُوا عَلى عِبَادَتِهِ، وَلا تَمُنُّوا على اللهِ بِالعَمَلِ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَينَا أَنْ هَدَانَا لِلإيمَانِ, وَمَا كُنَّا لِنَهتدِيَ لَولا أَنْ هَدَانا اللهُ.
فاللهم تقبَّل الله منَّا صالح القول والعمل. اللهم اختم لنا شهرنا بغفرانِكَ والعِتقِ من نيرانِكَ. اللهم اجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا اللهم اعتق رقابَنا ووالدينا من النار, اللهم أصلح أحوال المسلمينَ واحقن دمائهم ووحِّد صفُوفَهم وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ. اللهم عليكَ بالطغاة الظالمين اللهم انتقم للمسلمين منهم. اللهم أدم علينا الأمنَ والأمانَ, واحفظ بلادَنا وحُدُودَنا وجنُودَنا, ووفِّقَ ولاتنا لما تُحبُّ وترضى, وَحَقِّقْ مَسْعَاهُمْ لِعِزِّ الإسْلامِ والمُسْلِمينَ, وَجَمْعِ كَلِمَةِ قَادَةِ العَرَبِ والمُسْلِمِينَ. وأصلح لهم البِطانَةَ ووفقهم لأداء الأمانَةِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المشاهدات 1577 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا